المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النهي عن طروق المسافر أهله ليلا - بهجة النظر في آداب السفر

[أزهري أحمد محمود]

الفصل: ‌النهي عن طروق المسافر أهله ليلا

أرأيت أخي كيف فقه العلماء الربانيون لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ ! فإن السفر ليست قاصرة مشقته على قطع مسافة الطريق؛ بل الأمر أوسع من ذلك، وواقعك أخي خير شاهد لذلك، فاعتبر أخي واتَّعظ، ولا تقل كان ذلكم قديمًا أما اليوم فقد تغيَّر كل شيء.

فاقتد أخي بهدي نبيك صلى الله عليه وسلم تدرك الفوز والنجاح.

13

‌النهي عن طروق المسافر أهله ليلاً

أخي المسلم: لقد جاء النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يفجأ المسافر أهله بالقدوم ليلاً؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً» . رواه البخاري.

والعلة في ذلك كما جاء في رواية أخرى: «لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة» . رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر: (فيقع للذي يهجم بعد طول الغيبة غالبًا ما يكره؛ إما أن يجد أهله على غير أهبة من التنظيف والتزين المطلوب من المرأة فيكون ذلك سبب النفرة بينهما .. وإما أن يجدها على حالة غير مرضية والشرع محرِّض على الستر (1)

).

وقال ابن أبي جمرة: (فيه النهي عن طروق المسافر أهله على غرَّة من غير تقدُّم إعلام منه لهم بقدومه، والسبب في ذلك ما وقعت إليه الإشارة في الحديث؛ قال: وقد خالف بعضهم فرأى عند أهله رجلاً فَعُوقب بذلك على مخالفته)(2).

(1) المرجع السابق 9/ 425.

(2)

المرجع السابق 9/ 425 - 426.

ص: 18

وعلق الحافظ ابن حجر على ذلك بقوله: (وأشار بذلك إلى حديث أخرجه ابن خزيمة عن ابن عمر، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُطرق النساء ليلاً فطرق رجلان كلاهما وجد مع امرأته ما يكره) وأخرجه من حديث ابن عباس نحوه وقال فيه: (فكلاهما وجد مع امرأته رجلا)، ووقع في حديث محارب عن جابر:(أن عبد الله بن رواحة أتى امرأته ليلاً وعندها امرأة تمشِّطها فظنها رجلاً فأشار إليها بالسيف، فلما ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً). أخرجه أبو عوانة في صحيحه (1).

أخي في الله: تلك هي الحكم البليغة التي من أجلها نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً دون إعلام لهم بقدومه.

وتالله كم في هذه الشريعة من حكم لو تدبرها العاقل لأدرك ما اشتمل عليه ديننا السمح من المصالح العظيمة التي بها انتظام حياتنا وسعادتنا.

فعليك أخي بأدب الدين فإنه نعم الأدب، ما تأدَّب به رجل إلا وارتفع نجمه، وارتقى في مدراج السُّؤدد والفضيلة.

وبصَّرني الله وإياك أخي بما ينفعنا، ورزقني وإياك أدبًا جمًا، وفضيلة في الدين.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

* * * *

(1) المرجع السابق 9/ 426.

ص: 19