المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نفي الشفاعة بغير إذن الله، وبيان سعة علمه تعالى - تأملات قرآنية - المغامسي - جـ ٢

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة تأملات قرآنية [2]

- ‌تفسير قوله تعالى: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)

- ‌ذكر الفرق بين النبي والرسول

- ‌خصائص الأنبياء والرسل

- ‌حكم المفاضلة بين الأنبياء

- ‌الأنبياء المكلمون

- ‌رفع الله درجات الأنبياء وتفضيله أولي العزم منهم

- ‌حكم تخصيص عيسى عليه السلام بالذكر

- ‌بيان المراد بروح القدس

- ‌بيان معنى قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم)

- ‌تفسير آية الكرسي

- ‌بيان فضلها

- ‌بيان معنى (الحي القيوم)

- ‌بيان معنى قوله تعالى (لا تأخذه سنة ولا نوم)

- ‌بيان ملك الله تعالى العام

- ‌نفي الشفاعة بغير إذن الله، وبيان سعة علمه تعالى

- ‌بيان المراد بالكرسي

- ‌بيان عظيم قدرة الله وعلوه وعظمته

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا إكراه في الدين)

- ‌الإسلام دين الفطرة

- ‌بيان المراد بالطاغوت والعروة الوثقى

- ‌تفسير قوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)

- ‌الصلة بالله طريق إلى الولاية

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه)

- ‌ذكر خبر النمرود مع إبراهيم عليه السلام

- ‌تفسير قوله تعالى: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها)

- ‌بيان قدرة الله تعالى على كل شيء

الفصل: ‌نفي الشفاعة بغير إذن الله، وبيان سعة علمه تعالى

‌نفي الشفاعة بغير إذن الله، وبيان سعة علمه تعالى

قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:255] هذا استفهام إنكاري، أي: لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه؟! قال الله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة:255].

والعلوم أربعة: علم ماض، وعلم حاضر، وعلم مستقبل، وعلم لا يكن كيف يتصور كونه، فهذه العلوم الأربعة يعلمها الرب تبارك وتعالى، قال الله في هذه الآية:{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [البقرة:255] وهذا يشمل كل علم، وأما العلم الرابع -وهو أنه يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون- فيدل عليه نحو قول الله جل وعلا:{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} [التوبة:47]، فالله يتكلم عن المنافقين، فهؤلاء المنافقون لو خرجوا لم يزيدوا المسلمين إلا خبالاً مع أن المنافقين لم يخرجوا، ولكن الله أخبر بأنه لو كان منهم خروج لكان حالهم ذلك، وقال الله عن أهل النار عياذاً بالله:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام:28]، ومعلوم لكل مسلم أن أهل النار لن يخرجوا من النار ولن يعودوا إلى الدنيا، لكن الله يخبر بأنهم لو عادوا فعلى أي حال سيكونون، فهذا معنى قولنا: إن الله يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون.

قال الله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة:255]، فكل من لديه علم فالذي علمه هو الله، ولا يمكن لأحد أن يأتي بعلم لم يشأ الله له أن يعلمه، قال تعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل:78] فأول طرائق طلب العلم أن تطلبه منه سبحانه وتعالى، ولا يأتي العلم بمداد ولا بصحيفة ولا بالتتلمذ، ولا يأتي بشيء أكثر مما يأتي بالاستعانة بالرب عز وجل، فمن أخلص لله النية واستعان بربه على الوجه الأتم عَلَّمه الله جل وعلا وساق إليه العلم ماء زلالاً، ومن ساءت نيته -والعياذ بالله- أو اعتمد على قلم ومحبرة وصحيفة ومداد وزيد وعمرو وشريط وشيخ اعتماداً كلياً وأغفل جانب الاعتماد على الله لم ينل من العلم إلا بقدر ما يريده الله جل وعلا، فمن قرت عينه بالله قرت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

ص: 17