المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ذكر مارية أم إبراهيم عليه السلام - المنتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

[الزبير بن بكار]

فهرس الكتاب

- ‌ ذِكْرُ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ

- ‌ قِصَّةُ تَزَوُّجِ عَائِشَةَ رضي الله عنها

- ‌ قِصَّةُ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ قِصَّةُ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ قِصَّةُ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌قَبْرِهَا سَلَمَةُ وَعُمَرُ ابْنَاهَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ

- ‌ قِصَّةُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قُنَافَةَ

- ‌ فَخْرُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ

- ‌ سَبَب تَسْمِيَة صَفِيَّة

- ‌ قِصَّةُ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ قِصَّةُ تَزَوُّجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذِكْرُ مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌مَا جَاءَ فِيمَا أُوتِيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْقُوَّةِ فِي الْجِمَاعِ

الفصل: ‌ ذكر مارية أم إبراهيم عليه السلام

12 -

‌ ذِكْرُ مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

أنبا مُحَمَّدٌ أنبا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ سِتٍّ بَعَثَ سِتَّةَ نَفَرٍ ثَلاثَةً مُصْطَحِبِينَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمَقْوَقِسِ وَشُجَاعَ بن وهب إِلَى الْحَارِث ابْن أَبِي شِمْرٍ وَدِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ إِلَى قَيْصَرَ فَخَرَجُوا حَتَّى انتهو إِلَى وَادِي الْقُرَى فَسَلَكَ حَاطِبٌ إِلَى الْمُقَوْقِسِ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَانِي ادعوك بداعية الإِسْلامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْقِبْطِ {يَا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نعْبد}

ص: 55

{إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِن توَلّوا فَقولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسلمُونَ} وَخَتَمَ الْكِتَابَ فَخَرَجَ بِهِ حَاطِبٌ حَتَّى قَدِمَ الاسكندرية فَانْتهى إِلَى حَاجِبه فَلم يلبثه أَنْ أَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ خَيْرًا وَأَخَذَ الْكِتَابَ فَجَعَلَهُ فِي حقٍّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَةٍ ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِكِتَابٍ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم لمُحَمد بن عبد الله مِنَ الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ سَلامٌ أَمَّا بَعْدُ فقد قَرَأت كتابك وفهمت ماذكرت فِيهِ وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبينَا قَدْ بَقِيَ وَقَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ وَقَدْ أَكْرَمْتُ رَسُولَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٌ وَكِسْوَةٍ وَقَدْ أَهْدَيْتُ لَكَ بَغْلَةً تَرْكَبُهَا وَالسَّلامُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُسْلِمْ وَأَهْدَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً بَيْضَاءَ فَبَقِيَتْ حَتَّى كَانَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْدَى لَهُ مَارِيَةَ وَأُخْتَهَا سِيرِينَ أَنْزَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ وَكَانَتْ جَارِيَةً وَضِيئَةً فَعَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتَا وَرَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَارِيَةَ وَحَوَّلَهَا إِلَى مَال

ص: 56

لَهُ بِالْعَالِيَةِ وَكَانَ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ فَكَانَتْ فِيهِ فِي الصَّيْفِ فِي خُرَافَةِ النَّخْلِ وَبَنَى لَهَا مَنْزِلا فَكَانَ يَأْتِيهَا فِيهِ وَكَانَتْ حَسَنَة الدّين ووهب سِيرِين لحسان بن ثابث فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ

أَنا مُحَمَّدٌ أنبا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ إِلا دُونَ مَا غِرْتُ عَلَى مَارِيَةَ وَذَاكَ أَنَّهَا كَانَتْ جَمِيلَةً مِنَ النِّسَاءِ وَأُعْجِبَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَنْزَلَهَا فِي أَوَّلِ مَا قَدَّمَ بِهَا فِي بَيْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَكَانَتْ جَارَتَنَا فَكَانَ عَامَّةَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ عِنْدَهَا حَتَّى فَرَغْنَا لَهَا فَجَزِعْتُ فَحَوَّلَهَا إِلَى الْعَالِيَةِ وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهَا هُنَاكَ فَكَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ عَلَيْنَا ثُمَّ رُزِقَ مِنْهَا الْوَلَدُ وَحُرِمْنَاهُ مِنْهُ

أَنا مُحَمَّدٌ أَنا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ رَبِيعَةَ ابْن عُثْمَانَ عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: بَعَثَ الْمُقَوْقِسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجَارِيَتَيْنِ فَارِهَتَيْنِ وَبَغْلَةٍ مِنْ مَرَاكِبِهِ وَأَلْفِ مِثْقَال من ذهب وَعشْرين ثوبا من لين وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَرَ لِحَاطِبٍ بِمِائَةِ مِثْقَالٍ وَخَمْسَةِ أَثوَاب

ص: 57

أَنا مُحَمَّدٌ أَنا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ

رَأَيْتُ مَأْبُورًا الْخَصِيَّ الَّذِي قَدِمَ مَعَ مَارِيَةَ وَأُخْتِهَا وَشَهِدْتُ جَنَازَتَهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ سِتِّينَ وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ شَيْخًا كَبِيرًا

أنبا مُحَمَّدٌ أنبا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ سُقِيَ أَلْبَانَ الضَّأْنِ ابْيَضَّ وَسَمِنَ

أنبا مُحَمَّدٌ أنبا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن عبد الله بْنِ حَارِثَةَ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مَشْيَخَتِهِمْ قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعْجَبًا بِمَارِيَةَ وَكَانَتْ بَيْضَاءَ جَعِدَةً جَمِيلَةً فَأَنْزَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَالِيَةِ بِالْقَفِّ فِي الْمَالِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْيَوْمَ (مَشْرَبَةُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ) كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهَا هُنَاكَ وَضَرَبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ وَكَانَ يَطَؤُهَا فَحَمَلَتْ فَوَضَعَتْ هُنَاكَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَهَا وَكَانَتْ قَابِلُتَها سَلْمَى مَوْلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم

ص: 58

امْرَأَةَ أَبِي رَافِعٍ فَأَخْبَرَتْهُ فَخَرَجَ فَبَشَّرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَهَبَ لَهُ عَبْدًا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ سَابِعِهِ عَقَّ عَنْهُ بِكَبْشٍ وَحَلَقَ رَأْسَهُ حَلَقَهُ أَبُو هِنْدٍ وَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ وَتَصَدَّقَ بِوَزْنِ شَعَرِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَرِقًا وَأَخَذُوا شَعَرَهُ فَجَعَلُوهُ فِي الأَرْضِ مَدْفُونًا فَتَنَافَسَتْ فِيهِ نِسَاءُ الأَنْصَارِ مَنْ يُرْضِعُهُ مِنْهُنَّ وَأَحَبُّوا أَنْ يُفَرِّغُوا مَارِيَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ هَوَاهُ فِيهَا وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِطْعَةً مِنْ غَنَمٍ صَارَتْ تَرْعَاهَا بِالْقَفِّ وَلِقَاحٌ بِذِي الْجَدرِ تَرُوحُ عَلَيْهَا وَكَانَتْ تُؤْتَى بِلَبَنِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ فَتَشْرَبَ مِنْهُ وَتَسْقِي ابْنَهَا فَكَانَ جِسْمُهَا وَجِسْمُ ابْنِهَا حَسَنًا فَجَاءَتْ أُمُّ بُرْدَةَ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَزَوَّجَهَا الْبَرَاءَ بْنَ أَوْسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْجَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ فَكَلَّمَتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُرْضِعَ إِبْرَاهِيمَ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ فَكَانَتْ تُرْضِعُهُ بِلَبَنِ ابْنهَا فَكَانَ عِنْدهم فِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ وَتَرْجِعُ بِهِ إِلَى أُمِّهِ مَارِيَةَ وَيَأْتِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ أُمِّ بُرْدَةَ فَيَقِيلُ عِنْدَهَا وَيُؤْتَى بِإِبْرَاهِيمَ إِلَيْهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُلُّهُ

ص: 59

بِهِ وَأَعْطَى أُمَّ بُرْدَةَ قِطْعَةً مِنْ نَخْلٍ فناقلت بهَا إِلَى مَال عبد الله بْنِ زَمْعَةَ وَتُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ فِي بَنِي مَازِنٍ عِنْدَ أُمِّ بُرْدَةَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ لَهُ مُرْضِعَةً تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ) وَغَسَّلَتْهُ أُمُّ بُرْدَةَ وَحُمِلَ مِنْ بَيْتِ أُمِّ بُرْدَةَ عَلَى سَرِيرٍ صَغِيرٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَقِيعِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَدْفِنُهُ قَالَ عِنْدَ فَرَطِنَا عُثَمْانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَكَانَ عُثْمَانُ أَوَّلَ مَنْ دُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَارِيَةُ فِي مُلْكِهِ فَعُتِقَتْ فَاعْتَدَّتْ عَلَيْهِ ثَلاثَ حِيَضٍ بَعْدَهُ وَكَانَتْ فِي مَشْرَبَتِهَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ حَتَّى تُوُفِّيَ ثُمَّ وَلِيَ عُمَرُ فَكَانَ يَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَتْ فِي أَوَّلِ خِلافَةِ عُمَرَ لِسَنَتَيْنِ مِنَ خِلافَتِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَرُؤِيَ عُمَرُ يَحْشُرُ النَّاسَ إِلَى شُهُودِهَا ثُمَّ حَمَلُوهَا مِنْ مَنْزِلِهَا حَتَّى وَضَعُوهَا بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا عُمَرُ وَقَبَرُوهَا بِالْبَقِيعِ

أَنا مُحَمَّدٌ أنبا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَن عبد الله بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (اللَّهَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ أَهْلِ الْمَدَرَةِ السَّوْدَاءِ السُّحُمِ الْجِعَادِ فَإِنَّ لَهُمْ نسبا وصهرا

ص: 60

قَالَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ نَسَبُهُمْ أَنَّ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ النَّبِيِّ مِنْهُمْ وَصِهْرُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَسَرَّ مِنْهُمْ

قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ هَاجَر وَهِيَ مِنْ أُمِّ الْعَرَبِ قَرْيَةٍ كَانَتْ أَمَامَ الْفَرَمَا وَأُمُّ إِبْرَاهِيمَ مَارِيَةُ سُرِّيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي أَهْدَى لَهُ الْمُقَوْقِسُ مِنْ حَفْنٍ مِنْ كُورَةِ أَنْصِنَا

أنبا مُحَمَّدٌ أنبا الزُّبَيْرُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيل عَن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ فَخَرَجَ بِهِ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي أَمَامَ سَرِيرِهِ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى قَبْرِهِ ثُمَّ دُلِّيَ فِي قَبْرِهِ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابَهُ ذَلِكَ بَكَوْا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْكِي وَأَنْتَ تَنْهَانَا عَنِ الْبُكَاءِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (يَا أَبَا بَكْرٍ تَدْمُعُ الْعَيْنُ وَيُوجَعُ الْقَلْبُ وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ) قَالَ ثُمَّ دُفِنَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (هَلْ مِنْ أَحَدٍ يَأْتِينَا بِمَاءٍ نُطَهِّرُ بِهِ قَبْرَ إِبْرَاهِيمَ) قَالَ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَأَمَرَ بِهِ فَرُشَّ عَلَى قَبْرِ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى قَبْرِهِ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ (خَتَمْتُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم

ص: 61