الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4
إذن الأبوين
أخي المسلم: لقد جعل الله تعالى للوالدين من البر والحقوق ما لا يخفى عليك، ويظهر لك أخي هذا البر في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد.
فقال له صلى الله عليه وسلم: «أحي والداك» ؟
قال: نعم.
قال: «ففيهما فجاهد» .
قال الحافظ ابن حجر: (واستُدل به على تحريم السفر بغير إذن؛ لأن الجهاد إذا مُنعَ مع فضيلته فالسفر المباح أولى؛ نعم؛ إن كان سفره لتعلم فرض عين؛ حيث يتعين السفر طريقًا إليه فلا منع، وإن كان فرض كفاية ففيه خلاف، وفي الحديث فضل بر الوالدين وتعظيم حقهما وكثرة الثواب على برهما)(1).
فاحرص أخي على بر الوالدين والقيام بحقهما تَفُزْ في الدنيا والآخرة وتدرك مأمولك.
5
وداع المسافر للمقيم
أخي المسلم: ينبغي لمن أراد السفر أن يودع أهله وإخوانه، وخاصة إذا كان السفر طويلاً.
قال الشعبي: (السُّنَّة إذا قدم رجل من سفر أن يأتيه إخوانه فيسلِّمون عليه، وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودِّعهم ويغتنم
(1) فتح الباري 6/ 174.
دعاءهم). وقد كان هذا أخي من هديه صلى الله عليه وسلم، وإن أردت أن تقف على ذلك فهذا ابن عمر رضي الله عنهما يحكي عنه قزعة قال: قال لي ابن عمر هلمَّ أودِّعك كما ودَّعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك» . رواه أبو داود والترمذي، صحيح أبو داود 2600.
وعن عبد الله الخطمي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يستودع الجيش قال: «أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم» . رواه أبو داود/ صحيح أبو داود 2601.
قال ابن مفلح: (والمراد بالأمانة ها هنا: أهله ومن يخلفه منهم، وماله الذي يودعه ويستحفظه أمينه ووكيله، وجرى ذكر الدين مع الودائع؛ لأن السفر قد يكون سببًا لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين؛ فدعا له بالمعونة والتوفيق فيها. ذكر ذلك الخطابي وغيره)(1).
فحسن أخي أن يجعل الواحد آخر عهده بإخوانه، يستمطر دعاءهم، ويحدِّث قلبه قلوبهم، ولعل الفؤاد يردِّد وقتها:
أقُولُ له حينَ وَدَّعتهُ
…
وكلٌّ بعَبرته مُبْلسُ
لئنْ رَجعَتْ عنك أجسَامُنا
…
لقد سافَرتْ معك الأنفُسُ
ولعلها تردِّد أيضًا:
وكلُّ مصيبَات الزَّمان وجدتُّها
…
سوى فُرقَة الأحبَاب هيِّنة الخَطْب
(1) الآداب الشرعية 1/ 449.