المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائتين - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ١٦

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائتين

"‌

‌أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائتين

":

وتُوُفّي فيها: عمر بن حفص بن غِياث، وخالد بن نِزار الأَيْليّ، وأحمد بن محمد الأزرقيّ الذي ذكرناه في الطبقة الماضية، وعليّ بن عبد الحميد المفتي، ومسلم بن إبراهيم، والوليد بن هاشم العِجْليّ.

"الوقعة بين الأفشين وبابَك الخرَّميّ":

قال شبابُ العُصْفُريّ: فيها كانت وقعة الأفشين بالكافر بابَك الخُرَّميّ، فهزمه الأفشين واستباح عسكَرَه، وهرب بابَك، ثمّ أسروه بعد فصولٍ طويلة.

وكان من أبطال زمانه وشُجعانهم المذكورين. عاثَ وأفسدَ وأخافَ الإسلامَ وأهلَه. غَلَب على أذْرِبَيّجَان وغيرها، وأراد أن يُقيم مِلّة المَجُوس. وظهر في أيّامه المازيار القائم بمِلّة المَجُوس بطَبَرِسّتان، فعظُم شَرَّه وبلاؤه.

وكان المعتصم في أول هذه السنة قد بعث نفقات الجيوش إلى الأفشين، فكانت ثلاثين ألف ألف درهم1.

"فتح البَذَّ مدينة بابَك":

وفي رمضان فُتِحَتِ الْبَذَّ مدينة بابَك، لعنه الله، بعد حصارٍ طويل صعْب، وكان بها بابَك قد عصى بعد أن عمل غير مصافٍّ مع المسلمين.

فلما أُخِذَتِ اختفى في غَيْضَةٍ بالحصْن، وأُسِرَ أَهْلُه وأولادُه. ثمّ جاء كتاب المعتصم بأمانه، فبعث به إليه الأفشين مع رجُلين، وكتب معهما: ولدُ بابَك يشيرُ على أبيه بالدخول في الأمان فهو خير فلمّا دخلا في الغيضة إلى بابَك قتل أحدهما، وقال للآخر: اذهب إلى ابن الفاعلة ابني وقُل له: لو كنتَ ابني للحِقْتَ بي. ثمّ خرّق كتاب الأمان، وخرج من الغَيْضَة وصعِد الجبَل في طريقٍ وعرة يعرفها2.

1 انظر تاريخ الطبري "9/ 29"، والكامل في التاريخ "6/ 461".

2 انظر تاريخ الطبري "9/ 46".

ص: 4

وكان الأفشين قد أقام الكُمَناء في المضائق، فأفلت بابَك منهم، وصار إلى جبال أرمينية، فالتقاه رجل يقال له سهْل البِطْريق، فقال له: الطّلبُ وراءَك فانزِلْ عندي. فنزل عنده. وبعث سهل إلى الأفشين يخبره. فجاء أصحاب الأفشين فأحاطوا به وأخذوه1.

وكان المعتصم قد جعل لمن جاء به حيًّا ألفيْ ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف درهم، فأعطى سهل ألفي ألف، وحطّ عنه خَراج عشرين سنة، ثمّ قتل بابك سنة ثلاث وعشرين.

"رواية السمعودي عن هرب بابك":

قال السمعودي: هربَ بابَك متنكّرًا2 بأخيه وأهله وولده ومَنْ تَبِعَهُ من خاصّته، وتزيّوا3 بزيّ التُّجّار السَّفّارة، فنزل بأرض أرمينية بعمل سهل بن سِنْبَاط، فابتاعوا4 شاةً من راعٍ فنكِرَهم وذهب إلى سهلٍ فأخبره. فقال: هذا بابَك ولا شكّ.

وكانت قد جاءته كُتُب الأفشين بأن لا يَفُوته بابَك إن مرّ به. فركب سَهْل في أجناده حَتّى أتى بابَك، فترجّل5 لبابَك وسلّم عليه بالمُلْك وقال: قمْ إلى قصرك وأنا معك. فسارَ معه، وقُدِّمت الموائد، فقعد سَهْل يأكل معه، فقال بابَك بعُتوٍّ وجهلٍ: أمِثْلُكَ يأكل معي؛ فقام سهل واعتذر وغاب، وجاء بحدّاد ليقيّده، فقال بابك: أعذرًا يا سهل؟ فقال: يا ابن الخبيثة إنّما أنت راعي بقر.

وقيّد من كان مَعه، وكتب إلى الأفشين، فجهّز إليه أربعة آلاف فتسلّموه، وجاؤوا ومعهم سهل، فخلع عليه الأفشين وتوّجه، وأسقط عنه الخراج، وبُعثت بطاقة إلى المعتصم بالفتح، فانقليت بغداد بالتكبير والضجيج، فلله الحمد رب العالمين.

1 انظر تاريخ الطبري "9/ 50"، والكامل في التاريخ "6/ 474".

2 أي متخفيا.

3 أي لبيسوا.

4 أي اشتروا.

5 أي سار على قدمه

ص: 5