المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خبر النمرود مع إبراهيم عليه السلام - تأملات قرآنية - المغامسي - جـ ٢

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة تأملات قرآنية [2]

- ‌تفسير قوله تعالى: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)

- ‌ذكر الفرق بين النبي والرسول

- ‌خصائص الأنبياء والرسل

- ‌حكم المفاضلة بين الأنبياء

- ‌الأنبياء المكلمون

- ‌رفع الله درجات الأنبياء وتفضيله أولي العزم منهم

- ‌حكم تخصيص عيسى عليه السلام بالذكر

- ‌بيان المراد بروح القدس

- ‌بيان معنى قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم)

- ‌تفسير آية الكرسي

- ‌بيان فضلها

- ‌بيان معنى (الحي القيوم)

- ‌بيان معنى قوله تعالى (لا تأخذه سنة ولا نوم)

- ‌بيان ملك الله تعالى العام

- ‌نفي الشفاعة بغير إذن الله، وبيان سعة علمه تعالى

- ‌بيان المراد بالكرسي

- ‌بيان عظيم قدرة الله وعلوه وعظمته

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا إكراه في الدين)

- ‌الإسلام دين الفطرة

- ‌بيان المراد بالطاغوت والعروة الوثقى

- ‌تفسير قوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)

- ‌الصلة بالله طريق إلى الولاية

- ‌تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه)

- ‌ذكر خبر النمرود مع إبراهيم عليه السلام

- ‌تفسير قوله تعالى: (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها)

- ‌بيان قدرة الله تعالى على كل شيء

الفصل: ‌ذكر خبر النمرود مع إبراهيم عليه السلام

‌ذكر خبر النمرود مع إبراهيم عليه السلام

والرجل المذكور في الآية قال عنه العلماء: إن اسمه النمروذ بالذال، وقيل: النمرود -بالدال- بن كنعان، ولا يهمنا اسمه.

وقد نقل المؤرخون نقلاً عن مجاهد أن الذين حكموا الدنيا من المشرق إلى المغرب أربعة: اثنان مؤمنان واثنان كافران، فالمؤمنان سليمان بن داود عليه السلام، وذو القرنين، والكافران بختنصر والنمرود بن كنعان.

وكان من خبر النمرود أن الناس كانوا يأتونه أيام الجدب يأخذون منه الميرة، أي: المؤنة، فكلما أتاه شخص سأله: من ربك؟ فيقول ذلك الضال: أنت! فيعطيه المؤنة، فلما أتاه عليه إبراهيم قال النمرود لإبراهيم: من ربك؟ قال: ربي الذي يحيي ويميت، وإبراهيم يقصد الذي أحيا الناس من موتهم ويفنيهم إذا شاء، فقال النمرود فراراً من الإجابة: أنا أحيي وأميت، وفي رواية أنه أتي باثنين كلاهما محكوم عليه بالإعدام، فقال لأحدهما: اذهبا، ثم قال: هذا أحييته؛ إذ هو محكوم عليه بالإعدام، وقتل الآخر، وقال: هذا أمته.

وإبراهيم لم يقصد هذا، والنمرود يعرف أن إبراهيم ما قصد هذا، ولكن أراد أن يفر من الإجابة، فبقي إبراهيم على نفس المجادلة حتى يأتيه بما هو أعظم، وقلت من يتولى الله يتولاه، قال تعالى:{قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة:258] ولم يقل الله: فبهت الكافر، بل قال:{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة:258] ولو قال: (فبهت الكافر) لأصبح ذلك مجرد نعت عام للرجل الذي مر ذكره، ولكن لما قال:{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة:258] بيّن أن خذلانه في الإجابة كان بسبب كفره، ولذلك فإن المسلم يصلي الفجر في جماعة، ثم يخرج وهو مستعين بالله، ويردد (لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله)، فقد جاء في الحديث أنه إذا قال الإنسان: لا إله إلا الله يقول الرب عز وجل صدق عبدي لا إله إلا أنا، وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله يقول الرب عز وجل: صدق عبدي لا حول ولا قوة إلا بي.

فإذا خرج الإنسان في حياته اليومية وهو يردد (لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله) ويعقد عليها أصابعه فإنه قد يأتيه موقف مفاجئ لم يستعد له فيلهم إجابة لو جلس عشرين سنة يستعين بالناس لا يعطاها، ويأتي إنسان لا يصلي فجر ولا يعرف ربه إلا قليلاً ولا يذكره، فيأتي موقف يجيب عنه الطفل الصغير فيبهت ولا يستطيع الإجابة ويغلب لعدم الاستعانة بالله، فهذا الرجل ما بهت لأن إبراهيم كان أفصح، وإنما غلب إبراهيم لأنه موحد وهذا كافر، قال الله:{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة:258] والدليل أن الله قال بعدها: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258] فمن ظلم وجعل لله نداً ولم يجعل لله تبارك وتعالى قدراً ولا معرفة ولا مكانة، فلا يمكن أن يوفقه الله جل وعلا، وإنما التوفيق والهداية مردهما إلى الإيمان والعمل الصالح.

ص: 26