المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)   ‌ ‌مقدمة وإهداء الصلاة والسلام على خير خلقه، وخاتم - الموسوعة القرآنية خصائص السور - المقدمة

[جعفر شرف الدين]

الفصل: (بسم الله الرّحمن الرّحيم)   ‌ ‌مقدمة وإهداء الصلاة والسلام على خير خلقه، وخاتم

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

‌مقدمة وإهداء

الصلاة والسلام على خير خلقه، وخاتم رسله، وسيد أنبيائه، البشير النذير، السراج المنير، الطهر الطاهر، العلم الظاهر، المنصور المؤيد، المحمود، الأحمد، أبي القاسم محمد، وعلى آله الميامين، وأصحابه الطيّبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

والحمد لله الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5)[العلق] . كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)[هود] لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ [فصلت/ 42] ، ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2)[البقرة] ، نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (102)[النحل] ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ

(18)

[القيامة] .

ولهذا تميّز الكتاب المجيد بهذا الاسم المضيء، (القرآن) ، فكان له علما، يخفق في كل قلب، ويتردّد على كل لسان، يراود كل لبّ وجنان، بروح المعاني ومهجة البيان. فالقرآن مصدر القراءة، والقراءة مصدر المعرفة، والمعرفة مصدر الحضارة، والحضارة تاج الحياة.

شغل القرآن المجيد على مر العصور والقرون، كبار العلماء في شتى علومهم وفنونهم، فاهتمّوا بحفظه، وتلاوته، وتجويده، وكتابته، وتنقيطه، ولغته، وتقعيد قواعده، وابتدعوا علوم البلاغة ليثبتوا بها إعجازه. وحفظوا لهجات

ص: 8

العرب، وضبطوا مخارج حروفها، لئلا تنطق التّاء طاء، والضّاد ظاء، والقاف كافا إلخ

واستحدثوا ما سمّي بالإخفاء، والإقلاب، والإدغام. وقد ثبت، بما لا يقبل الشّكّ، أنّه، لولا القرآن لم تضبط لغة، ولا شعر بل لم يضبط النطق والكتابة بلغة الضاد.

إنه القرآن. وكفى به حافظا للّغة العربية، وعلومها، محتضنا لتراثها، وتاريخها، وسدّا منيعا يعصمها من الزعازع. وها هي آياته البينات تنطق بهذه الآيات المعجزات المتحديات:

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9)[الحجر] .

بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)[البروج] .

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)[الشعراء] .

إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)[يوسف] .

إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)[الزخرف] .

كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (4)[فصلت] .

قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ [الزمر/ 28] .

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (13)[هود] .

أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (38)[يونس] .

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (23)[البقرة] .

ص: 9

هذه الآيات البينات خطاب للناس أجمعين، ينطلق عبر ألف وأربعمائة سنة، بنبرة واثقة عالية: أن أتوا بمثل هذا القرآن، بعشر سور مثله، بسورة من مثله.

ويتصاعد التحدي: أن ادعوا من استطعتم، ادعوا شهداءكم ليؤازروكم على الإتيان بمثل هذا القرآن، بعشر سور، بسورة واحدة، ولم لا تستطيعون وقد أنزله الله بلسان عربي مبين، وجعله قرآنا عربيّا غير ذي عوج؟

ويتنامى التحدي ويتكرر، ويعرض الحروف التي تتألف منها آيات القرآن وسوره. فهي ليست لغزا، ولا أحجية، ولا سرّا. إنها، بالتحديد، الأبجدية العربية من ألفها الى الياء. إنها اللغة التي تتخاطبون بها في ندواتكم ومجالسكم، وتنشدون بها في عكاظكم ومربدكم، وتتغنّون بها في رجزكم وحدائكم، في شعركم ونثركم. وتتغنى بها الركبان بعدكم، حتى لتكوننّ من المحفوظات ثم من المأثورات، ثم من المعلّقات.

أليست من حروف الأبجدية: الألف والحاء والراء والسين والصاد والطاء والعين والكاف والميم والهاء والياء؟ ثم أليست هذه الأبجدية هي التي تكوّن بألفاظها القرآن: سورا وآيات. ثم أليست هذه الحروف هي التي افتتح الله سبحانه بها كثيرا من السّور، وأعلن أن هذا القرآن إنما كتب بهذه الحروف؟

فاقرأ:

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (1)[يوسف] .

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (1)[يونس] .

الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)[هود] .

الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [ابراهيم/ 1] .

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1)[الحجر] .

الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2)[البقرة] .

ص: 10

الم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (2)[لقمان] .

الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (2)[السجدة] .

المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ [الرعد/ 1] .

المص (1) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ [الأعراف] .

حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2)[غافر] .

حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2)[فصلت] .

حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)[الجاثية] .

حم (1) عسق (2) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)[الشورى] .

طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (1)[النمل] .

طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2)[الشعراء] .

طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2)[القصص] .

كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)[مريم] .

بعد هذا الحشد من الآيات التي افتتح الله سبحانه وتعالى بها بضعا وعشرين سورة مباركة، واستهل الافتتاح بإعلان هوية اللغة التي نزل بها القرآن المجيد، وتسمية الحروف التي انتظمت بها آياته وسوره، أفليس حكما مطلقا بهذا الموضوع هذا الإعجاز الصاعق:

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)[الإسراء] . وها قد مضى أربعة عشر قرنا، دون أن تتحرك جامعة أو مجمع أو جماعة للإتيان بآية من آياته، فضلا عن عشر سور أو سورة واحدة. ذلك أن إعجاز القرآن المجيد ليس بنظمه الفني، ولا بسمته

ص: 11

البلاغي، ولا بنهجه البياني فحسب، وإنما بدعوته الآخذة بالأعناق الى المحبة، والخير، والجمال، والمعرفة، والعلم، والعمل وإنما بعقله الكوني، وفكره العلمي، وسبقه الزمني. لقد تناول القرآن المجيد الإنسان نطفة، وعلقة، ومضغة، لحما وعظاما، وليدا ورضيعا وغلاما، شابّا وكهلا وشيخا، حيّا وميتا، دنيا وآخرة.

وتناول الكون أرضا وسماء، بحارا وماء وأنهارا. وما في أعماق الأرض من معادن وخزائن، وما في صحرائها وأدغالها من إنسان وحيوان ومن طبيعة خاصة. وما في طبقات السماء من كواكب ونجوم وأجرام. وما في أعماق البحار من عوالم الحيوان والنبات والجماد والمحار.

وتناول تعاون عناصر الكون هذه وتناغمها وانسجامها وتكاملها: الأرض مع السماء، والشمس مع القمر. وكلاهما مع الأرض والبشر والشجر، والماء والهواء. وكلّ منها مع الإنسان والطبيعة والبيئة والحياة.

تناولها القرآن المجيد في شتّى سوره المباركات، وآلاف من آياته البينات بليلها ونهارها، بجبالها ووديانها، بظلامها ونورها، بظلّها وحرورها، بربيعها وخريفها، بصيفها والشتاء.

وتناول الأديان برسلها ورسالاتها، بكتبها وأنبيائها، بتوراتها وإنجيلها، بزبورها ومزاميرها وقرآنها، بإبراهيم وإسحاق ويعقوب، بنوح وهود وصالح، بداود وسليمان واليسع، بزكريا ويحيى ويونس، بموسى وهارون، بعيسى ومحمد، وهو (ص) خاتمهم وسيدهم وسيّد الخلق أجمعين.

وأمر القرآن المجيد بالمعروف: محبة وصدقا وخيرا

هجرة وجهادا وصبرا. ونهى عن المنكر: غيبة وافتراء وبهتانا، استعلاء واستكبارا وامتهانا.

وفتح العقول والأبصار والأفئدة على العلم والعمل. فسبحان من علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم. قال تعالى في سورة الرحمن:

ص: 12

الرَّحْمنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (6) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (8) وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (10) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (19) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (22)[الرحمن] .

واشترع الشرائع، وسن القوانين، ووضع الأنظمة، وأقرّ العرف. وصاغ أجلّ العبر وضرب أروع الأمثال وقصّ أحسن القصص.

وبذلك لم يلامس كتاب إلهي أو بشريّ، في سحيق التاريخ وجديده، أعماق الروح وطمأنينة اليقين، كما لا مسهما القرآن المجيد. ولا استشهد في سبيل دعوته، ونشر كلمته، كما استشهد المسلمون الأولون ومن تبعهم بإحسان الى يومنا الحاضر. كما أنه لم يستشر في المقابل عنف كما استشرى عنف أعداء القرآن، حتى تعدّاه الى الناطقين بلغته، المنتسبين الى هويته. وما صمود القرآن المجيد أمام الدّعوات الهدّامة إلا آية من آياته، ومعجزة من معجزاته، لا يضارعها سوى آيات التحدي لنفس الناطقين بلغته، والصمت المطبق الذي لا يمكن أن يفسّر إلا بالعجز أمام إعجازه، والهزيمة أمام أبعاد إنجازه.

وبذلك تجلّى عجز الإنسان في تدبيره وتفكيره أمام عظمة الله في قرآنه.

وتجلّى نقص المخلوق، أمام كمال الخالق. وبدا القرآن رفيعا مترفعا، في حين بدت الكتب البشرية صغيرة صاغرة.

وهذا ما كنت أحسّه، ويسري في عروقي، إبّان الصّبا وفي طور الشّباب، كلّما سمعت تلاوة الكلام المنزل، وأتاني، من قرآن الفجر، ضوء يوشّي الغبش المنداح من حولي، مع كل صبح جديد.

وظلّ ذلك رجعا يتردّد في صدري، يراود مني سمعي والفؤاد، ويؤنسني في وحشتي، حتى تكوّن لي منه شيء كالنداء، هتف بي وألحّ، ثم دفعني إلى المكتبة الإسلامية دفعا رأيتني معه أبحث وأنقّب، أطلب المصادر القرآنية المتنوعة: من مصادر اللغة، إلى مصادر البيان، إلى مصادر النزول وأسبابه من

ص: 13

مصادر القدامى إلى مصادر المحدثين

كل ذلك طلبته لأخرج منه بموسوعة تروي شيئا من غلّة العطاش إلى فهم الكلام المنزل، والولوج إلى دنياه.

ووفّقني سبحانه في سعيي، فكان لي، ولقرّائي، شيء مما تطلعت إليه، وكان سفر متواضع قرّت به عيني، سمّيته الموسوعة القرآنية.

أما طريقة إعداد موضوعاتها وتهيئة أبحاثها، وتحضير موادّها، فقد اعتمدت في ذلك ما يعتمده أصحاب دوائر المعارف، بفارق شكلي يتعلق بالاختصاصيين والباحثين المعتمدين لكتابة موادّها. فبدلا من أن نتوجه الى من نراهم مؤهّلين لهذه المهمات، بإعداد كلّ منهم المادة التي يكون الفارس في حلبتها- بدلا من أن نتوجه بذلك إلى هؤلاء الفرسان، كما يتوجه أصحاب الموسوعات، توجهنا إلى مؤلفاتهم في شتى الموضوعات، فعمدنا إلى اختيار عدة كتب لكل موضوع، ثم اعتمدنا كتابا منها، إذا كان مستوفيا لشروط المادة المطلوبة. وإلا فإننا نأخذ فصلا أو بحثا من عدة كتب، حتى إذا تكامل الموضوع اعتمدناه.

وقد فرض عليّ جلال القرآن وقدسيّته أن أتبع في ترتيب خصائص السور المباركة، ترتيب هذه السور نفسه، من «الفاتحة» ورقمها: 1، حتى «الناس» ورقمها 114.

وإنني هنا أنوّه، بمن بذل جهده معي في توثيق مواد الموسوعة القرآنية وتنسيقها. إنها مديرة مكتبي ابنتي هدى علي الزائدي زادها الله هدى. وربّ ولد لك لم يخرج من صلبك، ولم تلده أم أولادك.

وإنني لأرجو أن أفوز بمصداقية النية التي دفعتني للقيام بهذا العمل التوثيقي.

وهي نيّة خالصة للقرآنيّين حقا، والإسلاميّين صدقا، وللناطقين بلغة الضاد حيّها دون مهجورها، وغضّها دون يابسها. وهي، من قبل ومن بعد، للقرآن وللإنسان. وهي أوّلا وآخرا، لمنزل القرآن، وبارئ الإنسان، وللقرآنيّ الأول، وللإنسان الأول، ذلك الذي هبط عليه القرآن نبيّا، للإسلام وللإنسان.

ص: 14

ولا مندوحة لي، في ختام هذه المقدمة، من الإشادة بجهد كريم، كان له أبلغ الأثر في استقامة هذا العمل بهذه الكيفية التي آل إليها، وأعني به جهد الباحثين اللغويين، الأستاذ أحمد حاطوم والدكتور محمد توفيق أبو علي، اللذين راجعا هذه الموسوعة، فدقّقا في نصوصها، وحقّقا لفظها، وضبطا ما يحتاج إلى ضبط، من الحروف وعلامات الوقف وعدّلا، من ذلك وأضافا، ما يقتضي الإضافة والتعديل ووحّدا ما يتطلّب التوحيد من إشارات الإحالة، بالأرقام، وذكرا، حيث يلزم، أرقام الآيات التي لم تذكر أرقامها، وأسماء السّور التي لم تذكر أسماؤها، وتثبتا مما ذكر من الأسماء والأرقام، تثبّتهما من نصوص الآيات نفسها، وبذلا، في غير هذه الجوانب، من العناية ما يستحقان جزيل الشكر عليه.

وإنني، وأنا أنهي هذا التقديم، أختتمه بإهداء هذا المجهود الى روح من بثّ في روحي روح الايمان: إلى روح الغائب عن عيني، الحاضر في فكري وقلبي، المالئ سمعي وبصري، أبي، نضّر الله ضريحه وأكرم مثواه.

إنني أتشرف بإهدائه إليه، لا برّا به أبا ومربيّا وهاديا فحسب، وإنما لأنه كان:

أول من فتح سمعي وبصري على قيام الصلاة، لدلوك الشمس، إلى غسق الليل، وقرآن الفجر. وأخلص من شرح صدري للحفاظ على الصلوات والصلاة الوسطى، والقيام لله قانتا.

فإليك يا سيدي. يا من بسطت عليّ جناحيك، طفلا ويافعا، وزققتني المعرفة، فتّى وشابا، أهدي هذا الجهد. وقد عمّمتني السنون بوقار الشّيب.

عسى أن يكون لك به قرّة عين.

ولدك جعفر شرف الدين

ص: 15