المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة … القول الفصل في العمل بالحديث المرسل للشيخ مظفّر رزق الموصل ـ - القول الفصل في العمل بالحديث المرسل

[حسن مظفر رزق]

الفصل: ‌ ‌مقدمة … القول الفصل في العمل بالحديث المرسل للشيخ مظفّر رزق الموصل ـ

‌مقدمة

القول الفصل في العمل بالحديث المرسل

للشيخ مظفّر رزق الموصل ـ العراق.

1-

توطئة:

الحمد لله الذي أنزل أحسن الحديث، وأودع درر بيانه في محكم الحديث، فكرّم هذه الأمة - زادها الله شرفا - بالاعتناء بتدوين ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظاً له على تكرر العصور والآباد. ونصب جهابذة من الحفاظ والنقاد، وجعلهم دائبين في إيضاح ذلك في جميع الأزمان والبلاد، باذلين وسعهم مستفرغين جهدهم في ذلك جماعات وآحادا.

والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم، وخُصّ ببدائع الحكم، سيدنا محمد المصطفى بتعميم دعوته ورسالته، المفضل على الأولين والآخرين من بريته، المشرّف على العالمين قاطبة بشمول شفاعته، المخصوص بتأييد ملّته وسماحة شريعته، المكرم بتوفيق أمته للمبالغة في إيضاح منهاجه وطريقته.

أما بعد

فإن الله سبحانه وتعالى فضل هذه الأمة بشرف الإسناد، وخصها باتصاله دون من سلف من العباد، وأقام لذلك في كل عصر من الأئمة الأَفراد، والجهابذة النقاد، من بذل جهده في ضبطه وأحسن الاجتهاد، فظفر بنيل المراد وذلك من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم التي أخبر بوقوعها فقال صلى الله عليه وسلم:"تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم". (رواه أبو داود بإسناده في سننه) .

فباتصال الإسناد عرف الصحيح من السقيم، وصان الله هذه الشريعة عن قول كل أفّاك أثيم، فلذا كانَ الإرسال في الحديث علة يترك بها، ويتوقف عن الاحتجاج به بسببها، لما في إبهام المروى عنه من الغرر، والاحتجاج المبني على الخطر، وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً فيه وكثرت أقوالهم، وتباينت آراؤهم، وتعارضت أفعالهم.

فعمدت في عملي هذا إلى إيضاح ما هو إلى الصواب أقوم المسالك، جامعاً فيه بين طريقة أهل الحديث وأئمة الأصول، والفقهاء الذين في الرجوع إليهم أنفس حصول، ذاكراً من المنقول ما أمكن الوصول إليه، ومن المباحث النظرية ما يعول عند التحقيق عليه، مميزاً في ذلك الغث من السمين، مبيِّناً ما هو الضعيف من المتين.

ص: 29

2 -

المقدمة:

يعرف علم الحديث الخاص بالرواية بأنه: علمٌ يعرف به أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله، وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها. وعلم الحديث الخاص بالدراية: علم يعرف منه حقيقة الرواية، وشروطها وأنواعها وأحكامها، وحال الرواة وشروطهم، وأصناف المرويات وما يتعلق بها1.

والمتن: هو ألفاظ الحديث التي تتقن بها المعاني، والسند: هو الطريق الموصلة إلى المتن (أي أسماء رواته مرتبة) . أما الإسناد: فهو حكاية طريق المتن.

إن متن الحديث نفسه لا يدخل في البحث عند أرباب الحديث إلا نادراً، بل يكتب صفته من القوة والضعف، بحسب أوصاف الرواة من العدالة والضبط والحفظ وخلافها، أو بحسب الإسناد من الاتصال والانقطاع والإرسال والاضطراب ونحوها.

وأول من صنف في الاصطلاح القاضي أبو محمد الرامهرمزي بكتابه (المحدث الفاصل) وتلاه الحاكم أَبو عبد الله النيسابوري، لكنه لم يهذب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم الأصفهاني، ثم جاء بعدهم الخطيب البغدادي فوضع قوانين الرواية في كتابه (الكفاية) إلى أن جاء الحافظ الإمام ابن الصلاح فوضع كتابه الشهير، فهذب فنونه وجمع به علوم سابقيه فكان من أئمة هذا الشأن.

لا تخرج أنواع الحديث عن ثلاثة: حسن صحيح، وحسن، وضعيف؛ لأنه إن اشتمل من أوصاف القبول على أعلاها فالصحيح، أو على أدناها فالحسن، أو لم يشتمل على شيء منها الضعيف.

وقد صنف العلماء كالحاكم وابن الصلاح والنووي، الحديث المرسل ضمن الأحاديث الضعيفة لما فيه من انقطاع في السند، واختلفوا فيه بين قبول ورد وتفصيل. وقد عرف المرسل بأنه: ما سقط منه الصحابي، كقول نافع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وهو المشهور عند المحدثين. وقد يطلق المرسل على الحديث الذي قد سقط راو من رواته فيدخل فيه المعضل والمنقطع، وهو رأي الفقهاء والأصوليين، ومما يشهد للتعميم قول ابن القطان:"إن الإرسال رواية الرجل عمن لم يسمع منه".

1 التهانوي: قواعد في علوم الحديث. ص 23.

ص: 30