المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر بحج البيت - تأملات قرآنية - المغامسي - جـ ٥

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة تأملات قرآنية [5]

- ‌تفسير قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)

- ‌نيل معالي الأمور بالإنفاق في سبيل الله

- ‌مسارعة الصحابة في الإنفاق من المحبوب

- ‌بيان أهمية الوسع في الإنفاق

- ‌فوائد نحوية

- ‌بيان المقصود بالبر

- ‌ذكر معاني (حتى) في النحو

- ‌بيان معنى قوله تعالى (وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل)

- ‌ذكر سبب نزول الآية

- ‌تفسير قوله تعالى: (فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك)

- ‌تفسير قوله تعالى: (قل صدق الله)

- ‌دلالات في سورة آل عمران

- ‌تفسير قوله تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة)

- ‌ذكر المدة الزمنية بين بناء المسجد الحرام وبيت المقدس

- ‌قصة بناء قبة الصخرة

- ‌بيان معنى (بكة)

- ‌بيان بركة البيت الحرام

- ‌الآيات الموجودة في البيت الحرام

- ‌بيان معنى قوله تعالى (ومن دخله كان آمناً)

- ‌الأمر بحج البيت

- ‌حد الاستطاعة لحج البيت الحرام

- ‌بيان معنى قوله تعالى (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)

- ‌الفرق بين أسلوب ذكر الأحكام وأسلوب الوعظ

الفصل: ‌الأمر بحج البيت

‌الأمر بحج البيت

ثم قال جل وعلا: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:97].

لقد قالت اليهود لنبينا عليه الصلاة والسلام: إنك كنت تصلي إلى بيت المقدس.

ومعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي إلى بيت المقدس وهو في مكة، وصلى إلى بيت المقدس وهو في المدينة.

أما في مكة فكان عليه الصلاة والسلام يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، فيصلي في جهة بحيث تكون الكعبة أمامه وبيت المقدس وراءها، فيكون قد استقبل بيت المقدس والكعبة في آن واحد، وهذا المشهور عن ابن عباس.

وأما في المدينة فلا يمكن ذلك؛ لأن الكعبة في الجنوب وبيت المقدس في الشمال، فكان صلى الله عليه وسلم يصلي إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً كما في رواية البراء بن عازب عند البخاري وغيره.

ثم أنزل الله {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:144]، فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام يصلي إلى الكعبة، وبقي الحال إلى يومنا هذا.

فقال اليهود: هذا أكبر دليل على أنك مضطرب في عبادتك، فبين الله جل وعلا لهم في جواب قرآني فقال تعالى:{قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة:142]، فكل الجهات ملك لله، والله جل وعلا يختص منها ما يشاء ويتعبد عباده بما يريد، ولو تعبدهم كل شهر بجهة فهو ربهم وهم عبيده، والجهات جهاته والملك ملكه، وليس لليهود ولا لغيرهم قول ولا برهان.

فالله جل وعلا أمر نبيه أن يصلي إلى بيت المقدس ابتلاءً واختباراً وهو يعلم جل وعلا أزلاً أنه سينقلهم إلى الكعبة، ففي هذه الفترة يمحص الله جل وعلا عباده، ويبتلي خلقه ليعلم من يثبت ممن لا يثبت، كما قال الله جل وعلا:{وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة:143] أي: هذا الأمر عظيم إلا على من يسره الله جل وعلا عليه.

والمقصود أن بيت المقدس كان معظماً والمبالغة في تعظيم الكعبة أمر الله جل وعلا في رده على اليهود بأن يكون الحج إلى الكعبة.

ولما كانت الكعبة تفضل على بيت المقدس بوجوه كثيرة، كان اختيارها مكاناً للحج أمراً لا مناص منه، فقال الله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران:97] واللام في {وَلِلَّهِ} [آل عمران:97] حرف جر، ومعناها للإيجاب والإلزام.

فأوجب الله وألزم عباده بحج البيت، ولم يكتف الله بقوله {وَلِلَّهِ} [آل عمران:97]، بل أتى بحرف (على)، فقال:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران:97]، فأتى بمؤكدين: اللام و (على).

وكلاهما يدل على الإيجاب والإلزام، تقول: لفلان عندي كذا، وعلي لفلان كذا، أي: يجب علي له.

ص: 22