الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحقيق عنوان الكتاب
أشتهر الكتاب باسم: "المسائل الماردينية"، وهو الاسم الذي أثبته الشيخ حامد الفقي رحمه الله على نسخته.
وجاء عنوان مطبوعة دار الكتب العلمية، كالتالي:
"فقه الكتاب والسنة ورفع الحرج عن الأمة".
وقد وقع في مقدمة مخطوطة نسخة العلمية، وكذا نسخة الشيخ الفقي التالي:"وتسمى الماردينية؛ لأنها وردت إليه من ماردين").
وجاء في هامش الورقة الأولى من مخطوطة الكتب العلمية تعليقًا على الموضع السابق: قف على قول بعض الكَتَبَة البَطَلَة، وإدخاله ذا الكلام السامج في كلام الشيخ رحمه الله. اهـ.
فقال محقق نسخة العلمية: "ليعلم القارئ أن عنوان الرسالة المطبوع مدخول عليها، وأن اختيارنا هو أقرب لفحوى الرسالة". اهـ.
قلت: الاعتراض السابق ذكره -الثابت في هامش مخطوطة العلمية- لا يعني به صاحبه إنكار العنوان، وإنما ينكر إدخال هذه العبارة في وسط كلام شيخ الإسلام على أنها من كلامه، وهو خلطٌ ظاهر.
والمتتبع لعناوين الكتب والأجزاء التي كتبها شيخ الإسلام رحمه الله يجد كثير منها قد جاء عنونته تبعًا لاسم المكان الذي كُتِب فيه أو لأجله، فمثلًا:"العقيدة الواسطية" سُميت بهذا لأنها كُتِبت لأهل مدينة واسط، وكذا "الفتوى الحموية الكبرى" سُميت بهذا
لورود أسئلة في باب الأسماء والصفات إلى شيخ الإسلام من أهل حماة.
وعلى نفس المنوال، فإن كتابنا هذا يدور حول مسائل وردت إلى شيخ الإسلام عن بلدة "ماردين"، فتسميته بـ:"المسائل الماردينية"، هو الأقرب.
لكن قد يقول قائل: إن القائل -بورود هذه المسائل من ماردين- هو أحد النساخ، وليس شيخ الإسلام، فما الذي يؤكد قول هذا الناسخ، فلعل شيخ الإسلام لا يعرف شيئًا عن هذه البلدة أصلًا.
والجواب: لقد ورد ذكر بلدة ماردين -كما في الفتاوى- في حوالي ثلاثة مواضع: الأول في (13/ 92) حيث قال شيخ الإسلام رحمه الله: "كنت في مصر في قلعتها وجرى مثل هذا إلى كثير من الترك من ناحية المشرق، وقال له ذلك الشخص: أنا ابن تيمية، فلم يشك ذلك الأمير أني أنا هو، وأخبر بذلك ملك ماردين، وأرسل بذلك ملك ماردين إلى ملك مصر رسولًا وكنت في الحبس، فاستعظموا ذلك وأنا لم أخرج من الحبس، ولكن كان هذا جنيًّا يحبنا فيصنع بالترك التتر مثل ما كنت أصنع بهم". اهـ، وفي (28/ 240):
"سئل رحمه الله عن بلد ماردين، هل هي بلد حرب أم بلد سلم؟ "،
فأجاب: "الحمد لله، دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا في ماردين أو غيرها".
فهذا يدل على أن شيخ الإسلام كان على صلة بهذه البلدة، وكانت تأتيه أسئلة عنها، فليس بمستبعد أن تأتيه هذه المسائل من
أهلها، ولا ينبغي إهمال التصريح المذكور في بداية المخطوطات المعروفة للكتاب، والتي جاء فيها التصريح بأن هذه المسائل وردت إلى شيخ الإسلام من بلدة ماردين، ولذا فهي سميت بـ "الماردينية".
وفي "معجم البلدان"(5/ 39): "مارِدين -بكسر الراء والدال- كأنه جمع مارد جمع تصحيح، وأرى أنها سميت بذلك لأن مستحدثها لما بلغه قول الزباء:
تمرد مارد، وعز الأبلق، ورأى حصانة قلعته وعظمها، قال: هذه مارِدِين كثيرة لا مارد واحد، وإنما جمعه جمع من يعقل؛ لأن المرود في الحقيقة لا يكون من الجمادات، وإنما يكون من الجن والإنس، وهما الثقلان الموصوفان بالعقل والتكليف. وماردين: قلعة مشهورة على قُنَّة (1) جبل الجزيرة مشرفة على دنيسر، ودارا، ونصيبين، وذلك الفضاء الواسع، وقُدَّامُها ربض عظيم فيه أسواق كثيرة وخانات ومدارس وربط وخَانْقَاهَات، ودورهم فيها كالدرج، كل دار فوق الأخرى، وكل درب منها يشرف على ما تحته من الدور، ليس دون سطوحهم مانع، وعندهم عيون قليلة الماء، وجُلَّ شربهم من صهاريج معدة في دورهم، والذي لا شك فيه أنه ليس في الأرض كلها أحسن من قلعتها، ولا أحصن، ولا أحكم"، ثم قال: "وكان فتحها، وفتح سائر الجزيرة في سنة 91 وأيام من محرم سنة (2) للهجرة في أيام عمر بن الخطاب". اهـ، وجاء في "فتوح البلدان" (1/
(1) قال في "النهاية"(4/ 120): "يُقال: صعد قُنَّة الجبل، أي: أعلاه". اهـ.
180) أن الذي فتح حصن ماردين هو: حبيب بن مسلمة الفهري بأمر من عياض بن غنم، وقد أشار إلى ماردين: ابن جبير في رحلته (ص 171): "هي في صفح جبل في قنة قلعة لها كبيرة هي من قلاع الدنيا الشهيرة". اهـ.
ومهما كان، فالعنوان المناسب الذي أراه هو كالتالي:
"المسائل الماردينية وهي مسائل يكثر وقوعها ويحصل الابتلاء بها".