الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ ثَعْلَبٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الْعَيْزَارِ، عَنِ ابْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَطْرَحُوا الدُّرَّ فِي أَفْوَاهِ الْكِلَابِ» . قَالَ: الْفِقْهُ
بَابُ التَّشْبِيهِ
حَدَّثَنَا أَبِي، وَأَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ الْمُقَوِّمُ، ثنا
⦗ص: 123⦘
حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، أَنَّهَا كَانَتْ فِي نِسْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَسَائِقٌ يَسُوقُ بِهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا، سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ»
حَدَّثَنَا ابْنُ قَضَاءٍ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَغُلَامٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا، سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلْ سَيْرَكَ عَلَى مَهَلٍ، فَإِنَّكَ تَسِيرُ بِالْقَوَارِيرِ» فَكَنَّى عَنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ بِالْقَوَارِيرِ، شَبَّهَهُنَّ بِهَا لِرِقَّتِهِنَّ، وَضَعْفِهِنَّ عَنِ الْحَرَكَةِ. وَرُوَيْدٌ: تَصْغِيرُ رَوْدٍ. وَالرَّوْدُ: مَصْدَرُ فِعْلِ الرَّائِدِ، وَهُوَ الْمَبْعُوثُ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي مَعْنَى الْمُهْلَةِ فِي السَّيْرِ وَالْحَرَكَةِ إِلَّا مُصَّغَرًا مُنَوَّنًا. وَمَعْنَاهُ أَرْوِدْ. وَذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ: أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِهِ تَرْدِيدُ الْوَعِيدِ لَمْ يُنَوَّنْ وَأَنْشَدَ:
[البحر الطويل]
⦗ص: 124⦘
رُوَيْدَ تَصَاهُلْ بِالْعِرَاقِ جِيَادَنَا
…
كَأَنَّكَ بِالضَّحَّاكَ قَدْ قَامَ نَادِبُهْ
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، أَعْنِي أَنَّهُ كَنَّى بِالْقَوَارِيرِ عَنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ: سُقْهُنَّ كَسَوْقِكَ بِالْقَوَارِيرِ. وَالتَّشْبِيهُ تَشْبِيهَانِ: مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ. فَالْمُطْلَقُ: أَنْ يُسَمَّى بِاسْمِ مَا أَشْبَهَهُ، أَوْ تُجْعَلَ لَهُ فِعْلَهُ بِعَيْنِهِ، كَمَا سُمِّيَتِ النِّسَاءُ قَوَارِيرَ لَأَنَّهُنَّ أَشْبَهْنَهَا بِالرِّقَّةِ وَاللَّطَافَةِ وَضَعْفِ الْبِنْيَةِ. وَالْمُقَيَّدُ: أَنْ يُظْهِرَ حَرْفَ التَّشْبِيهِ فَيَقُولَ: كَالْقَوَارِيرِ، أَوْ مِثْلَ الْقَوَارِيرِ، أَوْ كَأَنَّهُنَّ الْقَوَارِيرُ، وَفِي التَّنْزِيلِ:{جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} ، {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21] ، فَجَاءَ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا. وَقَالَ:{كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49]، وَ {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور: 24] ، وَهَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِنَ الْمُقَيَّدِ. وَمَنَ الْمُطْلَقِ قَوْلُهُ:{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88]، فَأَوْجَبَ مُرُورَ السَّحَابِ لِلْجِبَالِ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر السريع]
النَّشْرُ مِسْكٌ وَالْوُجُوهُ دَنَا
…
نِيرٌ وَأَطْرَافُ الْأَكُفِّ عَنَمْ
⦗ص: 125⦘
وَاعْتَلَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» بِهَذَا الْمَعْنَى، وَنَصَبَ الْهَاءَ مِنْ قَوْلِهِ:«ذَكَاةُ أُمِّهِ» قَالَ: وَمَعْنَاهُ ذَكَاتُهُ كَذَكَاةِ أُمِّهِ، وَلَوْ تَرَكْتَهَا مَرْفُوعَةً عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ لَصَحَّ الِاعْتِبَارُ
حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، ثنا شُعَيْبٌ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْآيَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ فِي سِلْكٍ، إِذَا انْقَطَعَ السِّلْكُ اتَّبَعَ بَعْضُهُ بَعْضًا»
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ مِرْادَسٍ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 126⦘
: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أَسْلَافًا، الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، لَا يُبَالِي اللَّهُ بِهِمْ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْحُثَالَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: رَذَالَتُهُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ انْتَقَى الْمَوْتُ خِيَارَ أُمَّتِي كَمَا يَنْتَقِي أَحَدُكُمْ خِيَارَ الرُّطَبِ مِنَ الطَّبَقِ»
ثنا أَبُو شُعَيْبٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابَلْتِيُّ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثٌ إِذَا رَأَيْتَهُنَّ فَعِنْدَكِ عِنْدَكَ: إِخْرَابُ الْعَامِرِ، وَإِعْمَارُ الْخَرَابِ، وَأَنْ يَتَمَرَّسَ الرَّجُلُ بِأَمَانَتِهِ تَمَرُّسَ الْبَعِيرِ بِالشَّجَرِ " وَحَدَّثَنَاهُ الْبَرَاثِيُّ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ
⦗ص: 127⦘
الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُرَاشَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ بَيَانٍ، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْثَرُوا مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَهُنَّ يَحْطُطْنَ الْخَطَايَا كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا، وَهُنَّ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ»
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، ثنا دُحَيْمٌ، ثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ أَخْلَصَهُ ذَلِكَ، كَمَا يُخْلِصُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ»
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ نَضْرَةَ، ثنا سَوَّارٌ الْقَاضِي، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
⦗ص: 128⦘
: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»
حَدَّثَنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيُّ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا ابْنُ نَافِعٍ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ رِفَاعَةَ الْمُرِّيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«يُوشِكُ أَنْ يَنْطَوِيَ الْإِسْلَامُ فِي كُلِّ بَلَدٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا تَنْطَوِي الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا»
98 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْمَكِّيُّ، ثنا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، ثنا مَسْرُوحٌ أَبُو شِهَابٍ الْحَدْثيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ:«نَعَمْ الْجَمَلُ جَمَلُكُمَا، وَنِعْمَ الْعَدْلَانِ أَنْتُمَا» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذَا مِنْ مِزَاحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ مَنْقَبَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِمَا. وَيَتَضَمَّنُ مِنَ الْفِقْهِ إِطْلَاقَ تَشْبِيهِ الْإِنْسَانِ بِالْبَهِيمَةِ إِذَا شَارَكَهَا فِي بَعْضِ فَعْلِهَا
99 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ حَيَّانَ، ثنا زَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ
⦗ص: 129⦘
عَوْنٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ:«تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ»
100 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنِي جَمِيلُ بْنُ سِنَانٍ السُّلَمِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ وَيَقُولُ: «حُزُقَّةٌ حُزُقَّةٌ تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ»
101 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَمِّي عُبَيْدُ اللَّهِ، ثنا أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ، كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ»
102 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ الشَّطَوِيُّ، ثنا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا يَحْيَى بْنُ
⦗ص: 130⦘
يَعْلَى، ثنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
103 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ شَابُورَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ أَبِي زَرْعٍ وَأُمِّ زَرْعٍ
104 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً - وَذَكَرَ حَدِيثَ أُمِّ زَرْعٍ بِطُولِهِ - قَالَتْ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» قَالَ عِيسَى: إِنَّمَا يُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا
105 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فَرْدُخْتَ السِّيرَافِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجَوَّازُ، ثنا عَبْدُ
⦗ص: 131⦘
الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّائِفِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: فَخَرَجْتُ بِمَالِ أَبِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ أَلْفَ أَلْفَ أُوقِيَّةٍ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اسْكُتِي يَا عَائِشَةُ، فَإِنِّي كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً اجْتَمَعْنَ فَتَعَاقَدْنَ وَتَعَاهَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلْ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي زَرْعٍ
106 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الرَّقِيقِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَزَوَانِيُّ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، وَحَدَّثَنِيهِ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلِ بْنِ النَّزَّالِ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمِسْوَرِ الزُّهْرِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها قَالَتِ: " اجْتَمَعَتْ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا، فَقَالَتِ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْثٍ، لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى، وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَى. وَقَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ. وَقَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِيَ الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ. وَقَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ، لِيَعْلَمَ الْبَثَّ. وَقَالَتِ الْخَامِسَةُ
⦗ص: 132⦘
: زَوْجِي غَيَايَاءُ، طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ، أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ. وَقَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِيَ الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ. وَقَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرٌّ، وَلَا قُرٌّ، وَلَا مَخَافَةَ، وَلَا سَآمَةَ. وَقَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ. قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، فَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكٌ. قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشَرةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي إِلَى نَفْسِي فَبَجَحَتْ، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَّبَّحُ. أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ. ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، وَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ الشَّطَبَةِ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا. جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، وَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا. خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْوِطَابُ تَمَخَّضُ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ
⦗ص: 133⦘
. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَسَّرَ لَنَا هَذَا الْحَدِيثَ الْقُرَشِيُّ، وَحَكَاهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ اللَّخْمِيِّ قَالَ: أَمَّا قَوْلُ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، فَإِنَّهَا تَصُفُّ قِلَّةَ خَيْرِهِ، وَبُعْدَ مُتَنَاوَلِهِ مَعَ الْقِلَّةِ كَالشَّيءِ فِي قِلَّةِ الْجَبَلِ الصَّعْبِ، لَا يُنَالُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَالْغَثُّ: الْمَهْزُولُ. وَقَوْلُهَا: لَا يُنْتَقَى، تَعْنِي: لَيْسَ فِيهِ نَقِيُّ، وَالنَّقِيُّ: الْمُخُّ، تَقُولُ: نَقَوْتُ الْعَظْمَ وَنَقَّيْتُهُ إِذَا اسْتَخْرَجْتَ النَّقِيَّ مِنْهُ وَقَوْلُ الثَّانِيَةِ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرُ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ
⦗ص: 134⦘
، فَالْبَثُّ: الْإِفْشَاءُ، تَقُولُ: لَا أُفْشِي سَرَّهُ، وَالْعُجَرُ: أَنْ يَتَعَقَّدَ الْعَصَبُ أَوِ الْعُرُوقُ حَتَّى تَرَاهَا نَاتِئَةً مِنَ الْجَسَدِ، وَالْبُجَرُ نَحْوَهَا، إِلَّا أَنَّهَا فِي الْبَطْنِ خَاصَّةً، وَاحِدَتُهَا بُجْرَةٌ، وَقَدْ قِيلَ: رَجُلٌ أَبْجَرُ، إِذَا كَانَ نَاتِئَ السُّرَّةِ عَظِيمَهَا حَدَّثَنِي أَبُو الطَّيِّبِ النَّاقِدُ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ لِلْأَصْمَعِيِّ: مَا مَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه حِينَ وَقَفَ عَلَى طَلْحَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ مَقْتُولٌ: أَشْكُو إِلَى اللَّهِ عُجَرِي وَبُجَرِي؟، فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يَعْنِي هُمُومِي وَأَحْزَانِي وَقَوْلُ الثَّالِثَةِ: زَوْجِيَ الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ، فَالْعَشَنَّقُ: الطَّوِيلُ تَقُولُ: لَيْسَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ طُولِهِ بِلَا نَفْعٍ، فَإِنْ ذَكَرْتُ مَا فِيهِ
⦗ص: 135⦘
مِنَ الْعُيُوبِ طَلَّقَنِي، وَإِنْ سَكَتُّ تَرَكَنِي مُعَلَّقَةً لَا أَيِّمًا، وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129] . وَقَوْلُ الرَّابِعَةِ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرٌّ، وَلَا قُرٌّ، وَلَا سَآمَةَ، تَقُولُ: لَيْسَ عِنْدَهُ أَذًى، وَلَا مَكْرُوهٌ، وَهَذَا مَثَلٌ لِأَنَّ الْحَرَّ وَالْقُرَّ مُؤْذِيَانِ إِذَا اشْتَدَّا، وَلَا مَخَافَةَ: تَعْنِي: وَلَا غَائِلَةَ عِنْدَهُ وَلَا شَرَّ فَأَخَافُهُ، وَلَا سَآمَةَ: تَقُولُ: لَا يَسْأَمُنِي، أَيْ لَا يَمَلُّ صُحْبَتِي، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصلت: 49] أَيْ لَا يَمَلُّ. وَقَوْلُ الْخَامِسَةِ: إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، اللَّفُّ فِي الْمَطْعَمِ: الْإِكْثَارُ مِنْهُ مَعَ التَّخْلِيطِ مِنَ الصُّنُوفِ حَتَّى لَا يُبْقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالِاشْتِفَافُ: أَنْ يَسْتَقْصِيَ مَا فِي الْإِنَاءِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنَ الشَّفَافَةِ، وَهِيَ الْبَقِيَّةُ تَبْقَى فِي الْإِنَاءِ مِنَ الشَّرَابِ، فَإِذَا شَرِبَهَا صَاحِبُهَا قِيلَ: اشْتَفَّهَا وَتَشَافَّهَا تَشَافًّا
⦗ص: 136⦘
وَقَوْلُهَا: لَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ: أُرَاهُ كَانَ بِجَسَدِهَا عَيْبٌ وَدَاءٌ كَنَتْ بِهِ، لِأَنَّ الْبَثَّ هُوَ الْحُزْنُ، فَكَانَ لَا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي ثَوْبِهَا لِيَمَسَّ ذَاكَ الْعَيْبَ، وَلِيَعِيبَ فيَشُقَّ عَلَيْهَا، تَصِفُهُ بِالْكَرْمِ. وَقَوْلُ السَّادِسَةِ: زَوْجِي عَيَايَاءُ، طَبَاقَاءُ، فَالْعَيَايَاءُ مِنَ الْإِبِلِ: الَّتِي لَا تَضْرِبُ وَلَا تُلَقِّحُ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الرِّجَالِ
⦗ص: 137⦘
، وَالطَّبَاقَاءُ: الْعَيِيُّ الْأَحْمَقُ الْفَدْمُ وَقَوْلُهَا: كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، أَيْ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَدْوَاءِ النَّاسِ فَهُوَ فِيهِ. وَقَوْلُ السَّابِعَةِ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، فَإِنَّهَا تَصِفُهُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ فِي مَنْزِلِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَهْدَ يُكْثِرُ النَّوْمَ، يُقَالُ: أَنْوَمُ مِنَ الْفَهْدِ، وَالَّذِي أَرَادَتْ أَنَّهُ لَيْسَ يَتَفَقَّدُ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَعَايبِ الْبَيْتِ، وَمَا فِيهِ، وَهُوَ كَأَنَّهُ سَاهٍ عَنْ ذَلِكَ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهَا: وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، تَعْنِي عَمَّا كَانَ عِنْدِي، وَقَوْلُهَا: إِنْ خَرَجَ أَسِدَ، تَصَفُهُ بِالشَّجَاعَةِ، تَقُولُ: إِذَا خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فِي مُبَاشَرَةِ الْحُرُوبِ أَسِدَ، يُقَالُ أَسِدَ الرَّجُلُ وَاسْتَأْسَدَ
⦗ص: 138⦘
. وَقَوْلُ الثَّامِنَةِ: زَوْجِيَ الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، فَإِنَّهَا تَصِفُهُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ، وَلِينِ الْجَانِبِ كَمَسِّ الْأَرْنَبِ إِذَا وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى ظَهْرِهَا، وَقَوْلُهَا: الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، فَإِنَّ فِيهِ مَعْنَيَيْنِ يَجُوزُ أَنْ تُرِيدَ طِيبَ رَوْحِ جَسَدِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُرِيدَ طِيبَ الثَّنَاءِ فِي النَّاسِ، وَانْتِشَارَهُ فِيهِمْ كَرِيحِ الزَّرْنَبِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ مَعْرُوفٌ، وَالثَّنَاءُ وَالنَّثَا وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ الثَّنَاءَ مَمْدُودٌ، وَالنَّثَا مَقْصُورٌ. وَقَوْلُ التَّاسِعَةِ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، تَعْنِي عِمَادَ الْبَيْتِ، وَجَمْعُهُ عَمَدٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:{رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ، وَالْعَمَدُ: الْعِيدَانُ الَّتِي تُعَمَّدَ بِهَا الْبُيُوتُ وَتَعْنِي أَنَّ بَيْتَهُ فِي حَسَبِهِ رَفِيعٌ فِي قَوْمِهِ، وَقَوْلُهَا: طَوِيلُ النِّجَادِ: تَصِفُهُ بِامْتِدَادِ الْقَامَةِ، وَالنِّجَادُ: حَمَائِلُ السَّيْفِ، فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنْ طُولِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهَا: عَظِيمُ الرَّمَادِ فَكَأَنَّهَا تَصِفُهُ بِالْجُودِ وَكَثْرَةِ الضِّيَافَةِ؛ لِأَنَّ نَارَهُ تَعْظُمُ وَيَكْثُرُ وَقُودُهَا، وَيَكُونُ الرَّمَادُ فِي الْكَثْرَةِ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ
⦗ص: 139⦘
، وَقَوْلُهَا: قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ: تَعْنِي أَنَّهُ يَنْزِلُ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ لِيَعْلَمُوا مَكَانَهُ فَيَنْزِلُ بِهِ الْأَضْيَافُ، وَلَا يَسْتَبْعِدُ مِنْهُمْ فِرَارًا مِنْ نُزُولِ النَّوَائِبِ وَالْأَضْيَافِ. وَقَوْلُ الْعَاشِرَةِ: زَوْجِي مَالِكٌ، فَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، كَثِيرَاتُ الْمَبَارَكِ، تَقُولُ: إِنَّهُ لَا يُوَجِّهُهُنَّ لِسَرْحِهِنَّ نَهَارًا إِلَّا قَلِيلًا، وَلَكِنْ يَبْرُكْنَ فِي فِنَائِهِ، فَإِنْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ لَمْ تَكُنِ الْإِبِلُ غَائِبَةً عَنْهُ لِيُقْرِيَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَلُحُومِهَا، وَقَوْلُهَا: إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكٌ، فَالْمِزْهَرُ: الْعُودُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ فَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَهُ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ مَنْحُوَراتٌ. وَقَوْلُ الْحَادِيَةَ عَشَرةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، تَقُولُ: حَلَّانِي قُرْطَةً وَشَنُوفًا تَنُوسُ بِأُذُنَيَّ، وَالنَّوْسُ: الْحَرَكَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مُتَدَلٍّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَسَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْحَامِضَ يَقُولُ
⦗ص: 140⦘
: سُمَيَّ الْإِنْسَانُ مِنَ النَّوْسِ، وَهُوَ أَفْعَلَانِ مِنْهُ. وَقَوْلُهَا: مَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ: لَمْ تُرِدِ الْعَضُدَ خَاصَّةً، أَرَادَتِ الْجَسَدَ كُلَّهُ، تَقُولُ: إِنَّهُ سَمَّنَنِي بِإِحْسَانِهِ، وَإِذَا سَمِنَتِ الْعَضُدُ سَمِنَ سَائِرُ جَسَدِهَا، وَقَوْلُهَا: وَبَجَّحَنِي فَبَجَحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، أَيْ فَرَّحَنِي فَفَرِحْتُ، فَقَدْ تَبَجَّحَ الرَّجُلُ إِذَا فَرِحَ، وَقَوْلُهَا: وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، تَقُولُ: إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا أَصْحَابَ غَنَمٍ، لَيْسُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَلَا إِبِلٍ، وَشِقٌّ مَوْضِعٌ، وَقَوْلُهَا: جَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، تَعْنِي أَنَّهُ ذَهَبَ بِي إِلَى أَهْلِهِ، وَهُمْ أَهْلُ خَيْلٍ وَإِبِلٍ، وَالصَّهِيلُ أَصْوَاتُ الْخَيْلِ، وَالْأَطِيطُ أَصْوَاتُ الْإِبِلِ وَقَوْلُهَا وَدَائِسٍ، فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَتَأَوَّلُهُ دِيَاسُ الطَّعَامِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يُسَمُّونَهُ الدِّرَاسُ، فَأَرَادَتْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَقَوْلُهَا مُنَقٍّ فَهُوَ مِنْ تَنْقِيَةِ الطَّعَامِ إِذَا دِيسَ
⦗ص: 141⦘
، قَوْلُهَا: عِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ، فَإِنَّهَا تُرِيدُ: لَا يُقَبِّحُ قُولِي، وَيَسْمَعُ مِنِّي، وَأَمَّا قَوْلُهَا: أَتَقَمَّحُ أَيْ أَرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشُّرْبَ مِنْ شِدَّةِ الرِّيِّ، وَهَذَا مِنْ عَزَّةِ الْمَاءِ عِنْدَهُمْ، وَكُلُّ رَافِعِ رَأْسِهِ فَهُوَ مُقَامِحٌ. قَالَ اللَّهُ عز وجل:{فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ} [يس: 8]، وَقَوْلُهَا: عُكُومُهَا رَدَاحٌ، فَالْعُكُومُ الْأَحْمَالُ وَالْأَعْدَالُ الَّتِي فِيهَا الْأَوْعِيَةُ مِنْ صُنُوفِ الْأَطْعِمَةِ وَالْمَتَاعِ، وَقَوْلُهَا رَدَاحٌ تَعْنِي عِظَامًا كَثِيرَةَ الْحَشْوِ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ عَظِيمَةَ الْأَكْفَالِ: رَدَاحٌ، وَقَوْلُهَا: كَمُسَلِّ الشَّطَبَةِ، فَإِنَّ أَصْلَهَا مَا شُطِبَ مِنْ جَرِيدَةِ النَّخْلِ وَهُوَ سَعَفُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تُشَقَّقُ مِنْهُ قُضْبَانٌ فَتُدَقُّ، وَيُنْسَجُ مِنْهُ الْحُصْرُ، يُقَالُ مِنْهُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ: شَاطِبَةٌ، وَقَوْلُهَا: يَكْفِيهِ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، فَإِنَّ الْجَفْرَةَ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ، وَالذَّكَرِ جَفْرٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: فِي الْمُحْرِمِ يُصِيبُ الْأَرْنَبَ جَفْرَةٌ
⦗ص: 142⦘
144 -
وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ الرَّجُلَ بَقْلَةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَقَوْلُهَا: لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، تَعْنِي لَا تُظْهِرُ سِرَّنَا، وَقَوْلُهَا: لَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، تَعْنِي الطَّعَامَ لَا تَأْخُذُهُ فَتَذْهَبُ بِهِ، تَصِفَهَا بِالْأَمَانَةِ، وَالْتَنْقِيثُ: الْإِسْرَاعُ فِي السَّيْرِ وَقَوْلُهَا: وَالْوِطَابُ تَمَخَّضُ، الْوِطَابُ: أَسْقِيَةُ اللَّبَنِ، وَاحِدُهَا وَطَبٌ. وَقَوْلُهَا: مَعَهَا وَلَدَانِ كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، تَعْنِي أَنَّهَا ذَاتُ كَفِيلٍ عَظِيمٍ، فَإِذَا اسْتَلْقَتْ نَتَأَ الْكِفْلُ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى تَصِيرَ تَحْتَهَا فَجْوَةٌ يَجْرِي فِيهَا الرُّمَّانُ، وَقَوْلُهَا: رَكِبَ شَرِيًّا، تَعْنِي فَرَسًا يَسْتَشْرِي فِي سَيْرِهِ، أَيْ يَلِجُ وَيَمْضِي فِيهِ بِلَا فُتُورٍ وَلَا انْكِسَارٍ، وَمَنْ هَذَا قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذَا لَجَّ فِي الْأَمْرِ قَدْ شَرِيَ، وَاسْتَشْرَى، وَقَوْلُهَا: أَخَذَ خَطِّيًّا: فَالْخَطِيُّ: الرُّمْحُ مَنْسُوبٌ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ يُقَالُ لَهَا الْخَطُّ، وَأَصْلُ الرَّمَّاحِ مِنَ الْهِنْدِ، وَلَكِنَّهَا تُحْمَلُ إِلَى الْخَطِّ ثُمَّ تُفَرَّقُ فِي الْبِلَادِ، وَقَوْلُهَا: نَعَمًا ثَرِيًّا، تَعْنِي بِالنَّعَمِ الْإِبِلَ، وَالثَّرِيُّ: الْكَثِيرُ، يُقَالُ ثَرِيَ بَنُو فُلَانٍ بَنِي فُلَانٍ إِذَا كَثَّرُوهُمْ، فَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ