المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس عشر - القول المسدد في الذب عن مسند أحمد

[ابن حجر العسقلاني]

الفصل: ‌الحديث الخامس عشر

تَنْزِعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل مِنْ سُتْرَةٍ أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الأَحَادِيثِ الْوَاهِيَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْنَدِ بِهَذَا الإِسْنَادِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ لم يَكُنْ عِنْدَهُمْ حَمَّامٌ فِي زَمَنِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأعله بِأبي صَخْر بْنِ زِيَادٍ وَأَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ضَعَّفَهُ وَأَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْنَدِ أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ خَرَجْتُ مِنَ الْحَمَّامِ فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مِنْ أَيْنَ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ فَقُلْتُ مِنَ الْحَمَّامِ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا إِلا وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ عز وجل وَأعله بزيان راوية عَنْ سَهْلٍ وَنَقَلَ كَلامَهُمْ فِي تَضْعِيفِهِ

قُلْتُ وَالطَّرِيقَةُ الأُولَى تُقَوِّيهِ وَحُكْمُهُ عَلَيْهِ بِالْبُطْلانِ بِمَا نَقَلَهُ مِنْ نَفْيِ وُجُودِ الْحَمَّامِ فِي زَمَانِهِمْ لَا يَقْتَضِي الْحُكْمُ بِالْبُطْلانِ فَقَدْ تَكُونُ أُطْلِقَتْ لَفْظُ الْحَمَّامِ عَلَى مُطْلَقِ مَا يَقَعُ الاسْتِحْمَامُ فِيهِ لَا على أَنَّهُ الْحَمَّامُ الْمَعْرُوفُ الآنَ وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الْحَمَّامِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ غَيْرَ هَذِهِ وَفِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَنْقَضِي تعجبي من كَون يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَلا يُورِدُهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مَعَ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ أَشْيَاءَ أَقْوَى من هَذَا وَالله الْمُسْتَعَان

‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن سعد عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاقَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنِ ابْنِهِ عَنْ أُمِّهِ سَلْمَى قَالَتِ اشْتَكَتْ فَاطِمَةُ شَكْوَاهَا الَّذِي قُبِضَتْ فِيهِ فَكُنْتُ أُمَرِّضُهَا فَأَصْبَحَتْ يَوْمًا كَأَمْثَلِ مَا رَأَيْتُهَا فِي شَكْوَاهَا ذَلِكَ قَالَتْ وَخَرَجَ عَلِيٌّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَتْ يَا أُمَّهْ اسْكُبِي لِي غُسْلا فَسَكَبْتُ لَهَا غُسْلا فَاغْتَسَلَتْ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُهَا تَغْتَسِلُ ثُمَّ قَالَتْ يَا أُمَّهْ أَعْطِينِي ثِيَابِي الْجُدُدِ فَلَبِسَتْهَا ثُمَّ قَالَتْ يَا أُمَّهْ قَرِّبِي فِرَاشِي وَسْطَ الْبَيْتِ فَاضْطَجَعَتْ فَاسْتَقْبَلَتِ الْقِبْلَةَ وَجَعَلَتْ يَدَهَا تَحْتَ

ص: 43

خَدِّهَا وَقَالَتْ يَا أُمَّهْ إِنِّي مَقْبُوضَةٌ وَقَدْ تَطَهَّرْتُ فَلا يَكْشِفْنِي أَحَدٌ فَقُبِضَتْ مَكَانَهَا قَالَتْ فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا يَكْشِفُهَا أَحَدٌ فَدَفَنَهَا بِغُسْلِهَا ذَلِكَ

قُلْتُ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَالِيًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ قَدْ رَوَاهُ نُوحُ بْنُ يَزِيدَ وَالْحَكَمُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَيْضًا قَالَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّازِقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ مُرْسَلا ثُمَّ قَالَ فِي الْكَلامِ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ أَمَّا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَمَّا نُوحٌ وَالْحَكَمُ فَشِيعِيَّانِ ثُمَّ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ مَجْرُوحٌ

قُلْتُ وَحَمْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الثَّلاثَةِ الْمَذْكُورِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَكِلاهُمَا مِنْ شُيُوخِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَلا طَائِلَ فِيهِ فَإِنَّ الأَئِمَّةَ قَبِلُوا حَدِيثَهُ وَأَكْثَرُ مَا عِيبَ فِيهِ التَّدْلِيسُ وَالرِّوَايَةُ عَنِ الْمَجْهُولِينَ وَأَمَّا هُوَ فِي نَفْسِهِ فَصَدُوقٌ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الْمَغَازِي عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَشَيْخُهُ عُبَيْدُ الله ابْن عَلِيٍّ يُعْرَفُ بِعَبَادِلَ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَمُرْسَلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ يُعَضِّدُ مُسْنَدَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ فَكَيْفَ يَتَأَنَّى الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ نَعَمْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا رَوَاهُ غَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ عَلِيًّا وَأَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ غَسَّلا فَاطِمَةَ وَقَدْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ أَيْضًا وَشَرْحُ ذَلِكَ يَطُولُ إِلا أَنَّ الْحُكْمَ بِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا غَيْرَ مُسَلَّمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هَذَا آخِرُ مَا تَتَبَّعْتُهُ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا شَيْخُنَا وَهِيَ عَلَى شَرْطِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْتَصِرْ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالْوَضْعِ عَلَى النَّقْلِ عَنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بَلِ اعْتَمَدَ فِي الْغَالِبِ عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ فَسَلَكْتُ مَسْلَكَهُ فِي ذَلِكَ وَالَّذِي أَقُولُ إِنَّه لَا يَتَأَتَّى الحكم

ص: 44

عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا بِالْوَضْعِ لِمَا بَيَّنْتُهُ مِنَ الأَجْوِبَةِ عَقِبَ كُلِّ حَدِيثٍ وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ مآب

ص: 45