المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من كره المسألة عما لم يكن ولم ينزل به وحي - المدخل إلى السنن الكبرى - البيهقي - ت الأعظمي

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى خِلَافُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ أَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم إِذَا تَفَرَّقُوا فِيهَا وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَكَابِرِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ

- ‌بَابُ مَنْ لَهُ الْفَتْوَى وَالْحُكْمُ

- ‌بَابُ مَنْ كَرِهَ الْمَسْأَلَةَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يَنْزِلْ بِهِ وَحْيٌ

- ‌بَابُ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي لَا يَسَعُ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ جَهْلُهُ

- ‌بَابُ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ وَالْجُلُوسِ مَعَ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيةِ طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَا جَاءَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرُ وَإِلْزَامِ النَّاسَ مُخَاطَبَتِهِمْ بِمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ وَالسُّكُوتُ إِلَيْهِ وَالسُّرُورُ بِهِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمَنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا

- ‌بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ مِنْ تَوَقِّي الْمُشْتَبِهَاتِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ الْجَاهِلُ فَيقَعَ فِي الْحَرَامِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيةِ مَنْعِ الْعِلْمِ وَهُوَ عِلْمُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

- ‌بَابُ أَدَاءِ النَّصِيحَةِ فِي تَنْبِيهِ الْعَامَّةِ عَلَى مَا جَهَلُوهُ

- ‌بَابُ تَبْيِينِ الْحَدِيثِ وَتَرْتِيلِهِ لِيُفْهَمَ عَنْهُ

- ‌بَابُ مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ

- ‌بَابُ التَّخَوُّلِ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْعِلْمِ مَخَافَةَ الْمَلَالِ

- ‌بَابُ لَا تُحَدِّثْ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ: مِنْ إِضَاعَةِ الْعِلْمِ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ تَقْرِيبِ الْفِتْيَانِ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ وَتَرْغِيبِهِمْ فِي التَّعَلُّمِ

- ‌بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الْقِيَامِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَامِ

- ‌بَابُ مِنْ كَرِهَ أَنْ يُقَامَ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ مَخَافَةَ الْكِبْرِ

- ‌بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِي كِتَابَةِ الْعِلْمِ وَأَحْسِبُهُ حِينَ أَمِنَ مِنِ اخْتِلَاطِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ

- ‌بَابُ اسْتِعْمَالِ الصِّدْقِ فِي الْعِلْمِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ

- ‌بَابُ التَّوَقِّي عَنِ الْفُتْيَا وَالتَّثَبُّتِ فِيهَا

- ‌بَابُ مَا يُخْشَى مِنْ زَلَّةِ الْعَالِمِ فِي الْعِلْمِ أَوِ الْعَمَلِ

- ‌بَابُ مَا يُخْشَى مِنْ رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُوَرِ الْجَهْلِ

الفصل: ‌باب من كره المسألة عما لم يكن ولم ينزل به وحي

‌بَابُ مَنْ كَرِهَ الْمَسْأَلَةَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يَنْزِلْ بِهِ وَحْيٌ

ص: 218

277 -

ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ ، حِينَ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا ، فَقَالَ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: سَلْ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ ، فَسَأَلَهُ ، فَكَرِهَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَذَلِكَ أَنَّ عُوَيْمِرًا لَمْ يُخْبِرْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَانَتْ ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي:

ص: 218

278 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، قَالُوا: أبنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أبنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أبنا الشَّافِعِيُّ، أبنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مِنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» قَالَ: وَأَبْنَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه ، أَبْنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ مَعْنَاهُ

ص: 218

279 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أبنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ح وَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ رحمه الله ، أبنا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْمَهْرَجَانِيُّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أبنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»

⦗ص: 219⦘

280 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، ثنا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، ثنا سُفْيَانُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. رَوَاهُ مُسْلِمُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى وَعَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَقِيلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

ص: 218

قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ: وَفِي مَعْنَاهُ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ

⦗ص: 220⦘

مَنْصُورٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ وَرَّادٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَدَّ الْبَنَاتِ ، وَعُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ ، وَمَنَعَ وَهَاتِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ حَفْصٍ ، عَنْ شَيْبَانَ

281 -

قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَقَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] الْآيَةُ

ص: 219

282 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحَارِثِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا ، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ:«سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ» فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ ، فَقَامَ آخَرُ ، فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ ، فَلَمَّا أَنْ رَأَى عُمَرُ مَا فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَضَبِ ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يُوسُفِ بْنِ مُوسَى

⦗ص: 221⦘

. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَغَيْرِهِمْ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ

ص: 220

283 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبِسْطَامِيُّ ، أبنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا الْمُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْجَارُودِيُّ، حَدَّثَنِي أُبَيٌّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خِطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ ، وَقَالَ:«لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» ، فَغَطَّى أَصْحَابُهُ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ حَنِينٌ

ص: 221

284 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ بِبُخَارَى ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أبنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، ، أبنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَقَالَ: «عُرِضَتْ عَلِيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» فَغَطُّوا رُءُوسَهُمْ ، وَلَهُمْ حَنِينٌ مِنَ الْبُكَاءِ ، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَقَالَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رِبًا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «أَبُوكَ فُلَانٌ» فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ الْوَلِيدِ الْجَارُودِيُّ

⦗ص: 222⦘

. قَالَ: وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَرَوْحٌ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانِ

ص: 221

285 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أبنا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: كَانَتِ الْمَسَائِلُ فِيمَا لَمْ يُنَزَّلْ ، إِذْ كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ مَكْرُوهَةٌ ، لِمَا ذَكَرْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَغَيْرِهِ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ. وَمَعْنَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ أَن يَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَحْرُمْ ، فَإِنْ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ ، أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ، حَرُمَ أَبَدًا ، إِلَّا أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ عز وجل تَحْرِيمَهُ فِي كِتَابِهِ ، أَوْ يُنْسَخَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِسُنَّةٍ

286 -

قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله: وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ لِلْعَوَامِّ الْمَسْأَلَةَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ ، وَلَمْ يَنُصَّ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إِجْمَاعٌ ، وَلَا أَثَرٌ ، لِيعْمَلُوا عَلَيْهِ إِذَا وَقَعَ ، وَكَرِهُوا لِلْمَسْؤُولِ الِاجْتِهَادَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إِنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ ، وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَاقِعَةِ ، فَيُنْظَرُ اجْتِهَادُهُمْ عِنْدَ الْوَاقِعَةِ ، فَلَا يُغَنِّيهِمْ مَا مَضَى مِنَ الِاجْتِهَادِ

ص: 223

287 -

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»

ص: 223

288 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أبنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»

⦗ص: 224⦘

289 -

هَذَا مُرْسَلٌ ، وَقَدْ رُوِي مَوْصُولًا

ص: 223

290 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَالْفَقِيهُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ ، وَأَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الطَّهْمَانِيُّ ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّجَائِيُّ فِي آخَرِينَ قَالُوا:

291 -

أبنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ، أبنا أَبِي، أبنا الْأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»

ص: 224

292 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الْفَقِيهُ، أبنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ قَدْ قَضَى فِيمَا هُوَ كَائِنٌ»

ص: 225

293 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أبنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ -: أُحَرِّجُ بِاللَّهِ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ سَأَلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَيَّنَ مَا هُوَ كَائِنٌ

ص: 225

294 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أبنا ابْنُ وَهْبٍ، ، أَخْبَرَنِي الْفَتْحُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْحٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْعُضَلَ ، فَإِنَّهَا إِذَا نَزَلَتْ بَعَثَ اللَّهُ لَهَا مِنْ يُقِيمُهَا أَوْ يفَسِّرُهَا

295 -

وَرَوَيْنَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رضي الله عنه فِي هَذَا الْمَعْنَى

ص: 226

296 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ ، أبنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ طَاوُوسًا عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: أَكَانَ هَذَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَنَا يُحَدِّثُونَنَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، لَا

⦗ص: 227⦘

تَعْجَلُوا بِالْبَلَاءِ قَبْلَ نُزُولِهِ ، فَيَذْهَبَ بِكُمْ هَهُنَا وَهَهُنَا وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ، أَيْ لَمْ تَعْجَلُوا بِالْبَلَاءِ قَبْلَ نُزُولِهِ ، لَمْ يَنْفَكَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ إِذَا سُئِلَ سَدَّدَ ، أَوْ قَالَ: وُفِّقَ.

297 -

وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ

ص: 226

298 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسْتَعْجِلُوا بِالْبَلِيَّةِ قَبْلَ نُزُولِهَا ، فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ، لَمْ يَزَلْ مِنْكُمْ يُوَفِّقُ وَيُسَدَّدُ ، وَإِنَّكُمْ إِنِ اسْتَعْجَلْتُمْ بِهَا قَبْلَ نُزُولِهَا ، تَفَرَّقَتْ بِكُمُ السُّبُلُ هَهُنَا وَهَهُنَا» ، وَأَشَارَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ

299 -

وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيِّ، رحمه الله ، أَنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ لِلْمُتَفَقِّهَةِ الَّذِينَ غَرَضُ الْعَالِمِ مِنْ جَوَابِهِمِ تَنْبِيهِهِمْ وَإِرْشَادُهُمْ إِلَى طَرِيقِ النَّظَرِ وَالْإِرْشَادِ، لَا لِيعْمَلُوا

⦗ص: 228⦘

300 -

قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله: وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَضَعَ الْفُقَهَاءُ مَسَائِلَ الْمُجْتَهَدَاتِ ، وَأَجْرُوا بِآرَائِهِمْ فِيهَا ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِرْشَادِ الْمُتَفَقِّهَةِ ، وَتَنْبِيهِهِمْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الِاجْتِهَادِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 227

301 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ، أبنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ يُونُسِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ ، وَحُسْنُ الْمَسْأَلَةِ نِصْفُ الْفِقْهِ ، وَرِفْقُكَ فِي مَعِيشَتِكَ يُلْقِي نِصْفَ الْمُؤْنَةِ

⦗ص: 229⦘

302 -

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَرْفُوعًا ، وَرَفْعُهُ ضَعِيفٌ ، وَهُوَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ مَعْرُوفٌ

ص: 228

303 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَيْمُونِيُّ، ثنا رَوْحٌ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَمَّاهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: شِدَادُ الْمَسَائِلِ وَصِعَابُهَا

ص: 229

304 -

وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ

305 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أبنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، عَنْ عِيسَى، فَذَكَرَهُ

⦗ص: 230⦘

306 -

بَلَغَنِي عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ فِي مَعْنَاهُ: أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُعْتَرَضَ الْعُلَمَاءُ بِصِعَابِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا الْغَلَطُ لِيُسْتَزَلُّوا بِهَا وَيُسْتَسْقَطَ رَأْيُهُمْ فِيهَا ، وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ لِمَا لَا حَاجَةَ بِالْإِنْسَانِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَسْأَلَةِ ، وَوجُوبِ التَّوَقُّفِ عَمَّا لَا عِلْمَ لِلْمَسْئُولِ بِهِ

ص: 229

307 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ، ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا الْمُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: شِرَارُ عَبَّادِ اللَّهِ يَنْتَقُونَ شَوَاذَّ الْمَسَائِلِ يُعَمُّونَ بِهَا عِبَادَ اللَّهِ

ص: 230

308 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلشَّعْبِيِّ: إِنِّي خَبَأْتُ لَكَ مَسَائِلَ ، فَقَالَ: أَخْبِئْهَا لِإِبْلِيسَ حَتَّى تَلَقَّاهُ فَسَلْهُ عَنْهَا

ص: 230

309 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمَ الْمِصْرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، يَقُولُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ إِلَّا لِنَفْسِي ، وَمَا تَعَلَّمْتُهُ لِيَحْتَاجَ النَّاسُ إِلَيَّ ، قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ كَانَ النَّاسُ ، لَمْ يَكُونُوا يَتَكَلَّفُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ، وَلَا يَسْأَلُونَ عَنْهَا ، قَالَ مَالِكٌ: وَالْعِلْمُ الْحِكْمَةُ وَنَورٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مِنْ يَشَاءُ ، وَلَيْسَ بِكَثْرَةِ الْمَسَائِلِ

ص: 231

310 -

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رضي الله عنه: وَقَدْ قِيلَ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ مَعْنًى آخَرُ ، وَهُوَ فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، أبنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرُوا الْمَسَائِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، حَتَّى شَقُّوا عَلَيْهِ ، فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُخَفِّفَ عَنْ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ظَنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، وَكَفُّوا عَنِ الْمَسْأَلَةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المجادلة: 13] الْمُجَادَلَةَ فَوَسَّعَ اللَّهُ ذَلِكَ ، وَلَمْ يُضَيِّقْ

311 -

قَالَ رحمه الله: وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنَ الْمَسَائِلِ فِي الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 231