المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌آراء العلماء في فعل وأفعل بمعنى واحد: - بحث في صيغة أفعل بين النحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية - جـ ٤٩

[مصطفى أحمد النماس]

الفصل: ‌آراء العلماء في فعل وأفعل بمعنى واحد:

بحث في صيغة (أفعل)(بين النحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية)

لفضيلة الدكتور مصطفى أحمد النماس المدرس بكلية اللغة العربية -جامعة الأزهر

الحلقة الثانية

‌آراء العلماء في فعل وأفعل بمعنى واحد:

رأى ابن درستويه في مجيء فعل وأفعل بمعنى واحد وقد أورده السيوطي في المزهر1 قال:

قال ابن درستويه في شرح الفصيح2: لا يكون فعل وأفعل بمعنى واحد كما لم يكونا على بناء واحد إلا أن تجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعوا العرب تتكلم بذلك على طباعها وما في نفوسها من معانيها المختلفة، وعلى ما جرت به عادتها وتعارفها ولن يعرف السامعون تلك العلة فيه والفروق فظنوا أنهما بمعنى واحد وأولوا على العرب هذا التأويل من ذات أنفسهم فإن كانوا قد صدقوا في رواية ذلك عن العرب فقد أخطؤوا عليهم في تأويلهم ما لا يجوز في الحكمة وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين كما بينا أو يكون على معنيين مختلفين أو تشبيه شيء بشيء على ما شرحناه في كتابنا الذي ألفناه في افتراق معنى فعل وأفعل.

1 انظر المزهر ج 1 ص 384-386. وانظر تصحيح الفصيح ج 1 ص 165 تحقيق عبد الله جبوري طبعة بغداد. وقد ذكر هذا الكلام تعقيباً على الإمام ثعلب تصحيح الباب الثالث وهو باب فعلت بغير ألف، عند قوله، وأما قوله في رعد وبرق في باب فعلت إنه يقال فيه أرعد وأبرق فإن لكل واحد من هذين معنى يخصه

الخ.

2 في تصحيح الفصيح إتمام للكلام هو: الهمزة التي تدخل لنقل الفعل الذي على فعل فيجعل على أفعل نحو كرم وأكرم وحس وحسن.

ص: 266

ومن ههنا يجب أن يتعرف ذلك وأن قول ثعلب: وقفت الدابة ووقفت أنا، ووقفت وقفا للمساكين لا يجوز أن يكون الفعل اللازم من هذا النحو، والمجاوز على لفظ واحد في النظر والقياس لما في ذلك من الإلباس، وليس إدخال الإلباس في الكلام من الحكمة والصواب، وواضع اللغة عز وجل حكيم عليم، وإنما اللغة موضوعة للإبانة عن المعاني، فلو جاز وضع لفظ واحد للدلالة على معنيين مختلفين أو أحدهما ضد للآخر لما كان ذلك إبانة بل تعمية وتغطية ولكن قد يجيء النادر من هذا لعلل، كما يجيء فعل وأفعل فيتوهم من لا يعرف العلل أنهما لمعنيين مختلفين وإن اتفق اللفظان، والسماع في ذلك صحيح من العرب فالتأويل عليهم خطأ وإنما يجيء ذلك في لغتين متباينتين، أو لحذف واختصار وقع في الكلام حتى اشتبه اللفظان وخفي سبب ذلك على السامع وتأول فيه الخطأ وذلك أن الفعل الذي لا يتعدى فاعله إذا احتيج إلى تعديته لم تجز تعديته على لفظه الذي هو عليه حتى يُغير إلى لفظ آخر إما بأن يزاد في أوله همزة1 أو يوصل به حرف جر بعد تمامه ليستدل السامع على اختلاف المعنيين إلا أنه ربما كثر استعمال بعض هذا الباب في كلام العرب حتى يحاولوا تخفيفه فيحذفوا حرف الجر منه كقولهم: كلته -وزنته أي كلت له وزنته له فيعرف بطول العادة وكثرة الاستعمال وينوب المفعول وإعرابه فيه عن الجار والمجرور المحذوف، أو يشبه الفعل بفعل آخر متعد على غير لفظه فيجري مجراه لاتفاقهما في المعنى كقولهم حبست الدابة وحبست مالاً على المساكين.

وقد استقصينا شرح ذلك كله في كتاب فعلت وأفعلت بحججه ورواية أقاويل العلماء فيه وذكر علله والقياس فيه اهـ، وقال في موضع آخر، أهل اللغة أو عامتهم يزعمون أن فعل وأفعل بهمزة وبغير همزة قد يجيئان لمعنى واحد وإن قولهم دير بي وأدير بي من ذلك وهو قول فاسد في القياس والعقل مخالف للحكمة والصواب، ولا يجوز أن يكون لفظان مختلفان لمعنى واحد إلا أن يجيء أحدهما في لغة قوم والآخر في لغة غيرهم، كما يجيء في لغة العرب والعجم أو في لغة رومية ولغة هندية.

وقد ذكر ثعلب أن أدير بي لغة فأصاب في ذلك وخالف من يزعم أن فعلت وأفعلت بمعنى واحد، والأصل في هذا قد درت وهو الفعل اللازم ثم ينقل إما بالباء وإما بالألف فيقال: قد دير بي أو أدرت فهذا القياس.

ثم جيء بالباء مع الألف فقيل: قد أدير بي كما قيل قد أسرى بي على لغة من قال

1 هناك وإما بان يوصل الخ مثل ذهب بغيره، وقام وقام بأخره.

ص: 267