المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حوادث سنة ثمانين: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٥

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الخامس

- ‌الطبقة السابعة: الحوادث من سنة 61 إلى 70

- ‌حوادث سنة واحد وستين

- ‌حوادث سنة اثنتين وستين: المتوفون في هذه السنة

- ‌حوادث سنة ثلاث وستين: المتوفون في هذه السنة

- ‌حوادث سنة أربع وستين: المتوفون في هذه السنة

- ‌حوادث سنة خمس وستين: المتوفون في هذه السنة

- ‌حوادث سنة ست وستين: المتوفون في هذه السنة

- ‌حوادث سنة سبع وستين: المتوفون في هذه السنة

- ‌حوادث سنة ثمان وستين: المتوفون في هذه السنة

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ:

- ‌حوادث سنة سبعين: المتوفون في هذه السنة

- ‌الطبقة الثامنة

- ‌حوادث سنة إحدى وسبعين

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ:

- ‌حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانِينَ:

- ‌الفهرس العام للكتاب:

- ‌الطبقة السابعة:

- ‌الطبقة الثامنة:

الفصل: ‌حوادث سنة ثمانين:

وَوَقَائِعَةٌ مَشْهُورَةٌ، قَدْ ذَكَرَ مِنْهَا الْمُبَرِّدُ قِطْعَةً فِي كَامِلِهِ.

وَقَدْ سَيَّرَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِهِ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ وَهُوَ يَهْزِمُهُمْ.

وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ عَلَى فَرَسٍ أَعْجَفَ، وَبِيَدِهِ عَمُودٌ خَشَبٌ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَكَشَفَ قَطَرِيٌّ وَجْهَهُ، فَوَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قال: لا يستحيي الإِنْسَانُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ مِثْلِكَ.

تَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ سُفْيَانُ بْنُ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ وَظَفِرَ بِهِ وَقَتَلَهُ.

وَقِيلَ: بَلْ عَثَرَتْ بِهِ فَرَسُهُ فَانْدَقَّتْ فَخْذُهُ، فَلِذَلِكَ ظَفِرُوا بِهِ بِطَبَرِسْتَانَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى الْحَجَّاجِ.

وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ سَوْرَةُ بْنِ الدَّارِمِيُّ.

وَكَانَ قَطَرِيٌّ مَعَ شَجَاعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ وَإِقْدَامِهِ مِنْ خُطَبَاءِ الْعَرَبِ الْمَشْهُورِينَ بِالْبَلاغَةِ وَالشِّعْرِ، وَلَهُ أَبْيَاتٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْحَمَاسَةِ1، وَاللَّهُ أعلم.

1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 175، 176"، تاريخ الطبري "6/ 325"، الكامل "4/ 453"، البداية "9/ 35-38"، صحيح التوثيق "5/ 153".

ص: 204

‌حَوَادِثُ سَنَةِ ثَمَانِينَ:

فِيهَا تُوُفِّيَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ.

وَأَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ.

وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ الْفَقِيهُ.

وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْقَارِيِّ.

وَنَاعِمُ بْنُ أُجَيْلٍ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَرِيرٍ الْغَافِقِيُّ.

وَجُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ.

وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، بِخُلْفٍ فِيهِمَا.

وَفِيهَا: صَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْبدًا الْجُهَنِيَّ عَلَى إِنْكَارِهِ الْقَدَرِ. قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ.

وَفِيهَا: تُوُفِّيَ: سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ -قَالَهُ أَبُو نُعَيْمٍ- وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ. قَالَهُ ابْنُ معين.

ص: 204

وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي. قَالَهُ ابْنُ نُمَيْرٍ.

وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

وَحَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ بِالرُّومِ.

وَفِيهَا: كَانَ سَيْلُ الْجُحَافِ، وَهُوَ سَيْلٌ عَظِيمٌ جَاءَ بِمَكَّةَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَرَ الأَسْوَدِ، فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْحَجَّاجِ.

قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ نَافِعٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ: كَانَ مِنْ قِصَّةِ الْجُحَافِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَحَطُوا، ثُمَّ طَلَعَ فِي يَوْمٍ قِطْعَةُ غَيْمٍ، فَجَعَلَ الْجُحَافُ يَضْرِطُ بِهِ وَيَقُولُ: إِنْ جَاءَنَا شَيْءٌ فَمِنْ هَذَا، فَمَا بَرِحَ مِنْ مَكَانِه حَتَّى جَاءَ سَيْلٌ فَحَمَلَ الْجِمَالَ وَغَرَّقَ الْجُحَافَ.

وفيها: غَزَا الْبَحْرَ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي الْكَنُودِ حَتَّى بَلَغَ قُبْرُسَ.

وَفِيهَا: هَلَكَ أَلْيُونُ الْمَلِكُ عَظِيمُ الرُّومِ لا رحمه الله.

وَفِيهَا: سَارَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فَالْتَقَى هُوَ وَالرَّيَّانِ النُّكْرِيُّ بِالْبَحْرَيْنِ، وَمَعَ الرَّيَّانِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَزْدِ تُقَاتِلُ، اسْمُهَا جَيْدَاءُ، فَقُتِلَ هُوَ وَهِيَ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِمَا، وَصُلِبَ هُوَ.

وَفِيهَا: أَوَّلُ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ شَدِيدُ الْبُغْضِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ إِلا أَرَدْتُ قَتْلَهُ.

ثُمَّ إِنَّهُ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَأَمَّرَهُ عَلَى سِجِسْتَانَ فِي هَذَا الْعَامِ بَعْدَ مَوْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فَفَتَحَ فُتُوحًا، وَسَارَ يَنْهَبُ بِلادَ رُتْبِيلَ وَيَأَسُرُ وَيُخَرِّبُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ مَعَ هَذَا كُتُبًا يَأْمُرُهُ بِالْوُغُولِ فِي تِلْكَ الْبِلادِ وَيُضْعِفُ هِمَّتَهُ وَيُعَجِّزُهُ، فَغَضِبَ ابْنُ الأَشْعَثِ وَخَطَبَ الناس، وكان معه رؤوس أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَكُمْ كَتَبَ إِلَيَّ بِتَعْجِيلِ الْوُغُولِ بِكُمْ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَهِيَ الْبِلادُ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا إِخْوَانُكُمْ بِالأَمْسِ، وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَمْضِي إِذَا مَضَيْتُمْ وَآبَى إذا أَبَيْتُمْ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالُوا: لا بَلْ تَأْبَى عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ وَلا نَسْمَعُ لَهُ وَلا نُطِيعُ.

وَقَالَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيُّ: إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يَرَى بِكُمْ إِلا مَا رَأَى الْقَائِلُ الأَوَّلُ: "احْمِلْ عَبْدَكَ عَلَى الْفَرَسِ، فَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ، وَإِنْ نَجَا فَلَكَ" إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يُبَالِي، إِنْ ظَفِرْتُمْ أَكَلَ الْبِلادِ وَحَازَ الْمَالَ، وَإِنْ ظَفِرَ عَدُوُّكُمْ كُنْتُمْ أَنْتُمُ الأَعْدَاءُ الْبُغَضَاءُ، اخْلَعُوا

ص: 205

عَدُوَّ اللَّهِ الْحَجَّاجِ وَبَايِعُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَنَادُوا: فَعَلْنَا فَعَلْنَا، ثُمَّ أَقْبَلُوا كَالسَّيْلِ الْمُنْحَدِرِ، وَانْضَمَّ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ جَيْشٌ عَظِيمٌ، فَعَجَزَ عَنْهُمُ الْحَجَّاجُ، وَاسْتَصْرَخَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَزِعَ لِذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَجَهَّزَ الْعَسَاكِرَ الشَّامِيَّةَ فِي الْحَالِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ1.

تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ:

"حَرْفُ الأَلِفِ":

135-

إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ2 وَاسْمُ الأَشْتَرِ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ.

كَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ.

وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الأُمَرَاءِ الْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ وَالرَّأْيِ، وَلَهُ شَرَفٌ وَسِيَادَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ يَوْمَ الْخَازَرِ، ثُمَّ كَانَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أُمَرَائِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.

136-

الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ3 –ع- بن معاوية بن حصين، أبو بحر التميمي الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْحِلْمِ. مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَأَشْرَافِهِمْ.

اسْمُهُ الضَّحَّاكُ، وَيُقَالُ: صَخْرٌ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الأَحْنَفُ لاعْوِجَاجِ رِجْلَيْهِ.

وَكَانَ سَيِّدًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ.

وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.

رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ جَاوَانَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَخُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ.

وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفَّينَ.

قَالَ ابن سَعْدٍ: كَانَ الأَحْنَفُ ثِقَةً مَأْمُونًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ، وكان صديقًا لمصعب بن

1 انظر: تاريخ خليفة "ص/ 175"، تاريخ الطبري "6/ 326".

2 انظر: البداية "8/ 323"، السير "4/ 35".

3 سبق الترجمة له.

ص: 206

الزُّبَيْرِ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الْكُوفَةِ، فُتُوُفِّيَ عِنْدَهُ.

قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ أَحْنَفَ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلا بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ.

قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ صَخْرَ بْنَ قَيْسٍ أَحْدَ بَنِي سَعْدٍ، وَأُمُّهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَاهِلَةٍ، فَكَانَتْ تُرَقِّصُهُ وَتَقُولُ:

وَاللَّهِ لَوْلا حَنَفٌ بِرِجْلِهِ

وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ

مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ

وَقَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ: قِيلَ إِنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ، وَقِيلَ: حُصَيْنٌ.

وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمِ: هُوَ افْتَتَحَ مَرْوَ الرُّوذِ، وَكَانَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ فِي جَيْشِهِ ذَلِكَ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُمْ وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ، وَمَا أَسْمَعُ إِلا حَسَنًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ"1. وَكَانَ الأَحْنَفُ يَقُولُ: فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ.

رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ". وَالْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ".

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَاحْتَبَسَنِي عِنْدَهُ حَوْلا، فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ، إِنِّي قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبِرْتُكَ فَرَأَيْتُ عَلانِيَتَكَ حَسَنَةً، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُكَ مِثْلَ عَلانِيَتِكَ، وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ2.

وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ: ثنا الْعَلاءُ بْنُ حَرِيزٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ

1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 372"، وفيه ابن جدعان من الضعفاء.

2 خبر ضعيف: فيه ابن جدعان.

ص: 207

تُسْتَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ تُسْتَرَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا، يَعْنِي الأَحْنَفَ، الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي مُرَّةَ حِينَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدَقَاتِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا، قَالَ الأَحْنَفُ: فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، يَأْتِينِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَلا يَأْتِيهِ عَنِّي إِلا مَا يُحِبُّ، فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ دَعَانِي فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ1، فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، فَاحْمِدِ اللَّهَ يَا أَحْنَفُ.

قُلْتُ: وَكَانَ الأَحْنَفُ فَصِيحًا مُفَوَّهًا.

قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ أَحْنَفَ، دَمِيمًا قَصِيرًا كَوْسَجًا، لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، حَبَسَهُ عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً يَخْتَبِرْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ السَّيِّدُ.

قُلْتُ: ذَهَبَتْ عَيْنُهُ بِسَمَرْقَنْدَ. ذَكَرَهُ الْهَيْثَمُ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَ الأَحْنَفُ عِنْدَ عُمَرَ، فَأَعْجَبَهُ مَنْطِقُهُ، فَقَالَ: كنت أخشى أن تكون منفقًا عَالِمًا، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا، فَانْحَدِرْ إِلَى مِصْرِكَ.

قُلْتُ: مِصْرُهُ هِيَ الْبَصْرَةُ.

وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا كَذَبْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا مَرَّةً، سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ.

وَقَالَ خَلِيفَةُ: تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ الأَحْنَفُ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَحْمِلُ، يَعْنِي فِي قِتَالِ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَيَقُولُ:

إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقًّا

أَنْ يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَوْ يَنْدَقَّا

قَالَ: وَسَارَ الأَحْنَفُ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ، وَمِنْهَا إِلَى بَلْخٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى الأَحْنَفُ خَوَارِزْمَ، فَلَمْ يُطِقْهَا، فَرَجَعَ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: خَرَجَ ابْنُ عَامِرٍ مِنْ خُرَاسَانَ قَدْ أَحْرَمَ مِنْ نَيْسَابُورَ بِعُمْرَةٍ، وَخَرَجَ عَلَى خُرَاسَانَ الأَحْنَفُ فَجَمَعَ أَهْلَ خُرَاسَانَ جَمْعًا كَبِيرًا، وَاجْتَمَعُوا بمرو،

1 حديث حسن: أخرجه أحمد "1/ 22، 44".

ص: 208

فَقَاتَلَهُمُ الأَحْنَفُ وَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَهُمْ، وَكَانَ جَمْعًا لَمْ يَجْتَمِعْ مِثْلُهُ قَطُّ.

وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَمْرًا ذَكَرَ بَنِي تَمِيمٍ فَذَمَّهُمْ فَقَامَ الْأَحْنَفُ فَقَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَ بَنِي تَمِيمٍ فَعَمَّمْتَهُمْ بِالذَّمِّ، وَإِنَّمَا هُمْ مِنَ النَّاسِ، فِيهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ. فَقَامَ الْحُتَاتُ -وَكَانَ يُنَاوِئُهُ- فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لِي فَلأَتَكَلَّمَ، قَالَ: اجْلِسْ، فَقَدْ كَفَاكُمْ سَيِّدُكُمُ الأَحْنَفُ1.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى: ائْذَنْ لِلْأَحْنَفِ، وَشَاوِرْهِ، وَاسْمَعْ مِنْهُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ شَرِيفَ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الأَحْنَفِ.

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَفِرُّ مِنَ الشَّرَفِ وَالشَّرَفُ يَتَّبِعُهُ.

وَقَالَ وَالِدُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: قِيلَ لِلأَحْنَفِ: إِنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَإِنَّ الصِّيَامَ يُضْعِفُكَ قَالَ: إِنِّي أَعُدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيلٍ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ رُدَيْحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ الأَحْنَفُ عَامَّةَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يَضَعُ إِصْبَعَهُ عَلَى السِّرَاجِ فَيَقُولُ: حِسَّ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَحْنَفُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا2.

غَيْرُهُ يَقُولُ: ابْنُ ذَرِيحٍ.

وَقَالَ أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ: ثنا أَبُو الأَصْفَرِ، أَنَّ الأَحْنَفَ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يُوقِظْ غِلْمَانَهُ، وَذَهَبَ يَطْلُبُ الْمَاءَ، فَوَجَدَ ثلجًا فكسره واغتسل.

وقال مروان الأصغر: سَمِعْتُ الأَحْنَفَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ تَغْفِرْ لِي فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَلِكَ. وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنَا أَهْلٌ لِذَلِكَ.

وقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ: قَالَ الأَحْنَفُ: ذَهَبَتْ عَيْنِي مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، مَا شَكَوْتُهَا إِلَى أَحَدٍ.

وَيُرْوَى أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فقال: أنت الشاهر علينا سيفك يوم صفين والمخذل

1 خبر ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "7/ 15" لابن بدران، فيه انقطاع.

2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة.

ص: 209

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: لا تُؤَنِّبْنَا بِمَا مَضَى مِنَّا، وَلا تَرُدَّ الأُمُورَ عَلَى أَدْبَارِهَا، فَإِنَّ الْقُلُوبَ الَّتِي أَبْغَضْنَاكَ بِهَا بَيْنَ جَوَانِحِنَا، وَالسُّيُوفُ الَّتِي قَاتَلْنَاكَ بِهَا عَلَى عَوَاتِقِنَا، فِي كَلامِ غَيْرِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ قَالَتْ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَهَدَّدُ؟ قَالَ: هَذَا الَّذِي إِنْ غَضِبَ غَضِبَ لِغَضَبِهِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْ تَمِيمٍ، لا يَدْرُونَ فِيمَ غَضِبَ.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ شَيْئًا، وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ: فَقَالَ معاوية: يا أبا بحر، ما لك لا تَتَكَلَّمُ: قَالَ: أَخْشَى اللَّهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخْشَاكُمْ إِنْ صَدَقْتُ.

وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ، كَيْفَ يَتَكَبَّرُ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: قَالَ الأَحْنَفُ: مَا أَتَيْتُ بَابَ هَؤُلاءِ إِلا أَنْ أُدْعَى، وَلا دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلانِي بَيْنَهُمَا، وَلا ذَكَرْتُ أَحَدًا بَعْدَ أَنْ يَقُومَ مِنْ عِنْدِي إِلا بِخَيْرٍ.

وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ فَكَانَ فَوْقِي إِلا عَرَفْتُ لَهُ قَدْرَهُ، وَلا كَانَ دُونِي إِلا رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ، وَلا كَانَ مِثْلِي إلا تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ الأَحْنَفُ: لَسْتُ بِحَلِيمٍ، وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ.

وَبَلَغَنَا أَنَّ رجُلا قَالَ لِلأَحْنَفِ: لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً لَتَسْمَعَنَّ عَشْرًا، فَقَالَ لَهُ: لَكِنَّكَ لَئِنْ قُلْتَ عَشْرًا لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.

وَإِنَّ رَجُلا قَالَ لَهُ: بِمَ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ: بِتَرْكِي مِنْ أَمْرِكَ مَا لا يَعْنِينِي كَمَا عِنْدَكَ مِنْ أَمْرِي مَا لا يَعْنِيكَ.

وَعَنْهُ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لِلأَمِيرِ أَنْ يَغْضَبَ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ فِي الْقُدْرَةِ لِقَاحِ السَّيْفِ وَالنَّدَامَةِ.

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا الأَحْنَفُ الْكُوفَةَ مَعَ مُصْعَبٍ، فَمَا رَأَيْتُ خُصْلَةً تُذَمُّ إِلا رَأَيْتُهَا فِيهِ، كَانَ ضَئِيلا، صَغِيرَ الرَّأْسِ، مُتَرَاكِبَ الأَسْنَانِ، مَائِلَ الذَّقْنِ، نَاتِئَ الْوَجْهِ، بَاخِقَ الْعَيْنَيْنِ، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلِ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ جَلا عَنْ نَفْسِهِ.

بِاخَقٌ: مُنْخَسِفُ الْعَيْنِ.

ص: 210

وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: الأحْنَفُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَنْ تُقْبَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا.

وَلِلأَحْنَفِ أَشْيَاءُ مُفِيدَةٌ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ جُمْلَةً مِنْهَا.

وَكَانَ زِيَادُ بْنِ أَبِيهِ كَثِيرَ الرِّعَايَةِ لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تَغَيَّرَتْ حَالُ الأَحْنَفِ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَارَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ دُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِأَشْرَافِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: أَدْخِلْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ، فَكَانَ فِي آخِرِهِمُ الأَحْنَفُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَحْرٍ إِلَيَّ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَكَتَ الأَحْنَفُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ: لِمَ لا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُمْ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجُوا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَرُومُ الإِمَارَةَ، ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْدَ ثَلاثٍ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصًا، وَتَنَازَعُوا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَسُدَّ مَسَدَّ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدْ أَعَدْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجُوا خَلا مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟ فَلَمَّا عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْعِرَاقِ، جَعَلَ الأَحْنَفَ خَاصَّتَهُ وَصَاحِبَ سِرِّهِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بِالْكُوفَةِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مُدَّ بَصَرِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ.

رَوَاهَا ابْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ مِصْرَ.

تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ الْفَسَوِيِّ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ عَلَى الْعِرَاقِ. وَلَمْ يُعَيِّنُوا سَنَةً، رحمه الله.

137-

أَسْمَاءُ بِنْتُ أبي بكر الصديق1 –ع- أم عبد الله ذات النطاقين، آخر

1 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 249"، البداية "8/ 346"، أسد الغابة "5/ 292".

ص: 211

الْمُهَاجِرِينَ وَالْمُهَاجِرَاتِ وَفَاةً، وَأُمُّهَا قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيَّةُ.

لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ.

رَوَى عَنْهَا: عَبْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ ابْنَا الزُّبَيْرِ، وَابْنَاهُمَا عُبَادَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمَوْلاهَا عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَتُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي عَقْرَبٍ، ووهب بْنُ كَيْسَانَ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ.

وَشَهِدَتِ الْيَرْمُوكَ مع ابنها عبد الله وزوجها.

وهي وابنها وأبوها وجدها صحابيون.

رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ، نَسْأَلُهَا عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَتْ: قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا1.

قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ.

قُلْتُ: فَعُمْرُهَا عَلَى هَذَا إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً.

وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَالَ: عَاشَتْ مِائَةَ سَنَةٍ وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَصَدَّعُ فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا فَتَقُولُ: بِذَنْبِي وَمَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ أَكْثَرَ2.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ شَيْءٌ غَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُهُ وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِي، وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، فَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ جماعة، فدعاني فقال:"إخ إخ"3.

1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 348".

2 الطبقات "8/ 251" لابن سعد.

3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 281، 282"، ومسلم "2182"، وأحمد "6/ 347، 352"، وابن سعد "8/ 250" في طبقاته.

ص: 212

لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، فَمَضَى، فَلَمَّا أتَيْتُ أَخْبَرْتُ الزُّبَيْرَ، فَقَالَ: وَاللَّه لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: ضَرَبَ الزُّبَيْرُ أَسْمَاءَ، فَصَاحَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أُمَّكَ طَالِقٌ إِنْ دَخَلَتْ! قَالَ: أَتَجْعَلُ أُمِّي عُرْضَةً لِيَمِينِكَ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ وَخلَّصَهَا، فَبَانَتْ مِنْهُ1.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، إِنَّ الزُّبَيْرَ طَلَّقَ أَسْمَاءَ، فَأَخَذَ عُرْوَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ.

وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ سَخِيَّةَ النَّفْسِ.

وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ قَالَتْ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا بَنَاتِي تَصَدَّقْنَ وَلا تَنْتَظِرْنَ الْفَضْلَ فَإِنَّكُنَّ إِنِ انْتَظَرَتُنَّ الفضل لن تجدنه، وإن تصدقن لن تَجِدْنَ فَقْدَهُ2.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَتَيْنِ قَطُّ أَجْوَدَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، وَجُودُهُمَا يَخْتَلِفُ، أَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَجْمَعُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا وَضَعَتْهُ مَوَاضِعَهُ، وأما أسماء فكانت لا تدخر شيء لِغَدٍ3.

قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَتْ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط تحت الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَانَتْ له كارهة تسأل الطَّلاقَ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، وَقَالَ: لا تَرْجِعُ إِلَيَّ أَبَدًا4.

وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَهَا

1 إسناده منقطع: السير "2/ 292".

2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 252".

3 خبر صحيح: السير "2/ 292".

4 الطبقات "8/ 230، 231"، لابن سعد.

ص: 213

ثَلاثًا، يَعْنِي لِتَمَاضِرَ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: وَكَانَ أَبُو سلمة أمه تماضر بن الأَصْبَغِ.

وَرَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ تُمَاضِرَ، حِينَ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَكَانَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ أَنْ طَلَّقَهَا.

وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ: فَرَضَ عُمَرُ أَلْفًا أَلْفًا لِلْمُهَاجِرَاتِ، مِنْهُنَّ أُمُّ عَبْدٍ، وَأَسْمَاءُ.

وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ: إِنَّ جَدَّتَهَا أَسْمَاءَ كَانَتْ تَمْرَضُ الْمَرْضَةَ، فَتُعْتِقُ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهَا.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخَذَتْ عَنْ أَبِيهَا.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَقُولُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ يُقَاتِلُ الْحَجَّاجَ: لِمَنْ كَانَتِ الدَّوْلَةُ الْيَوْمَ؟ فَيُقَالُ لَهَا: لِلْحَجَّاجِ. فَتَقُولُ: رُبَّمَا أَمَرَ الْبَاطِلُ. فَإِذَا قِيلَ لَهَا: كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ انْصُرْ أَهْلَ طَاعَتِكَ وَمِنْ غَضِبَ لَكَ1.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ، قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِعشْرِ لَيَالٍ، وَإِنَّهَا لَوَجِعَةٌ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: وَجِعَةٌ، قَالَ: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَعَافِيَةً. قَالَتْ: لَعَلَّكَ تَشْتَهِي مَوْتِي، فَلا تَفْعَلْ، وَضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَشْتَهِي أَنْ أَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ أَحَدُ طَرَفَيْكَ، إِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ فَتَقَرَّ عَيْنِي، وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيَّ خِطَّةً لا تُوَافِقُ، فَتَقْبَلَهَا كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ2.

إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، أَنَّ الْحَجَّاجَ دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَكَ أَلْحَدَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَذَاقَهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. قَالَتْ: كَذَبَ، كَانَ بَرًّا بِوَالِدَيْهِ، صَوَّامًا قَوَّامًا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ

1 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء.

2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 56" في الحلية.

ص: 214

سَيَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابَانِ، الْآخِرُ مِنْهُمَا شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ، وَهُوَ مُبِيرٌ1.

إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَبُو الْمُحَيَّاةِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ وَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكِ فَهَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ، وَلَكِنِّي أُمُّ الْمَصْلُوبِ عَلَى رَأْسِ الْبَنِيَّةٍ، وَمَا لِي مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنْ أُحَدِّثُكَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَخْرُجُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ"2. فَأَمَّا الْكَذَّابُ، فَقَدْ رَأَيْنَاهُ؟ تَعْنِي الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ وَأمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ، فَقَالَ لَهَا: مُبِيرُ الْمُنَافِقِينَ.

أَبُو المُحَيَّاةِ هُوَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ الأَسْوَدُ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ، أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَبَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَأبَتْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا لَتَأْتِيَنَّ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ مَنْ يَسْحَبُكِ بقُرُونِكِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: وَاللَّهِ لا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَتَى إِلَيْهَا فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ تُعَيِّرُهُ بِابْنِ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، وَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ، فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا3.

وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ: ثنا ابْنُ أَبِي عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ: إِنَّ أَسْمَاءَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ، فَمَالَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْجُثَثَ لَيْسَتْ بِشْيَءٍ، وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ اللَّهِ، فَاتَّقِي اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ. فَقَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ.

رَوَاهُ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْمُبَارَكِ.

أنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى بِنْتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بكر -وكان أبو بكر طلقها في

1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2545"، وأحمد "2/ 26"، والترمذي "2220"، "3944".

2 انظر السابق.

3 خبر صحيح: "تاريخ دمشق /23/ تراجم النساء".

ص: 215

الْجَاهِلِيَّةِ- بِهَدَايَا، زَبِيبٍ وَسَمْنٍ وَقَرَظٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا، وَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ: سَلِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لِتُدْخِلْهَا وتقبل هَدِيَّتَهَا. وَنَزَلَتْ {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} . [الممتحنة: 60] ، الآية.

شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ كَبِيرَةٌ عَمْيَاءُ، فَوَجَدْتُهَا تُصَلِّي، وَعِنْدَهَا إِنْسَانٌ يُلَقِّنُهَا: قُومِي اقْعُدِي افْعَلِي1.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا صَلَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى أُوتَى به أحنطه وَأُكَفِّنَهُ، فَأُتِيَتْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهَا، فَجَعَلَتْ تُحَنِّطُهُ بِيَدِهَا وَتُكَفِّنُهُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهَا2.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَتْ أَسْمَاءُ بَعْدَ وَفَاةِ ابْنِهَا بِلَيَالٍ.

وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَفَّنَتْهُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَمَا أَتَتْ عليه جمعة حتى ماتت.

138 الأسود بن يزيد3 –ع- بن قَيْسٍ النَّخَعِيُّ، الْفَقِيهُ أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ: أَبُو عبد الرحمن، أو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ أَخِي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم بن زيد النَّخَعِيِّ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَلْقَمَةَ.

رَوَى عَنْ: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَبِلالٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ وَأَخُوهُ، وَابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَخَلْقٌ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ.

وَكَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالْحَجِّ عَلَى أَمْرِ كَبِيرٍ.

فَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَجَّ الأَسْوَدُ ثَمَانِينَ مِنْ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ4.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يزيد فقال: كان صوامًا قوامًا حجاجًا5.

1 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "8/ 255".

2 خبر صحيح: أخرجه ابن عساكر "ص/ 27/ تراجم النساء" من تاريخ دمشق.

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 70"، الحلية "2/ 102"، البداية "9/ 12".

4، 5 الحلية "2/ 103".

ص: 216

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَنْدَلٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عياض، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ: وَكَانَ يَنَامُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ1.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ثنا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثدٍ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ، يَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ وَيَصْفَرَّ، فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا الجزع؟ فقال: ما لي لا أَجْزَعُ، وَاللَّهِ لَوْ أَتَيْتُ بِالْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ لأَهَمَّنِي الْحَيَاءُ مِنْهُ مِمَّا قَدْ صَنَعْتُ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ الذَّنْبُ الصَّغِيرُ، فَيَعْفُو عَنْهُ، فَلا يَزَالُ مُسْتَحْيِيًا مِنْهُ2.

فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

139-

أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ3 –ع.

الْعَدَوِيُّ أَبُو زَيْدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو خَالِدٍ، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقِيلَ: حَبَشِيٌّ. وَقِيلَ: مِنْ سَبْيِ الْيَمَنِ.

وَقَدِ اشْتَرَاهُ عُمَرُ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ بالناس سنة إحدى عشر فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَقُولُ: نَحْنُ قَوْمٌ من الأشعريين، ولكنا لا نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ رضي الله عنه.

سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاذًا، وَأَبَا عبيدة، وابن عمر، وَابْنَ عُمَرَ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ زَيْدٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.

قَالَ الزُّهْريُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَسْلَمَ قَالَ: قَدِمْنَا الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَأَتَيْنَا بِالطِّلاءِ وَهُوَ مِثْلُ عَقِيدِ الرُّبِّ.

1 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 103" في الحلية.

2 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 103".

3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 10"، أسد الغابة "1/ 77"، السير "4/ 98-100".

ص: 217

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَجَّ عُمَرَ بِالنَّاسِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَابْتَاعَ فِيهَا أَسْلَمَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اشْتَرَانِي عُمَرُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا بِالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَسِيرًا، فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، حَتَّى كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ يَقُولُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ، وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ، فَمَنَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ1.

وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ الأَسْوَدُ الْحَبَشِيُّ: وَاللَّهِ ما أُرِيدَ عَيْبَهُ.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، إِنِّي أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَلْزَمُكَ لُزُومًا لا يَلْزَمُهُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ، لا يَخْرُجُ سَفَرًا إِلا وَأَنْتَ مَعَهُ، فَأَخْبِرْنِي عَنْهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَوْلَى الْقَوْمِ بِالظِّلِّ، وَكَانَ يُرَحِّلُ رَوَاحِلَنَا وَيُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَحْدَهُ، وَلَقَدْ فَزِعْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ رَحَّلَ رِحَالِنَا وَهُوَ يُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَيَرْتَجِزُ:

لا يَأْخُذُ اللَّيْلُ عَلَيْكَ بِالْهَمْ

وَالْبَسَنْ له قميص وَاعْتَمْ

وَكُنْ شَرِيكَ رَافِعٍ وَأَسْلَمْ

وَاخْدُمِ الْأَقْوَامَ حَتَّى تُخْدَمْ

رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أبيه.

قال أبو عبيد: تُوُفِّيَ أَسْلَمُ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

140-

أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ2 وَاسْمُ أَبِيهَا عَبْدُ بْنُ بِجَادٍ التَّيْمِيُّ، وَهِيَ بِنْتُ أُخْتِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ لأُمِّهَا.

عِدَادُهَا فِي صَحَابُيَّاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

رَوَى عَنْهَا: ابْنَتُهَا حُكَيْمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ بِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا، وَبِأَنَّهَا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والحديث في "الموطأ".

1 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 10" في الطبقات الكبرى.

2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 255"، أسد الغابة "5/ 407"، الإصابة "4/ 240".

ص: 218

141-

أوس بن طمعج -م 4- الكوفي الْعَابِدُ1.

ثِقَةٌ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ.

رَوَى عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ الأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ.

رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ.

تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

"حرف الْبَاءِ":

142-

بجالة بن عبدة التميمي -خ د ت ن- البصري2.

كَاتِبُ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَمُّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ.

رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ رضي الله عنهم.

رَوَى عَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حُكَيْمٍ، وَطَالِبُ بْنُ السَّمَيْدَعِ.

وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بن معاوية.

143-

البراء بن عازب3 –ع.

ابْنِ الْحَارِثِ أَبُو عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةَ.

صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرِهِ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن يزيد الخطمي، الصحابيان، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَعْدُ بْنُ عَبِيدَةَ، وَأَبُو عُمَرَ زَاذَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ.

وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَشَهِدَ غَيْرَ غزوةٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: اسْتَصْغَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ فَرَدَّنِي، وَغَزَوْتُ مَعَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَمَا قَدِمَ عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ حتى قرأت سورًا من المفصل4.

1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 510"، والجرح والتعديل "2/ 304"، وأسد الغابة "1/ 147".

2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 130"، والجرح والتعديل "2/ 437"، والإصابة "1/ 170".

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 17"، الاستيعاب "1/ 155"، وأسد الغابة "1/ 171".

4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 226"، وابن سعد "4/ 367".

ص: 219

شُعْبَةُ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، رَأَيْتُ عَلَى البراء خاتم ذهب.

وقال البراء: كنت أنا وابن عمر لدة.

تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وسبعين.

144-

بسر بن أبي أرطأة1 –د ت ن.

عُمَيْرُ بْنُ عُوَيْمِرِ بْنِ عِمْرَانَ، وَيُقَالُ: بُسْرُ بْنُ أَرْطَأَةَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَامِرِيُّ الْقُرَشِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ.

رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ، وَهُمَا:"اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا"2.

وَحَدِيثَ: "لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ"3.

رَوَى عَنْهُ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأَيُّوبُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَنَتَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمِصْرِيُّ: كَانَ صَحَابِيًّا شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ: وَلَهُ بِهَا دَارٌ وَحَمَّامٌ، وَكَانَ مِنْ شِيعَةِ مُعَاوِيَةَ، وَوَلَّى الْحِجَازَ وَالْيَمنَ لَهُ، فَفَعَلَ أَفْعَالا قَبِيحَةً، وَشُوِّشَ فِي آخر أيامه.

قلت: وكان أميرًا سريًا شجاعًا بطلًا فَاتِكًا، سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ فِي تَارِيخِهِ، فَمِنْ أَخْبَثِ أَخْبَارِهِ الَّتِي مَا عَمِلَهَا الْحَجَّاجُ، عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ بُسْرًا لا صُحْبَةَ لَهُ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَبُسْرٌ صَغِيرٌ.

قَالَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ: ثنا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الزَّيَّاتِ، وَآخَرَ، سَمِعَا أَبَا ذَرٍّ يَتَعَوَّذُ مِنْ يَوْمِ الْعَوْرَةِ، قَالَ زَيْدٌ: فَقُتِلَ عُثْمَانُ، ثُمَّ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَرْطَأةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءً مُسْلِمَاتٍ، فأقمن في السوق.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 409"، والسير "3/ 409"، وأسد الغابة "1/ 179، 180".

2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 181"، وابن حبان "2424"، "2425"، والطبراني "1196" في الكبير، والحاكم "3/ 591".

3 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 181"، وأبو داود "4408"، والترمذي "1450"، والنسائي "8/ 91"، والطبراني "1195" في الكبير.

ص: 220

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَتَلَ بُسْرُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقُثَمَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالْيَمَنِ.

وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنُ جَسْرَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَأَةَ إِلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ يَقْتُلُ مَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ شَهْرًا لا يُقَالُ لَهُ: هَذَا مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، إِلا قَتَلَهُ. وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى الْيَمَنِ، فَمَضَى بُسْرُ إِلَيْهَا فَقَتَلَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَتَلَ عَمْرَو بْنَ أَرَاكَةَ الثَّقَفِيَّ، وَقَتَلَ مِنْ هَمْدَانَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَقَتَلَ مِنَ الأَبْنَاءِ طَائِفَةً. وَذَلِكَ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ، وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ1.

وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ بُسْرًا هَدَمَ بِالْمَدِينَةِ دُورًا كَثِيرَةً، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وصاح: يا دينار، شيخ سمح عهدته ههنا بِالأَمْسِ، مَا فَعَلَ -يَعْنِي عُثْمَانَ- يَا أَهْلَ المدينة لولا عهد أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَرَكْتُ بِهَا مُحْتَلِمًا إِلا قَتَلْتُهُ، ثُمَّ مَضَى إِلَى الْيَمَنِ فَقَتَلَ بِهَا ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، صَبِيَّيْنِ مُلَيْحَيْنِ، فهامت أمهما بهما.

قلت: وقالت فيهما أبيات سَائِرَةً، وَبَقِيَتْ تَقِفُ لِلنَّاسِ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ، وَتُنْشِدُ في الموسم منها:

ها من أحسن بابني الذين هُمَا

كَالدُّرَّتَيْنِ تَجَلَّى عَنْهُمَا الصَّدَفُ

145-

بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ2:

ابْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ.

كَانَ سَمْحًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَلِيَ إِمْرةَ الْعِرَاقَيْنِ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ عِنْدَ عَقَبَةَ الْكَتَّانِ، وَجمَعَ لَهُ أَخُوهُ إِمْرَةَ الْعِرَاقَيْنِ.

فَعَنِ الضَّحَّاكِ الْعَتَّابِيِّ قَالَ: خَرَجَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَدِمَ فَرَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ بِلا اسْتِئْذَانٍ، فَقَالَ: مَنْ يُؤْذِنُ الأَمِيرَ بِنَا؟ قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَابٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

يُرَى بَارِزًا لِلنَّاسِ بِشْرٌ كَأَنَّهُ

إِذَا لاحَ فِي أَثْوَابِهِ قمر بدر

1 خبر ضعيف: فيه الواقدي من الضعفاء.

2 انظر: البداية "9/ 7"، وشذرات الذهب "1/ 83".

ص: 221

بعيد مراة العين مارد طَرْفُهُ

حَذَارِ الْغَوَاشِي رَجْعُ بَابِ وَلا سَتْرُ

وَلَوْ شَاءَ بِشْرُ أَغْلَقَ الْبَابَ دُونَهُ

طَمَاطَمُ سُودٌ أَوْ صَقَالِبَةٌ حُمْرُ

وَلَكِنَّ بِشْرًا يَسَّرَ الْبَابَ لِلَّتِي

يَكُونُ لَهُ فِي جَنْبِهَا الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ

فَقَالَ: تَحْتَجِبُ الْحُرُمَ، وَأَجْزَلَ صِلَتَهُ.

وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ أَخَاهُ بِشْرًا عَلَى الْعِرَاقَيْنِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ حِينَ وَصَلَهُ الْخَبَرُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ شَغَلْتَ إِحْدَى يَدَيْ، وَهِيَ الْيُسْرَى، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ الحجاز واليمن، فلما بَلَغَهُ الْكِتَابُ حَتَّى وَقَعَتِ الْقُرْحَةُ فِي يَمِينِهِ، فَقِيلَ لَهُ: نَقْطَعُهَا مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، فَجَزَعَ، فَمَا أَمْسَى حَتَّى بَلَغَتِ الْمِرْفَقَ، ثُمَّ أَصْبَحَ وقد بلغت الْكَتِفَ، وَأَمْسَى وَقَدْ خَالَطَتِ الْجَوْفَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ، قَالَ: فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فَرَثَوْهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: قَالَ الْحَسَنُ: قَدِمَ عَلَيْنَا بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرَةَ وَهُوَ أَبْيَضُ بَضَّ، أَخُو خَلِيفَةٍ، وَابْنُ خَلِيفَةٍ، فَأَتَيْتُ دَارَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْحَاجِبِ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. قَالَ: ادْخُلْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُطِيلَ الْحَدِيثَ وَلا تُمِلَّهُ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ عَلَيْهِ فرش قد كاد أن يغوص فيها، وَرَجُلٌ مُتَّكِئٌ عَلَى سَيْفِهِ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَسلَّمْتُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. فَأَجْلَسَنِي، ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي زَكَاةِ أموالنا، ندفعها للسلطان أَمْ إِلَى الْفُقَرَاءِ؟ قُلْتُ: أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى الَّذِي عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُودَ مِنْ سود، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَشِيِّ، وَإِذَا هُوَ قَدِ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيرِهِ إِلَى أَسْفَلَ وَهُوَ يَتَمَلْمَلُ، وَالأَطِبَّاءُ حَوْلَهُ، ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الْغَدِ وَالنَّاعِيَةُ تَنْعَاهُ، وَالدَّوَابُّ قَدْ جَزُّوا نَوَاصِيَهَا. وَدُفِنَ فِي جَانِبِ الصَّحْرَاءِ. وَوَقَفَ الْفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلا بَكَى1.

قَالَ خَلِيفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وسبعين، وهو أول أمير مات في بالبصرة.

1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 254".

ص: 222

تُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً.

"حرف التَّاءِ":

146-

تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ1 صَاحِبُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ، أَحَدُ الْمُتَيَّمِينَ. وَكَانَ لا يَرَى لَيْلَى إِلا مُتَبَرْقِعَةً، وَكَانَ يَشِنُّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ بَيْنَ أَرْضِ بَنِي عُقَيْلٍ وَبَيْنَ مُهْرَةَ، فَكَمَنُوا لَهُ وَقَتَلُوهُ، فَرَثَتْهُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ بِأَبْيَاتٍ.

وَمِنْ شِعْرِه قَوْلُهُ:

فَإِنْ تَمْنَعُوا لَيْلَى وَحُسْنَ حَدِيثِهَا

فَلَنْ تَمْنَعُوا مِنِّي الْبُكَا وَالْقَوَافِيَا

فَهَلا مَنَعْتُمْ إِذْ مَنَعْتُمْ كَلَامَهَا

خَيَالا يُمْسِينَا عَلَى النَّأْيِ هَادِيَا

لَعَمْرِي لَقَدْ أَسْهَرْتِنِي يَا حمامة ال

عقيق وَقَدْ أَبْكَيْتِ مَنْ كَانَ بَاكِيَا

ذَكَرْتُكِ بِالْغَوْرِ التِّهَامِيِّ فَأَصْعَدَتْ

شُجُونَ الْهَوَى حَتَّى بَلَغْنَ التَّرَاقِيَا

وَلَهُ شِعْرٌ سَائِرٌ جَيِّدٌ.

ذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ تَقْرِيبًا فِي حُدُودِ سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ.

"حرف الثَّاءِ":

147-

ثَابِتَ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ2 -ع، أبو زيد الأنصاري الأشهلي.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ لَهُ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ نَحْوُهَا عِنْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رَوَى عَنْهُ أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ فِي الْحَلِفِ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلامِ.

وَفِي الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادٍ نازل.

1 انظر: الشعر والشعراء "ص/ 360"، أمالي القالي "1/ 87، 130" وغيرهما.

2 انظر: الاستيعاب "1/ 197"، أسد الغابة "1/ 225".

ص: 223

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أن ابْنَ سَعْدٍ غَلَطَ فِي عُمْرِهِ كَمَا تَرَى.

"حرف الْجِيمِ":

148-

جَابِرُ بن عبد الله1 –ع- بن عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ أَبُو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَنُو سَلَمَةَ بَطْنٌ مِنَ الْخَزْرَجِ.

رَوَى الْكَثِيرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ.

وَقَدْ رَوَى عَنْ: أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، وَهِيَ تَابِعِيَّةٌ.

رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَالشَّعْبِيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ مِينَا، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.

فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الَّذِينَ أَمَدَّهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَهُوَ يُحَاصِرُ دِمَشْقَ.

قَالَ عُرْوَةُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَهِدَ الْعَقَبَةَ.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَأَرَادَ شُهُودَ بَدْرٍ، فَخَلَّفَهُ أَبُوهُ عَلَى أَخَوَاتِهِ، وَكُنَّ تِسْعًا وخلفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا مِنَ النُّقَبَاءِ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ -يَعْنِي الْجُعْفِيَّ- عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَأَخْرَجَنِي خَالِي وَأَنَا لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْمِي الْحَجَرَ2.

وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَمَلَنِي خَالِي الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ فِي السَّبْعِينَ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ من الأنصار، فخرج إلينا ومعه العباس.

1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 574"، وأسد الغابة "1/ 256"، السير "3/ 189".

2 حديث ضعيف: أخرجه الطبراني "1741" فيه جابر الجعفي من الضعفاء.

ص: 224

وذكر البخاري، عن عمرو، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ شَهِدَ الْعَقَبَةَ.

وَفِي مُسْنَدِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْتَحُ لِأَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ1.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا وَهْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

قُلْتُ: صَدَقَ، فَإِنَّ زَكَرِيَّا بْنَ إِسْحَاقَ رَوَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا وَلا أُحُدًا، مَنَعَنِي أَبِي فَلَمَّا قُتِلَ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ2.

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْنَا بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ سَبْعُونَ رَجُلا، فَوَالَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْعَبَّاسُ يُمْسِكُ بِيَدِهِ.

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقْولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ"3.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ: ثَنَا لَيْثُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي:"هَلْ تَزَوَّجْتَ"؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: "بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ"؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ قَالَ: "فَهَلا بِكْرًا تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ"؟، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهَا وَإِنَّهَا، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ لِتَقُومَ عَلَى أَخَوَاتِي، قَالَ:"أَصَبْتَ أَرْشَدَكَ اللَّهُ"4.

وَبِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتَغْفَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْبَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً5.

صححه الترمذي.

1 حديث ضعيف: أخرجه البخاري في تاريخه "2/ 207"، والحاكم "3/ 565"، فيه عنعنة الأعمش، وهو من المدلسين.

2 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1813".

3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 341"، ومسلم "1856".

4 حديث صحيح مختصرًا: وبلفظه أخرجه ابن عساكر "تهذيب تاريخ دمشق 3/ 390".

5 حديث صحيح: أخرجه الترمذي "3852".

ص: 225

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَصْعَدُ ثِنَّيةَ الْمُرَارِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ"، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَتَتَابَعَ النَّاسُ، فَقَالَ:"كلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ"، فَقُلْنَا: تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ1.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَنِي لا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ2.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَلَقَةً فِي الْمَسْجِدِ يُؤْخَذُ عَنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى الحجاج: فلما سَلَّمْتُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِنَّ جَابِرًا كُفَّ بَصَرُهُ3.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ أُبَيِّ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنا بمنى، فجعلنا نخب جَابِرًا بِمَا نَرَى مِنْ إِظْهَارِ قُطْفِ الْخَزِّ وَالْوَشْيِ، يَعْنِي السُّلْطَانَ وَمَا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ: لَيْتَ سَمْعِي قَدْ ذَهَبَ كَمَا ذَهَبَ بَصَرِي حَتَّى لا أَسْمَعَ مِنْ حَدِيثِهِمْ شَيْئًا وَلا أُبْصِرُهُ4.

وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ جَابِرًا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا حَجَّ، فَرَحَّبَ بِهِ، فَكَلَّمَهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَصِلَ رِحَابَهُمْ، فَلَمَّا خرج في أَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَبِلَهَا5.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ: ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: هَلَكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَحَضَرْنَا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَرِيرُهُ مِنْ حُجْرَتِهِ إِذَا حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ، فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ إِلا خَرَجَ فَخَرَجَ، وَجَاءَ الْحَجَّاجُ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى وُضِعَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْقَبْرِ، فَإِذَا حسن بن

1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2880".

2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 56"، وأحمد "3/ 298".

3 السير "3/ 193".

4، 5 خبر ضعيف فيه الواقدي. السير "3/ 193".

ص: 226

حَسَنٍ قَدْ نَزَلَ فِي الْقَبْرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ فَأَبَى، فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ بالله، فخرج، فاقتحم الحجاج الحفر حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ1.

هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، فَإِنَّ جَابِرًا تُوُفِّيَ وَالْحَجَّاجُ عَلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ.

قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ أَرْبَعًا وتسعين سنة.

149-

جبير بن نفير2 –م 4- بن مَالِكِ بْنِ عَامِرٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَضْرَمِيُّ الحمصي.

أَدْرَكَ زَمَانَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَمَاعَةٍ.

وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَآخَرُونَ.

قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: اسْتَقْبَلْتُ الْإِسْلَامَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَرَى فِي النَّاسِ صَالِحًا وَطَالِحًا3.

وَكَانَ جُبَيْرُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ.

قَالَ بَقِيَّةُ. ثنا عَلِيُّ بْنُ زُبَيْدٍ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ سُمَيٍّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ قَدْ نَشَرَ فِي مِصْرِي حَدِيثًا، فَقَدْ تَرَكُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى جُبَيْرٍ، فَجَاءَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيدَ، فَعَرَفَ بَعْضَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لأَضْرِبَنَّكَ ضَرْبًا أَدَعُكَ لِمَنْ بعدك نكالًا، وقال: يَا مُعَاوِيَةُ، لا تَطْغَ فِيَّ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْكَسَرَ عِمَادُهَا، وَانْخَسَفَتْ أَوْتَادُهَا، وَأَحَبَّهَا أَصْحَابُهَا، قَالَ: فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخَذَ بِيَدِ جُبَيْرٍ وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ جُبَيْرٌ لَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَلَوْ شَاءَ جُبَيْرٌ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّ مَا سَمِعَهُ مِنِّي لَفَعَلَ4.

1 خبر منكر: أخرجه الطبراني "1788" في الكبير، وانظر: المجمع "3/ 31".

2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 440"، الاستيعاب "1/ 234"، أسد الغابة "1/ 272".

3 الطبقات الكبرى "3/ 145"، "7/ 240".

4 السير "4/ 77".

ص: 227

هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، جُبَيْرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، بَلْ كَانَ شَابًّا لَمْ يُؤْخَذْ عَنْهُ بَعْدُ، وَأُخْرَى فَيَزِيدُ كَانَ صَغِيرًا بِمَرَّةٍ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَعَلَّ بَعْضَهُ قَدْ جَرَى.

وَقَدْ رَوَى جُبَيْرٌ أَيْضًا، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: تُوُفِّيَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

150-

جنادة بن أبي أمية1 –خ- الأزدي الدوسي، وَاسْمُ أَبِيهِ كَبِيرٌ، وَلَهُ صُحْبَةٌ.

رَوَى جُنَادَةُ عَنْ: مُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبُسْرِ بْنِ أَرْطَأَةَ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سُلَيْمَانُ وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُجَاهِدُ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالصُّنَابِحِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَقَيْسُ بْنُ هَانِئٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، وَآخَرُونَ.

وَوَلَّى الْبَحْرَ لِمُعَاوِيَةَ، وَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَقَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بن نعيم، وَقِيلَ لَهُ: جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ لَهُ صُحْبَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامت؟ قال: هو هو.

وعده ابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، وَطَائِفَةٌ فِي تَابِعِي أَهْلِ الشَّامِ، وَهُوَ الْحَقُّ.

وَلَهُ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ صَحَّ فَيَكُونُ مُرْسَلا.

قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثمانين.

قال الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.

وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: تُوُفِّيَ سنة سبع وسبعين.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 439"، والاستيعاب "1/ 242"، والسير "4/ 62، 63".

ص: 228

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ.

151-

جُهَيْمٌ الْعَنَزِيُّ1:

عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَسَعْدٍ.

وَعَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقِيلَ: اسْمُهُ جَهْمٌ.

"حرف الْحَاءِ":

152-

الْحَارِثُ بْنُ الأَزْمُعِ الْعَبْدِيُّ، وَيُقَالُ: الْوَادِعِيُّ2.

عَنْ: عُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السبيعي.

قال أَبُو حَاتِمٍ.

153-

الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَذَّابُ3 الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ بِالشَّامِ. دِمَشْقِيُّ، يُقَالُ: إِنَّهُ مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ.

فَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ الْحَارِثُ الْكَذَّابُ دِمَشْقِيًّا، وَكَانَ مَوْلَى لِأَبِي الْجُلاسِ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ بِالْحُولَةِ. وَكَانَ مُتَعَبِّدًا زَاهِدًا لَوْ لَبِسَ جُبَّةً مِنْ ذَهَبٍ لَرُؤيَتْ عَلَيْهِ زُهَادَةٌ، وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ إِلَى كَلامِ أَحْسَنَ مِنْ كَلامِهِ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ بِالْحُولَةِ: يَا أَبَتَاهُ أَعْجِلْ عَلَيَّ، فَقَدْ رَأَيْتَ أَشْيَاءَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْطَانُ قَدْ عَرَضَ لِي، قَالَ: فَزَادَهُ أَبُوهُ غَيًّا فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَقْبِلْ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: فِي الشَّيَاطِينِ: {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 222] وَلَسْتَ بِأَفَّاكٍ وَلا أَثِيمٍ.

وَكَانَ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِ المسجد رجل فيذاكره أمره، ويأخذ عليهم العهد والميثاق

1 انظر: التاريخ الكبير "2/ 251"، الجرح والتعديل "2/ 540".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 119"، والاستيعاب "1/ 288".

3 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "3/ 445"، ولسان الميزان "2/ 151".

ص: 229

إِنْ رَأَى مَا يَرْضَى قَبِلَ، وَإِلا كَتَمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُرِيهُمُ الْأَعَاجِيبَ، يَأْتِي رُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَيَنْقُرُهَا بِيَدِهِ فَتُسَبِّحُ، وَيُطْعِمُهُمْ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، وَيَقُولُ: اخْرُجُوا حَتَّى أُرِيَكُمُ الْمَلائِكَةَ، فَيُخْرِجُهُمْ إِلَى دَيْرِ مُرَّانَ فَيُرِيهِمْ رِجَالا عَلَى خَيْلٍ. فَتَبِعَهُ بَشَرٌ، كَثِيرٌ، وَفَشَا الأَمْرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَثُرَ أَصْحَابُهُ، فَوَصَلَ الأَمْرُ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: فَعَرَضَ عَلَى الْقَاسِمِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي نَبِيٌّ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَلا عَهْدَ لَكَ عِنْدِي، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ إِذْ لَمْ تَلِنْ حَتَّى تَأْخُذَهُ، الآنَ يَفِرُّ، قَالَ: وَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَعْلَمَهُ بِالأَمْرِ، وَطُلِبَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَخَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَنَزَلَ الصِّنَّبْرَةَ وَاتَّهَمَ عَامَّةَ عَسْكَرِهِ بِالْحَارِثِ أَنْ يَكُونُوا يَرَوْنَ رَأْيَهُ.

وَأَتَى الْحَارِثُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُخْتَفِيًا، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَخْرُجُونَ يَلْتَمِسُونَ الرِّجَالَ يُدْخِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةَ قَدْ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ، فَسَمِعَ الْبَصْرِيُّ كَلامًا حَسَنًا، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ كَلامَكَ حَسَنٌ، وَلَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ كَلامَهُ، فَقَالَ: قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي كَلامُكَ، وَقَدْ آمَنْتُ بِكَ، هَذَا الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ، فَأَمَرَ أَنْ لا يُحْجَبَ، فَأَقْبَلَ الْبَصْرِيُّ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ وَيَعْرِفُ مَدَاخِلَهُ وَحِيَلَه وَأَيْنَ يَهْرُبُ، حَتَّى اخْتَصَّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِي، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى الْبَصْرَةِ أَكُونُ دَاعِيًا لَكَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَأَسْرَعَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ بِالصِّنَّبَرَةِ1، ثُمَّ صَاحَ: النَّصِيحَةَ النَّصِيحَةَ، فَأُدْخِلَ وَأُخْلِيَ، فَقَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: الْحَارِثُ، فَلَمَّا ذكر الحارث طَرَحَ نَفْسَهُ مِنْ سَرِيرِهِ وَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَصَّ شَأْنَهُ، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُهُ، وَأَنْتَ أَمِيرُ بَيْتِ المقدس، وأمير ما ههنا، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: ابْعَثْ مَعِي أَقْوَامًا لا يَفْقَهُونَ الْكَلامَ، فَأَمَرَ أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَرْغَانَةَ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا مَعَ هَذَا فَأَطِيعُوهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: إِنَّ فُلانًا أَمِيرٌ عَلَيْكَ فَأَطِعْهُ، فَلَمَّا قَدِمَ أَعْطَاهُ الْكِتَابَ فَقَالَ: مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَالَ: اجْمَعْ لِي إِنْ قَدِرْتَ كُلَّ شَمْعَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَادْفَعْ كُلَّ شَمْعَةٍ إِلَى رَجُلٍ، وَرَتِّبْهُمْ عَلَى أَزِقَّةِ الْبَلَدِ، فَإِذَا قُلْتُ: أَسْرِجُوا، فَأَسْرِجُوا جَمِيعًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ الْبَصْرِيُّ وَحْدَهُ إِلَى مَنْزِلِ الْحَارِثِ، فَأَتَى الْبَابَ، فَقَالَ لِلْحَاجِبِ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ، فَقَالَ: فِي هَذِهِ السَّاعَةِ مَا نُؤْذِنُ عَلَيْهِ حَتَّى نُصْبِحَ، قَالَ: أَعْلِمْهُ أَنِّي إِنَّمَا رَجَعْتُ شَوْقًا إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ، فدخل فأعلمه كلامه وأمره، قال:

1 اسم مكان في الأردن، وبين بحيرة طبرية ثلاثة أميال.

ص: 230

فَفَتَحَ الْبَابَ، ثُمَّ صَاحَ الْبَصْرِيُّ أَسْرِجُوا، فَأُسْرِجَتِ الشُّمُوعُ حَتَّى كَأَنَّهُ النَّهارُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ فَاضْبِطُوهُ، وَدَخَلَ كَمَا هُوَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَعْرِفُهُ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ لا يَجِدُهُ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: هَيْهَاتَ، تُرِيدُونَ أَنْ تَقْتُلُوا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَطَلَبَهُ فِي شَقٍّ كَانَ قَدْ هيأه سَرَبًا، قَالَ: فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الشَّقِّ، فَإِذَا بِثَوْبِهِ فَاجْتَرَّهُ فَأَخْرَجَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْفَرْغَانِيِّينَ: ارْبُطُوا، فَرَبَطُوهُ، قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ به إذ قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28] . الآيَةَ. فَقَالَ أَهْلُ فَرْغَانَةَ: هَذَا كُرْآنَنَا فَهَاتِ كُرْآنَكَ، فَسَارَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِخَشَبَةٍ فَنُصِبَتْ، وَصَلَبَهُ، وَأَمَرَ رَجُلا بِحَرْبَةٍ فَطعَنَهُ، فَأَصَابَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلاعِهِ، فَكَفَّتِ الْحَرْبَةُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَصِيحُونَ: الأَنْبِيَاءُ لا يَجُوزُ فِيهِمُ السِّلاحُ.

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَنَاوَلَ الْحَرْبَةَ وَمَشَى إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ1.

قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فقال: لو حضرت مَا أَمَرْتُكَ بِقَتْلِهِ، قَالَ: وَلِمَ؟! قَالَ: كَانَ بِهِ الْمُذْهبُ، فَلَوْ جَوَّعْتَهُ ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ.

قَالَ الْوَلِيدُ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ خَالِدَ بْنَ اللَّجْلاجِ يَقُولُ لِغَيْلانَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلانُ، أَلَمْ نَأْخُذْكَ فِي شَبِيبَتِكَ تُرَامِي النِّسَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتُّفَّاحِ، ثُمَّ صِرْتَ حَارِثِيًّا تَحْجُبُ امْرَأَتَهُ، وَتَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ صِرْتَ قَدَرِيًّا زِنْدِيقًا؟.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عَامِرٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ الْقَاسِمُ بْنَ مُخَيْمِرَةَ عَلَى أَبِي إِدْرِيسَ فَقَالَ: إِنَّ حَارِثًا لَقِيَنِي فَأَخَذَ عَهْدِي لأَسْمَعَنَّ مِنْهُ، فَإِنْ قَبِلْتَهُ قَبِلْتَهُ وَإِنْ سخطته كتمت علي. فزعم أن رَسُولُ اللَّهِ، قُلْتُ: إِنَّهُ أَحَدُ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثين دَجَّالا، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَهُوَ أَحَدُهُمْ، فَارْفَعْ شَأْنَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ أَبُو إِدْرِيسَ: أَسَأْتَ، لَوْ أَدْنَيْتَهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَأْخُذَهُ، قَالَ: وَرَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَطَلَبَهُ وَتَغَيَّبَ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فَصَلَبَهُ، فَحَدَّثَنِي مِنْ سَمِعَ عُتْبَةَ الأَعْوَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: مَا غَبَطْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بِشَيْءٍ مِنْ وِلَايَتِهِ إِلا بِقَتْلِهِ حَارِثًا.

وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ الْحَارِثُ أَتَاهُ مَكْحُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وجَعَلا لَهُ الأَمَانَ، وسألاه عن أمره، فأخبرهما، فكذبا وردا

1 إسناده ضعيف: فيه عنعنة ابن مسلم، وهو من الضعفاء.

ص: 231

عَلَيْهِ، وَقَالا: لا أَمَانَ لَكَ، ثُمَّ أَتِيَا عَبْدَ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَاهُ، قَالَ: وَهَرَبَ الْحَارِثُ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ حَتَّى أُتِيَ بِهِ فَقَتَلَهُ1.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ الْعُرْضِيُّ: ثنا شَيْخ يُكَنَّى أَبَا الرَّبِيعِ، وَقَدْ أَدْرَكَ نَاسًا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الْحَارِثُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ، وَجُعِلَتْ فِي عُنُقِهِ جَامِعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَتَلا:{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: 50] قَالَ: فَتَقَلْقَلَتِ الْجَامِعَةُ ثُمَّ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَرَقَبَتِهِ إِلَى الأرض، فوثب إلي الْحَرَسُ فَأَعَادُوهَا، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةٍ أُخْرَى قَرَأَ آيَةً أُخْرَى، فَسَقَطَتْ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَدِهِ، فأعادوها عليه، فلما تقدموا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ حَبَسَهُ، وَأَمَرَ رِجَالا كَانُوا معه فِي السِّجْنِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ أَنْ يَعِظُوهُ وَيُخُوِّفُوهُ بِاللَّهِ، وَيُعَلِّمُوهُ أَنَّ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ، فَأَمَرَ به فصلب، وطعنه رجل بحربة، فانثت الْحَرْبَةُ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا يَنْبَغِي لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يُقْتَلَ، ثُمَّ أَتَاه حَرَسِيٌّ بِرُمْحٍ فَطَعَنَهُ بَيْنَ ضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ، ثُمَّ هَزَّهُ فَأَنْفَذَهُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ وَلا اثْنَيْنِ يَقُولُونَ: إِنَّ الَّذِي طَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ فَانْثَنَتْ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: أذَكَرْتَ اللَّهَ حِينَ طَعَنْتَهُ؟ قَالَ: نَسِيتُ، أَوْ قَالَ: لا، قَالَ: فَاذْكُرِ اللَّهَ ثُمَّ اطْعَنَهُ، قَالَ: فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهَا2.

قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ.

154-

الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْد –ع- التيمي الكوفي3.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ.

وَكَانَ كَبِيرُ الْقَدْرِ، رَفِيعًا، ثِقَةً نَبِيلًا.

رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنِ عُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُمَا.

كُنْيَتَهُ أَبُو عَائِشَةَ.

155-

حَبَّةُ بْنُ جوين العرني الكوفي4، أبو قدامة.

1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 445".

2 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 448".

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 167"، والاستيعاب "1/ 300"، والسير "4/ 156".

4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 177"، وأسد الغابة "1/ 367".

ص: 232

رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ.

وعنه: مسلم الملائي، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتبة.

وكان من شيعة علي، شهد معه النهروان.

ضعفه يحيى بن معين.

وقال النسائي: ليس بالقويّ.

قَالَ ابْن سعد: توفي سنة ست وسبعين.

وهو ضعيف له أحاديث.

156-

حسان بن كريب الرعيني1، أبو كريب مصري، شهد فتح مصر. وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ.

وَعَنْهُ: مَرْثَدُ الْيَزَنِيُّ، وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ، وَآخَرُونَ.

رَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْهُ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْقَائِلُ الْفَاحِشَةَ وَالَّذِي سَمِعَ فِي الإِثْمِ سَوَاءٌ.

قَالَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ"، عَنْ أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ.

157-

حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ2 مِنْ أُمَرَاءِ عَرَبِ الشَّامِ، يُقَالُ: إِنَّهُ ابْنُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ.

رَوَى عَنْ عُمَرَ.

وَلاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ غَزْوَ الْمَغْرِبِ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ.

رَوَى عَنْهُ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَبُو قَبِيلٍ حَيُّ بْنُ يُؤْمِنَ.

وَكَانَ غَازِيًا مجاهدًا، وكان له بدمشق دار.

1 انظر: الجرح والتعديل "3/ 234"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 147".

2 انظر: السير "4/ 140"، شذرات الذهب "1/ 88".

ص: 233

قَالَ خَلِيفَةُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ: وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَصَالَحَهُ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ.

وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ قَفَلَ حَسَّانُ مِنَ الْقَيْرَوَانِ وَاسْتَخْلَفَ سُفْيَانَ بن ملك الثقفي وقد عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَرَدَّهُ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ، وَزَادَهُ أَطْرَابُلُسَ.

وَفِي سَنَةِ ثَمَانِينَ غَزَا حَسَّانُ بِأَهْلِ الشَّامِ الْبَحْرَ.

وَقِيلَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ أَغْزَى عَبْدُ الْمَلِكِ حَسَّانَ بْنَ النُّعْمَانِ الْمَغْرِبَ، فَبَلَغَ الْقَيْرَوَانَ، فَبَعَثَتِ الْكَاهِنَةُ ابْنَهَا، فَطَلَبَ حَسَّانَ، فَهَزَمَهُ وَحَصَرَهُ حَتَّى أَكَلُوا الدَّوَابَّ، ثُمَّ حَمَلَ حسَّانُ وَالْمُسْلِمُونَ فَأَفْرَجُوا لَهُمْ، وَنَزَلَ الْعَسْكَرُ بِقُصُورِ حَسَّانٍ. وَكَتَبَ حَسَّانُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ، فَسَارَ إِلَى الكاهن، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ. ثُمَّ قُتِلَتِ الْكَاهِنَةُ وَابْنُهَا. وَافْتَتَحَ حَسَّانُ عِدَّةَ حُصُونٍ، وَصَالَحَ أَهْلَ إِفْرِيقِيَةَ وَالْبَرْبَرَ، وَافْتَتَحَ فَاسَ وَمَصَّرَ الْقَيْرَوَانَ.

قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ بِأَرْضِ الرُّومِ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

158-

حَارِثَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ -4- الْعَبْدِيُّ الْكُوفِيُّ1.

عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانَ.

وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حسن الحديث.

159-

حارثة بن وهب –ع- الخزاعي2، أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأُمِّهِ، وَأُمُّهُمَا أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتِ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيَّةُ.

لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ.

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ حَفْصَةَ عَمَّةِ أَخِيهِ.

وَعَنْهُ: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ.

160-

حِطَّانُ بن عبد الله –م 4- الرقاشي3. البصري. ثقة مشهور.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 86" وأسد الغابة "1/ 358".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 26" وأسد الغابة "1/ 359".

3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 128"، التاريخ الكبير "3/ 118".

ص: 234

رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةُ.

وَعَنْهُ: أَبُو مِجْلَزٍ لاحِقٌ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي مُوسَى.

قَرَأَ عَلَيْهِ: الْحَسَنُ.

وَثَّقَةُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ.

161-

حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ1 –ع- مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ.

كَانَ لِلْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ عُثْمَانُ رضي الله عنهم وَأَعْتَقَهُ.

سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَابْنِ عمر، ومعاوية.

روى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَجَامِعُ بْنُ رَاشِدٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَآخَرُونَ.

وَكَانَتْ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ.

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَإِذَا أَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ.

وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانٍ مَدَّ رِجْلَهُ، فَابْتَدَرُه مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ لِكَيْ يغمزانه، وَكَانَ الْحَجَّاجُ قَدْ أَغْرَمَ حُمْرَانَ مِائَةَ أَلْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ حُمْرَانَ أَخُو مَنْ مَضَى وَعَمُّ مَنْ بَقِيَ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ، فَدَعَا بِحُمْرَانَ، فَقَالَ: كَمْ أغْرَمْنَاكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ مَعَ غِلْمَانٍ، فَقَالَ: هِيَ لَكَ مَعَ الْغِلْمَانِ. وَقَسَّمَهَا حُمْرَانُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَأَعْتَقَ الْغِلْمَانَ2.

وَإِنَّمَا أَغْرَمَهُ الْحَجَّاجُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِي بَعْضَ نَيْسَابُورَ.

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يَأْذَنُ عَلَيْهِ مَوْلاهُ حُمْرَانَ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: ثنا اللَّيْثُ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى شَكَاةً، فخاف فأوصى،

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 148"، السير "4/ 182"، البداية "9/ 12".

2 خبر ضعيف: فيه جهالة أحد الرواة. انظر تهذيب تاريخ دمشق "4/ 439".

ص: 235

وَاسْتَخْلَفَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ كِتَابَهُ حمران، فاستكتمه وعوفي، فقدم عَبْد الرَّحْمَن، فلقيه حمران فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِيشْ فَعَلْتَ لا بُدَّ أَنْ أُخْبِرَهُ، قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ يُهْلِكُنِي.

فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسَعُنِي فَأَتْرُكُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَأْمَنَكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَلَكِنْ لا أَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَأْمِنُهُ لَكَ فَأَخْبَرَهُ، فَدَعَا بِهِ عُثْمَانُ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ جَلَدْتُكَ مِائَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ عَنِّي، فَاخْتَارَ الْخُرُوجَ، فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةِ1.

وَقَالَ خَلِيفَةُ. مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وسبعين.

162-

حفصة بنت عبد الرحمن –م د ت ق- بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ2. عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي قحافة التيمي.

رَوَتْ عَنْ: أَبِيهَا، وَعَمَّتِهَا عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ.

روى عَنْهَا: عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَيُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ.

163-

حَنْظَلَةُ أَبُو خَلَدَةَ بَصْرِيُّ3 قَدِيمٌ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ.

وعنه: سوادة بن أبي الأسود، وجويرية بن بشير، وأبو ثمامة محمد بن مسلم.

ذكره ابن أبي حاتم، وغيره.

164-

حيان بن حصين4 أبو الهياج الأسدي والد منصور.

سمع: عليا، وعمارا.

وعنه: أبو وائل، وعامر الشعبي، وابنه جرير.

1 خبر ضعيف: فيه انقطاع.

2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 468"، التهذيب "12/ 410".

3 انظر: التاريخ الكبير "3/ 42"، الجرح والتعديل "3/ 240".

4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 223"، والجرح والتعديل "3/ 243"، والتهذيب "3/ 67".

ص: 236

"حرف الخاء":

165-

خرشة بن الحر –ع- الكوفي1.

كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عُمَرَ، وَأُخْتُهُ سَلامَةُ لَهَا صُحْبَةٌ.

يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ.

وعنه: ربعي بن خراش، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، والمسيب بن رافع، وسليمان بن مسهر، وآخرون.

توفي سنة أربع وسبعين.

"حرف الراء":

166-

رافع بن خديج2 بن رافع بن عدي –ع- بن يزيد الأنصاري الخزرجي.

شهد أحد وَالْخَنْدَقَ، وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ.

وَيُقَالُ: أَصَابَهُ سَهْمٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَنَزَعَهُ وَبَقِيَ النصل إِلَى أن مَاتَ. وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَشْهَدُ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"3.

وَشَهِدَ رَافِعٌ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، وَلَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أحاديث.

روى عنه: بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ، وَحْنَظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ الزُّرَقِيُّ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعٌ، وَابْنُهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ، وَحَفِيدُهُ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، وَآخَرُونَ.

شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَخَذَ بِعَمُودَيْ جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ السَّرِيرِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ، وَقَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ يعذب ببكاء الحي4.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 147"، والاستيعاب "1/ 439"، والإصابة "1/ 423".

2 انظر: الاستيعاب "1/ 495"، وأسد الغابة "2/ 151"، والإصابة:1/ 495".

3 حديث حسن: أخرجه أحمد "6/ 378"، والطبراني "4/ 282"، والحاكم "3/ 561".

4 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 562".

ص: 237

تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، وَعَاشَ سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً، رحمه الله تعالى.

وَكَانَ يَتَعَانَى الْمَزَارِعَ وَيَفْلَحُهَا.

قَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ -وَهُوَ ثِقَةٌ: ثنا بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَنِسْوَةُ يَبْكِينَ وَيُوَلْوِلْنَ عَلَى رَافِعٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَافِعًا شَيْخٌ كَبِيرٌ لا طَاقَةَ لَهُ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْمَيِّتُ يُعذَّبُ ببكاء أهله عليه"1.

167-

الربيع بنت معوذ –ع- بن عفراء الأنصارية2 النجارية.

لَهَا صُحْبَةٌ، دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَبِيحَةَ بَنَى بِهَا.

رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، وَطَالَ عُمْرُهَا.

رَوَى عَنْهَا: خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَعُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بن االصامت، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَنَافِعٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل، وآخرون.

168-

ربيعة بن عبد الله –خ د- بن الهدير القرشي3 التيمي عَمُّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيُ، وَغَيْرُهُمْ.

وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ أَوْ بَعْدَهَا.

1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 127"، ومسلم "928"، وبلفظه أخرجه الطبراني "4244" في الكبير.

2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 447"، والاستيعاب "4/ 308"، والسير "3/ 516".

3 انظر الطبقات الكبرى "5/ 27"، وأسد الغابة "2/ 170"، والسير "3/ 516".

ص: 238

"حرف الزَّايِ":

169-

زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ معاز1، أَبُو الْهُذَيْلِ الْكِلابِيُّ. مِنْ أُمَرَاءِ الْعَرَبِ.

سَمِعَ: عَائِشَةَ، وَمُعَاوِيَةَ.

رَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَغَيْرُهُ.

سَكَنَ الْبَصْرَةَ، ثُمَّ الشَّامَ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى أَهْلِ قِنَّسْرِينَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَشَهِدَ يَوْمَ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَهَرَبَ فَتَحَصَّنَ بِقَرْقِيسِيَاءَ.

وَلَهُ شِعْرٌ.

تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ.

170-

زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ الْمِصْرِيُّ2.

شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ.

قَتَلَتْهُ الرُّومُ بِبَرْقَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصريح أَتَاهُمْ بِمِصْرَ أن الرُّومَ نَزَلُوا عَلَى بَرْقَةَ، فَأَمَرَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ بِالنُّهُوضِ، وَكَانَ وَاجِدًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَاتَلَهُ بِنَاحِيَةِ أَيْلَةَ، إِذْ دَخَلَ مَرْوَانُ مِصْرَ، وَسَيَّرَ ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ إِلَى مِصْرَ عَلَى طَرِيقِ أَيْلَةَ، فَخَرَجَ زُهَيْرٌ عَلَى الْبَرِيدِ مُغَاضِبًا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا، فَلَقِيَ الرُّومَ فَأَرَادَ أن يَكُفَّ حَتَّى يَلْحَقَهُ النَّاسُ، فَقَالَ فَتًى مَعَهُ: جَبُنْتَ أَبَا شَدَّادٍ: فَقَالَ: قَتَلْتَنَا فَقَتَلْتَ نَفْسَكَ، ثُمَّ لاقَى الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ.

لَهُ حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، مَجْهُولٌ.

171-

زِيَادُ بْنُ حُدَيْرٍ أَبُو الْمُغِيرَةَ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ3.

سَمِعَ: عَلِيًّا، وَعُمَرَ.

وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَحَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ.

قَالَ أبو حاتم: ثقة.

1 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 379"، تاريخ الطبري "5/ 531، 535".

2 انظر: تهذيب تاريخ دمشق "5/ 396"، والإصابة "1/ 555".

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 130"، والإصابة "1/ 580".

ص: 239

وَقَالَ حَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ: يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرحمن.

172-

زيد بن خالد الجهني1 –ع.

أبو عبد الرحمن، وَيُقَالُ: أَبُو طَلْحَةَ.

صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ بَعْدَ الْمَدِينَةِ.

وَحَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَأَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٍ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَجَمَاعَةٌ.

تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِيمَا قِيلَ وَلَمْ أَرَ لِلْكُوفِيِّينَ عَنْهُ رِوَايَةً. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ.

173-

زَيْنَبُ بِنْتُ أبي سلمة2 –ع- عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومية، رَبِيبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأُخْتُ عُمَرَ، وَلَدَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ بِالْحَبَشَةِ.

رَوَتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الأَرْبَعَةِ: أُمِّهَا، وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ.

رَوَى عَنْهَا: حُمَيْدُ بْنُ نَافِعٍ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُرْوَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَكُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَابْنُهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَآخَرُونَ.

رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ الْحَسَنَ فِي شِقِّ، وَالْحُسَيْنَ فِي شِقٍّ، وَفَاطِمَةَ فِي حِجْرِهِ فَقَالَ:{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] وَأَنَا وَأُمُّ سَلَمَةَ جَالِسَتَانِ، فَبَكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: خَصَصْتَهُمْ وَتَرَكْتَنِي وَبِنْتِي، قَالَ:"أَنْتِ وَابْنَتُكِ مِنْ أَهْلِ البيت"3.

هذا حديث جيد السند.

توفيت قريبًا من سنة أربع وسبعين.

1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 344"، والاستيعاب "1/ 558"، وأسد الغابة "2/ 228".

2 انظر: الطبقات الكبرى "8/ 461"، والاستيعاب "4/ 319"، وأسد الغابة "5/ 468".

3 حديث حسن: أخرجه الطبراني "24/ 281" في الكبير، وله شواهد.

ص: 240

"حَرْفُ السِّينِ":

174-

سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الأَزْدِيُّ الْبَارِقِيُّ1، شاعر مشهور. هرب من المختار بن أبي عُبَيْدٍ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ قَدْ هَجَاهُ. وَكَانَ مَعَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْعِرَاقِ.

وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَرِيرٍ مُهَاجَاةٌ.

وَذَكَرْنَا لَهُ بَيْتَيْنِ فِي "المختار".

سعد بن مالك هُوَ أَبُو سَعِيدٍ. يَأْتِي بِكُنْيَتِهِ.

175-

سَعِيدُ بْنُ وهب –م ن- الهمداني الخيواني الكوفي2.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ": سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ وَهْبٍ مِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لُزُومًا لِعَلِيٍّ، كَانَ يُقَالُ لَهُ: الْقُرَادُ لِلُزُومِهِ إِيَّاهُ.

أنبأ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بن وهب، وقد كان عَرِّيفَ قَوْمِهِ.

وَقَالَ يُونُسُ: وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوبًا بِالصُّفْرَةِ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. كذا قَالَ.

وَرَوَى عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ.

وَعَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.

وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.

وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ.

176-

سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ3، رَبِيبُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ابْنَ أُمِّ سَلَمَةَ، لَهُ رُؤْيَةٌ وَلا يُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: زَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أُمَامَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَقَالَ:"هَلْ جَزَيْتَ سَلَمَةَ"؟ يَقُولُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَلَمَةَ هُوَ ابْنُ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أم

1 انظر تهذيب تاريخ دمشق "6/ 71".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 170"، السير "4/ 180".

3 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 234"، والاستيعاب "2/ 87".

ص: 241

سَلَمَةَ، فرأى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ جزاه بما صنع.

ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ سَلَمَةُ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.

177-

سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ1 أَبُو سَلَمَةَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ، قَاضِي مِصْرَ وَقَاصُّهَا وَمُذَكِّرُهَا، وَكَانَ يُسَمَّى النَّاسِكُ لِشِدَّةِ عِبَادَتِهِ.

حَضَرَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ.

وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأُمِّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ.

رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو قَبِيلٍ، وَمِشْرَحُ بْنُ عَاهَانَ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَابْنُ عَمِّهِ الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ.

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَكَانَ سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ يَقُصُّ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا قَالَ: وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاثَ خَتْمَاتٍ، وَيَأْتِي امْرَأَتَهُ وَيَغْتَسِلُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَأَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ: رَحِمَكَ اللَّهُ، لَقَدْ كُنْتُ تُرْضِي رَبَّكَ وَتُرْضِي أَهْلَكَ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُجَيْرَةَ قَالَ: اخْتُصِمَ إِلَى سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ فِي مِيرَاثٍ، فَقَضَى بَيْنَ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ تَنَاكَرُوا فَعَادُوا إِلَيْهِ، فَقَضَى بَيْنَهُمْ، وَكَتَبَ كِتَابًا بِقَضَائِهِ، وَأَشْهَدَ فِيهِ شُيُوخَ الْجُنْدِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سُجِّلَ لِقَضَائِهِ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ سُلَيْمَ بْنَ عِتْرٍ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عِتْرٍ قَالَ: لَمَّا قَفَلْتُ مِنَ الْبَحْرِ تَعَبَّدْتُ في غار بالإسكندرية سَبْعَةَ أَيَّامٍ، مَا أَكَلْتُ وَلا شَرِبْتُ وَلَوْلا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ أَضْعُفَ لَزِدْتُ.

وَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ كَرِهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بَيْعَتَهُ، وَكَانَ مَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ بالإسكندرية، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَسْلَمَةُ كُرَيْبَ بْنَ أَبْرَهَةَ، وَعَابِسَ بْنَ سَعِيدٍ، وَمَعَهُمَا سُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاصُّ أَهْلِ الشَّامِ وَقَاضِيهِمْ، فَوَعَظُوا عَبْدَ اللَّهِ فِي بَيْعَةِ يَزِيدَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَنَا أَعْلَمُ بِأَمْرِ يَزِيدَ مِنْكُمْ، وَأَنَا لأَوَّلُ النَّاسِ أَخْبَرَ بِهِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ سَيُسْتَخْلَفُ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أن يلي هو بيعتي.

1 انظر: تاريخ الطبري "4/ 125"، السير "4/ 131".

ص: 242

وَقَالَ لِكُرَيْبٍ: أَتَدْرِي مَا مَثَلُكَ يَا كُرَيْبُ كَقَصْرٍ فِي صَحَرَاءَ غَشِيَهُ النَّاسُ، قَدْ أَصَابَهُمُ الْحَرُّ، فَدَخَلُوا يَسْتَظِلُّونَ فِيهِ، فَإِذَا هُوَ مَلْآنُ مِنْ مَجَالِسِ النَّاسِ وَإِنَّ صَوْتَكَ فِي الْعَرَبِ كُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَلَيْسَ عِنْدَكَ شَيْءٌ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَابِسُ، فَبِعْتَ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا سُلَيْمُ كُنْتَ قَاصًّا، فَكَانَ مَعَكَ مَلَكَانِ يُعِينَانِكَ وَيُذَكِّرَانِكَ، ثُمَّ صِرْتَ قَاضِيًا وَمَعَكَ شَيْطَانَانِ يُزِيغَانِكَ وَيَفْتِنَانِكَ1.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ بِدِمْيَاطَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ.

178-

سَفِينَةُ مَوْلَى2 رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم م 4- أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانَ عَبْدًا لأُمِّ سَلَمَةَ فَأَعْتَقَتْهُ، وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أن يَخْدُمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا عَاشَ.

لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُمَرُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَصَالِحٌ أَبُو الْخَلِيلِ، وَأَبُو رَيْحَانَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَطَرٍ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ.

وَاسْمُهُ مِهْرَانُ، وَقِيلَ: رُومَانُ، وَقِيلَ: قَيْسٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَقَدْ حَمَلَ مَرَّةً مَتَاعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم له:"ما أنت إلى سَفِينَةُ"، فَلَزِمَهُ.

وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْهُ أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ، فَانْكَسَرَ بِهِمُ الْمَرْكَبُ، فَأَلْقَاهُ الْبَحْرُ إِلَى السَّاحِلِ، فَلَقِيَ الأَسَدَ فَقَالَ لَهُ: أَنَا سَفِينَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَلَّهُ الأَسَدُ عَلَى الطَّرِيقِ3، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

179-

سَلَمَةُ بْنُ الأكْوَعِ4 –ع- هُوَ سَلَمَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سِنَانِ بْنِ عبد الله بن قشير الأسلمي المدني، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَحَدُ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.

وَالأَكْوَعُ لَقَبُ سنان.

1 إسناده ضعيف: فيه ابن لهيعة متكلم فيه.

2 انظر: الاستيعاب "2/ 129"، وأسد الغابة "2/ 324"، والسير "3/ 172".

3 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 606"، والطبراني "6432" في الكبير، وفيه انقطاع.

4 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 305"، والاستيعاب "2/ 87"، والسير "3/ 326".

ص: 243

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِيَاسٌ، وَمَوْلاهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ.

كُنْيَتُهُ: أَبُو مُسْلِمٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أَبُو إِيَاسٍ.

قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ: رَأَيْتُ أَبَا سَلَمَةَ يُصَفِّرُ لحيته.

وقال عرمة بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ شِعَارُنَا لَيْلَةَ بَيَّتْنَا هَوَازِنَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمِتْ أمِتْ، وَقَتَلْتُ بِيَدِي لَيْلَتَئِذٍ سَبْعَةَ أَهْلِ أَبْيَاتٍ1.

وَقَالَ عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَزِينٍ: أَتَيْنَا سَلَمَةَ بْنَ الأكْوَعِ بِالرَّبَذَةِ، فَأَخْرَجَ إِلَيْنَا يَدًا ضَخْمةً كَأَنَّهَا خُفُّ الْبَعِيرِ، فَقَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بِيَدِي هَذِهِ، فَأَخَذْنَا يَدَهُ فَقَبَّلْنَاهَا2.

وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: ثَنَا علي بن يزيد الأسلمي: ثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أردفي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا، وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي، مِرَارًا، وَاسْتَغْفَرَ لِي مِرَارًا، عَدَدَ مَا فِي يَدَيَّ مِنَ الأَصَابِعِ3.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ: ثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَدْوِ، فَأَذِنَ لَهُ4.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ نَجْدَةُ وَجَبَى الصَّدَقَاتِ قِيلَ لِسَلَمَةَ: أَلَا تُبَاعِدَ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أَتَبَاعَدُ وَلا أُبَايِعُهُ، قَالَ: وَدَفَعَ صَدَقَتَهُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: وَأَجَازَ الْحَجَّاجُ سَلَمَةَ بِجَائِزَةٍ فَقَبِلَهَا5.

ابْنُ عجلان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: رأيت سلمة تبن الأكوع يحفي شاربه أخي الحلق6.

1 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 46"، وأبو داود "2638"، وابن سعد "4/ 305"، وابن ماجه "2840".

2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 306".

3 حديث حسن: أخرجه الطبراني "6267"، وانظر المجمع "9/ 363".

4، 5 الطبقات الكبرى "4/ 307، 308".

6 السابق "4/ 308".

ص: 244

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وَجَابِرٌ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُحَيْنَةَ، مَعَ أَشْبَاهٍ لَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُفْتُونَ بِالْمَدِينَةِ، وَيُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَنْ لدن توفي عثمان، إلى أن توفوا1.

وَقَالَ سَلَمَةُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ.

وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ: مَا كَذَبَ أَبِي قَطُّ، رضي الله عنهم.

وَفِي الْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ خَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ إِلَى الرَّبَذَةِ وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ، وَجَاءَهُ أَوْلادٌ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا إِلَى قَبْلِ أَنْ يموت بليال، فنزل المدينة.

وقال الْوَاقِدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

وَأَوْرَدْنَا مِنْ أَخْبَارِهِ فِي "الْمَغَازِي".

180-

سُوَيْدِ بْنُ مَنْجُوفِ بْنِ ثَوْرِ2 بْنِ عُفَيْرِ السَّدُوسِيُّ الْبَصْرِيُّ.

رَأَى عَلِيًّا وَسَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ.

وَهُوَ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ.

رَوَى عَنْهُ الْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ.

قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.

"حرف الشِّينِ":

181-

شَبَثُ بْنُ رِبْعِيِّ بْنِ حُصَيْنٍ التَّمِيمِيُّ الْيَرْبُوعِيُّ3، أَحَدُ الأَشْرَافِ، كَانَ مِمَّنْ خَرَجَ عَلَى عَلِيٍّ، ثُمَّ أَنَابَ وَرَجَعَ.

قَالَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُولُ: شهدت جنازة شبث، فأقاموا

1 خبر ضعيف: فيه الواقدي.

2 انظر: الجرح والتعديل "4/ 234"، والتاريخ الكبير "4/ 143".

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 216"، الإصابة "2/ 163".

ص: 245

الْعَبِيدَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْجَوَارِي عَلَى حِدَةٍ، وَالْخَيْلَ عَلَى حِدَةٍ، وَالْجِمَالَ عَلَى حِدَةٍ، وَذَكَرَ الْأَصْنَافَ، وَرَأَيْتَهُمْ يَنُوحُونَ عَلَيْهِ يَلْتَدِمُونَ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ.

وَقَدْ رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ.

وعنه محمد بمن كعب القرظي، وسليمان التيمي.

له حديث واحد في سنن.

182-

شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ1 بْنِ نُعَيْمِ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيُّ الْخَارِجِيُّ، خَرَجَ بِالْمَوْصِلِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ خَمْسَةَ قُوَّادٍ، فَقَتَلَهُمْ واحد بَعْدَ وَاحِدٍ. ثُمَّ سَارَ إِلَى الْكُوفَةِ وَقَاتَلَ الْحَجَّاجُ وَحَاصَرَهُ، كَمَا ذَكَرْنَا.

وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ غَزَالَةُ من الشجاعة والفروسية بِالْوَضْعِ الْعَظِيمِ مِثْلَهُ، هَرَبَ الْحَجَّاجُ مِنْهَا وَمِنْهُ، فَعَيَّرَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِقَوْلِهِ:

أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الْحُرُوبِ نَعَامَةٌ

فَتَخَاءُ تَنْفِرُ مِنْ صَفِيرِ الصَّافِرِ

هَلا بَرَزْتَ إِلَى غَزَالَةَ فِي الْوَغَى

بِلْ كَانَ قَلْبُكَ فِي جَنَاحَيْ طَائِرِ

وَكَانَتْ أُمُّهُ جَهِيزَةُ تَشْهَدُ الْحُرُوبَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتُ شَبِيبًا وقد دخل الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ طَيَالِسَةٌ، عَلَيْهَا نُقَطٌ مِنْ أَثَرِ الْمَطَرِ، وَهُوَ طَوِيلٌ، أَسْمَطُ، جَعْدٌ، آدَمُ، فَبَقِيَ الْمَسْجِدُ يَرْتَجُّ لَهُ.

وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، وَغَرِقَ بِدُجَيْلٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ أُحْضِرَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ رَجُلٌ وَهُوَ عَتْبَانُ الْحَرُورِيُّ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ:

فَإِنْ يَكُ مِنْكُمْ كَانَ مَرْوَانُ وَابْنُهُ

وَعَمْرُو وَمِنْكُمْ هَاشِمٌ وَحَبِيبُ

فَمِنَّا حُصَيْنٌ وَالْبَطِينُ وَقَعْنَبٌ

وَمِنَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ شَبِيبُ

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا قُلْتُ وَمِنَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَصَبَهُ عَلَى النِّدَاءِ، فَاسْتَحْسَنَ قَوْلَهُ وَأَطْلَقَهُ.

وَجَهِيزَةُ هِيَ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا حَمَلَتْ قَالَتْ: فِي بطني

1 انظر: السير "4/ 146"، البداية "9/ 17".

ص: 246

شَيْءٌ يَنْقُزُ، فَقِيلَ: أَحْمَقُ مِنْ جَهِيزَةَ.

وَيُرْوَى عَنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحُمْقِ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ شَبَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَلادُ بْنُ يَزِيدَ الأَرْقَطُ قَالَ: كَانَ شَبِيبٌ يُنْعَى لِأُمِّهِ، فَيُقَالَ لَهَا: قُتِلَ، فَلا تَقْبَلُ، فَلَمَّا قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ غَرِقَ، قَبِلَتْ، وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ حِينَ وَلَدْتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي شِهَابُ نَارٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لا يُطْفِئُهُ إِلا الْمَاءُ.

183-

شُرَيْحُ بن الحارث1 -ن- بن قَيْسِ بْنِ الْجَهْمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَامِرٍ القاضي: أبو أمية الكندي الكوفي قَاضِيهَا.

وَيُقَالُ: شُرَيْحُ بْنُ شَرَاحِيلَ، وَيُقَالُ: ابْنُ شُرَحْبِيلَ، وَيُقَالُ: أَنَّهُ مِنْ أَوْلادِ الْفُرْسِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْيَمَنِ.

وَقَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَوَفَدَ مِنَ الْيَمَنِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَوَلَّى قَضَاءَ الْكُوفَةِ لِعُمَرَ.

وَرَوَى عَنْهُ: وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.

رَوَى عنه: الشعبي، وإبراهيم النَّخَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَمُرَّةُ الطَّيَبُ، وَتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ.

وَهُوَ مَعَ فَضْلِهِ وَجَلالَتِهِ قَلِيلُ الْحَدِيثِ. وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.

وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ شُرَيْحٌ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالإِسْلامِ، وَعِدَادِي فِي كِنْدَةَ.

وَقَالَ: كَانَ شريج شاعرا، راجزا، قائفا، وكان كوسجا.

وَقَالَ الشعبي: كَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُمْ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ عُبَيْدَةُ يُوازِيهِ فِي عِلْمِ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَى إِلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُجَاوِزْهُ، وَأَمَّا مَسْرُوقٌ، فَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ، وَأَمَّا الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ فَأَقَلُّ الْقَوْمِ عِلْمًا وَأَشَدُّهُمْ وَرَعًا.

وَقَالَ أَبُو وَائِلٌ: كَانَ شُرَيْحٌ يُقِلُّ غَشْيَانَ عَبْدَ اللَّهِ لِلاسْتِغْنَاءِ.

وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبيِّ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ ابْنَ سُوَرٍ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ، وَبَعَثَ شُرَيْحًا على قضاء الكوفة.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 131"، الحلية "4/ 132"، والاستيعاب "2/ 148".

ص: 247

وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ رَزَقَ شُريْحًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى الْقَضَاءِ1.

وَقَالَ هُشَيْمٌ: ثنا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ شُرَيْحًا عَلَى الْقَضَاءِ قَالَ: انْظُرْ مَا تَبَيَّنَ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلا تَسْأَلْ عَنْهُ أَحَدًا، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاتَّبِعْ فِيهِ السُّنَّةَ، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَكَ فِي السُّنَّةِ فَاجْتَهِدْ فِيهِ رَأْيَكَ2.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى شُرَيْحٍ إِذَا أتاك أمر في كتب اللَّهِ فَاقْضِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كتاب الله فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاقْضِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَاقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الْهُدَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلا فِيمَا قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الهدى فأنت الخيار، إِنْ شِئْتَ تَجْتَهِدْ رَأْيَكَ، وَإِنْ شِئْتَ تُؤَامِرْنِي، وَلا أَرَى مُؤَامَرَتَكَ إِيَّايَ إِلا أَسْلَمَ لَكَ3.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ: أَنَّ عَلِيًّا جَمَعَ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ وَقَالَ: إِنِّي مُفَارِقُكُمْ، فَاجْتَمَعَ فِي الرَّحْبَةِ رِجَالٌ أَيُّمَا رِجَالٍ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ حَتَّى نَفَدَ مَا عِنْدَهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ إِلا شُرَيْحٌ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اذْهَبْ، فَأَنْتَ أَقْضَى الْعَرَبِ4.

وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ وَشَطْرُ النَّاسِ عَلَيَّ غِضَابٌ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اخْتُصِمَ إِلَى شُرَيْحٍ فِي وَلَدِ هِرَّةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي، وَقَالَتِ الأُخْرَى: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي. فَقَالَ شُرَيْحٌ: أَلْقِهَا مَعَ هَذِهِ فَإِنْ هِيَ قَرَّتْ وَدَرَّتْ وَاسْبَطَرَّتْ فَهِيَ لَهَا، وَإِنْ هِيَ هَرَّتْ وَفَرَّتْ وَاقْشَعَرَّتْ -وَفِي لَفْظٍ: وَأَزْبَأَرَّتْ- فَلَيْسَ لَهَا.

اسْبَطَرَّتِ: امْتَدَّتْ لِلِإرْضَاعِ.

وتزبئر: تنتفش.

1 إسناده ضعيف: فيه مجالد من الضعفاء. تهذيب تاريخ دمشق "6/ 306".

2 تهذيب تاريخ دمشق "6/ 306".

3 السابق "6/ 307".

4 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "4/ 134" في الحلية.

ص: 248

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ رَجُلا أَقَرَّ عِنْدَ شُرَيْحٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ ذَهَبَ يُنْكِرُ فَقَالَ: قَدْ شَهِدَ عَلَيْكَ ابْنُ أُخْتِ خَالَتِكَ1.

وقال جويرية، عن مغيرة قال: شُرَيْحُ يَدْخُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَيْتًا يَخْلُو فِيهِ، لا يَدْرِي النَّاسُ مَا يَصْنَعُ فِيهِ.

وَقَالَ أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: لَبِثَ شُرَيْحٌ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ لا يُخْبِرُ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ سلمت قال: فكيف بِالْهَوَى.

وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقْرَأُ {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12] وَيَقُولُ: إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لا يَعْلَمُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ شَاعِرًا معجباُ بِرَأْيِهِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.

وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ: أَوْصَى شُرَيْحٌ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِالْجَبَّانَةِ، وَأَنْ لا يُؤَذِّنَ بِهِ أَحَدٌ، وَلا تَتَبِعَهُ صَائِحَةٌ، وَأَنْ لا يُجْعَلَ عَلَى قَبْرِهِ ثَوْبٌ، وأن يسرع به في السَّيْرُ، وَأَنْ يُلْحَدَ لَهُ2.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ شُرَيْحٌ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَثَمَانِ سِنِينَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَكَذَا قَالَ فِي مَوْتِهِ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، وَالْمَدَائِنِيُّ. وَقَالَ خَلِيفَةُ، وَابْنُ نُمَيْرٍ: سَنَةَ ثَمَانِينَ.

وَجَاءَ أَنَّهُ اسْتَعْفَى مِنَ الْقَضَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ.

184-

شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ3 –م 4- أبو المقدام الحارثي المذحجي الكوفي: أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ.

وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -وكان من أصحابه- وعمر، وعائشة، وسعد، وأبي هريرة.

روى عنه: ابناه محمد، والمقدام، والشعبي، والقاسم بن مخيمرة، وحبيب بن أبي ثابت، ويونس بن أبي إسحاق.

1 الطبقات الكبرى "6/ 135".

2 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "6/ 144".

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 128"، السير "4/ 107"، والإصابة "2/ 166".

ص: 249

وشهد تحكيم الحكمين، ووفد على معاوية يشفع في كثير بن شهاب، فأطلقه له.

وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ النَّضْرِ أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ أَبَا مُوسَى وَمَعَهُ أَرْبَعُمِائَةِ رَجُلٍ، عَلَيْهِمْ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ. وَمَعَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَيَلِي أَمْرَهُمْ، يَعْنِي إِلَى دُومَةَ الْجَنْدَلِ1.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ جَاهِلِيًّا إِسْلامِيًا، قَالَ فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ:

أَصْبَحْتُ ذَا بَثٍّ أُقَاسِي الْكِبَرَا

قَدْ عِشْتُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ أَعْصُرَا

ثَمَّتَ أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ الْمُنْذِرَا

وَبَعْدَهُ صِدِّيقَهُ وَعُمَرَا

وَالْجَمْعُ فِي صِفَّينِهِمْ وَالنَّهَرَا

وَيَوْمَ مِهْرَانَ ويوم تسترا

وبا جُمَيْرَاوَاتِ وَالْمُشَقَّرَا

هَيْهَاتَ مَا أَطْوَلَ هَذَا عُمرَا

قال القاسم بن مخيمرة: ما رأت حَارِثِيًا أَفْضَلَ مِنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ.

وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.

وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ أَنَّهُ عَاشَ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً.

وَقَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَلَّى الْحَجَّاجُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ سِجِسْتَانَ، فَوَجَّهَ أَبَا برذعة، فَأَخَذَ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، وَقُتِلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ.

"حرف الصاد":

185-

صلة بن زفر -ع- العبسي الكوفي2.

رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَغَيْرِهِمْ.

رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ.

تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الْكُوفِيِّينَ وَثِقَاتِهِمْ، لَهُ قلب منور.

1 خبر ضعيف: فيه الواقدي، ومجالد، وكلاهما من الضعفاء.

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 195"، السير "4/ 517".

ص: 250

"حرف العين":

186-

عاصم بن ضمرة –ع- السَّلُولِيُّ الْكُوفِيُّ1 صَاحِبُ عَلِيٍّ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ عَنْهُ.

رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.

وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَلَيَّنَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ.

187-

عَبْدُ الله بن جعفر2 –ع- بن أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أبو جعفر الهاشمي الْجَوَّادُ ابْنُ الْجَوَّادِ.

لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وُلِدَ بِالْحَبَشَةِ مِنْ أَسْمَاءَ عُمَيْسٍ، وَيُقَالُ: لَمْ يَكُنْ فِي الإِسْلامِ أَسْخَى مِنْهُ.

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبَوَيْهِ، وَعَنْ عَمِّهِ عَلِيٍّ.

رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ إِسْمَاعِيلُ، وَإِسْحَاقُ، وَمُعَاوِيَةُ، وَابْنُ مُلَيْكَةَ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبَّاسُ بْنُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُونَ.

وَهُوَ آخِرُ مِنْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ3.

قَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ علين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا فَدَخَلَ حَائِطًا، فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وذرفت عيناه4 -الحديث.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 222"، والجرح والتعديل "6/ 345".

2 انظر: الاستيعاب "2/ 275"، أسد الغابة "3/ 139"، والسير "3/ 456".

3 السير "3/ 456".

4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 204، 205"، ومسلم "1/ 268" مختصرا، وأبو داود "2549"، والحاكم "2/ 99، 100".

ص: 251

وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمَلَةَ قَالَ: وَفَدَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ عَلَى يَزِيدَ، فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ أَلْفٍ1.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ بَايَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُمَا ابْنَا سَبْعِ سِنِينَ، فَلَمَّا رَآهُمَا تَبَسَّمَ وَبَسَطَ يَدَهُ وَبَايَعَهُمَا2.

وَقَالَ فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَلْعَبُ بالتراب فقال: "اللهم بارك له فِي تِجَارَتِهِ"3.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ4.

وَقَالَ جرير بن حازم: ثنا محمد بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أتاهم بعدما أَخْبَرَهُمْ بِقَتْلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَ ثَلاثَةٍ، فَقَالَ:"لا تَبْكُوا أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ". ثُمَّ قَالَ: "ائْتُونِي بِبَنِي أَخِي"، فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّنَا أَفْرُخٌ، فَقَالَ:"ادْعُوا لِيَ الْحَلاقَ"، فَأَمَرَهُ، فحلق رؤوسنا، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبَهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَشَبَهُ خَلْقِي وَخُلُقِي"، ثم أخذ بيدي فأشالها وقال:"اللهم اخلف جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللَّهِ فِي صَفْقَتِهِ"، قَالَ: فَجَاءَتْ أُمُّنَا فَذَكَرَتْ يُتْمَنَا، فَقَالَ:"العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا وَالآخِرَةِ"! 5 حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَعَنْ أبَانِ بْنِ تَغْلِبَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ يَفِدُ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَيُعْطِيهِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَقْضِي لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ6، وَذَكَرَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَقَفَ فِي الْمَوْسِمِ عَلَى مَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: ما عندنا ما نصلك، ولكن عليك

1 السير "3/ 459".

2 حديث ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 566، 567".

3 حديث ضعيف: أخرجه أبو يعلى، والطبراني كما في المجمع "9/ 286".

4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 62".

5 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 204"، وأبو داود "4192"، والنسائي "8/ 182".

6 خبر ضعيف: السير "3/ 459" وفيه انقطاع.

ص: 252

بِابْنِ جَعْفَرٍ، فَأَتَاهُ الأَعْرَابِيُّ، فَإِذَا ثَقَلُهُ قَدْ سَارَ، وَرَاحِلَةٌ بِالْبَابِ عَلَيْهَا مَتَاعُهَا، وَسَيْفٌ مُعَلَّقٌ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ، فَأَنْشَأَ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ:

أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ

صَلاتُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ طَهُورُ

أَبَا جَعْفَرٍ ضَنَّ الأَمِيرُ بِمَالِهِ

وَأَنْتَ عَلَى مَا فِي يَدَيْكَ أَمِيرُ

أَبَا جَعْفَرٍ يَا بْنَ الشَّهِيدِ الَّذِي لَهُ

جَنَاحَانِ فِي أَعْلَى الْجِنَانِ يَطِيرُ

أَبَا جَعْفَرٍ مَا مِثْلُكَ الْيَوْمَ أَرْتَجِي

فَلا تَتْرُكَنِّي بِالْفَلاةِ أَدُورُ

فَقَالَ: يا أعرابي سار الثقل، فعليك الرَّاحِلَةُ بِمَا عَلَيْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنِ السَّيْفِ، فَإِنِّي أَخَذْتُهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ1.

قَالَ عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أنبأ هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بِسَبْخَةٍ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ قِيلَ: لِفُلانٍ، اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّينَ أَلْفًا. قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَجَزَّأَهَا عَبْدُ اللَّهِ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، وَأَلْقَى فِيهَا الْعُمَّالَ، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ: أَلا تَأْخُذُ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أَخِيكَ وَتَحْجُرُ عَلَيْهِ، اشْتَرَى سَبْخَةً بِسِتِّينَ أَلْفًا، مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلِي. قَالَ: فَأَقْبَلْتُ، فَرَكِبَ عُثْمَانُ ذَاتَ يَوْمٍ فَمَرَّ بِهَا، فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنْ وَلِّنِي جُزْءَيْنِ مِنْهَا، قَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ دُونَ أَنْ تُرْسَلَ إِلَى الَّذِينَ سَفَّهْتَنِي عِنْدَهُمْ فَيَطْلُبُونَ ذَلِكَ إِلَيَّ، فَلا أَفْعَلُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَاللَّهِ لا أَنقُصُكَ جُزْءَيْنِ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُمَا.

وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَسْلَفَ الزُّبَيْرَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي كُتُبِ أَبِي أَنَّ لَهُ عَلَيْكَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قال: هُوَ صَادِقٌ، فَاقْبِضْهَا إِذَا شِئْتَ، ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدُ فَقَالَ: إِنَّمَا وَهِمْتُ عَلَيْكَ، الْمَالُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَهُوَ لَهُ، قَالَ: لا أُرِيدُ ذَلِكَ2.

قُلْتُ: هَذِهِ الْحِكَايَةُ مِنْ أَبْلَغِ مَا بَلَغَنَا فِي الْجُودِ.

وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِدَجَاجَةٍ مَسْمُوطَةٍ فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ! هَذِهِ الدَّجَاجَةُ كَانَتْ مِثْلَ بِنْتِي تُؤْنِسُنِي وَآكُلُ مِنْ بَيْضِهَا، فَآلَيْتُ أَنْ لا أَدْفِنَهَا إِلا فِي أَكْرَمِ مَوْضِعٍ أَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلا وَاللَّهِ مَا فِي الأَرْضِ مَوْضِعٍ أَكْرَمُ مِنْ

1 السير "3/ 459".

2 إسناده ضعيف: السير "3/ 460، 461" فيه جهالة أحد الرواة.

ص: 253

بَطْنِكَ، قَالَ: خُذُوهَا مِنْهَا وَاحْمِلُوا إِلَيْهَا مِنَ الْحِنْطَةَ كَذَا، وَمِنَ الْتَّمْرِ كَذَا، وَمِنَ الدَّرَاهِمِ كَذَا، وَعَدَّدَ شَيْئًا كَثِيرًا، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: بِأَبِي! إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ1.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: جَلَبَ رَجُلٌ سُكَّرًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَسَدَ عَلَيْهِ فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، فَأَمَرَ قَهْرمَانَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَأَنْ يهبه الناس.

ولعبد الله رضي الله عنهم من هذا الأنموذج أخبار في السخاء.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَمُصْعَبُ الزُّبيْرِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وثمانين. قال: ويقال: سنة ثمانين.

وقال أبو عبيد: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ، وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعِينَ.

188-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ2 الأَسْلَمِيُّ أَبُو مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْقَعْقَاعُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ فَرْوَةَ الأَسْلَمِيُّ.

وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ.

وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا كعب ضع الشطر" 3، قال: قد فعلت.

1 خبر ضعيف: السير "3/ 461" فيه انقطاع.

2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 309"، الاستيعاب "2/ 288"، الإصابة "2/ 294".

3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "1/ 121"، ومسلم "1558"، وأبو داود "3595"، وأحمد "6/ 287، 290".

ص: 254

وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، إِلا خَلِيفَةَ فَقَالَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.

وَقَدْ طَوَّلَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ تَرْجَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، وَسَاقَهَا فِي كَرَّاسٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لا صُحْبَةَ لَهُ، وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا بَلْ أَفَادَنَا الْعِلْمُ بِأَنَّ لَهُ صُحْبَةً. وَقَدْ عَلَّقْتُ حَاشِيَةً فِي ذَلِكَ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ".

189-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ1 شَذَّ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فَقَالَ: قَدِمَ مِصْرَ مَعَ مَرْوَانَ.

يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

قُلْتُ: وَقَدْ مَرَّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ.

190-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ2، أَبُو صَالِحٍ السُّلَمِيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ، أَحَدُ الأَبْطَالِ الْمَشْهُورِينَ وَالشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلا يَصِحُّ.

رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ الأَزْرَقِ، وَسَعْدُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّازِيُّ.

وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى خُرَاسَانَ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ، وَقَدْ حَضَرَ مَوَاقِفَ مَشْهُورَةً وَأَبْلَى فِيهَا، وَوَلِيَ خُرَاسَانَ زَمَانًا، وَأَفْتَتَحَ الطَّبَسَيْنِ.

وَقَدْ مَرَّ فِي الْحَوَادِثِ مِنْ أَخْبَارِهِ.

191-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزبير3 –ع- بن الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ، أَبُو بَكْرٍ، وأبو خبيب القرشي الأسدي. أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلامِ بِالْمَدِينَةِ.

لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.

رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ عُرْوَةُ، وَابْنَاهُ عَامِرٌ، وَعَبَّادٌ، وَابْنُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعُبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ كيسان، وسعيد بن مينا، وابن

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 414"، أسد الغابة "3/ 148"، الإصابة "2/ 300".

2 انظر: البداية "8/ 326"، الإصابة "2/ 301".

3 انظر: الاستيعاب "2/ 300"، وأسد الغابة "3/ 161"، والسير "3/ 363".

ص: 255

ابْنِهِ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ ابْنِهِ الآخَرُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.

وَشَهِدَ وَقْعَةَ الْيَرْمُوكِ، وَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَغَزَا الْمَغْرِبَ، وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، وَكَانَ فَارِسَ قُرَيشٍ فِي زَمَانِهِ.

بُوِيعَ بِالْخِلافَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَحَكَمَ عَلَى الْحِجَازِ، وَالْيَمَنِ، وَمِصْرَ، وَالْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَأَكْثَرِ الشَّامِ، وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَهُ ثَمَانِ سِنِينَ وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ.

رَوَى شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ قَالَ: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِينَ هَاجَرَتْ حُبْلَى، فَنَفِسَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بِقُبَاءٍ، قَالَتْ: أَسْمَاءُ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرِ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ مُقْبِلا، ثُمَّ بَايَعَهُ1.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ يتيم عروة قال: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ أَقَامُوا لا يُولَدُ لَهُمْ، فَقَالُوا سَحَرَتْنَا يَهُودٌ، حَتَّى كَثُرَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ، فَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ فَأَذَّنَ فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاةِ2.

وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَارِضَا ابْنِ الزُّبَيْرِ خَفِيفَيْنِ، فَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةٍ.

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا هُنَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: إِنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يَحْتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:"يَا عَبْدَ اللَّهِ اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لا يَرَاكَ أَحَدٌ"، فَلَمَّا بَرَزَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَدَ إِلَى الدَّمِ فَشَرِبَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ:"مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ"؟، قَالَ: عَمَدْتُ إِلَى أخْفَى مَوْضِعٍ علمت فجعلته فيه، قال:"لَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ" 3، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "وَلِمَ شَرِبْتَ الدَّمَ، وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ الناس".

1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "2146".

2 خبر ضعيف: السير "3/ 365" فيه الواقدي من الضعفاء.

3 حديث حسن: أخرجه البزار، والطبراني كما في المجمع "8/ 72"، والحاكم "3/ 554".

ص: 256

قَالَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَاصِمٍ فَقَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْقِوَّةَ الَّتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ.

وَرَوَاهُ تَمْتَامٌ، عَنْ مُوسَى.

وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ يُوسُفَ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، وَالْحَارِثِ قَالَ: طَالَمَا حَرِصَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الإِمَارَةِ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِلِصٍّ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ سَرَقَ، قَالَ: اقْطَعُوهُ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ فِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ سَرَقَ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئًا إِلا مَا قَضَى فِيكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، أَنَا فِيهِمْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمِّرُونِي عَلَيْكُمْ، فَأَمَّرْنَاهُ عَلَيْنَا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَقَتَلْنَاهُ1.

وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ: ثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ أَنَّ نَوْفًا قَالَ: إِنِّي لأَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسَ الْخُلَفَاءِ2.

وَقَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَلْقَى ابْنَ الزُّبَيْرِ فَيَقُولُ: مَرْحَبًا بِابْنِ عَمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَابْنِ حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَأْمُرُ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ3.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: ذُكِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، عَفِيفٌ فِي الإِسْلامِ، أَبُوهُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَاللَّهِ لَأُحَاسِبَنَّ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْ بِهَا لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ4.

وَقَالَ عَمْرُو بن دينار: ما رأيت مصليًا أحسن صلاة مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ5.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ فِي الصَّلاةِ كَأَنَّهُ عُودٌ، وحدث أن أبا بكر كان كذلك6.

1 حديث ضعيف: تهذيب تاريخ دمشق "7/ 398".

2 السير "3/ 367".

3 السابق.

4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "8/ 245"، والحاكم "3/ 549"، وأبو نعيم "1/ 334" في الحلية.

5 الحلية "1/ 335".

6 الحلية "1/ 335".

ص: 257

وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: كُنْتُ أَمُرُّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ مَنْصُوبَةٌ لا يَتَحَرَّكُ1.

وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنِ الثِّقَةِ بِسَنَدِهِ قَالَ: قَسَّمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدَّهْرَ عَلَى ثَلاثِ لَيَالٍ، فَلَيْلَةٌ هُوَ قَائِمٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّى الصَّبَاحِ2.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَنَّاقٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: رَكَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمًا رَكْعَةً، فَقَرَأْنَا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ وَالْمَائِدَةَ، وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ3.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ، وَحَجَرُ الْمَنْجَنِيقِ يُصِيبُ طَرَفَ ثَوْبِهِ، فَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ4.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي كأنه غصن تصفقها الريح، والمنجنيق يقع ههنا، ويقع ههنا5.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْظَمَ سَجْدَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ6.

قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بَيْتَهُ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي، فَسَقَطَتْ حَيَّةٌ عَلَى ابْنِهِ هَاشِمٍ، فَصَاحُوا: الْحَيَّةَ الْحَيَّةَ، ثُمَّ رَمَوْهَا، فَمَا قَطَعَ صَلاتَهُ7.

وعن أم جعفر بنت النعمان أنها سَلَّمَتْ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَذُكِرَ عِنْدَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَوَّامَ اللَّيْلِ صَوَّامَ النَّهَارِ، وَكَانَ من يسمى حمامة المسجد.

1 السير "3/ 369".

2 السابق.

3 السابق.

4 السابق.

5 الحلية "1/ 335".

6 السير "3/ 369، 370".

7 السابق.

ص: 258

وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفْطَرَ اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِينَ بِالسَّمْنِ1.

وَرَوَى لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَا كَانَ بَابٌ فِي الْعِبَادَةِ يَعْجَزُ النَّاسُ عَنْهُ إِلا تَكَلَّفَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ الْبَيْتَ فَجَعَلَ يَطُوفُ سِبَاحَةً2.

وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُنَازَعُ فِي شَجَاعَةٍ وَلا عِبَادَةٍ وَلا بَلاغَةٍ3.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْريُّ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وسعيد بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا الْقُرْآنَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ4.

وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنيًّا يُصَلِّي فِيهِ، وَكَانَ صَيِّتًا، إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الْجَبَلانِ، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى الْعُنُقِ وَلِحْيَةٌ صَفْرَاءُ5.

وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا أَبِي وَالزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ قَالا: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيرٌ فِي عَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، يَعْنِي فِي غَزْوَةِ إِفْرِيقِيَّةَ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، وَرَأَيْتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيرٍ بَصُرْتُ بِهِ خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تُظِلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيْتُ ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ ثَلاثِينَ فَارِسًا، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبِثُوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحَمَلْتُ وَقُلْتُ لِلثَّلاثِينَ: احْمُوا لِي ظَهْرِي، فَخَرَقْتُ الصَّفَّ إِلَيْهِ، فَخَرَجْتُ صَامِدًا، وما يحسب هو وأصحابه إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَتَبَادَرَ بِرْذَونَةُ مُوَلِّيًا، فَأَدْرَكْتُهُ فَطَعَنْتُهُ، فسقط، ثم احتززت رأسه، فنصبته على رمحي،

1 السابق.

2 السابق.

3 السابق.

4 خبر صحيح: أخرجه البخاري "9/ 13، 18".

5 السير "3/ 370".

ص: 259

وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَأَرْفَضَّ الْعَدُوُّ وَمَنَحَ اللَّهُ أَكْتَافَهُمْ1.

وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أُخِذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسَطَ الْقَتْلَى يَوْمَ الْجَمَلِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُونَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً2.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: أَعْطَتْ عَائِشَةُ لِلَّذِي بَشَّرَهَا أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ3.

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَبَعْدَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ4.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ فِي رَبِيعِ الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ قَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، وَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةَ إِلَى الْبَيْعَةَ فَأبَيَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ لَهُ، فَبَقِيَ يُدَارِيهِمَا سِنِينَ، ثُمَّ أَغْلَظَ عَلَيْهِمَا وَدَعَاهُمَا فَأَبَيَا5.

قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرُهُ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: عَائِذُ بَيْتِ اللَّهِ.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أم بكر، وحدثني شرحبيل بن أبي عون، عَنْ أَبِيهِ، وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالُوا: لَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَزِمَ الْحِجْرَ وَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَشَى إِلَى يَحْيَى بْنِ حَكِيمٍ الْجُمَحِيِّ وَإِلَى مَكَّةَ، فَبَايَعَهُ لِيَزِيدَ، فَقَالَ: لا أَقْبَلُ هَذَا حَتَّى يُؤْتِيَ بِهِ فِي جَامِعَةٍ وَوِثَاقٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ادْفَعِ الشَّرَّ عَنْكَ مَا انْدَفَعَ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ رَجُلٌ لَجُوجٌ وَلا يُطِيعُ لِهَذَا أَبَدًا، وَإِنْ تُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ فَهُوَ خَيْرٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ فِي أَمْرِكَ لَعَجَبًا، قَالَ: فَادْعُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَسَلْهُ عَمَّا أَقُولُ، فَدَعَاهُ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَهُمَا، فقال

1 السير "3/ 371".

2 السير "3/ 371".

3 السابق.

4 السابق.

5 خبر ضعيف: فيه الواقدي، وهو من الضعفاء، السير "3/ 372".

ص: 260

عَبْدُ اللَّهِ: أَصَابَ أَبُو لَيْلَى وَوُفِّقَ، فَأَبى أَنْ يَقْبَلَ، وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يَذِلَّ نَفْسَهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِبَيْتِكَ، فَمِنْ يومئذ سُمِّيَ الْعَائِذَ.

وَأَقَامَ بِمَكَّةَ لا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى وَالِي الْمَدِينَةِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِ جُنْدًا، فَبَعَثَ لِقِتَالِهِ أَخَاهُ عَمْرًا فِي أَلْفٍ، فَظَفِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيهِ وَعَاقَبَهُ، وَنحَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ عَنِ الصَّلاةِ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ مُصْعَبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَكَانَ لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يُشَاوِرُهُمْ فِي الأُمُورِ وَلا يَسْتَبِدُّ بِشَيْءٍ، وَيُصَلِّي بِهِمُ الْجُمُعَةَ، وَيَحُجُّ بِهِمْ، وَكَانَتِ الْخَوَارِجُ وَأَهْلُ الأَهْوَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ أَتَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالُوا: عَائِذُ بَيْتِ اللَّهِ، وَكَانَ شِعَارُهُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ. فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَحَجَّ عَشْرَ سِنِينَ بِالنَّاسِ آخِرُهَا سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَبَايَعُوهُ، وَفَارَقَتْهُ الْخَوَارِجُ، فَوَلَّى عَلَى الْمَدِينَةِ أَخَاهُ مُصْعَبًا، وَعَلَى الْبَصْرَةِ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ، وَعَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ، وَعَلَى الْيَمَنِ آخَرَ، وَعَلَى خُرَاسَانَ آخَرَ، وَأَمَّرَ عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَ لَهُ عَامَّةُ الشَّامِ، وَأَطَاعَهُ النَّاسُ، إِلا طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مَعَ مَرْوَانَ1.

قُلْتُ: ثُمَّ قَوِيَ أَمْرُ مَرْوَانَ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الشَّامِ، وَسَارَ فِي جُيُوشِهِ إِلَى مِصْرَ فَأَخَذَهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ. وَعَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ، فَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَخَذَ الْبِلادَ، وَدَانَتْ لَهُ الْعِبَادُ.

وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ يَزِيدَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكِ بِسِلْسِلَةٍ فِضَّةٍ، وَقَيْدٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ، قَالَ فَأَلْقَى الْكِتَابَ وَقَالَ:

وَلا أَلِينُ لِغَيْرِ الْحَقِّ أَسْأَلُهُ

حَتَّى يَلِينَ لِضِرْسِ الْمَاضِغِ الْحَجَرِ2

قَالَ خَلِيفَةُ: ثُمَّ حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْمَوْسِمَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، وَلَمْ يَقِفُوا الْمَوْقِفَ، وَحَجَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِأَهْلِ الشَّامِ، وَلَمْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ.

وَرَوَى الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ كَانَ ليُطَيِّبُهَا حَتَّى يَجِدَ رِيحَهَا مَنْ دَخَلَ الْحَرَمِ.

1 السابق "3/ 372، 373".

2 خبر صحيح: أخرجه الحاكم "3/ 550"، وأبو نعيم "1/ 331" في الحلية.

ص: 261

زَادَ غَيْرُهُ: كَانَتْ كِسْوَتُهَا الأَنْطَاعَ1.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبٍ الْحَجَبِيُّ: إِنَّ الْمَهْدِيَّ لَمَّا جَرَّدَ الْكَعْبَةَ كَانَ فِيمَا نُزِعَ عَنْهَا كِسْوَةٌ من ديباج، مكتوب عليها لعبد الله أَبِي بَكْرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ2.

وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مِائَةُ غُلامٍ، يَتَكَلَّمُ كُلُّ غُلامٍ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِلُغَتِهِ، وَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنِ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ.

وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمِسْكِ مَا لَوْ كَانَ لِي كَانَ رَأْسَ مَالٍ.

قُلْتُ: وَكَانَ فِي ابْنِ الزُّبَيْرِ بُخْلٌ ظَاهِرٌ، مَعَ مَا أُوتِيَ مِنَ الشَّجَاعَةِ.

قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسَاوِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي الْبُخْلِ وَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ وَجَارُهُ جَائِعٌ"3.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْثِرُ أَنْ يُعَنِّفَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالْبُخْلِ، فَقَالَ: لِمَ تُعَيِّرُنِي؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَشْبَعُ وَجَارُهُ وَابْنُ عَمِّهِ جَائِعٌ"4.

وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ حَيْثُ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ قَدْ أَعْدَدْتُهَا لَكَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُحَوِّلَ إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ؟ قَالَ: لا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"يلحد بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، عليه مثل نصف أوزار الناس"5. رواه

1 المصنف "9087" لعبد الرزاق.

2 السير "3/ 374".

3 حديث صحيح: أخرجه البخاري في الأدب المفرد "112"، وابن أبي شيبة "100" في الإيمان وغيرهما.

4 انظر السابق.

5 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "1/ 64".

ص: 262

أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ، عَنِ الْقُمِّيِّ.

وَقَالَ عَبَّاسُ التَّرَقُفِيُّ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالَ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ، عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ الْعَالَمِ"1، فَوَاللَّهِ لا أَكُونُهُ، فَتَحَوَّلَ مِنْهَا، فَسَكَنَ الطَّائِفَ.

قُلْتُ: مُحَمَّدُ هُوَ الْمِصِّيصِيُّ، ضَعِيفٌ، احْتَجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ. وَلِلْحَدِيثِ شَاهِدٌ. قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ: يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ إِيَّاكَ وَالإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، فَإِنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"يُلْحِدُ بِهَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوبُهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ لَوَزَنَتْهَا" 2، قَالَ: فانظر أن لا تكونه يا بن عَمْرٍو، فَإِنَّكَ قَدْ قَرَأْتَ الْكُتُبَ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ هَذَا وَجْهِي إِلَى الشَّامِ مُجَاهِدًا.

وقال الزبير بن كبار: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْخَصِيبِ نَافِعٌ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَرَ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ يَهْوِي حَتَّى أَقُولُ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِحْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنْ أُبَالِيَ إِذَا وَجَدْتُ ثَلاثَمِائَةٍ يَصْبِرُونَ صَبْرِي لَوْ أَجْلَبَ عَلَيَّ أَهْلُ الأَرْضِ3.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجُهَيْمِ الأَسْلَمِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ خِذْلانًا شَدِيدًا، وَجَعَلُوا يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجَّاجِ، وَجَعَلَ الْحَجَّاجُ يَصِيحُ: أَيُّهَا النَّاسُ عَلامَ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ، مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ لَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ، وفي حرم الله وأمنه، ورب هذه البنية لا أَغْدُرُ بِكُمْ، وَلا لَنَا حَاجَةٌ فِي دِمَائِكُمْ، فَيَسْلِكُ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ آلافٍ، فَلَقَدْ رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ4.

وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَضَرْتُ قتل ابن الزبير، جعلت الجيوش

1 حديث ضعيف: السير "3/ 376".

2 حديث صحيح: السير "3/ 376".

3 السير "3/ 376".

4 السير "3/ 377".

ص: 263

تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ حَمَلَ عَلَيْهِمْ وَحْدَهُ حَتَّى يُخْرِجُهُمْ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إِذَا جَاءَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ الْمَسْجِدِ فَوَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يَتَمَثَّلُ:

أَسْمَاءُ يَا أَسْمَاءُ لا تَبْكِينِي

لَمْ يَبْقَ إِلا حَسَبِي وَدِينِي

وَصَارِمٌ لاثَتْ بِهِ يَمِينِي1

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ ثنا فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: مَا أَرَانِي الْيَوْمَ إِلا مَقْتُولا، لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي كَأَنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي فَدَخَلْتُهَا، فَقَدْ وَاللَّهِ مَلَلْتُ الْحَيَاةَ وَمَا فِيهَا، وَلَقَدْ قَرَأَ فِي الصُّبْحِ يَوْمَئِذٍ مُتَمَكِّنًا {نْ وَالْقَلَمِ} حَرْفًا حَرْفًا، وَإِنَّ سَيْفَهُ لَمَسْلُولٌ إِلَى جَنْبِهِ، وَإِنَّهُ لَيُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ كَهَيْئَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ2.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْحَجُونِ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَمَنْ كَانَ كَبَّرَ حِينَ وُلِدَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ عَلَى قَتْلِهِ3.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أنبأ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ كَعْبُ إِلا قَدْ أَتَى عَلَى مَا قَالَ، إِلا قَوْلَهُ: ثَقِيفٌ يَقْتُلُنِي، وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ، يَعْنِي الْمُخْتَارَ4.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَصَّاصِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِغُلامِهِ: لا تَمُرَّ بِي عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، يَعْنِي وَهُوَ مَصْلُوبٌ. قَالَ: فَغَفَلَ الْغُلامُ فَمَرَّ بِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَرَآهُ، فَقَالَ: رحِمَكَ اللَّهُ، مَا عَلِمْتُكَ إِلا صَوَّامًا قَوَّامًا وَصُولا لِلرَّحِمِ، أَمَّا وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو مَعَ مَسَاوِئِ مَا قَدْ عَمِلْتَ مِنَ الذُّنُوبِ أَنْ لا يُعَذِّبَكَ اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ يَعْمَلُ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدنيا"5.

1 أخرجه أبو نعيم "1/ 333" في الحلية.

2، 3 خبر ضعيف: السير "3/ 378".

4 السير "3/ 378".

5 حديث ضعيف: وأخرجه البزار كما في المجمع "7/ 12".

ص: 264

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْخُلَفَاءِ: وَصُلِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُنَكَّسًا، وَكَانَ آدَمَ نَحِيفًا، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، يُكَنَّى: أَبَا بَكْرٍ، وَأَبَا خُبَيْبٍ، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الْحِجَازِ وَالْمَشْرِقِ كُلِّهِ1.

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ، عَنْ جَدَّتِهِ، أَنَّ أَسْمَاءَ بنت أبي بكر غسلت ابن الزبير بعدما تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، وَجَاءَ الإِذْنُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، وَحَنَّطَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَتْ فِيهِ شَيْئًا حِينَ رَأَتْهُ يَتَفَسَّخُ إِذَا مَسَّتْهُ2.

قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: حَمَلَتْهُ فَدَفَنَتْهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي دَارِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، ثُمَّ زِيدَتْ دَارَ صَفِيَّةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَهُوَ مَدْفُونٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ: قُتِلَ فِي جُمَادِي الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً.

وَقَالَ ضَمْرَةُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: قُتِلَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.

وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ.

192-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ4، مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَمُحِبِّيهِ.

وَفَدَ عَلَى عَلِيٍّ مِنْ مِصْرَ.

يَرْوِي عَنْهُ: مَرْثَدُ الْيَزَنِيُّ، وَعَيّاشُ الْقِتْبَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيرةَ السَّبَائِيُّ.

تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.

193-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِيُّ5 الأَوْسِيُّ. لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ الْجَابِيَةَ وَخَيبرَ، فَشَهِدَهَا وَلَهُ فِيمَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.

وَتُوُفِّيَ بَعْدَ مَقْتَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ. وَاسْتُشْهِدَ أَبُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَجَدُّهُ يَوْمَ أُحُدٍ.

1 السير "3/ 379".

2 سبق تخريجه.

3 السير "3/ 379".

4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 510"، والجرح والتعديل "5/ 62"، والتاريخ الكبير "5/ 95".

5 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 501"، وأسد الغابة "3/ 172"، والإصابة "2/ 316".

ص: 265

وَقَدْ تَفَرّدَ رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ، وَكُلُّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ: أَشَهِدْتَ بَدْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالْعَقَبةَ مَعَ أَبِي رديفًا. رواه عاصم، وأبو داود، وأبو أحمد الزبيري، عَنْ رَبَاحٍ.

194-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ -4- الْمُرَادِيُّ1 عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، وَجَمَاعَةٍ.

وَعَنْهُ: عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ.

وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ.

وَقَالَ الْبُخَارِيّ: لا يُتَابَعُ فِي حَدِيثِهِ.

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: كَانَ قَدْ كَبِرَ، فَكَانَ يُحَدِّثُنَا فَنَعْرِفُ وَنُنْكِرُ.

وَيُقَالُ: لَقِيَ عُمَرَ.

195-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ2 أَبُو الْجَزْلِ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَائِشَةَ.

وعنه: الشعبي وخيثمة بن عبد الرحمن، وشبيب بن غرقدة.

ذكره ابن أبي حاتم.

196-

عبد الله بن الصامت –م 4- الغفاري البصري3، من جلة التابعين.

روى عن: عمه أبو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَجَمَاعَةٍ.

وَقَدْ تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ عَنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، فَسَيُعَادُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

197-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ4 -م ن ق- بن أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبٍ، أَبُو صَفْوَانَ الجمحي المكي.

1 انظر: الجرح والتعديل "5/ 73"، التهذيب "5/ 430".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 153"، التهذيب "5/ 254"، 255".

3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 212"، والتهذيب "5/ 264".

4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 465"، وأسد الغابة "3/ 185".

ص: 266

وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحَفْصَةَ، وَصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيدٍ. وَغَيْرِهِمْ.

رَوَى عَنْهُ: حَفِيدُهُ أُمَيَّةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ.

وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهِمْ، وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ.

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ جَعْدَبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ مُعَاوِيَةُ مَكَّةَ لَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَلَى بَعِيرٍ، فَسَايَرَهُ، فَقَالَ أَهْلُ الشَّامِ: مِنَ هَذَا الأَعْرَابِيُّ الَّذِي سَايَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ إِذَا الْجَبَلُ أبيض من غنى عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ أَلْفَا شَاةٍ أَجْزَرْتُكَهَا، فَقَسَّمَهَا مُعَاوِيَةُ فِي جُنْدِهِ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا أَسْخَى مِنَ ابْنِ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا الأَعْرَابِيِّ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ: مَا بَلَغَ ابْنُ صَفْوَانَ مَا بَلَغَ؟ قُلْتُ: سَأُخْبِرُكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ عَبْدًا وَقَفَ عَلَيْهِ يَسُبُّهُ مَا اسْتَنْكَفَ عَنْهُ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ أَحَدٌ قَطُّ إِلا كَانَ أَوَّلَ خَلْقِ اللَّهِ تَسَرُّعًا إِلَيْهِ بِالرِّجَالِ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِمَفَازَةٍ إِلا حَفَرَهَا، وَلا ثَنِيَّةٍ إِلا سَهَّلَهَا.

وَعَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ وَصَفَ ابْنَ صَفْوَانَ بِالْحِلْمِ وَالاحْتِمَالِ.

وَقَالَ الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ قَالَ: وَفَدَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدُيُّ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَطَالَ الْخِلْوَةَ مَعَهُ، فَجَاءَ ابْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي قَدْ شَغَلَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ؟ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ بِالْعِرَاقِ؛ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُهَلَّبَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: مَنْ هَذَا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين؟ قال: سَيِّدُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ. قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: رَأَيْتُ رَأْسَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَرَأْسَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أُتِيَ بِهَا إِلَيْنَا الْمَدِينَةُ.

رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى.

وَقَالَ خَلِيفَةُ: قُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثلاث وسبعين.

ص: 267

198-

عبد الله بن عتبة -غير: ت- بن مسعود الهذلي1 المدني.

رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى عَنْهُ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ الْفَقِيهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَعَوْنُ الزَّاهِدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، رَفِيعًا، كَثِيرَ الْحَدِيثِ وَالْفُتْيَا.

تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

199-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بن الخطاب2 –ع.

أبو عبد الرحمن القرشي العدوي، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَابْنُ وَزِيرِهِ.

هَاجَرَ بِهِ أَبُوهُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، وَاسْتُصْغِرَ عَنْ أُحُدٍ، وَشَهِدَ الْخَنْدَقَ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَهُوَ شَقِيقُ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أُمُّهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونٍ.

رَوَى عِلْمًا كَثِيرًا عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وَعُمَرَ، وَالسَّابِقِينَ.

رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ حَمْزَةُ، وَسَالِمٌ، وَبِلالٌ، وَزَيْدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمَوْلاهُ نَافِعٌ، وَمَوْلاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَزَيْدُ بن أسلم، وأبوه أَسْلَمَ، وَآدَمُ بْنُ عَلِيٍّ، وَبِشْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَجَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ.

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَرْقِيُّ: كَانَ رَبْعَةً، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: شَهِدَ الْغَزْوَ بفارس.

1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 58"، وأسد الغابة "3/ 202".

2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 142"، السير "3/ 203".

ص: 268

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ آدَمَ جَسِيمًا ضَخْمًا لَهُ إِزَارٌ إِلَى نِصْفِ السَّاقَيْنِ يَطُوفُ.

وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةً.

وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالا: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ بَدْرًا، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ.

وَقَالَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَأَجَازَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: عُرِضْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَاسْتَصْغَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.

وَرَوَى سَالِمٌ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا، عَزَبًا شَابًّا، وَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَتَيَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، لَهَا قُرُونٌ كَقُرُونِ الْبَقَرِ، فَرَأَيْتُ فِيهَا نَاسًا قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَنَا مَلَكٌ فَقَالَ: لَنْ تُرَعَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ"2. قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ لا يَنَامُ بَعْدُ مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلا.

وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ: "إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ".

وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ مِنْ أمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ3.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ مُتَوَافِرُونَ، وَمَا فِينَا شَابٌّ هُوَ أمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ: ثنا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حذيفة قال: ما منا أحد

1 حديث صحيح: أخرجه البخاري "7/ 302".

2 حديث صحيح: أخرجه البخاري "3/ 5، 6"، ومسلم "2479"، والترمذي "3825".

3 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 144"، وأبو نعيم في الحلية "1/ 294".

ص: 269

لَوْ فُتِّشَ إِلا فُتِّشَ عَنْ جَائِفَةٍ1 أَوْ مُنَقِّلَةٍ2 إِلا عُمَرُ وَابْنُهُ3.

وَقَالَ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: مَا مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إِلا وَقَدْ مَالَتْ بِهِ، إلا ابن عمر4.

وعن عائشة قال: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَلْزَمَ لِلأَمْرِ الأَوَّلِ مِنَ ابْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْعَلاءِ أَخُو أَبِي عَمْرٍو، وَعَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لابْنِ عُمَرَ: مَا مَنَعَكَ أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلا قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْكِ وَظَنَنْتُكِ لَنْ تُخَالِفِيهِ، يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ5.

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ فِي الْفَضْلِ مِثْلُ أَبِيهِ6.

وَقَالَ قَتَادَةُ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَوْ شَهِدْتُ لِأَحَدٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَشَهِدْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَكَانَ يَوْمَ مَاتَ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ7.

وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ8.

وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ رُبَّمَا لَبِسَ الْمِطْرَفَ الْخَزَّ ثَمَنُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ9.

أَبُو أُسَامَةَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لأَظُنُّ قُسِمَ لِي مِنْهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ لِأَحَدٍ إِلا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ10. يَعْنِي الْجِمَاعَ. تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، أن ابن عمر تقلد سيف

1 الجائفة: الطعنة الواصلة إلى الجوف.

2 المنقلة: هي التي ينقل منها العظام.

3 إسناده ضعيف: السير "3/ 211" فيه البقال من الضعفاء.

4 الحلية "1/ 294".

5 السير "3/ 211".

6 السابق.

7 السابق.

8، 9 السابق.

10 السير "3/ 223".

ص: 270

عُمَرَ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ، وَكَانَ مُحَلَّى، قُلْتُ: كَمْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ؟ قَالَ: أَرْبَعُمِائَةٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا لا يَزِيدُ وَلا يُنْقِصُ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مِثْلَهُ1.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبِعُ أَمْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَآثَارَهُ وَحَالَهُ وَيَهْتَمُّ بِهِ حَتَّى كَانَ قَدْ خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ مِنَ اهْتِمَامِهِ بِذَلِكَ2.

وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَوْ نَظَرْتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ إِذَا اتَّبَعَ أَثَرَ رَسُولِ اللَّهِ لَقُلْتُ: هَذَا مَجْنُونٌ3.

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّبِعُ آثَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ مَكَانٍ صَلَّى فِيهِ، حَتَّى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَعَاهَدُهَا فَيَصُبُّ فِي أَصْلِهَا الْمَاءَ لِكَيْلا تَيْبَسُ4.

وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ"5. قَالَ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ.

مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلا بَكَى6.

وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عِنْدَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ يَقُصُّ، فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَعَيْنَاهُ تُهْرَاقَانِ دَمْعًا7.

وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ: ثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ قَالَ: قِيلَ لِنَافِعٍ: مَا كَانَ يَصْنَعُ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ؟ قَالَ: لا تُطِيقُونَهُ، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما8.

1 السير "3/ 213".

2 السير "3/ 213".

3 الحلية "1/ 310".

4 أسد الغابة "3/ 341"، السير "3/ 213".

5 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 162".

6، 7 السير "3/ 214".

8 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 170".

ص: 271

وقال عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ أَحْيَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ1.

وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أنبأ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ يَصِيرُ إِلَى الْفِرَاشِ، فَيَغْفَى إِغْفَاءَةَ الطَّائِرِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ وَيُصلِّي، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ أربع مدات أَوْ خَمْسَةً2.

وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لا يَصُومُ فِي السَّفَرِ، وَلا يَكَادُ يُفْطِرُ فِي الْحَضَرِ3.

وَقَالَ سَالِمٌ: مَا لَعَنَ ابْنُ عُمَرَ خَادِمًا، لَهُ إِلا مَرَّةً، فَأَعْتَقَهُ4.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابن عمر إلى مكة فعرسنا، فانحدر علينا رَاعٍ مِنْ جَبَلٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَرَاعٍ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بِعْنِي شَاةً مِنَ الْغَنَمِ؟ قَالَ: إِنِّي مَمْلُوكٌ. قَالَ: قُلْ لِسَيِّدِكَ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ. قَالَ: فَأَيْنَ اللَّهُ عز وجل؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَيْنَ اللَّهُ، ثُمَّ بَكَى، وَاشْتَرَاهُ بَعْدُ فَأَعْتَقَهُ5.

وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوًا مِنْهُ.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا أَعْجَبُ ابْنَ عُمَرَ شَيْءٌ إِلا قَدَّمَهُ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عمرو بْنِ حَمَاسٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَرت هَذِهِ الآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، فَمَا وَجَدْتُ شَيْئًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَارِيَتِي رُمَيْثَةَ، فَعَتَقْتُهَا، فَلَوْلا أَنِّي لا أَعُودُ فِي شَيْءٍ جَعَلْتُهُ لِلَّهِ لَنَكَحْتُهَا، فَأَنْكَحْتُهَا نَافِعًا، فَهِيَ أَمُّ وَلَدِهِ6.

وَقَالَ قُتَيْبَةُ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، ثنا عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ رَقِيقُ عَبْدِ اللَّهِ رُبَّمَا شَمَّرَ أَحَدُهُمْ فَيَلْزَمُ الْمَسْجِدَ فيُعْتِقُهُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: إِنَّهُمْ

1 خبر صحيح: الحلية "1/ 303"، السير "3/ 215".

2 خبر صحيح: السير "3/ 215".

والمهراس: هو صخرة منقورة يعمل منها حياض الماء.

3، 4 السير "3/ 215".

5 خبر حسن: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 347"، وانظر: السير "3/ 216".

6 بنحوه في السير "3/ 218"، الحلية "1/ 296".

ص: 272

يَخْدَعُونَكَ، فيَقُولُ: مَنْ خَدَعَنَا بِاللَّهِ انْخَدَعْنَا لَهُ، وَمَا مَاتَ حَتَّى أَعْتَقَ أَلْفَ إِنْسَانٍ أَوْ زَادَ، وَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً1.

الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ كُتُبٌ يَنْظُرُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ.

الصَّائِغُ صَدُوقٌ، قال أبو حاتم: لا يحتج به.

وقال ابْنُ وَهْبٍ: أنبأ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلامًا لَهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةَ، فَكَانَ يَعْمَلُ عَلَى حُمُرٍ لَهُ حَتَّى أَدَّى خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفًا، فَجَاءَهُ إنسان فقال: أمجنون أنت ههنا تُعَذِّبُ نَفْسَكَ وَابْنُ عُمَرَ يَشْتَرِي الرَّقِيقَ، وَيُعْتِقُ! ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ: قَدْ عَجَزْتُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ عَجَزْتُ وَهَذِهِ صَحِيفَتِي فَامْحُهَا، قَالَ: لا، وَلَكِنْ أَمْحُهَا إِنْ شِئْتَ، فَمَحَاهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، أَحْسَنْتَ، أَحْسِنْ إِلَى ابْنَيَّ هَذَيْنِ. قَالَ: هُمَا حُرَّانِ. قَالَ: أَحْسِنْ إِلَى أُمَّيْهِمَا. قَالَ: هما حرتان، فَأَعْتَقَ الْخَمْسَةَ2.

وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَعْطَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر بن عُمَرَ بِنَافِعٍ عَشْرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ، فَدَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ امْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا، قَالَتْ: فَمَا تَنْتَظِرُ! قَالَ: فَهَلا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ هُوَ حرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ3.

وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَلْعَنَ خَادِمًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَ، فَلَمْ يُتِمَّهَا، وَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لا أُحِبُّ أَنْ أَقُولَهَا4.

وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَتَى ابْنُ عمر ببضعة وعشرين ألفًا، فما قَامَ حَتَّى فَرَّقَهَا وَزَادَ عَلَيْهَا5.

وَرَوَى بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَيُقَسِّمُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ ثَلاثِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يَأْتِي عَلَيْهِ شَهْرٌ مَا يَأْكُلُ مزعة من لحم.

1 الحلية "1/ 296".

2 خبر صحيح: السير "3/ 217".

3 خبر صحيح: الحلية "1/ 296".

4 خبر صحيح: أخرجه عبد الرزاق "19533"، وأبو نعيم "1/ 307" في الحلية.

5 الحلية "1/ 296".

ص: 273

وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَمَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ1.

وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: اشْتَهَى ابْنُ عُمَرَ الْعِنَبَ فِي مرضه في غير وقته، فجاؤوه بِسَبْعِ حَبَّاتِ عِنَبٍ بِدِرْهَمٍ فَجَاءَ سَائِلٌ، فَأَمَرَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَذُقْهُ2.

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ نَافِعٍ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ أَتِيَ بِجَوَارِشَ3 فَكَرِهَهُ وَقَالَ: مَا شَبِعْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا4.

وقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ بِالْمَالِ، فَيَقْبَلُهُ وَيَقُولُ: لا أَسْأَلُ أَحَدًا، وَلا أَرُدُّ مَا رَزَقَنِي اللَّهُ عز وجل5.

قلت: والمختار هُوَ أَخُو صَفِيَّةَ زَوْجَةِ ابْنِ عُمَرَ.

وَقَالَ قبيصة، ثنا سفيان، عن أبي الوازع، قُلْتُ لابْنِ عُمَرَ: لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ لَهُمْ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنِّي لَأَحْسَبُكَ عِرَاقِيًّا، وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُغْلِقُ عَلَيْهِ ابْنُ أُمِّكَ بَابَهُ! 6.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي لأَخْرُجُ وَمَا لِي حَاجَةٌ إِلا لأُسَلِّمَ عَلَى النَّاسِ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيَّ.

قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، مَكَثَ سِتِّينَ سَنَةً يُفْتِي النَّاسَ7.

وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ قائمًا يصلي، فلو رَأَيْتَهُ مُقْلَوْلِيًا، وَرَأَيْتُهُ يَفُتُّ الْمِسْكَ فِي الدُّهْنِ يدهن به.

1 خبر صحيح: الحلية "1/ 296".

2 خبر صحيح: أخرجه الطبراني كما في المجمع "9/ 347"، وابن سعد "4/ 158"، وأبو نعيم "1/ 297".

3 الجوارش: المسهل للطعام، والمقوي للمعدة.

4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 150"، وأبو نعيم "1/ 300" في الحلية.

5 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "4/ 150".

6 خبر حسن: الطبقات الكبرى "4/ 161".

7 تاريخ بغداد "1/ 172" للخطيب.

ص: 274

وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ، قال: أوتعفيني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: فَمَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ يَقْضِي؟! قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْعَدْلِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَفْلِتَ مِنْهُ كَفَافًا"1 فَمَا أَرْجُو بَعْدَ ذَلِكَ؟. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّكَ مَحْبُوبٌ إِلَى النَّاسِ، فَسِرْ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: بِقَرَابَتِي وَصُحْبَتِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالرَّحَمِ الَّتِي بَيْنَنَا، فَلَمْ يُعَاوِدْهُ2.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعْثَ إِلَيَّ عَلِيٌّ: إِنَّكَ مُطَاعٌ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَسِرْ، فَقَدْ أَمَّرْتُكَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّه وَصُحْبَتِي إِيَّاهُ إِلا مَا أَعْفَيْتَنِي، فَأَبَى عَلِيٌّ، فَاسْتَعَنْتُ عَلَيْهِ بِحَفْصَةَ، فَأَبَى، فَخَرَجْتُ لَيْلا إِلَى مَكَّةَ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَبَعَثَ فِي أَثَرِي، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ حَفْصَةُ: إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الشَّامِ، إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ3.

وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنَّا وَابْنُ عُمَرَ شَاهِدٌ، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ أَحَقُّ مِنْكَ مِنْ ضَرَبَكَ عَلَيْهِ وَأَبَاكَ، فَخِفْتُ الْفَسَادَ4.

وَرَوَى عِكْرِمَةُ، عَنْ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْحَكَمَيْنِ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فليطلع إلى قرنه، فلنحن أحق بهذا الأمر، قَالَ: فَحَلَلْتُ حَبْوَتِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ به من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ الْجَمْعَ وَتُسْفِكُ الدِّمَاءَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجِنَانِ5.

وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى، وَعَمْرُو لِلتَّحْكِيمِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لِهَذَا الأَمْرِ غَيْرَ عبد الله بن عمر، فقال عمرو

1 حديث ضعيف: أخرجه الترمذي "1322"، وفيه ابن أبي جميلة، وهو من المجاهيل.

2 خبر ضعيف: السير "3/ 224" فيه ليث بن أبي سليم من الضعفاء.

3 خبر صحيح: السير "3/ 224".

4 الطبقات "4/ 182".

5 خبر صحيح: أخرجه البخاري "7/ 309"، وعبد الرزاق "5/ 465" في مصنفه.

ص: 275

لابْنِ عُمَرَ: أَمَا تُرِيدُ أَنْ نُبَايِعَكَ؟ فَهَلْ لك أن تعطى مالا عظيما، على أن تدع هذا الأمر لمن هو أحرص عليك منه، فَغَضِبَ وَقَامَ، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّمَا قَالَ: تُعْطَى مَالا عَلَى أَنْ أُبَايِعَكَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أعطي عليها ولا أعطى عليها وَلا أَقْبَلُهَا إِلا عَنْ رِضَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ1.

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ نَزَّالٍ الأيْلِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ قَالَ: قَالَ مَرْوَانُ لابْنِ عُمَرَ: أَلا تَخْرُجُ إِلَى الشَّامِ فَيُبَايِعُوكَ؟ قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: تُقَاتِلُهُمْ بِأَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ يُبَايِعَنِي النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا أَهْلَ فدك، وإني أقاتلهم فَقُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ مَرْوَانُ:

إِنِّي أَرَى فِتْنَةَ تَغْلِي مَرَاجِلُهَا

وَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا2

قُلْتُ: أَبُو لَيْلَى هُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ.

وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ فِطْرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ عُمَرَ: مَا أَحَدٌ شَرٌّ لأُمَّةِ مُحَمَّدِ صلى الله عليه وسلم مِنْكَ، قَالَ: وَلِمَ! قَالَ: إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ مَا اخْتَلَفَ فِيكَ اثْنَانِ، قَالَ: مَا أَحَبَّ أَنَّهَا أَتَتْنِي وَرَجُلٌ يَقُولُ: لا، وَآخَرُ يَقُولُ: بَلَى3.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الْخَشَبِيَّةِ4 وَالْخَوَارِجِ وَهُمْ يَقْتَتِلُونَ، فَقَالَ: مَنْ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ أَجَبْتُهُ، وَمَنْ قَالَ: حَيَّ عَلَى قَتْلِ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ وَأَخْذِ مَالِهِ، فَلا5.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا بن عُمَرَ فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ أمر هذا الأُمَّةِ مَا وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ أُقَاتِلَ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةِ كَمَا أَمَرَنِي اللَّهُ، فقلنا له: ومن ترى هذه الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ؟ قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ بَغَى عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَنَكَثَ عَهْدَهُمْ6.

1 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "1/ 293، 294" في الحلية.

2 خبر حسن: السير "3/ 227".

3 خبر حسن: السابق.

4 الخشبية: هم أصحاب الملحد المختار بن أبي عبيد.

5 خبر حسن: أخرجه ابن سعد "4/ 169"، وأبو نعيم "1/ 309" في الحلية.

6 خبر صحيح: السير "3/ 229".

ص: 276

الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَيَّاشٍ الْعَامِرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلا عَلَى ثَلاثٍ: ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ، وَمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ، وَأنِّي لَمْ أُقَاتِلْ هَذِهِ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ بِنَا، يَعْنِي الْحَجَّاجَ1.

قُلْتُ: هَذَا ظَنٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَإِلا فَهُوَ قَدْ قَالَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَصَابَتِ ابْنَ عُمَرَ عَارِضَةُ الْمَحْمَلِ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ، فَمَرِضَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ، فَلَمَّا رآه ابن عمر أغمض عينيه، قال: فَكَلَّمَهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَقُولُ: إِنِّي عَلَى الضَّرْبِ الأَوَّلِ2.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدِمَ حَاجًّا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ وَقَدْ أَصَابَهُ زُجُّ رُمْحٍ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَكَ؟ قَالَ: أَصَابَنِي مَنْ أَمَرْتُمُوهُ بِحَمْلِ السِّلاحِ فِي مَكَانٍ لا يَحِلُّ فِيهِ حَمْلُهُ3، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

قَالَ الأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ: ثنا خَالِدُ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَرَّفَ كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عمر: كذبت كذبت، ما يستطيع لا ذلك وأنت مَعَهُ، فَقَالَ: اسْكُتْ فَإِنَّكَ قَدْ خَرِفْتَ وَذَهَبَ عَقْلُكَ يُوشِكُ شَيْخٌ أن يُضْرَبَ عُنُقَةُ فَيُجَرُّ، قَدِ انْتَفَخَتْ خُصْيَتَاهُ، يَطُوفُ بِهِ صِبْيَانُ أَهْلِ البقيع4.

وقال أيوب، وغيره، عن نافع قال: قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، فَحَلَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ لَيَقْتُلَنَّ ابْنَ عُمَرَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ: إِيها، جِئْتَنَا لِتَقْتُلَ ابْنَ عُمَرَ! قَالَ: وَمَنْ يَقُولُ هَذَا، وَمَنْ يَقُولُ هَذَا.

زَادَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: وَاللَّهِ لا أَقْتُلُهُ5.

وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَ ابْنُ عُمَرَ سَبْعًا وَثَمَانِينَ سنة.

1 صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 185".

2 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 186".

3 خبر صحيح: أخرجه البخاري "2/ 379"، وابن سعد "4/ 186".

4 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 184".

5 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "4/ 183" وغيره.

ص: 277

قُلْتُ: بَلَغَ أَرْبَعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.

قَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْهَيْثَمُ، وَأَبُو نعيم، وابن المديني، وأبو بكر بن شَيْبَةَ، وَأَبُو مُسْهِرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.

قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.

وَعَنْ نَافِعٍ، وَغَيْرِهِ، أن ابْنَ عُمَرَ أَوْصَى عِنْدَ الْمَوْتِ: ادْفِنُونِي خَارِجَ الْحَرَمِ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: فَدَفَنَّاهُ بِفَخٍّ1 فِي مَقْبَرَةِ الْمُهَاجِرِينَ2.

زَادَ بَعْضُهُمْ: وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ.

200-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ3 بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الهاشمي.

قال خليف: قُتِلَ بِسِجِسْتَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، كَذَا قَالَ فِي "تَارِيخِهِ".

وَقَالَ فِي "الطَّبَقَاتِ": إِنَّ الَّذِي قُتِلَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بِسِجِسْتَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمَخْزُومِيُّ الَّذِي وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ.

201-

عَبْدُ الله بن عياش بن أبي ربيع عَمْرُو بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ4.

وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ وَشَرَفٌ، وَكَانَ مِنْ أَقْرَأِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأقْوَمِهِمْ بِهِ.

قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وسمع من: عمر، وَأَبِيهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ الْحَارِثُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سعيد بن

1 فخ: اسم واد بمكة المكرمة.

2 الطبقات الكبرى "4/ 188".

3 انظر: تاريخ خليفة "277".

4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 144"، وأسد الغابة "3/ 262"، والإصابة "2/ 371".

ص: 278

الْعَاصِ، وَزِيَادُ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ مَوْلاهُ أَيْضًا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ: ثنا مَالِكٌ، قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ حَدِيثًا لا أَدْرِي عَمَّنْ حَدَّثَ بِهِ قَالَ: "يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ لا تَدَعْ أحدًا في قلبه من الخير إِلا أَمَاتَتْهُ"1.

وَقَدْ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَيَّاشٍ الْقُرْآنَ مَوْلاهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحَدُ الْعَشَرَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى مَوْلاهُ عَبْدِ اللَّهِ.

وَالَّذِي أَعْتَقِدُ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بَقِيَ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ كَمَا غَلَطَ بَعْضُهُمْ وَصَحَّفَ سَبْعِينَ بِأَرْبَعِينَ.

202-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ2 بْنِ الأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ.

رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَغَيْرُهُ.

وَلَهُ حَدِيثٌ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ". وَقَدْ وَلاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْكُوفَةِ، فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُخْتَارُ هَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَدِمَ مَكَّةَ، فَكَانَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ، وَكَانَ عَلَى قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ أَيْضًا.

الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ: كَيْفَ نَجَوْتَ يَوْمَ الْحَرَّةِ؟ قَالَ: كنا نَقُولُ: لَوْ أَقَامُوا شَهْرًا مَا فَعَلُوا بِنَا شَيْئًا، فلما صنع بنا وَوَلَّى النَّاسُ ذَكَرْتُ قَوْلَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ:

وَعَلِمْتُ أَنِّي إِنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا

أُقْتَلْ وَلا يَضْرُرْ عَدُوِّي مَشْهَدِي

فَتَوَارَيْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ قَالَ عِيسَى: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: نَجَا ابْنُ مُطِيعٍ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَنَجَا وَلَحِقَ بِالْعِرَاقِ، وَكَثُرَ عَلَيْنَا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَكِنْ مِنْ رَأْيِي الصَّفْحَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ من قومي3.

1 صح الحديث من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 144"، والاستيعاب "2/ 327"، والبداية "8/ 345".

3 خبر ضعيف: أخرجه ابن سعد "5/ 146، 147" وفيه الواقدي من الضعفاء.

ص: 279

وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قَالَ: اسْتَعْمَلَ أَبِي عَلَى الْكُوفَةِ ابْنَ مُطِيعٍ.

وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَقَدِمَ الْمُخْتَارُ الْكُوفَةَ، وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، فَهَرَبَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنَ الْكُوفَةِ، وَلَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَانَ مَعَهُ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِيَسِيرٍ فِي الْحِصَارِ، أَصَابَهُ حَجَرُ الْمَنْجَنِيقِ فَقَتَلَهُ بِمَكَّةَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ.

203-

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلُولِيُّ1 الْكُوفِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْفُصَحَاءِ.

مَدَحَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ أَنْ هَجَاهُ لَمَّا استُخْلِفَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَبْيَاتٍ:

شَرِبْنَا الْغَيْظَ حَتَّى لَوْ سُقِينَا

دِمَاءَ بَنِي أُمَيَّةَ مَا رَوِينَا

وَلَوْ جَاءُوا بِرَمْلَةَ أَوْ بهِنْدِ

لَبَايَعْنَا أَمِيرَةَ مُؤْمِنِينَا

204-

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى –ع- الخزاعي مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ2.

اسْتَنَابَهُ نَافِعٌ عَلَى مَكَّةَ حِينَ انْتَقَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عُسْفَانَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: ابْنُ أَبْزَى، وَقَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ سَكَنَ الْكُوفَةَ وَوَلِيَهَا مِرَّةً.

وَلَهُ صُحْبَةٌ ورواية، وروى أيضا عن: أبي بكر، وعمر، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَمَّارٍ.

روى عنه: ابناه سعيد، وعبد الله، والشعبي، وعلقمة بن مرثد، وأبو إسحاق السبيعي، وجماعة.

وذكر ابن الأثير أن عَلِيًّا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى خُرَاسَانَ.

وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ قَالَ: ابْنُ أَبْزَى مِمَّنْ رَفَعَهُ اللَّهُ بِالْقُرْآنِ.

205-

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ3 –ع- الْهُذَلِيُّ الْكُوفِيُّ.

تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَقَدْ حَفِظَ عَنْ أَبِيهِ شَيْئًا.

وَرَوَى عَنْ: علي، والأشعث بن قيس، ومسروق، وغيرهم.

1 انظر: طبقات الشعراء "2/ 625"، خزانة الأدب "3/ 638".

2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 462"، والاستيعاب "2/ 417"، والإصابة "2/ 388".

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 181"، والتهذيب "6/ 215، 216".

ص: 280

روى عنه: ابناه القاسم ومعن وهما علواء الْكُوفَةِ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَآخَرُونَ.

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ لا هُوَ وَلا أَخُوهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ أَبِيهِمَا شيئًا. قلت: وحدثه في الصحيحين عن مسروق وحديثة في السنين الأربعة عن أبيه وهو قليل الحديث.

206-

عبد الرحمن بن عبد القاري –ع- المدني1.

وَالْقَارَّةُ وَعَضَلٌ أخَوَانِ مِنْ ذُرِّيَّةِ مُدْرِكَةِ بْنِ إلياس. قال أبو داود: لأتى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو صغير، قلت: روى عن عمر والي طلحة بن زيد بن سطل وأبي أيوب خالد بن زيد.

وروى عنه: عروة وعبيد الله بن عبد اللَّهِ وَالأَعْرَجُ وَالزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

وَعَاشَ ثَمَانِيًا وَسَبْعِينَ سنة، توفي سنة ثمانين، وَهُوَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ الْكِبَارِ.

207-

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عثمان –م د ن-بن عبيد الله القرشي2 التيمي، ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ.

لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الْفَتْحِ.

وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَمِّهِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَغَيْرِهِمْ.

رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ، وَعُثْمَانُ، وَمُعَاذُ، وَهِنْدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَغَيْرُهُمْ.

وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: شَارِبُ الذَّهَبِ. وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيِّ.

قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ.

208-

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسيلة3 أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيُّ الصُّنَابِحِيُّ نَزِيلُ الشَّامِ.

هَاجَرَ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ قدومه بخمس أو ست ليال.

1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 57"، وأسد الغابة "3/ 307"، والسير "4/ 14، 15".

2 انظر: الاستيعاب "2/ 404"، الإصابة "2/ 410".

3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 509"، والاستيعاب "2/ 426"، والبداية "8/ 323".

ص: 281

وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَمُعَاذٍ، وَبِلالٍ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِمْ.

رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، وَمَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَجَمَاعَةٌ.

وَكَانَ صَالِحًا، عَارِفًا، كَبِيرَ الْقَدْرِ.

قَالَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ ابنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَهْ، لِمَ تَبْكِي، فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتُشْهِدْتُ لأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لأَشْفَعَنَّ لَكَ، وَلَئِنِ اسْتَطَعْتَ لأَتَّبِعَنَّكَ. ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلا حَدَّثْتُكُمُوهُ، إِلا حَدِيثًا وَاحِدًا، وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ فِي الْمَوْتِ وَقَدْ أُحِيطَ بِنَفْسِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ"1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: مَا فَاتَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلا بِخَمْسِ لَيَالٍ، قُبِضَ وَأَنَا بِالْجُحْفَةِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، وَأَصْحَابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، فَسَأَلْتُ بِلالا عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَلَمْ تُعْتِمْ. فقال: لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ2.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثنا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: كُنَّا عِنْدِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَأَقْبَلَ الصُّنَابِحِيُّ، فَقَالَ عُبَادَةُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إلى رجل كأنما زقي بِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَعَمِلَ عَلَى مَا رَأَى فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا.

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيُّ أَدْرَكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ يَرْوِي عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ، يُشْبِهُ أن يكون له صحبة.

وقال علي بن الْمَدِينِيِّ: الَّذِي رَوَى عَنْهُ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الْحَوْضِ هُوَ الصُّنَابِحُ بْنُ الأَعْسَرِ الأَحْمَسِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الرحمن بن عسيلة

1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "الإيمان/ 47"، والترمذي "2638" والنسائي "7/ 76"، وأحمد "5/ 318".

2 أخرجه ابن سعد "7/ 510" ويخشى من عنعنة ابن إسحاق، إمام المغازي.

ص: 282

الصُّنَابِحِيُّ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: هَؤُلاءِ الصُّنَابِحِيُّونَ إِنَّمَا هُمُ اثْنَانِ فَقَطْ: الصُّنَابِحُ الْأَحْمَسِيُّ، وَهُوَ: الصُّنَابِحُ بْنُ الأَعْسَرِ، فَمَنْ قَالَ: الصُّنَابِحِيُّ فِيهِ فَقَدْ أَخْطَأَ، يَرْوِي عَنْهُ الْكُوفِيُّونَ، قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَغَيْرُهُ.

وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ الصُّنَابِحِيُّ، يَرْوِي عَنْهُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الشَّامِ، دَخَلَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِثَلاثِ أَوْ أَرْبَعِ لَيَالٍ.

رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَبِلالٍ، وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَمَنْ قَالَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَمَنْ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَجَعَلَ كُنْيَتَهُ اسْمَهُ.

قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ.

209-

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ1 نَزِيلُ فِلَسْطِينَ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو سَلامٍ مَمْطُورٌ الْحَبَشِيُّ الأَسْوَدُ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ، بَعَثَهُ عُمَرُ إِلَى الشَّامِ يُفَقِّهُ النَّاسَ.

وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ هَاجَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.

قُلْتُ: وَخَرَّجَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ لَهُ أَحَادِيثُ، وَهِيَ مَرَاسِيلُ فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ.

وَذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فِي الصَّحَابَةِ.

وَذُكِرَ عَنِ اللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيعَةَ أَنَّهُمَا قَالا: له صحبة.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 441"، والسير "4/ 45"، والإصابة "3/ 97".

ص: 283

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: وَبِفِلَسْطِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ، وَهُوَ رَأْسُ التَّابِعِينَ.

وَقَالَ الْهَيْثَمُ، وَخَلِيفَتُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ.

210-

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ1 أَبُو حَاتِمٍ الثَّقَفِيُّ الأَمِيرُ، ابْنُ صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَمِيرُ سِجِسْتَانَ.

وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْكِرَامِ الأَجْوَادِ.

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَغَيْرُهُمَا.

وَقَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ.

قَالَ خَلِيفَةُ: وَفِي سَنَةِ ثَلاثِ وَخَمْسِينَ عُزِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ سِجِسْتَانَ، وَكَانَ قَدْ وَلِيَهَا فِي سَنَةِ خَمْسِينَ، ثُمَّ وَلِيَهَا فِي إِمْرَةِ الْحَجَّاجِ.

كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ.

قَالَ أَبُو هِلالٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَأَيْنَاهُ يَتَوَضَّأُ بِالْبَصْرَةِ هَذَا الْوُضُوءِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، فَقُلْتُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْحَبَشِيُّ يَلُوطُ إِسْتَهُ، يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ.

وقال أحمد العجلي: وهو تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ، عَنْ مُؤَرِّجٍ قَالَ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ مِنَ الأَجْوَادِ، فَاشْتَرَى جَارِيَةً يَوْمًا بِمَالٍ عَظِيمٍ، فَطَلَبَ دَابَّةً تُحْمَلُ عَلَيْهَا، فَجَاءَ رجل فنزل عن دابته، فحملها عليها، وقال لَهُ: اذْهَبْ بِهَا إِلَى مَنْزِلِكَ.

وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ يُنْفِقُ عَلَى جِيرَانِهِ، يُنْفِقُ عَلَى أَرْبَعِينَ دَارًا عَنْ يَمِينِهِ، وَأَرْبَعِينَ عَنْ يَسَارِهِ، وَأَرْبَعِينَ أمامه، وأربعين ورائه، سَائِرُ نَفَقَاتِهِمْ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بِالتُّحَفِ وَالْكِسْوَةِ وَيُزَوِّجُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمُ التَّزْوِيجَ، وَيُعْتِقُ فِي كُلِّ عيد مائة عبد.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 190"، السير "4/ 138".

ص: 284

وَرَوَى قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَجَّهَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ أَصَابَتْنِي عِلَّةٌ، فَوُصِفَ لِي لَبَنُ الْبَقَرِ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِسَبْعِمِائَةِ بَقَرَةً وَرُعَاتِهَا.

وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بن محارب؟ وذكره الكلبي؟ أنه يَزِيدَ بْنَ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيَّ قَدِمَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ بِسِجِسْتَانَ، فَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، فَانْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ:

يُسَائِلُنِي أَهْلُ الْعِرَاقِ عَنِ النَّدَى

فَقُلْتُ: عُبَيْدُ اللَّهِ حِلْفُ الْمَكَارِمِ

فَتَى حَاتِمِيٍّ فِي سِجِسْتَانَ دَارُهُ

وَحَسْبُكَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كَحَاتِمِ

سَمَا لِبِنَاءِ الْمَكْرُمَاتِ فَنَالَهَا

بِشِدَّةِ ضِرْغَامٍ وَبَذْلِ الدَّرَاهِمِ

وقَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ بِسِجِسْتَانَ.

211-

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ الْقُرَشِيُّ1 الْعَامِرِيُّ الْحِجَازِيُّ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْمُجَوِّدِينَ. مَدَحَ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي أَيَّامِ عُمَرَ.

وَهُوَ الْقَائِلُ:

خَلِيلَيَّ مَا بَالُ الْمَطَايَا كَأَنَّهَا

نَرَاهَا عَلَى الْأَدْبَارِ بِالْقَوْمِ تَنْكُصُ

الأَبَيْاتُ الْمَشْهُورَةُ.

وَقِيلَ لِأَبِيهِ: قَيْسُ الرُّقَيَّاتِ؛ لِأَنَّ لَهُ جَدَّاتٍ عِدَّةً يُسَمَّيْنَ رُقَيَّةَ.

212-

عُبَيْدُ بْنِ نُضَيْلَةَ –م 4- أبو معاوية الخزاعي2 الكوفي المقرئ، مُقْرِئُ أَهْلِ الْكُوفَةِ.

سَمِعَ: الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، ومسروقًا، وعبيد السَّلْمَانِيَّ، وَأَرْسَلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ على علقمة.

قرأ عليه: حمران بن أعين، ويحيى بن وثاب، وروى عنه: إبراهيم النخعي، وأشعث بن سليم، والحسن العرني.

1 انظر: الشعر والشعراء "2/ 450"، والبداية "8/ 328".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 117"، والتاريخ الكبير "6/ 5".

ص: 285

قيل: إنه توفي في ولاية بشر بن مروان العراق، وكان مقرئ أهل الكوفة في زمانه، ويقال: قَرَأَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ الْكِسَائِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، قُلْتُ: فَيَحْيَى عَلَى مَنْ قَرَأَ؟ قَالَ: عَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ، وَقَرَأَ عُبَيْدٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.

213-

عُبَيدُ بْنُ عُمَيْرِ1 بْنِ قَتَادَةَ أَبُو عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ الْجُنْدَعِيُّ الْمَكِّيُّ الْوَاعِظُ الْمُفَسِّرُ.

وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِيهِ عُمَيْرٍ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ، وَكَانَ ثِقَةً إِمَامًا.

قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَصَّ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ2.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُ: خَفِّفْ فَإِنَّ الذِّكْرَ ثَقِيلٌ، تَعْنِي إِذَا وَعَظْتَ3.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى قَفَاهُ، وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ.

تُوُفِّيَ قَبْلَ وَفَاةِ ابْنِ عُمَرَ بِيَسِيرٍ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.

214-

عَبِيدَةُ بْنُ عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ4 الْمُرَادِيُّ، من سَلْمَانَ بْنِ نَاجِيَةَ بْنِ مُرَادٍ. كَانَ أَحَدَ الفقهاء الكبار بالكوفة.

1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 463"، والاستيعاب "2/ 441"، أسد الغابة "3/ 353".

2 الطبقات الكبرى "5/ 463".

3 خبر صحيح: الطبقات الكبرى "5/ 463".

4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 93"، أسد الغابة "3/ 356"، البداية "8/ 328".

ص: 286

أَسْلَمَ زمَنَ الْفَتْحِ، وَلَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَأَخَذَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.

رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعيُّ، وَالشَّعْبيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، وَأَبُو حَسَّانٍ مُسْلِمُ الأَعْرَجُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ عَبيدَةُ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْقَضَاءِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: كَانَ عَبِيدَةُ أَعْوَرَ، وَكَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِينَ يُفْتُونَ وَيُقْرِئُونَ.

وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا كَانَ أَشَدَّ تَوَقِّيًا مِنْ عَبِيدَةَ.

وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ مُكْثِرًا عَنْ عَبِيدَةَ.

هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: سَمِعْتُ عَبِيدَةَ يَقُولُ: أَسْلَمْتُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَنَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ وَلَمْ أَلْقَهُ.

هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الأَشْرِبَةِ، فَمَا لِي شَرَابٌ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً إِلا الْعَسَلُ وَاللَّبَنُ وَالْمَاءُ.

هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِعَبِيدَةَ: إِنَّ عِنْدَنَا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَسٍ، فَقَالَ: لأَنْ يَكُونَ عِنْدِي مِنْهُ شَعْرةٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ1.

تُوُفِّيَ عَلَى الصَّحِيحِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.

قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: كُنْيَتُهُ أَبُو مُسْلِمٍ، وَأَبُو عَمْرٍو.

215-

الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ2 أَبُو نَجِيحٍ السُّلَمِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحَدُ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ الَّتِي بِمَسْجِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ البكائين الذين نَزَلَ فِيهِمْ {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} [التوبة: 92] الآيَةَ.

سَكَنَ حِمْصَ.

رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأبي عبيدة.

1 خبر صحيح: أخرجه ابن سعد "6/ 95".

2 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 276"، والحلية "2/ 113"، والسير "3/ 419".

ص: 287

رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو رُهْمٍ السَّمَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْمُهَاجِرُ بْنُ حَبِيبٍ، وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَآخَرُونَ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا سَعِيدُ بن أَيُّوبَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُقْبَضَ، فَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي وَوَهَنَ عَظْمِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا يَوْمًا فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ أُصَلِّي وَأَدْعُو أَنْ أُقْبَضَ إِذَا أَنَا بِفَتًى شَابٍّ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَعَلَيْهِ دُوَّاجٍ أَخْضَرَ1، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُو بِهِ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ أدعو يا بن أَخِي؟ قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ حَسِّنِ الْعَمَلَ وَبَلِّغِ الأَجَلَ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا رَتَبَايِيلُ الَّذِي يَسِلُّ الْحُزْنَ مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا2.

وَقَالَ إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ وَلَهُ اسْمٌ لا يُحِبُّهُ غَيَّرَهُ، وَلَقَدْ أَتَيْنَاهُ وَإِنَّا لَسَبْعَةٌ من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فَبَايَعْنَاهُ3.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا أَبُو بَكْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: لَوْلا أَنْ يُقَالَ: فَعَلَ أَبُو نَجِيحٍ لأَلْحَقْتُ مَالِي سُبُلَهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَةِ لُبْنَانَ، فَعَبَدْتُ اللَّهَ حَتَّى أَمُوتَ4.

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ: سَمِعْتُ عُمَرَ أَبَا حَفْصٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: أَعْطَى مُعَاوِيَةُ الْمِقْدَامَ حِمَارًا مِنَ الْمَغْنَمِ، فَقَالَ لَهُ الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ: مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَكَ، كَأَنِّي بِكَ فِي النَّارِ تَحْمِلُهِ عَلَى عُنُقِكَ، فَرَدَّهُ5.

قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

1 داوج أخضر: نوع من الثياب.

2 السير "3/ 421".

3 حديث حسن: أخرجه الطبراني كما في "المجمع""8/ 51، 52".

4 الطبقات الطبرى "4/ 276".

5 السير "3/ 422".

ص: 288

216-

عَطِيَّةُ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ1 –ت- أَخُو عَبْدِ اللَّهِ، وَلَهُمَا صُحْبَةٌ.

ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهِمَا فَقَدَّمَا لَهُ تمرًا وزبدًا، وكان يحب الزبد.

قال صَدَقَةُ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ ابْنَيْ بُسْرٍ وَلَمْ يُسَمِّهِمَا.

217-

عَطِيَّةُ السعدي –د ت ق- بن عروة، وَيُقَالُ: ابْنُ سَعْدٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ عَمْرِو بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الْقَيْنِ.

لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَنَزَلَ الْبَلْقَاءَ بِالشَّامِ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِالْبَلْقَاءِ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ أَبُو عُرْوَةَ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْمُهَاجِرِ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ.

قَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"الْيَدُ الْمُعْطِيَةُ خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السفلى"2.

218-

عقبة بن صهبان –خ م د ق- الأزدي البصري3.

رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَعِيَاضِ بْنِ عَمَّارٍ، وَغَيْرِهِمْ.

رَوَى عَنْهُ: الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ وِلايَةِ الْحَجَّاجِ عَلَى الْعِرَاقِ، قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً.

219-

عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ –ع- الليثي العتواري المدني4.

جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ.

سَمِعَ: عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَمْرٌو، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ.

وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وكان قليل الرواية.

1 انظر: الاستيعاب "3/ 145"، الإصابة "2/ 484"، البداية "8/ 328".

2 حديث حسن: أخرجه أحمد "4/ 226"، وله شواهد.

3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 146"، والجرح والتعديل "6/ 312".

4 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 60"، والاستيعاب "3/ 126"، وأسد الغابة "4/ 15".

ص: 289

220-

عمارة بن رؤيبة -م د ت ن- الثقفي1.

صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، كُنْيَتُهُ أَبُو زُهَيْرَةَ.

رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ عَلِيٍّ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

وَهُوَ الَّذِي رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَخْطُبُ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

221-

عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ2 بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالٍ، أَبُو حَفْصٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، رَبِيبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وُلِدَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ خَطَأٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلُ.

وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ.

قُلْتُ: لَمَّا تُوُفِّيَ وَالِدُهُ أَبُو سَلَمَةَ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلادٍ: عُمَرُ، وَهُوَ الأَكْبَرُ فِيمَا أَرَى، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ، وَدُرَّةُ، وَقَدْ تَزَوَّجَ عُمَرُ، وَاسْتَفْتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، وَقَدْ تَزَوَّجَ نَبِيُّ اللَّهِ بِأُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَوَرَدَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَوَّجَ أُمَّهُ3، وَأنَّهُ كَانَ صَبِيًّا مُمَيِّزًا.

وَكَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي أُطُمِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مَعَ النِّسَاءِ، فَكَانَ يَحْمِلُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِيَنْظُرَ، فَهَذِهِ الأَشْيَاءُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلَ عَامِ الْهِجْرَةِ وَلا بُدَّ.

وَكَانَ عِنْدَ أُمِّهِ أمِّ سَلَمَةَ، وَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"يَا بُنَيَّ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ"4.

وروى عن أمه.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 40"، والاستيعاب "3/ 20"، وأسد الغابة "4/ 49".

2 انظر: الاستيعاب "2/ 474"، أسد الغابة "4/ 79"، والتهذيب "7/ 455".

3 حديث صحيح: أخرجه النسائي "6/ 81".

4 حديث صحيح: أخرجه البخاري "9/ 458"، ومسلم "2022"، وأبو داود "3787"، والترمذي "1858".

ص: 290

رَوَى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَابْنُ الُمُسَيِّبُ، وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، وَقُدَامَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَأَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمْ.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ مِنَ الرَّضَاعِ1.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ. ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الْأَثِيرِ قَدْ وَرَّخَ مَوْتَهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ، فَيُؤَخَّرُ.

222-

عَمْرُو بْنُ أَخْطَبَ –م 4- أبو زيد الأنصاري2 الخزرجي الأعرج.

غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاثَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ" 3 فَبَلَغَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَبْيَضَّ مِنْ شَعْرِهِ إِلا الْيَسِيرُ.

نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَلَهُ بِهَا مَسْجِدٌ.

رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَادِيثَ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ بَشِيرٌ، وَيَزِيدُ الرِّشْكُ، وعلباء بْنُ أَحْمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.

223-

عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ4 وَيُقَالُ: عُمَيْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، أَبُو عِيَاضٍ الْعَنْسِيُّ الْحِمْصِيُّ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ سَكَنَ دَارَيَّا، وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مِنْ كِبَارِ تَابِعِيِّ الشَّامِ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأُمِّ حَرَامِ بِنْتِ ملحان، وَغَيْرِهِمْ.

رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، وَيُوسُفُ بْنُ سَيْفٍ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنَ سُمَيْعٍ: عَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ هُوَ عُمَيْرُ بْنُ الأَسْوَدِ، يُكَنَّى أَبَا عِيَاضٍ.

قُلْتُ: وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحُ البخاري في الجهاد: عمير بن الأسود.

1 السير "3/ 408".

2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 28"، والاستيعاب "2/ 524"، وأسد الغابة "4/ 190".

3 حديث حسن: أخرجه ابن سعد "7/ 28"، وأحمد "5/ 77، 341"، والترمذي "3629".

4 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، السير "4/ 79"، الإصابة "3/ 120".

ص: 291

وقال أحمد في مسنده: ثنا أَبُو الْيَمَانِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وَحَكَى ابْنُ عُمَيْرٍ قَالا: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: "من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هَدْيِ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ"1، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ضَمْرَةَ فَقَطْ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى عُمَرَ.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا بَقِيَّةُ، عَنْ أَرْطَأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنِي زُرَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الألهاني، أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي، فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هَذَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ بِقِرًى وَعَلَفٍ وَنَفَقَةٍ. فَقَبِلَ الْقِرَى وَالْعَلَفَ وَرَدَّ النَّفَقَةَ، فقال بن عُمَرَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ ذَلِكَ2.

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ. أنا الْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أنبأ أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْقَاضِي قَالُوا: نا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُسْلِمَةِ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، ثنا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بن العلاء الحمصي، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي أنه كان إذا خرج إلى المسجد قبض بيمينه على شماله، فسأل عن ذلك، فقال: مخافة أن تنافق يدي3.

قُلْتُ: لِئَلا يَخْطُرَ بِهَا فِي مِشْيَتِهِ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَدَعُ كَثِيرًا مِنَ الشَّبَعِ مَخَافَةَ الْأَشَرِ.

224-

عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ الْقُرَشِيُّ4 الْمَخْزُومِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ.

قَالَ خَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ بِالْكُوفَةَ.

قُلْتُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سنة خمس وثمانين.

1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 18، 19"، وأبو نعيم "5/ 156" في الحلية.

2 خبر ضعيف: السير "4/ 80" فيه عنعنة بقية، وهو من المدلسين.

3 خبر صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 156" في الحلية.

4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 23"، الاستيعاب "2/ 515"، السير "3/ 417".

ص: 292

225-

عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ1 بْنُ فَرْقَدٍ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيُّ الزَّاهِدُ.

عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسُبَيْعَةَ الأسلمية.

وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَحَوْطُ بْنُ رَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ الْهَمْدَانِيُّ، لَكِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يَرْعَى رِكَابَ أَصْحَابِهِ وَغَمَامَةً تُظِلُّهُ، وَكَانَ يُصَلِّي وَالسَّبُعُ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ يَحْمِيهِ2.

وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بْنُ فَرْقدٍ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلا تُعِينَنِي عَلَى ابْنِي؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا عَمْرُو، أَطِعْ أَبَاكَ. فَقَالَ: يَا أَبَهْ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْمَلُ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِي فَدَعْنِي، فَبَكَى أَبُوهُ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي لَأُحِبُّكَ حُبَّيْنِ، حُبًّا لِلَّهِ، وَحُبَّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، قَالَ: يَا أَبَهْ إِنَّكَ كُنْتَ أتَيْتَنِي بِمَالٍ بَلَغَ سَبْعِينَ أَلْفًا، فَإِنْ أَذِنْتَ لِي أَمْضَيْتُهُ. قَالَ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ، فَأَمْضَاهُ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ دِرْهَمٌ3.

وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الْيَرْبُوعِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ: قَامَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُصَلِّي، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} [غافر: 18] الآيَةَ. فَبَكَى حَتَّى انْقَطَعَ، ثُمَّ قَعَدَ، فَعَلَ ذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحَ.

وَيُرْوَى أَنَّ حَنَشًا جَاءَهُ فِي الصَّلاةِ، فَالْتَفَّ عَلَى رِجْلِهِ، فَلَمْ يَتْرُكْ صَلاتَهُ4.

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ يَخْرُجُ عَلَى فَرَسِهِ لَيْلا، فَيَقِفُ عَلَى القبور، فيقول: يا أهل الْقُبُورِ قَدْ طُوِيَتِ الصُّحُفُ، وَقَدْ رُفِعَتِ الأَعْمَالُ، ثُمَّ يَبْكِي وَيَصُفُّ قَدَمَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَرْجعُ فَيَشْهَدُ صَلاةَ الصُّبْحِ5. رَوَاهَا النَّسَائِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي السُّنَنِ، وعيسى لم يدرك عمرًا.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 206"، التهذيب "8/ 75"، الحلية "4/ 155".

2 الحلية "4/ 157".

3 إسناده ضعيف: الحلية "4/ 156" فيه عنعنة الأعمش.

4 الحلية "4/ 158".

5 خبر حسن: أخرجه ابن المبارك "29" في الزهد.

ص: 293

وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُفطِرُ عَلَى رَغِيفٍ وَيَتَسحَّرُ بِرَغِيفٍ1.

وَقَالَ فُضَيْلٌ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَأَنَا أَنْتَظِرُ الثَّالِثَةَ: سَأَلْتُهُ أَنْ يُزَهِّدَنِي فِي الدُّنْيَا فَمَا أُبَالِي مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُقَوِّيَنِي عَلَى الصَّلاةِ فَرَزَقَنِي مِنْهَا، وَسَأَلْتُهُ الشَّهَادَةَ، فَأَنَا أَرْجُوهَا2.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا مَسْرُوقٌ، وَعَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ، وَمِعْضَدٌ الْعِجْلِيُّ غَازِينَ، فَلَمَّا بَلَغْنَا مَاسَبَذَانَ، وَأَمِيرُهَا عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ، فَقَالَ لَنَا ابْنُهُ عَمْرُو: إِنَّكُمْ إِنْ نَزَلْتُمْ عَلَيْهِ صَنَعَ لَكُمْ نُزُلا، وَلَعَلَّ أَنْ تَظْلِمُوا فِيهِ أَحَدًا، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ قُلْنَا فِي ظِلِّ هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَأَكَلْنَا مِنْ كَسْرِنَا، ثُمَّ رُحْنَا، فَفَعَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا الأَرْضَ قَطَعَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ جُبَّةً بَيْضَاءَ فَلَبِسَهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ إنْ تَحَدَّرَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ لَحَسَنٌ، فَرَمَى، فَرَأَيْتُ الدَّمَ يَنْحَدِرُ عَلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ3.

وقَالَ هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ دَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَلَى أُخْتِهِ، فَقَالَ: أخبرينا عَنْهُ، فَقَالَتْ: قام ذات ليلة فاستفتح سورة "حم" فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18] فَمَا جَاوَزَهَا حَتَّى أَصْبَحَ4.

لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَحِكَايَةٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَهُوَ فِي طَبَقَةِ أَبِي وَائِلٍ، وَشُرَيْحٍ، وَعَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْقُدَمَاءِ من حيث الوفاة.

أما أبو عُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ فَمِنْ أَشْرَافِ بَنِي سُلَيْمٍ، شَهِدَ فَتْحَ خَيْبَرَ فِيمَا قِيلَ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَوَلِيَ إِمْرَهَ الْمَوْصِلِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ بِهَا مَسْجِدٌ مَعْرُوفٌ وَدَارٌ، وَلا أَعْلَمُ لِعُتْبَةَ رِوَايَةً.

226-

عَمْرُو بْنُ عثمان -ع- بْنِ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ5 بْنِ أُمَيَّةَ القرشي الأموي.

1 الحلية "4/ 157".

2 السابق "4/ 155، 156".

3 الحلية "4/ 155".

4 الحلية "4/ 155".

5 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 150"، السير "4/ 353".

ص: 294

رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ.

رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الُمَسيِّبِ، وَأَبُو الزِّنَادِ.

تُوُفِّيَ فِي حُدُودِ الثَّمَانِينَ، وَكَانَ زَوْجَ رَمْلَةَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ.

227-

عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ1 الأَوْدِيُّ الْمَذْحِجِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.

أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَلَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدِمَ الشَّامَ مَعَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، ثُمَّ نَزَلَ الْكُوفَةَ.

وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُونَ.

وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.

قَالَ أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونَ، عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ2.

وَفِي الْمُسْنَدِ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذٌ الْيَمَنَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشِّحْرِ، رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، أَجَشَّ الصَّوْتِ، فَأُلْقِيَتْ عَلَيْهِ مَحَبَّتِي، فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى حَثَوْتُ عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى أَفْقَهِ النَّاسِ بَعْدَهُ، فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ3، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: رَأَيْتُ قِرْدَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ.

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَجَّ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ سِتِّينَ ما بين حجة وعمرة.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 117"، السير "4/ 158".

2 إسناده ضعيف: فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو من المدلسين.

3 حديث حسن: أخرجه أحمد "5/ 231، 232"، وأبو داود "432".

ص: 295

وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَمَّا كَبِرَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أُوتِدَ لَهُ فِي الْحَائِطِ، وَكَانَ إِذَا سُئِمَ مِنَ الْقِيَامِ أَمْسَكَ بِهِ، أَوْ يَرْبِطُ حَبْلا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ إِذَا رُؤِيَ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى.

وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، وَسُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ الْتَقَيَا، فَاعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.

قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ الْفَلاسُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

228-

عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ الْمُجَاشِعِيُّ1 قَاتَلَ حواريّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قتله تقربًا بذلك إلى علي، وقال: لَمَّا جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ "بَشِّرْ قَاتِلَ الزُّبَيْرِ بِالنَّارِ"2، فَنَدِمَ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، وَبَقِيَ كَالْبَعِيرِ الأَجْرَبِ، كُلُّ يَتَجَنَّبَهُ وَيُهَوِّلُ عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَرَأَى مَنَامَاتٍ مُزْعِجَةً.

وَلَمَّا وَلِيَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ خَافَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ، ثُمَّ جَاءَ بِنَفْسِهِ إِلَى مُصْعَبٍ وَقَالَ: أَقِدْنِي بِالزُّبَيْرِ، فَكَاتَبَ أَخَاهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَى مُصْعَبٍ: أَنَا أَقْتُلُ ابْنَ جُرْمُوزٍ بِالزُّبَيْرِ! وَلا بِشِسْعِ نَعْلِهِ أَقْتُلُ أَعْرَابِيًّا بِالزُّبَيْرِ، خَلِّ سَبِيلَهُ، فَتَرَكَهُ، فَكَرِهَ الْحَيَاةَ لِذَنْبِهِ، وَأَتَى بَعْضَ السواد، وهنالك قَصْرٌ عَلَيْهِ زُجٌّ فَأَمَرَ إِنْسَانًا أَنْ يَطْرَحَهُ عَلَيْهِ، فَطَرَحَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ.

229-

عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ الْبُرْجُمِيُّ3 مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ.

اتَّهَمَهُ الْحَجَّاجُ بِأَنَّهُ مِنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَهُ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ فِي سَنَةِ خمس.

230-

عمير بن آبِيُّ اللَّحْمِ4 -م 4- لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ خَيْبَرَ مَعَ مَوْلاهُ، وَحَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 110"، والإصابة "1/ 528".

2 حديث ضعيف: انظر البداية "7/ 250".

3 انظر: تاريخ الطبري "4/ 318، 404"، "6/ 207-210".

4 انظر: الإصابة "3/ 38"، والتهذيب "8/ 151".

ص: 296

رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَيَزِيدُ بن أبي عبيد، ويزيد ابن عبد الله بن الهاد، ومحمد بن زيد بْنُ الْمُهَاجِرِ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

231-

عَمِيرَةُ بْنُ سَعْدٍ الشِّبَامِيُّ الْهَمْدَانِيُّ1.

سَمِعَ عَلِيًّا.

وَعَنْهُ: طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَعِرَارُ بْنُ سُوَيْدٍ.

يُكَنَّى أَبَا السَّكَنِ.

232-

عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ2 الأَشْجَعِيُّ الْغَطَفَانِيُّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. شَهِدَ الْفَتْحَ، وَلَهُ أَحَادِيثُ.

وَعَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَالشَّعْبيُّ، وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَشَدَّادُ أَبُو عَمَّارٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَآخَرُونَ.

وَشَهِدَ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ.

قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ: نا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ سَيْفًا مِنَ السَّمَاءِ تُدَلَّى، وَأَنَّ النَّاسَ تَطَاوَلُوا، وَأَنَّ عُمَرَ فَضَّلَهُمْ بِثَلاثَةِ أَذْرُعٍ. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَاءِ اللَّهِ، وَلا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ شَهِيدًا قَالَ: فَقَصَصْتُهَا عَلَى الصِّدِّيقِ، فَطَلَبَ عُمَرَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: يَا عَوْفُ قُصَّهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أبَنْتُ لَهُ أَنَّهُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَاءِ اللَّهِ قَالَ: أَكُلُّ هَذَا يَرَى النَّائِمُ؟. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رَآنِي بِالْجَابِيَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَدَعَانِي فَأَجْلَسَنِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ قال: قُصَّ عَلَيَّ رُؤْيَاكَ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَسْتَ قَدْ جَبَهْتَنِي عَنْهَا؟ قَالَ: خَدَعْتُكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ. فَلَمَّا قَصَصْتُهَا عَلَيْهِ قَالَ: أَمَّا الْخِلافَةُ فَقَدْ أُوتِيتُ مَا تَرَى، وَأَمَّا أَنْ لا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنِّي ذَلِكَ، وَأَمَّا أَنْ أُقْتَلَ فَأَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ وَأَنَا فِي جِزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَعَ ذَلِكَ كَأَنَّ دِيكًا يَنْقُرُ سُرَّتِي، وَمَا أمتنع عنه بشيء3.

1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 23"، التهذيب "8/ 152".

2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 400"، والاستيعاب "3/ 131"، وأسد الغابة "4/ 312".

3 خبر حسن.

ص: 297

وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الأَمِينُ -أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ- عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سبعة أن ثَمَانِيَةً أَوْ تِسْعَةً فَقَالَ: "أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ"؟ فَرَدَّدَهَا ثَلاثًا، فَقَدَّمْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ1، وَذَكَرَ الحديث.

وقال عمارة بن زاذان: ثنا ثابت عَنْ أَنَسٍ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَالصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ رَايَةُ أَشْجَعَ يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ2.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ عَوْفٍ قَالَ: عَرَّسَ3 بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَسَّدَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا ذِرَاعَ رَاحِلَتِهِ، فَانْتَبَهْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَنَا لا أُرِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ رَاحِلَتِهِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ أَلْتَمِسُهُ، فَإِذَا أَنَا بِمُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى، وَإِذَا هُمَا قَدْ أفزعهما ما أفزعني، فبينا نحن كذلك إذ سَمِعْنَا هَزِيزًا عَلَى أَعْلَى الْوَادِي كَهَزِيزِ الرَّحَى. قَالَ: فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِنَا، فَقَالَ:"أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي عز وجل فَخَيَّرَنِي بَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ"، فَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالصُّحْبَةُ لِمَا جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِكَ، قَالَ:"فَإِنَّكُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِي" 4، قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّاسِ، فَإِذَا هُمْ قَدْ فَزِعُوا حِينَ فَقَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثنا ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ: شَتَوْنَا فِي حِصْنٍ دُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَعَلَيْنَا عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، فَأَدْرَكَنَا رَمَضَانُ وَنَحْنُ فِي الْحِصْنِ، فَقَالَ عَوْفٌ: قَالَ عُمَرُ: صِيَامُ يَوْمٍ لَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ يَعْدِلُ صِيَامَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ أَصْبُعَيْهِ. قَالَ ثَابِتٌ: هُوَ تَطَوُّعٌ، مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تركه، يعني الإطعام5.

1 حديث صحيح: أخرجه مسلم "1043".

2 الطبقات الكبرى "4/ 281".

3 عرس: نزل في أحد الأودية للاستراحة ليلًا.

4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "6/ 28"، والترمذي "2441"، وابن حبان "2592"، "2593".

5 السير "2/ 490".

ص: 298

وَرَوَى جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: مَا مِنْ ذَنْبٍ إِلا وَأَنَا أَعْرِفُ تَوْبَتَهُ، قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا تَوْبَتُهُ؟ قَالَ: أَنْ تَتْرُكَهُ ثُمَّ لا تَعُودُ إِلَيْهِ.

قُلْتُ: وَقِيلَ: إِنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ: أَبُو حَمَّادٍ، وَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَخَلِيفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ، وَتُوُفِّيَ بِالشَّامِ. قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ.

233-

عِيَاضُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَرِيُّ1 سَمِعَ: أَبَا عُبَيْدَةَ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعِيَاضَ بْنَ غَنْمٍ الْفِهْرِيَّ، وَجَمَاعَةً.

رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

وَأَحْسِبُهُ نَزَلَ الْكُوفَةَ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَرَّ عِيَاضُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَرِيُّ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ: مَالِي لا أَرَاهُمْ يُقَلِّسُونَ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ.

قَالَ هُشَيْمٌ: التَّقْلِيسُ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ.

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": ثنا غُنْدَرٌ نا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ: سَمِعْتُ عِيَاضًا الأَشْعَرِيَّ قَالَ: شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ وَعَلَيْنَا خَمْسَةُ أُمَرَاءُ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، وَعِيَاضُ هُوَ ابْنُ غَنْمٍ، وَقَالَ عُمَرُ: إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ: إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ، فَاسْتَمْدَدْنَاهُ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا، إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي، وَأَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْصَنُ جُنْدًا: اللَّهُ تبارك وتعالى فَأَشْهِدُوهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلِّ مِنْ عِدَّتِكُمْ، قَالَ: فَقَاتَلْنَاهُمْ فَهَزَمْنَاهُمْ وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبعَ فَرَاسِخَ، وَأَصَبْنَا أَمْوَالا، قَالَ: فَتَشَاوَرُوا، فَأَشَارَ عَلَيْنَا عِيَاضُ أَنْ نُعْطَى عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ يُسَابِقْنِي؟ فَقَالَ لَهُ شَابٌّ: أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ، قَالَ: فَسَبَقَهُ: فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ2 أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ وَهُوَ خَلْفَهُ على فرس عربي3.

1 انظر: الاستيعاب "3/ 129"، الإصابة "3/ 49".

2 عقيصتي: ضفائر الشعر.

3 خبر حسن: أخرجه أحمد "1/ 49".

ص: 299

"حرف الْغَيْنِ":

234-

غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ1 بْنِ زُنَيْمٍ، أَبُو أَسْمَاءَ السَّكُونِيُّ.

مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.

رَوَى عن: عمر، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَبِلالٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِذٍ الْيَمَانِيُّ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَشُرَحْبِيلُ بن مسلم، وأبو راشد الحبراني، وجماعة.

وسكن حمص.

فروى العلاء بن يزيد الثمالي: ثنا عِيسَى بْنُ أَبِي رَزِينٍ الثُّمَالِيُّ: سَمِعْتُ غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ قَالَ: كُنْتُ صَبِيًّا أَرْمِي نَخْلَ الأَنْصَارِ، فَأَتَوْا بِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَمَسَحَ بِرَأْسِي وَقَالَ:"كُلْ مَا سَقَطَ وَلا تَرْمِ نَخْلَهُمْ"2. رَوَاهُ خَيْثَمَةُ الأَطْرَابُلُسِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ فَذَكَرَهُ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَهُوَ صَحَابِيٌّ.

وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَى مَعْنٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، بن صالح، عن يونس بن سيف، عن غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلاةِ3.

وَقَالَ يُونُسُ الْمُؤَدِّبُ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ بُرْدٍ أَبِي الْعَلاءِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ مَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٌ. فَلَقِيتُ أَبَا ذَرِّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي اسْتَغْفِرْ لِي، قُلْتُ: أَنْتَ صاحب رسول اله صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: نِعْمَ الْفَتَى غُضَيْفٍ، وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ"4.

وَرَوَى نَحْوَهُ مكحول، عن غضيف.

1 الطبقات الكبرى "7/ 429"، السير "3/ 453"، أسد الغابة "4/ 340".

2 حديث ضعيف: فيه انقطاع.

3 حديث ضعيف: وأخرجه أحمد "4/ 105"، "5/ 290"، وابن سعد "7/ 429".

4 حديث صحيح: أخرجه أحمد "5/ 145، 165، 177"، وأبو داود "2962"، وابن ماجه "108".

ص: 300

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ ثقة، في الطبقة الأولى من تابعي أَهْلِ الشَّامِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: فِيهِ الْحَارِثُ بْنُ غُضَيْفٍ، وَقَالَ أَبِي، وَأَبُو زُرْعَةَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ لَهُ صُحْبَةٌ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سُمَيْعٍ: غُضَيْفُ بْنُ الْحَارِثِ الثُّمَالِيُّ مِنَ الأَزْدِ، حِمْصِيٌّ.

وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو: إِنَّ غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يَتَوَلَّى لَهُمْ صَلاةَ الْجُمُعَةِ بِحِمْصَ إِذَا غَابَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ.

وَقَالَ بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ غُضَيْفٍ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا أَسْمَاءَ، قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى أَمْرَيْنِ، رَفْعِ الأَيْدِي عَلَى الْمَنَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْقَصَصِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، قَالَ غُضَيْفٌ: أَمَّا إِنَّهَا أَمْثَلُ بِدْعَتِكُمْ عِنْدِي، وَلَسْتُ مُجِيبُكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا، قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ"1. فَتَمَسُّكٌ بِسُّنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "الْمُسْنَدِ".

"حَرْفُ الفاء":

235-

فروة بن نوفل -م 4- الأشجعي الكوفي2.

لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ.

سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَلِيًّا، وَعَائِشَةَ.

رَوَى عَنْهُ: هِلالُ بْنُ يَسَافٍ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.

وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ أَيْضًا، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.

"حرف الْقَافِ":

236-

قُرْطُ بْنُ خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيُّ3 عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب، وأبي موسى.

1 حديث ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 105" فيه عنعنة بقية، وابن أبي مريم من الضعفاء.

2 انظر: الجرح والتعديل "7/ 82"، التهذيب "8/ 266".

3 انظر: الجرح والتعديل "7/ 146"، الثقات "5/ 325" لابن حبان.

ص: 301

وَعَنْهُ: مُسْلِمُ بْنُ مِخْرَاقٍ، وَأَبُو الأَسْوَدِ، وَطَلْقُ بن خساف، وَدَاوُدُ بْنُ نُفَيْعٍ.

قَالَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ.

237-

قَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ1 وَاسْمُ أَبِيهِ جَعُونَةُ بْنُ مَازِنِ بْنِ يَزِيدَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِنِيُّ، أَبُو نَعَامَةَ، رَأْسُ الْخَوَارِجِ فِي زَمَانِهِ.

كَانَ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ، خَرَجَ فِي خِلافَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ يُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَسْتَظْهِرُ عَلَيْهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَسُلِّمَ عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ جهز إليه الْحَجَّاجُ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ، وَهُوَ يَسْتَظْهِرُ عَلَيْهِمْ وَيَكْسِرُهُمْ، وَتَغَلَّبَ عَلَى نَوَاحِي فَارِسٍ وَغَيْرِهَا، وَوَقَائِعُهُ مَشْهُورَةٌ.

وَقِيلَ لِأَبِيهِ الْفُجَاءَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ سَفَرٍ فَجَاءَةً.

وَلِقَطَرِيٍّ، وَكَانَ مِنَ الْبُلَغَاءِ:

أَقُولُ لَهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعًا

مِنَ الأبطال ويحك لن تُرَاعِي

فَإِنَّكِ لَوْ سَأَلْتِ بَقَاءَ يَوْمٍ

عَلَى الأَجَلِ الَّذِي لَكِ لَمْ تُطَاعِي

فَصبْرًا فِي مَجَالِ الْمَوْتِ صَبْرًا

فَمَا نَيْلُ الْخُلُودِ بِمُسْتَطَاعِ

وَلا ثَوْبُ الْحَيَاةِ بِثَوْبِ عَزٍّ

فَيَطْوِي عَنْ أَخِي الْخَنْعِ الْيَرَاعِ

سَبِيلُ الْمَوْتِ غَايَةُ كُلِّ حَيٍّ

وَدَاعِيَهِ لِأَهْلِ الأَرْضِ دَاعٍ

وَمَنْ لَمْ يُعْتَبَطْ يَسْأَمْ وَيَهْرَمْ

وَتُسْلِمْهُ الْمَنُونُ إِلَى انْقِطَاعِ

وَمَا لِلْمَرْءِ خَيْرٌ فِي حَيَاةٍ

إِذَا مَا عُدَّ مَنْ سَقَطِ الْمَتَاعِ

فِي سَنَةِ تِسْعٍ وسبعين اندقت عنقه، إذ عَثَرَتْ بِهِ فَرَسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: بَلْ قتل.

"حرف الكاف":

238-

كثير بن الصلت -ن- بن معديكرب2 الكندي المدني أخو الزبير.

1 انظر: تاريخ الطبري "6/ 308-310"، الكامل "4/ 438-443".

2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 14"، وأسد الغابة "4/ 212"، والاستيعاب "3/ 318".

ص: 302

قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.

رَوَى عَنْهُ: يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَوْفٍ.

رَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ كَانَ اسْمُهُ قَلِيلا، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا1.

وَخَالَفَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَجَعَلَ الَّذِي غَيَّرَ اسْمَ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ عُمَرُ رضي الله عنهم.

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ لَهُ شَرَفٌ وَحَالٌ جَمِيلَةٌ، وَلَهُ دَارٌ بِالْمَدِينَةِ كَبِيرَةٌ بِالْمُصَلَّى.

وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: تَابِعيٌّ ثِقَةٌ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ كَاتِبًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى الرَّسَائِلِ.

239-

كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ2 -4- أَبُو شَجَرَةَ، وَيُقَالُ: أَبُو الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيُّ الْحِمْصِيُّ.

سَمِعَ: عُمَرَ، وَرَوَى عَنْ: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَنُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ، وَتَمِيمِ الدَّارِيِّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٍ.

رَوَى عَنْهُ: مَكْحُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ جَابِرٍ الْمِصْرِيَّانِ، وأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ سَبْعِينَ بَدْرِيًّا. قَالَهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ.

وَشَهِدَ الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ.

رَوَى نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظٍ: عَنِ ابْنِ عَائِذٍ قَالَ: قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ لِمُعَاذٍ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ: مَنِ الْمُؤْمِنُونَ؟ قَالَ مُعَاذٌ: أَمُبَرْسَمٌ! وَالْكَعْبَةِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّكَ أَفْقَهُ مِمَّا أَنْتَ، هُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا وَصَامُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ.

1 حديث صحيح: أخرجه ابن سعد "5/ 14"، والبخاري في التاريخ الكبير "7/ 208" وغيرهما.

2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، الإصابة "3/ 312".

ص: 303

قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَدْرَكَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ عَبْدَ الْمَلِكِ، يَعْنِي وَفَاةَ عَبْدِ الْمَلِكِ.

قَالَهُ الْبُخَارِيُّ.

قُلْتُ: فَيُؤَخَّرُ إِلَى الطَّبَقَةِ التَّاسِعَةِ.

240-

كُرَيْبُ بْنُ أبْرَهَةَ1 بْنِ مَرْثَدٍ أَبُو رِشْدِينَ الأَصْبَحِيُّ الْمِصْرِيُّ، الأَمِيرُ، أَحَدُ الأَشْرَافِ.

رَوَى عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ.

قَالَ يَزِيدُ بْنُ أبي حبيب: إن عبد العزيز بن مروان قَالَ لِكُرَيْبِ بْنِ أبْرَهَةَ: أَشَهِدْتَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ؟ قَالَ: حَضَرْتُهَا وَأَنَا غُلامٌ أَسْمَعُ وَلا أَدْرِي مَا يَقُولُ.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُرَيْبُ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَأَدْرَكْتُ قَصْرَهُ بِالْجِيزَةِ، هَدَمَهُ ذَكَاءُ الأَعْوَرُ، وَبَنَى عِوَضَهُ قَيْسَارِيَّةَ ذَكَاءُ يُبَاعُ فِيهَا الْبَزُّ، قَالَ: وَوَلَّى كُرَيْبٌ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ مِصْرَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ثَوْبَانُ بْنُ شَهْرٍ، وَسُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ، وأَبُو سَلِيطٍ شُعْبَةُ، وَالْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ التَّجِيبِيُّ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ.

وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ قَالَ: رَأَيْتُ كُريْبَ بْنَ أبْرَهَةَ يَخْرُجُ من عنده عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَيَمْشِي تَحْتَ رِكَابِهِ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ حِمْيَرٍ.

241-

كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ النَّخَعِيُّ2 شَرِيفٌ مُطَاعٌ.

من كبار شيعة علي رضي الله عنهم.

رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.

قتله الحجاج.

روى عنه: أبو إسحاق، وعبد الرحمن بن عائش، والأعمش، وجماعة.

وثقه ابن معين.

1 انظر: الاستيعاب "3/ 323"، أسد الغابة "4/ 238".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 179"، والإصابة "3/ 318".

ص: 304

"حرف اللام":

242-

ليلى الأخيلية1 الشاعرة المشهورة. كانت من أشعر النساء، لا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا فِي الشِّعْرِ غَيْرَ الْخَنْسَاءِ.

وَقِيلَ: إِنَّ النَّابِغَةَ الْجَعْدِيَّ هَجَاهَا فَقَالَ:

وَكَيْفَ أُهَاجِي شَاعِرًا رُمْحُهُ اسْتُهُ

خَضِيبَ الْبَنَانِ لا يَزَالُ مُكَحَّلا

فَأَجَابَتْهُ:

أعَيَّرْتَنِي دَاءً بِأُمِّكِ مِثْلُهُ

وَأَيُّ حِصَانٍ لا يُقَالُ لَهَا: هَلا2

وَدَخَلَتْ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَقَدِ أَسَنَّتْ، فَقَالَ لَهَا: مَا رَأَى تَوْبَةُ مِنْكِ حَتَّى عَشِقَكِ؟ قَالَتْ: مَا رَأَى النَّاسُ مِنْكَ حَتَّى جَعَلُوكَ خَلِيفَةً، فَضَحِكَ وَأَعْجَبَهُ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهَا: هَلْ كَانَ بَيْنَكُمَا سُوءٌ قَطُّ؟ قَالَتْ: لا وَالَّذِي ذَهَبَ بِنَفْسِهِ، إِلا أَنَّهُ غَمَزَ يَدِي مَرَّةً.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مَوْلَى لِعَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْحَجَّاجِ، فَأُدْخِلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ، فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَجَلَسَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ أَسَنَّتْ، حَسَنَةُ الْخَلْقِ، وَمَعَهَا جَارِيَتَانِ لَهَا، فَإِذَا هِيَ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ، فَقَالَ: يَا لَيْلَى، مَا أَتَى بِكِ؟ قَالَتْ: إِخْلَافُ النُّجُومِ، وَقِلَّةُ الْغُيُومِ، وَكَلَبُ الْبَرْدِ، وَشِدَّةُ الْجَهْدِ، وَكُنْتَ لَنَا بَعْدَ اللَّهِ الرِّفْدَ، وَالنَّاسُ مُسْنَتُونَ، وَرَحَمَةُ اللَّهِ يَرْجُونَ، وَإِنِّي قَدْ قُلْتُ فِي الأَمِيرِ قَوْلا، قَالَ: هَاتِي، فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:

أَحَجَّاجُ لا يُفْلَلْ سِلَاحُكَ إِنَّمَا ال

منايا بِكَفِّ اللَّهِ حَيْثُ يَرَاهَا

إِذَا هَبَطَ الْحَجَّاجُ أَرْضًا مَرِيضَةً

تَتَبَّعُ أَقْصَى دَائِهَا فَشَفَاهَا

شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ الَّذِي بِهَا

غُلامٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَاةَ سَقَاهَا

إِذَا سَمِعَ الْحَجَّاجُ رِزْءَ كَتِيبَةٍ

أَعَدَّ لَهَا قَبْلَ النُّزُولِ قِرَاهَا

ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِي الْقَصَّةِ بِطُولِهَا وَأَنَّ الْحَجَّاجَ وَصَلَهَا بمائة ناقة، وقال لجلسائه: هذه

1 انظر: العقد الفريد "6/ 4"، شرح أدب الكاتب "74، 145، 300".

2 الشعر والشعراء "1/ 359".

ص: 305

لَيْلَى الأخْيَلِيَّةُ الَّتِي مَاتَ تَوْبَةُ الْخَفَاجِيُّ مِنْ حُبِّهَا، أَنْشِدِينَا بَعْضَ مَا قَالَ فِيكِ، قَالَتْ: نعم، قال في:

وهل تبكي لَيْلَى إِذَا مُتُّ قَبْلَهَا

وَقَامَ عَلَى قَبْرِي النساء النوائح

كما لو أصاب ليلى الموت بَكَيْتُهَا

وَجَادَ لَهَا دَمْعٌ مِنَ الْعَيْنِ سَافِحُ

وَأُغْبَطُ مِنْ لَيْلَى بِمَا لا أَنَالُهُ

أَلا كُلَّمَا قَرَّتْ بِهِ الْعَيْنُ صَالِحُ

وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ

عَلَيَّ وَدُونِي جَنْدَلٌ وَصَفَائِحُ

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا

إِلَيْهَا صَدًى مَنْ جَانِبِ الْقَبْرَ صَائِحُ

قَالَ الْحَجَّاجُ: فَهَلْ رَابَكِ مِنْهُ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لا وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُصْلِحَكَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً: ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ خَضَعَ لِأَمْرٍ، فَأَنْشَأْتُ أَقُولُ:

وَذِي حَاجَةٍ قُلْنَا لَهُ: لا تَبُحْ بِهَا

فَلَيْسَ إِلَيْهَا مَا حَيِيتَ سَبِيلُ

لَنَا صَاحِبٌ لا يَنْبَغِي أَنْ نَخُونَهُ

وَأَنْتَ لأخرى فارغ وخليل1

243-

لمازة بن زبار2 –د ت ق- أبو لبيد الجهضمي البصري.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.

وَعَنْهُ: الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، وَمَطَرُ بْنُ حُمْرَانَ، وَطَالِبُ بْنُ السُّمَيْدِعِ.

وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ.

قَالَ ابن سعد: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ، وَكَانَ ثِقَةٌ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو لَبِيدٍ صَالِحُ الْحَدِيثِ.

سَيُعَادُ.

"حرف الْمِيمِ":

244-

مَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ –ع- الأصبحي المدني3، جد مالك بن أنس.

1 خبر ضعيف: الأمالي "1/ 86، 89" فيه جهالة أحد الرواة.

2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 213"، والجرح والتعديل "7/ 182".

3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 63"، البداية "9/ 6".

ص: 306

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَعْبِ الْحَبْرِ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ أَنَسٌ، وَأَبُو سَهْلٍ نَافِعٌ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بن يسار، وغيرهم.

وكان ثقة فاضلًا.

تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

245-

مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ أَبُو غَسَّانَ الرَّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ1.

كَانَ سَيِّدُ رَبِيعَةَ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ رَئِيسًا حَلِيمًا، يُذْكَرُ فِي نُظَرَاءِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فِي الشَّرَفِ.

وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ.

قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وسبعين.

246-

محمد بن إياس –د- بن البكير2. عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

وعنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، وغيرهم.

247-

محمد بن حاطب –ت ن ق- بن الحارث القرشي3 الجمحي، أَخُو الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ.

لَهُ صُحْبَةٌ، وَحَدِيثَانِ، وَاحِدٌ فِي الضَّرْبِ بِالدُّفِّ فِي النِّكَاحِ.

وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ أَيْضًا.

رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ الْحَارِثُ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَحَفِيدُهُ عُثْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو بَلْجٍ، يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، وَهُوَ رَضِيعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

1 انظر: البداية "8/ 347"، الإصابة "3/ 485".

2 انظر: أسد الغابة "4/ 312"، التهذيب "9/ 68".

3 انظر: الاستيعاب "3/ 340"، وأسد الغابة "4/ 314".

ص: 307

وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ فِي الإِسْلامِ مُحَمَّدًا.

وُلِدَ بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: وُلِدَ بِالْحَبَشَةِ.

وَفِي الصَّحَابَةِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ لَكِنَّهُ سُمِّيَ مُحَمَّدًا قَبْلَ الإِسْلامِ.

تُوُفِّيَ ابْنُ حَاطِبٍ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.

248-

مَسْرُوحُ بْنُ سَنْدَرٍ الْجُذَامِيُّ1، مَوْلَى رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ، كُنْيَتَهُ أَبُو الأَسْوَدِ.

قَدِمَ مِصْرَ بَعْدَ فَتْحِهَا بِكِتَابٍ عُمَرَ.

رَوَى عَنْهُ: مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنِ لَقِيطٍ.

وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ.

249-

مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ2 بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو عِيسَى، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ الْمَدَنِيُّ.

حَكَى عَنْ أَبِيهِ.

رَوَى عَنْهُ: الْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ.

وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَاسْتَعْمَلَهُ أَخُوهُ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَقَتَلَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ أَخُوهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعِرَاقِ، فَأَقَامَ بِهَا يُقَاوِمُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَيُحَارِبُهُ إِلَى أن قُتِلَ.

وَأُمُّهُ الرَّبَابُ بنت أنيف الكلبي.

وكان يسمى آنية النحل من كرمه وجوده.

وفيه يَقُولُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:

إِنَّمَا مُصْعَبُ شِهَابٌ مِنَ الل

هـ تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ

مُلْكُهُ مُلّكُ عِزَّةٍ لَيْسَ فِيهِ

جَبَرُوتٌ مِنْهُ وَلا كِبْرِيَاءُ

يَتَّقِي الله في الأمور وقد أف

لح من كان همه الاتقاء

1 انظر: الإصابة "3/ 407، 408".

2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 182"، والسير "4/ 140"، والبداية "8/ 317".

ص: 308

وَفِيهِ يَقُولُ أَيْضًا:

لَوْلا الإِلَهُ وَلَوْلا مُصْعَبٌ لَكُمْ

بِالطَّفِّ قَدْ ضَاعَتِ الأَحَسْابُ وَالذِّمَمُ

أَنْتَ الَّذِي جِئْتَنَا وَالدِّينُ مُخْتَلَسٌ

وَالْحُرُّ مُعْتَبَدٌ وَالْمَالُ مُقْتَسَمُ

فَفَرَّجَ اللَّهُ عَمْيَاهَا وَأَنْقَذَنَا

بِسَيْفٍ أَرْوَعَ من عِرْنِينِهِ شَمَمُ

مُقَلَّدٌ بِنَجَادِ السَّيْفِ فَضْلُهُ

فِعْلُ الملوك لا عَيْبَ وَلا قِرْمُ

فِي حِكَمِ لُقُمَانَ يَهْدِي مع نقيبته

يرمي به الأعداء وَيَنْتَقِمُ

وَبَيْتُهُ الشَّرَفُ الأَعْلَى سَوَابِغُهَا

فِي الدَّارَعَيْنِ إذا ما سَأَلْتِ الْخَدَمُ

قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: وَمُصْعَبُ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ أَحْسَنُ مِنْ مُصْعَبٍ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ الشَّعْبيُّ: مَا رَأَيْتُ أَمِيرًا قَطُّ عَلَى مِنْبَرٍ أَحسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَانَ مُصْعَبٌ يُحْسَدُ عَلَى الْجَمَالِ، فَنَظَرَ يَوْمًا وَهُوَ يَخْطُبُ إِلَى أَبِي خَيْرَانَ الْحِمَّانِيُّ، فَصَرَفَ وَجْهُهُ عَنْهُ، ثم دخل ابن جوادان الْجَهْضَمِيُّ، فَسَكَتَ وَجَلَسَ، وَدَخَلَ الْحَسَنُ فَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اجْتمَعَ فِي الْحِجْرِ عَبْدُ اللَّهِ، وَمُصْعَبٌ، وَعُرْوَةُ بَنُو الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالُوا: تَمَنَّوْا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْخِلافَةَ، وَقَالَ عروة: أما أنا فأتمن أَنْ يُؤْخَذَ عَنِّي الْعِلْمُ، وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى إِمْرَةَ الْعِرَاقِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، وَسُكَيْنَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ، فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا، وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ غُفِرَ لَهُ.

قَالَ خَلِيفَةُ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ جَمَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْعِرَاقَ لِأَخِيهِ مُصْعَبٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا رَأَيْتُ الْمُلْكَ بِأَحَدٍ قَطُّ أَلْيَطَ مِنْهُ بِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ.

ص: 309

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ قَالَ: بَلَغَ مُصْعَبًا عَنْ عَرِّيفِ الأَنْصَارِ شَيْءٌ فَهَمَّ بِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اسْتَوْصُوا بِالأَنَصْارِ خَيْرًا، اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ" 1، فَأَلْقَى مُصْعَبٌ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِيرِ، وَأَلْزَقَ خَدَّهُ بِالْبُسَاطِ، وَقَالَ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ، وَتَرَكَهُ. رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.

وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أُهْدِيَتْ لِمُصْعَبٍ نَخْلَةٌ مِنْ ذهب عثاكلها من صنوف الجواهر، فَقُوِّمَتْ بِأَلْفَيْ ألف دِينَارٍ، وَكَانَتْ مِنْ مَتَاعِ الْفُرْسِ، فَدَفَعَهَا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ.

وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا كَتَبَ لِلرَّجُلِ بِجَائِزَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مِائَةَ أَلْفٍ.

وَسُئِلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَيُّ ابْنَيِ الزُّبَيْرِ أَشْجَعُ؟ قَالَ: كِلاهُمَا جَاءَ الْمَوْتُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.

وَعَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَوْمًا لِجُلَسَائِهِ: مَنْ أَشْجَعُ الْعَرَبِ؟ قِيلَ: شَبِيبٌ، قَطَرِيُّ، فلان، فُلانٌ، فَقَالَ: إِنَّ أَشْجَعَ الْعَرَبِ لَرَجُلٌ وَلِيَ الْعِرَاقَيْنِ خَمْسَ سِنِينَ، فَأَصَابَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَأَلْفَ أَلْفٍ، وَأَلْفَ أَلْفٍ، وَتَزَوَّجَ سُكَيْنَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ، وَعَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ، وَأَمَةَ الْحميدِ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَأُمُّهُ رَبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الْكَلْبِيُّ، وَأُعْطِيَ الأَمَانَ، فَأَبَى وَمَشَى بِسَيْفِهِ حَتَّى مَاتَ، ذَاكَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ.

وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: دَخَلْتُ الْقَصْرَ بِالْكُوفَةِ، فَإِذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْقَصْرَ بِالْكُوفَةِ، فَإِذَا رَأْسُ عُبَيْدِ اللَّهِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ دَخَلْتُ الْقَصْرَ، فَإِذَا رَأْسُ الْمُخْتَارِ بَيْنَ يَدَيْ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ دَخَلْتُ بَعْدُ، فَرَأَيْتُ رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُتِلَ مُصْعَبٌ يَوْمَ الْخَمِيسِ، النِّصْفُ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.

وَقَالَ غيره: قتل وله أربعون سنة.

1 حديث صحيح لغيره: أخرجه أحمد "3/ 240، 241" وله شواهد.

ص: 310

وَلابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ يَرْثِيهِ:

إِنَّ الرَّزِيَّةَ يَوْمَ مس

كن وَالْمُصِيبَةَ وَالْفَجِيعَهْ

بِابْنِ الْحَوَارِيِّ الَّذِي

لَمْ يَعْدُهُ يوم الوقيعه

غدرت به مضر العرا

ق وأمكنت منه ربيعه

فأصبت وترك يا ربي

ع وَكُنْتُ سَامِعَةً مُطِيعَهْ

يَا لَهْفَ لَوْ كَانَتْ لَهُ

بِالدَّيْرِ يَوْمَ الدَّيْرِ شِيعَهْ

أَوْ لَمْ تَخُونُوا عَهْدَهُ

أَهْلُ الْعِرَاقِ بَنُو اللَّكِيعَهْ

لَوَجَدْتُمُوهُ حين يح

در لا يُعَرِّسُ بِالْمَضِيعَهْ

250-

مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ1 أَبُو زُرْعَةَ. لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.

كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ جُهَيْنَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ أَلْزَمَهُمْ لِلْبَادِيَةِ.

أَخَذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَيْضًا.

رَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَغَيْرُهُ.

وَلا رِوَايَةٌ له في شيء من الكتب السنة.

وَعَاشَ ثَمَانِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.

فَأَمَّا مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ صَاحِبُ الْقَدْرِ فَسَيَأْتِي.

251-

مَعْدَانُ بن أبي طلحة –م 4- اليعمري الشامي2.

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَهْلُ الشَّامِ يَقُولُونَ: مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ، وَهُمْ أَثْبَتُ فِيهِ.

وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَثَوْبَانَ.

رَوَى عَنْهُ: الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ وَالسَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ الْكَلاعِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الجعد، ويعيش بن الوليد، وغيرهم.

1 انظر: الطبقات الكبرى "4/ 338"، والإصابة "3/ 439"، وأسد الغابة "4/ 390".

2 انظر الطبقات الكبرى "7/ 444"، التهذيب "10/ 228".

ص: 311

ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي الصَّحَابَةَ.

252-

الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ1 مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.

وُلِّيَ إِمْرَةَ إِصْطَخْرَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنهم، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ وُلِّيَ السِّنْدَ مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.

يُقَالُ: إِنَّهُ قُتِلَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَدِمَ الْجَارُودُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَشٍ الْعَبْدِيُّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ نَصْرَانِيًّا.

وَقَالَ غَيْرُهُ: لِلْجَارُودِ صُحْبَةٌ.

وَقُتِلَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بِفَارِسٍ.

كُنْيَةُ الْمُنْذِرِ أَبُو الأَشْعَثِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَتَّابٍ.

"حرف النُّونِ":

253-

نَاعِمُ بْنُ أجيل –م- الهمداني المصري، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ2.

سُبِيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاشْتَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَأَعْتَقَتْهُ فَرَوَى عَنْهَا، وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.

رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةَ، وَالأَعْرَجُ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَآخَرُونَ.

وَكَانَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ بمصر.

توفي سنة ثمانين.

254-

نافع3 مولى أم سلمة –ن- أَيْضًا مِنَ الْقُدَمَاءِ.

رَوَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي صِحَّةِ صَوْمِ الْجُنُبِ حَدِيثًا تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.

1 انظر: البداية "9/ 17"، الإصابة "3/ 480".

2 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 298"، وأسد الغابة "5/ 7".

3 انظر: تهذيب الكمال "3/ 1405".

ص: 312

255-

نُبَيْطُ بْنُ شَرِيطٍ الأَشْجَعِيُّ1 –د ن ق- لَهُ صُحْبةٌ وَرِوَايَةٌ.

زَوَّجَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فُرَيْعَةَ بِنْتَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَعَاشَ دَهْرًا.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سَلَمَةُ، وَنُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ سَعْدُ بن طارق.

256-

النزال بن سبرة –خ د ن ق- الهلالي الكوفي2.

روى عن: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ.

رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمَ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيُّ.

وَثَّقَهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ وَغَيْرُهُ.

"حرف الْهَاءِ":

257-

هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ3 الْعَبْدِيُّ الرَّبَعِيُّ -وَيُقَالُ: الأَزْدِيُّ- الْبَصْرِيُّ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ.

رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.

وَكَانَ مِنْ سَادَةِ الْعُبَّادِ، وُلِّيَ بَعْضَ الْحُرُوبِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِأَرْضِ فَارِسٍ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَامِلا لِعُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ.

وَقِيلَ: سُمِّيَ هَرِمًا؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَنَتَيْنِ حَتَّى طَلَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ.

قَالَ أَبُو عِمَرانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ أَنَّهُ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْعَالِمَ الْفَاسِقَ، فَبَلَغَ عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَشْفَقَ مِنْهَا: مَا الْعَالِمُ الْفَاسِقُ؟ فَكَتَبَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَرَدْتُ إِلا الْخَيْرَ، يَكُونُ إِمَامٌ يَتَكَلَّمُ بِالْعِلْمِ، وَيَعْمَلُ بِالْفِسْقِ، وَيُشَبَّهُ عَلَى النَّاسِ فَيَضِلُّوا4.

قُلْتُ: إِنَّمَا أَنْكَرَ عليه عمر أنهم لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْعَالِمَ إِلا مَنْ عَمِلَ بعلمه.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 29، 30"، الإصابة "3/ 551".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 84"، وأسد الغابة "5/ 15".

3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 131"، السير "4/ 48-50".

4 الطبقات "7/ 133"، لابن سعد.

ص: 313

وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْقَحْذَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ الْعَاصِ وَجَّهَ هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ إِلَى قَلْعَةٍ فَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: خَرَجَ هَرِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ بْنُ كُرَيْزٍ، فَبَيْنَمَا رَوَاحِلُهُمَا تَرْعَى إذ قَالَ هَرِمٌ: أيَسُرُّكَ أَنَّكَ كُنْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ، لَقَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ الإِسْلامَ، وَإِنِّي لأَرْجُو مِنْ رَبِّي، فَقَالَ هَرِمٌ: لَكِنِّي وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، فَأَكَلَتْنِي هَذِهِ النَّاقَةُ، ثُمَّ بَعَرَتْنِي، فَاتُّخِذْتُ جِلَّةً، وَلَمْ أكابد الحساب، ويحك يا ابن عامر إِنِّي أَخَافُ الدَّاهِيَةَ الْكُبْرَى1.

قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ وَاللَّهِ أَفْقَهَهُمَا وَأَعْلَمَهُمَا بِاللَّهِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ يَقُولُ: مَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ إِلا أَقَبْلَ اللَّهُ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْزُقَهُ مَوَدَّتَهُمْ وَرَحْمَتَهُمْ.

وَقَالَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ: قَالَ هَرِمٌ: صَاحِبُ الْكَلامِ عَلَى إِحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ، إِنْ قَصَّرَ فِيهِ خَصَمَ، وَإِنْ أَغْرَقَ فِيهِ أَثِمَ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ هَرِمٌ: مَا رَأَيْتُ كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلا كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا.

وَقَالَ الْحَسَنُ: مَاتَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَلَمَّا دُفِنَ جَاءَتْ سَحَابَةٌ قَدْرُ قَبْرِهِ فَرَشَّتْهُ ثُمَّ انْصَرَفَتْ.

وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَغَيْرُهُ: قِيلَ لِهَرِمٍ: أَلا تُوصِي؟ قَالَ: قَدْ صَدَقَتْنِي نَفْسِي فِي الْحَيَاةِ وَمَا لِي شَيْءٌ أُوصِي، وَلَكِنْ أُوصِيكُمْ بِخَوَاتِيمِ سُورَةِ النَّحْلِ2.

قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَدِمَ هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ دِمَشْقَ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيُّ.

258-

هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ3 –ع- يَرْوِي عَنْ، عُمَرَ: وَعَمَّارٍ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ، وَحُذَيْفَةَ وَجَمَاعَةٍ، رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَوَبَرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ معين.

1 الحلية "2/ 119، 120".

2 الطبقات الكبرى "7/ 133"، الحلية "2/ 122".

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 118"، الإصابة "3/ 609".

ص: 314

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ الْحَجَّاجِ.

وَقَالَ حُصَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: إِنَّ هَمَّامَ بْنَ الْحَارِثِ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ بِالسَّيْرِ، وَارْزُقْنِي سَهَرًا فِي طَاعَتِكَ. فَكَانَ لا يَنَامُ إِلا هُنَيْهَةً وَهُوَ قَاعِدٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ: كَانَ النَّاسُ يَتَعَلَّمُونَ هَدْيَهُ وَسَمْتَهُ، وَكَانَ طَوِيلَ السَّهَرِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

"حرف الْيَاءِ":

259-

يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ1 بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأُمَوِيُّ.

رَوَى: عَنْ مُعَاذٍ.

رَوَى عَنْهُ: سَلَمَةُ بْنُ أُسَامَةَ.

وَوَلِيَ الْمَدِينَةَ لابْنِ أَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ وَلِيَ حِمْصَ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ فِيهِ حُمْقٌ فَوَفَدَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِلا إِذْنٍ، فَعَزَلَهُ.

وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ أن عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ: كَيْفَ لَنَا بِمِثْلِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ:

هَيْفَاءُ مُقْبِلةٌ عَجْزَاءُ مُدْبِرَةٌ

لَفَّاءُ غَامِضَةُ الْعَيْنَيْنِ مِعْطَارُ

خُوذٌ مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيضِ لَمْ يَرَهَا

بِسَاحَةِ الدَّارِ لا بَعْلٌ وَلا جاز

وَعَنْ جُنَادَةَ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِمْصَ، فَأَمَرَ بِإِسْحَاقَ بْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ صَبْرًا، فَتَكَلَّمَ أَهْلُ حِمْصَ فَنُودِيَ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ.

وَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ذِي الْكَلاعِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَسْنَا بِأَهْلِ الْكُوفَةَ، ولكنا الذين قاتلنا معك مصعب بن

1 انظر تاريخ الطبري "6/ 355"، "7/ 67".

ص: 315

الزُّبَيْرِ، وَأَنْتَ تَقُولُ يَوْمَئِذٍ: وَاللَّهِ يَا أَهْلَ حِمْصَ لَأُوسِيَنَّكُمْ وَلَوْ بِمَا تَرَكَ مَرْوَانُ، وَعَلَيْكَ يَوْمَئِذٍ قِبَاؤُكَ الأَصْفَرُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْزِلْ عَنَّا سَفِيهَكَ يَحْيَى بْنَ الْحَكَمِ. فَقَالَ: ارْحَلْ عَنْ جِوَارِ الْقَوْمِ.

260-

يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ الْجُرَشِيُّ1 أسلم فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدِمَ الشَّامَ، وَسَكَنَ بِقَرْيَةِ زِبْدِينَ فِي الْغُوطَةِ، وَلَهُ دَارٌ بِدَاخِلِ بَابٍ شَرْقِيٍّ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ: يَا أَبَا الأَسْوَدِ، كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَدْرَكْتُ الْعُزَّى تُعْبَدُ فِي قَرْيَةِ قَوْمِي.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ -رَجُلٌ تَابِعِيٌّ- عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: اكْتُبُوا فِي الْغَزْوِ، قَالُوا: قَدْ كَبَّرْتُ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، اكْتُبُونِي فَأَيْنَ سَوَادِي فِي الْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: أَمَّا إِذَا فَعَلْتَ فَأَفْطِرْ وَتَقَوَّ عَلَى الْعَدُوِّ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَرَانِي أَبْقَى حَتَّى أُعَاتِبَ فِي نَفْسِي. وَاللَّهِ لا أُشْبِعُهَا مِنْ طَعَامٍ، وَلا أُوطِئُهَا مِنْ مَنَامٍ حَتَّى تَلْحَقَ بِالَّذِي خَلَقَهَا.

وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: ثنا صَفْوَانُ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، إِنَّ السَّمَاءَ قَحَطَتْ، فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ وَأَهْلُ دِمَشْقَ يَسْتَسْقُونَ، فَلَمَّا قَعَدَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: أَيْنَ يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ الْجَرَشِيُّ؟ فَنَادَاهُ النَّاسُ، فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى النَّاسَ، فَأَمَرَهُ مُعَاوِيَةُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَعَدَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ بِخَيْرِنَا وَأَفْضَلِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ بِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، يَا يَزِيدُ ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اللَّهِ، فَرَفَعَ يَزِيدُ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ النَّاسُ، فَمَا كَانَ بِأَوْشَكَ أَنْ ثَارَتْ سَحَابةٌ كَأَنَّهَا تُرْسٌ، وَهَبَّتْ لَهَا رِيحٌ فَسُقِينَا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَنْ لا يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُمْ2.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي عُمَرَ السَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا، إِنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ اسْتَسْقَى بِيَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سُقُوا.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا خَرَجَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَحَلَ مَعَهُ يَزِيدُ بْنُ الأَسْوَدِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا قَالَ: اللَّهُمَّ احْجُزْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ، وَوَلِّ الأَمْرَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ، فَظَفِرَ عَبْدُ الملك.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 444"، أسد الغابة "5/ 103".

2 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 444".

ص: 316

رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقُرَشِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ الْمَشْيَخَةِ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَسْوَدِ الْجُرَشِيَّ كَانَ يَسِيرُ هُوَ وَرَجُلٌ فِي أَرْضِ الرُّومِ، فَسَمِعَ مُنَادِيًا يَقُولُ: يَا يَزِيدَ إنك لمن المقربين، وإن صحبك لَمِنَ الْعَابِدِينَ، وَمَا نَحْنُ بِكَاذِبِينَ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَسَاكِرَ الْحَافِظُ: بَلَغَنِي أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الأَسْوَدِ كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ الآخِرَةَ بمسجد دمشق، ويخرج إلى زبدين، فتضيء إِبْهَامُهُ الْيُمْنَى، فَلا يَزَالُ يَمْشِي فِي ضَوْئِهَا حَتَّى يَبْلُغَ زِبْدِينَ.

قُلْتُ: وَقَدْ حَضَرَهُ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ عِنْدَ الْمَوْتِ.

261-

يَزِيدُ بْنُ شَرِيكٍ –ع- التيمي الكوفي، مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ لا تَيْمِ قُرَيْشٍ.

رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةَ.

روى عنه: ابنه إبراهيم التيمي، وإبراهيم النخعي، والحكم بن عتبة، وغيرهم.

وثقه يحيى بن معين.

مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى أَبِي قَمِيصٌ مِنْ قُطْنٍ، فَقُلُتْ: يَا أبَهْ، لَوْ لَبِسْتَ! فَقَالَ: لَقَدْ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، فَأَصَبْتَ آلَافًا فَمَا اكْتَرَثْتُ بِهَا فَرَحًا، وَلا حَدَّثْتُ نَفْسِي بِالْكُرْهِ أَيْضًا، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ كُلَّ لُقْمَةٍ طَيِّبَةٍ أَكَلْتُهَا فِي فَمِ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: إِنَّ ذَا الدِّرْهَمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ حِسَابًا مِنْ ذِي الدِّرْهَمِ.

سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هَمَّامٍ قَالَ: لَمَّا قَصَّ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ أَخْرَجَهُ أَبُوهُ رحمه الله.

262-

يَزِيدُ بْنُ عَمَيْرَةَ –د ن- الزبيدي1، وَيُقَالُ: الْكِنْدِيُّ، وَيُقَالُ: السّكْسَكِيُّ الْحِمْصِيُّ.

رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وغيرهم.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 440"، والإصابة "3/ 675".

ص: 317

وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: شَاميٌّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَكْبَرُ أَصْحَابِ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ؛ وَكَانَ رَأْسَ الْقَوْمِ يَزِيدُ بْنُ عَمِيرَةَ الزبيدي.

"الكنى":

263-

أبو إدريس الخولاني1 –ع- اسمه عائذ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ، فقيه أَهْل دمشق، وقاضي دمشق. وقيل: اسمه عَبْد اللَّهِ بْن إدريس بْن عائذ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبة.

وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عام حُنَيْن.

وحدّث عَنْ: أَبِي ذَرّ، وأَبِي الدرداء، وحُذَيْفة، وعُبادة بْن الصّامت، وأَبِي موسى، والمُغِيرَة بْن شُعْبة، وأَبِي هريرة، وعُقْبة بْن عامر، وعَوْف بْن مالك، وشدّاد بْن أوس، وابْن عَبَّاس، وأَبِي مسلم الخَوْلانيّ، وجماعة.

رَوَى عَنْهُ: مكحول، وأَبُو سلام الأسود، وأَبُو قلابة الْجَرْميّ، والزُّهْريّ، وربيعة بْن يَزِيد، ويحيى بْن يحيى الغسّاني، وأَبُو حازم الأعرج، ويونس بْن مَيْسَرة، وآخرون كثيرون.

قَالَ العَبَّاس بْن سالم الدمشقيّ، وهُوَ ثقة: سَمِعْت أَبَا إدريس الخَوْلانيّ قَالَ: لَمْ أنس عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود قائمًا عَلَى دَرَج كنيسة دمشق يحدّثنا بالأحاديث.

قَالَ أَبُو زُرْعة الدمشقيّ: قلت لدُحَيْم: أيُّ الرَّجُلين عندك أعلم: جُبَير بْن نُفَيْر، أو أَبُو إدريس الخَوْلانيّ؟ قَالَ: أَبُو إدريس عندي المقدّم، ورفع من شأن جُبَير لإسناده وأحاديثه.

وقَالَ الزُّهْري: حَدَّثَنِي أَبُو إدريس، وكَانَ من فُقهاء أَهْل الشام.

وقَالَ مكحول: ما رأيت مثل أَبِي إدريس الخَوْلانيّ.

عَنْ سَعِيد بْن عبد العزيز قَالَ: كَانَ أَبُو إدريس عالمَ الشام بَعْد أبي الدرداء.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 448"، أسد الغابة "5/ 134"، السير "4/ 272".

ص: 318

وقَالَ مُحَمَّد بْن شُعيب بْن شابور، أخبرني يَزِيد بْن عُبَيدة أنّه رأى أَبَا إدريس فِي زمن عَبْد الْمَلِكِ، وأنّ حَلِق المسجد بدمشق يقرأون الْقُرْآن يدرسون جميعًا، وأَبُو إدريس جالس إِلَى بعض العُمُد، فكُلَّما مرّت حلقةٌ بآية سَجْدةٍ بعثوا إليه يقرأ بها، فأنصتوا لَهُ وسجد بهم، وسجدوا جميعًا بسجوده، وربّما سجد بهم اثنتي عشرة سجْدة، حتّى إذا فرغوا من قراءتهم قام أَبُو إدريس يقُصّ.

ثم قدّم الْقَصَصَ بَعْد ذَلِكَ.

وقَالَ خَالِد بْن يَزِيد بْن أَبِي مالك، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنّا نجلس إِلَى أَبِي إدريس الخَوْلاني فيحدّثنا، فحدّث يومًا بغزاةٍ حتّى استوعبها، فقَالَ رجل: أحَضَرْتَ هذه الغَزَاة؟ قَالَ: لا، فقَالَ: قد حضرتُها مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولأنْتَ أحْفَظُ لها مني.

وقَالَ سعيد بْن عبد العزيز: عزل عَبْد الْمَلِكِ بلالا عَنِ القضاء وولّى أَبَا إدريس.

وقَالَ الوليد عَنِ ابْن جابر: إنّ عَبْد الْمَلِكِ عزل أَبَا إدريس عَنِ القَصص وأقرَّه عَلَى القضاء، فقَالَ: عزلتموني عَنْ رغبتي، وتركتموني فِي رهْبتي.

وقَالَ أَبُو عُمَر بْن عبد البَرّ: سماع أَبِي إدريس عندنا من مُعاذ صحيح.

قَالَ خَلِيفَة: تُوُفِّيَ سَنَة ثمانين.

264-

أَبُو بحرية التراغمي1 الحمصي. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن قَيْس. شهِد خُطبة الجابية.

وحدّث عَنْ: مُعاذ، وأَبِي هريرة، ومالك بْن يَسَار.

روى عنه: خالد بن معدان، وضمرة بن حبيب، ويزيد بن قطب، ويونس بن ميسرة، وأبو بكر بن أبي مريم، وغيرهم.

أدرك الجاهلية. ووثقه ابن معين، وغيره، وفي لقي ابن أبي مريم له نظر.

قال بقية: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن أَبِي مريم، عَنْ يحيى بْن جَابِر، عَنْ أَبِي بحرية قَالَ: إذا رأيتموني ألتفت فِي الصّفّ فأوجئوا فِي لحيْي حتّى أسْتوي.

وحكى عَبْد اللَّهِ القطربليّ، عَنِ الْوَاقِدِيّ أَنَّ عُثْمَان كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَة: أَنْ أغْزِ الصَّائِفَةَ رَجُلا مَأْمُونًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، رَفِيقًا بِسِيَاسَتِهِمْ، فَعَقَدَ لأَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بن

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 442"، والسير "4/ 594".

ص: 319

قَيْس الكِنْديّ، وكَانَ فقيهًا ناسكًا يُحمَل عَنْهُ الْحَدِيث، وكَانَ عُثمانيّ الهوى حَتَّى مات فِي زمن الوليد، وكَانَ مُعَاوِيَة وخلفاء بني أُمَيَّةَ تُعَظِّمُه.

يُؤخَّر إِلَى الطبقة التاسعة.

265-

أَبُو تميم الجيشاني1 –م ت ن ق.

اسمه عَبْد اللَّهِ بْن مالك بْن أَبِي الأسحم المصري أَخُو سيف.

وُلد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وقدما المدينة زمن عُمَر.

روى أبو تميم عَنْ: عُمَر، وعَلِيّ، وأَبِي ذَرّ، وقرأ الْقُرْآن عَلَى مُعاذ بْن جَبَل.

رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّهِ بْن هُبَيْرة، وكعب بْن علقْمة، ومَرْثَد بن عبد الله اليزني، وبكر بن سوادة، وغيرهم.

قَالَ يَزِيد بْن أَبِي حبيب: كَانَ من أعبد أَهْل مصر.

قلت: تُوُفِّيَ فِي سَنَة سبع وسبعين. نقله سَعِيد بْن عفير.

وقَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ المقرئ: ثنا ابْن لَهيعة، حَدَّثَنِي ابْن هُبَيرة: سَمِعْت أَبَا تميم الْجَيْشَانيّ يَقُول: أقرأني مُعاذ بْن جَبَل الْقُرْآن حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى اليمن.

قلت: وتعلّم مُعاذ كثيرًا من الْقُرْآن من ابْن مَسْعُود، قاله الأعمش، عَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعيّ.

قَالَ ابْن مَسْعُود: جاء مُعَاذ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:"أقْرِئه" 2، فأقرأتُهُ ما كَانَ معي، ثمّ كنت أنا وهُوَ نختلف إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقْرِئنا.

266-

أَبُو ثعلبة الخُشنّي3 –ع- اسمه عَلَى أشهر ما قيل: جرثوم بْن ناشم.

لَهُ صُحبة ورواية، ورَوَى أَيْضًا عَنْ: أبي عُبَيدة، ومُعاذ.

رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بْن المسيّب، وجُبَير بْن نُفَير، وأَبُو إدريس الخَوْلاني، وأَبُو رجاء العُطَارديّ، وأَبُو الزاهرية، وعُمَير بن هانئ.

1 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 510"، أسد الغابة "5/ 152"، الإصابة "4/ 72".

2 انظر: المجمع "8/ 257".

3 انظر: الطبقات الكبرى "7/ 416"، الإصابة "4/ 29"، السير "2/ 567".

ص: 320

وسكن الشام، وكَانَ يكون بداريّا.

وقيل: إنّه سكن قرية البلاط وله ذرية بها.

وقَالَ الدارَقُطْنيُّ وغيرُه: بايع بَيْعة الرضوان، وضرب لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بسَهْمٍ يوم خَيْبر، وأرسله إِلَى قومه فأسلموا.

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: ثنا عَبْدُ الرّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قَلابَةَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُبْ لِي بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا بِالشَّامِ -لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَئِذٍ- فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ هَذَا"؟ 1 فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَظْهَرَنَّ عَلَيْهَا. قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ بِهَا.

وقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: بينا أبو ثعلبة الخشني، وكعب جالسين، إذ قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، مَا مِنْ عَبْدٍ تَفَرَّغَ لِعِبَادَةِ اللَّهِ إِلا كَفَاهُ الله مؤونة الدنيا، قال: أشيء سمعته من رسول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ شَيْءٌ تَرَاهُ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَرَاهُ، قَالَ: فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ مَنْ جَمَعَ هُمُومَهُ هَمًّا وَاحِدًا، فَجَعَلَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ، وَكَانَ رِزْقُهُ عَلَى اللَّهِ، وَعَمَلُهُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ فَرَّقَ هُمُومَهُ، فَجَعَلَ فِي كُلِّ وَادٍ هَمًّا، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّهَا هَلَكَ، ثُمَّ تَحَدَّثا سَاعَةً، فَمَرَّ رَجُلٌ يَخْتَالُ بَيْنَ بُرْدَيْنِ، فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ بِئْسَ الثوب ثوب الْخُيَلَاءُ، فَقَالَ: أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ أَرَاهُ، قَالَ: فَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنْزَلِ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَضَعَهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ يُحِبَّهُ2.

وقَالَ خَالِد بْن مُحَمَّد الوهْبيّ والد أَحْمَد: سَمِعْت أَبَا الزَّاهرية قَالَ: سَمِعْت أَبَا ثعلبة يَقُول: إنّي لأرجو أن لا يخنُقني اللَّهُ عز وجل كما أراكم تُخنقون عند الموت، قَالَ: فبينما هُوَ يصلي فِي جوف الليل قُبض وهُوَ ساجد3.

قَالَ أَبُو حسّان الزّياديّ: تُوُفِّيَ سَنَة خمس وسبعين.

267-

أَبُو جُحَيفة السُّوائيّ –ع- اسمه وهْب بْن عَبْد اللَّهِ4، ويقَالَ لَهُ: وهب

1 حديث صحيح: أخرجه أحمد "4/ 192، 193"، وعبد الرزاق "8503" في مصنفه.

2 حديث حسن لغيره: ورواه الطبراني كما في المجمع "4/ 61" وله شواهد.

3 السير "2/ 570، 571".

4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 63"، والسير "3/ 202".

ص: 321

الخير من صغار الصَّحَابَة، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُراهق، وكَانَ صاحب شُرطة عَلِيّ، وكَانَ إذا خطب عَلِيّ يقوم تحت منبره.

رَوَى عَنْ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعَنْ عَلِيّ، والبَرَاء.

رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بْن الأقمر، وسلمة بْن كهيل، والحَكَم بْن عُتْبة، وابنه عَوْن بْن أَبِي جُحَيْفة، وإسماعيل بن أَبِي خَالِد، وغيرهم.

تُوُفِّيَ سَنَة إِحْدَى وسبعين، والأصحّ أنّه تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وسبعين، وقيل: أنّه بقي إِلَى سَنَة نيّفٍ وثمانين.

268-

أمّ خالد الأموية1 –خ د ن- بنت خَالِد بْن سَعِيد بْن العاص بْن أمية الأموية، اسمها أمة.

ولدت لأبيها بالحَبَشة.

ولها صُحْبة ورواية حديثين.

وتزوّجها الزُّبيْر بْن العوَّام فولدت لَهُ عَمْرًا، وخالدًا.

رَوَى عنها: سَعِيد بْن عَمْرو بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ، وموسى بْن عُقبة.

وأظنُّها آخر من مات من النّساء الصَّحابيّات.

الْوَاقِدِيّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْن مُحَمَّد بْن خَالِد، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أَمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: سَمِعْتُ النَّجَاشِيَّ يَوْمَ خَرَجْنَا يَقُولُ لأَصْحَابِ السَّفِينَتَيْنِ: أَقْرِئُوا جَمِيعًا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنِّي السَّلامَ، قَالَتْ: فَكُنْتُ فِيمَنْ أَقْرَأَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَنْ النَّجَاشِيِّ السَّلامَ2.

أَبُو نُعَيْمٍ، وَالطَّيَالِسِيُّ قَالا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَتْنِي أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ قَالَتْ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ، فَقَالَ:"مَنْ تَرَوْنَ أكْسُو هَذِهِ"؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ:"ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ" 3، فَأُتِيَ بِي أُحْمَلُ، فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ:"أَبْلِي وَأَخْلِقِي" يَقُولُهَا مَرَّتَيْنِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ أَحْمَرَ

1 انظر: الطبقات "8/ 234"، السير "3/ 470، 471".

2 حديث ضعيف: أخرجه ابن سعد "8/ 234" فيه الواقدي.

3 حديث صحيح: أخرجه البخاري "10/ 236"، وأبو داود "4024".

ص: 322

وَأَصْفَرَ، فَقَالَ:"هَذَا سَنَا يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا" وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى الْعَلَمِ.

وَالسَّنَا بلسان الحبش: الحسن.

قال إسحاق: فحدثتني امرأة من أهلي أنّها رأت الخَميصة عند أم خالد.

269-

أبو سالم الجيشاني1 –م د ن- اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ الْمَصْرِيُّ.

شهدِ فتحَ مصر، ووفد عَلَى عَلِيّ رضي الله عنهم.

وروى عَنْ: عَلِيّ وأَبِي ذَرّ، وزيد بْن خَالِد الْجُهَنيّ.

رَوَى عَنْهُ: ابنه سالم، وابْن ابنه سعيد بْن سالم، وبكر بْن سوادة، ويَزِيد بْن حبيب، وعَبْد اللَّهِ بْن أَبِي جَعْفَرٍ.

270-

أَبُو سَعِيد الخُدْرِيّ2 –ع- صَاحِبِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ من فُضَلاء الصَّحَابَة بالمدينة. وهُوَ سَعِيد بْن مالك بْن سنان بْن ثعلبة بْن عُبَيد الأَنْصَارِيّ الخزْرجيّ الخُدْرِيّ.

روى الكثير عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وعُمر، وأخيه لأمّه قَتَادة بْن النُّعمان.

رَوَى عَنْهُ: زيد بْن ثابت، وابْن عَبَّاس، وجَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْن المسيّب، وطارق بْن شهاب، وسَعِيد بْن جُبَير، وأَبُو صالح السّمّان، وعطاء بْن يسار، والحسن، وأبو الوداك، وعمرو بْن سُلَيْم الزُّرَقيّ، وأَبُو سَلَمَةَ، ونافع مولى ابْن عُمَر، وخلْق.

وقُتل أَبُوهُ يوم أُحُد.

قَالَ أَبُو هارون العبديّ: كَانَ أَبُو سَعِيد الخُدْرِيّ لا يَخْضب، كَانَت لحيته بيضاء خَضْلاء.

وقَالَ ابْن سَعْد، وغيره، شهد أَبُو سَعِيد الخنْدق وما بعدها من المشاهد.

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: عُرِضْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابن

1 انظر: أسد الغابة "2/ 322"، السير "4/ 74".

2 انظر: الحلية "1/ 369"، الاستيعاب "2/ 609".

ص: 323

ثَلاثَ عَشْرَةَ فَجَعَلَ أَبِي يَأْخُذُ بِيَدِي فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ عَبْلُ الْعِظَامِ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَعِّدُ في النظر يصوبه، ثُمَّ قَالَ: رُدَّهُ فَرَدَّنِي1.

وقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أنا إسماعيل بن عياش، حدثني عقيل بن مُدْرَكٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلا أَتَاهُ فَقَالَ: أَوْصِنِي يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَالَ: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهَا رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الإِسْلامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَذِكْرُكَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ، وَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلا فِي حَقٍّ فَإِنَّكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ2.

وقَالَ حنظلة بْن أَبِي سُفْيَان، عَنْ أشياخه، إنّه لَمْ يكن أحدٌ من أحداث أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعلم من أَبِي سَعِيد الخُدْرِيّ.

وقَالَ وهْب بْن جَرِير: ثنا أَبُو عَقِيلٍ الدَّوْرَقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَصْرَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ غَارًا، فَدَخَلَ فِيهِ عَلَيْهِ رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ تَقْتُلَهُ، فَلَمَّا انْتَهَى الشَّامِيُّ إِلَى بَابِ الْغَارِ، قَالَ لأَبِي سَعِيدٍ، وَفِي عُنُقِ أَبِي سَعِيدٍ السَّيْفُ: اخْرُجْ إِلَيَّ، قَالَ: لا أَخْرُجُ وَإِنْ تَدْخُلْ عَلِيَّ أَقْتُلْكَ، فَدَخَلَ الشَّامِيُّ عَلَيْهِ، فَوَضَعَ أَبُو سَعِيدٍ السَّيْفَ، وَقَالَ: بُؤْ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ وَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ، قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمَ. قَالَ: فَاسْتَغْفِرْ لِي غَفَرَ اللَّهُ لَكَ3.

خَالِد بْن مَخْلَد: ثنا عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، عَنْ وهْب بْن كَيْسان قَالَ: رأيت أَبَا سَعِيد الخُدْرِيّ يلبس الخَزّ.

الثَّوريّ، عَنِ ابْن عَجْلان، عَنْ عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع: رأيت أَبَا سَعِيد يحفِي شاربه كأخي الحلق.

قَالَ الْوَاقِدِيّ والجماعة: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين.

وقَالَ ابْن المَدينيّ قولين لَمْ يُتابع عليهما.

1 حديث ضعيف: من رواية الواقدي.

2 حديث ضعيف: إسناده منقطع: وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق".

3 خبر حسن: تهذيب تاريخ دمشق "6/ 114".

ص: 324

وقَالَ إسماعيل القاضي: سمعته يَقُول: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاث وَسِتِّينَ.

وقَالَ البخاريّ: قَالَ عَلِيّ: مات بعد الحرة بسنة.

أبو سعيد بن المعلى الأنصاري1 –خ د ن ق- المدني، قيل: اسمه رافع.

له صُحْبة ورواية.

رَوَى عَنْهُ: حفص بْن عاصم، وعُبَيد بْن حُنَين.

تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاث وسبعين.

قَالَ الْوَاقِدِيّ: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين، يعني أَبَا سَعِيد بْن المُعَلِيّ.

وقَالَ ابْن سَعْد: هُوَ أَبُو سَعِيد بْن أوس بْن المُعَلِيّ بْن لَوْذان من بني جُشَم بْن الخزرج.

271-

أَبُو الصَّهْباء البكْريّ صُهَيب2.

عَنْ: عَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وابْن عَبَّاس.

وَعَنْهُ: سَعِيد بْن جُبَير، وطاوس، وأَبُو نَضْرة، ويحيى بْن الجزّار.

قَالَ أَبُو زُرْعة الرازيّ: مدنيِّ ثقة.

وقَالَ البُخاريّ: سمَعَ عليًّا، وابنَ مَسْعُود.

272-

أبو عامر الهوزني3 –د ن ق- عبد الله بن لحي الحمصي، والد أَبِي اليَمان عامر.

من قُدماء التَّابعين، أدرك الإسلام، من أوّله، وسمَعَ: عُمَر، ومعاذ بْن جَبَل، وبلالا، وعَبْد اللَّهِ بْن قُرْط، ومُعَاوِيَة، وجماعة.

وشهد خُطْبة الجابية.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو سلام الأسود، وراشد بْن سَعْد"، وأزهر الحَرَازيّ، وابنه أَبُو اليَمَان، وحَيْوَة بْن عُمَر.

1 انظر: الطبقات الكبرى "3/ 600"، وأسد الغابة "5/ 211".

2 انظر: التاريخ "4/ 315"، والتهذيب "4/ 439".

3 انظر: الجرح والتعديل "5/ 145"، والتهذيب "5/ 373".

ص: 325

وقَالَ أَبُو زُرْعة الدمشقيّ: كَانَ من أصحاب أَبِي عُبَيْدة.

ووثّقه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بن عمار.

273-

أبو عبد الله الأشعري1 –د ق- الشامي الدمشقي.

رَوَى عَنْ: مُعَاذ، وخَالِد بْن الوليد، وأَبِي الدرداء، ويَزِيد بْن أَبِي سُفْيَان.

روى عنه: أبو صالح الأشعري، وإسماعيل بن أبي المهاجر، وزيد بن واقد.

274-

أبو عبد الرحمن السلمي2 –ع- مقرئ الْكُوفَة بلا مُدَافَعة. اسمه عَبْد اللَّهِ بْن حبيب بْن ربيعة.

قرأ الْقُرْآن عَلَى: عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وسمَعَ مِنْهُمْ ومن عُمَر.

رَوَى حسين بْن عَلِيّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ مُحَمَّد بْن أبان، عَنْ عَلْقَمة بْن مَرْثَد قَالَ: تعلّم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الْقُرْآن من عُثْمَان، وعَرَض عَلَى عَلِيّ.

رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم النَّخَعيّ، وسَعِيد بْن جُبَير، وعَلْقمة بْن مَرْثَد، وعطاء بْن السّائب، وإسماعيل السُّدّيّ، وغيرهم.

وأقرأ بالْكُوفَة من خلافة عُثْمَان إِلَى إمرة الحَجّاج، قرأ عَلَيْهِ عاصم بْن أَبِي النَّجُود.

تُوُفِّيَ سَنَة أربع وسبعين، وقيل: سَنَة ثَلاث، وقيل: تُوُفِّيَ فِي إمرة بِشْر بْن مَرْوَان، وقيل غير ذَلِكَ.

وأمّا قول ابْن قانع: إنّه تُوُفِّيَ سَنَة خمس ومائة، فَوَهْم لا يُتابَعُ عَلَيْهِ. وعَلَيْهِ تلقّن عاصمُ الْقُرْآن.

قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أقرأ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ فِي المسجد أربعين سَنَة.

وقَالَ عطاء بْن السّائب: دخلنا عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ نَعُودُه، فذهب بعضُهم يُرَجّيه، فقَالَ: أنا أرجو ربّي وقد صُمْتُ لَهُ ثمانين رمضانًا.

وقَالَ حَجّاج، عَنْ شُعبة: إنّه لم يسمَعَ من عُثْمَان ولا من ابن مسعود، وهذا فيه

1 انظر: الجرح والتعديل "9/ 400"، التهذيب "12/ 147".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 172"، السير "4/ 267".

ص: 326

نظر، فإنّ روايته عَنْ عُثْمَان فِي الصّحيح، وفي كَتَبَ القراءات إنّه قرأ عَلَى عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وزيد بْن ثابت.

قَالَ أَبُو بَكْر بْن عيّاش، عَنْ عاصم إنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ قرأ عَلَى عَلِيّ رضي الله عنه.

وقَالَ ابْن مجاهد فِي كتاب السبعة: أول من أقرأ الناس بالْكُوفَة بالقراءة التي جمَعَ الناس عليها عُثْمَان أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، فجلس فِي مسجدها الأعظم، ونصب نفسه لتعليم الْقُرْآن أربعين سَنَة.

قلت: روايته عَنْ عُمَر فِي "سُنَن النَّسَائِيّ".

ويقَالَ: إنّه أضرّ1 بآخره، رحمه اللَّه تعالى.

قَالَ الدّانيّ: أَخَذَ القراءة عَرْضًا عَنْ: عُثْمَان، وعَلِيّ، وابْن مَسْعُود، وأَبِي بْن كعب، وزيد بْن ثابت.

عرض عَلَيْهِ: عاصم، وعطاء بْن السّائب، ويحيى بْن وثّاب، وأَبُو إِسْحَاق، وعَبْد اللَّهِ بْن عيسى بْن أَبِي ليلى، ومُحَمَّد بْن أَبِي أَيُّوب، وعامر الشَّعبيّ، وإسماعيل بْن أَبِي خَالِد.

وكَانَ من المعمَّرين.

شُعبة، عَنْ علْقمة بْن مَرْثَد، عَنْ سَعْد بْن عُبيدة أنّ أَبَا عَبْد الرَّحْمَنِ أقرأ في خلافة عُثْمَان إِلَى أن تُوُفِّيَ فِي إمارة الحَجّاج.

275-

أَبُو عطية الوادعيّ الكوفِي2 –سوى ق.

رَوَى عَنْ: ابْن مَسْعُود، وعائشة.

وعنه: محمد بن سيرين، وخيثمة بن عبد الرحمن، وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق، وغيرهم.

وثقه ابن معين.

وقد ورد أن الأعمش رَوَى عَنْهُ، فإنْ كَانَ قد سمع منه فيؤخر عن هنا.

1 أي أصيب بالعمى.

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 121"، التهذيب "12/ 169".

ص: 327

276-

أَبُو غَطفان المُرّيّ الحجازيّ1 –م د ن ق.

رَوَى عَنْ: سَعِيد بْن زَيْدِ بْن عَمْرو بْن نُفَيْلٍ، وأَبِي هريرة، وابْن عَبَّاس، وغيرهم.

رَوَى عَنْهُ: إسماعيل بْن أُمَيَّةَ، وقانط بْن شيبة الزُّهْريّ، ويعقوب بْن عُتْبة بْن الأخنس، وآخرون.

277-

أَبُو قِرْصافة الكناني2، جَنْدَرة بْن خَيْشَنَة رضي الله عنه.

صَحَابيّ معروف، نزل عسقلان ورَوَى أحاديث.

رَوَى ضَمْرة بْن ربيعة، عَنْ بلال بْن كعب قَالَ: زُرْنا يحيى بْن حسّان أنا وإِبْرَاهِيم بْن أدهم فِي قريته، فقَالَ: أمَّنا فِي هَذَا المسجد أَبُو قِرْصافة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أربعين سَنَة، يصوم يومًا ويُفْطر يومًا، فوُلد لأَبِي غلامٌ، فدعاه فِي اليوم الَّذِي يصومه فأفطر. رواه البخاري فِي "الأدب" لَهُ.

278-

أبو مراوح الغفاري –خ م ن ق- ويقال: الليثي المدني3.

قَالَ مسلم: اسمه سَعْد.

قلت: رَوَى عَنْ: أَبِي ذَرّ، وحَمْزَة بْن عَمْرو الأَسْلَمِيّ.

وعنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وغيرهم.

وكان ثقة نبيلا، يقال: إنه ولد في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

279-

أَبُو مُعْرض الأسديّ أَخُو خُزَيْمة4.

كوفِي شاعر، اسمه مُغِيرَة بْن عَبْد اللَّهِ ويُعرف بالأقَيْشِر.

وُلد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وبقي إِلَى أن وفد عَلَى عَبْد الْمَلِكِ بْن مَرْوَان.

وهُوَ القائل في أم الخبائث:

1 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 176"، التهذيب "12/ 99".

2 انظر: الاستيعاب "1/ 274"، التهذيب "2/ 119".

3 انظر: التهذيب "12/ 227"، الثقات "2035" للعجلي.

4 انظر: البداية "9/ 6"، الشعر والشعراء "2/ 463".

ص: 328

تريك القذى من دونها وهي دونه

لوجهِ أخيها فِي الإناء قطوب

كميت إذا شجت وفي الكأس وردةٌ

لها فِي عظام الشاربين دَبيبُ

وقيل لَهُ: الأقَيْشر لأنّه كَانَ أحمرَ الوجه أقْشَر. وله شِعْر كثير.

280-

أَبُو عمّار الهمذاني1 اسمه عريب بْن حُمَيد، عداده فِي الكوفيّين.

سمَعَ: عمّار بْن ياسر، وقَيْس بْن سَعْد.

وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق السَّبيعيّ، والقاسم بْن مُخَيْمِرَة.

281-

أبو قُرَّةَ الكِنْديّ كوفِي2، اسمه سَلَمَةُ بْن مُعَاوِيَة بْن وهْب.

عَنْ: ابْن مَسْعُود، وسَلْمان، والمُغِيرَة بْن شُعْبة، وعَلْقمة.

وَعَنْهُ: الشّعبيّ، وتميم بْن حذْلَم الضَّبَيّ، وأَبُو إِسْحَاق.

282-

أَبُو الكَنُود3 يقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عِمران الأزديّ، ويقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عُوَيْمر، ويقَالَ: عَبْد اللَّهِ بْن عامر.

سمَعَ: ابنَ مَسْعُود، وخبَّاب بنَ الأرتّ.

وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاق السَّبيعيُّ، وأَبُو سَعْد الأزْديٍّ.

وهُوَ مُقلّ.

283-

أَبُو كنف العبْدي4 سمع: ابنَ مَسْعُود، وسَعْد بْن أَبِي وقّاص، وأَبَا هُرَيرة.

وَعَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ الْخَارِقِيُّ، وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ.

284-

أَبُو نملة الأَنْصَارِيُّ الظَّفَرِيُّ5 قِيلَ: اسْمُهُ عَمَّارُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ زُرَارَةَ.

قَالَ أبو أحمد الحاكم: له صحبة.

1 انظر: الجرح والتعديل "7/ 32"، التهذيب "7/ 91".

2 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 148"، الثقات "5/ 587" لابن حبان.

3 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 177"، التهذيب "12/ 213".

4 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 201"، الجرح والتعديل "9/ 431".

5 انظر: التهذيب "12/ 259"، والإصابة "2/ 512".

ص: 329

أَدْرَكَ الْحَرَّةَ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ. وَمَاتَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وِلَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ.

رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ نَمْلَةُ بْنُ أَبِي نَمْلَةَ شَيْخُ الزُّهْرِيِّ.

وَلَهُ حَدِيثٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ": "إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ"1.

285-

أَبُو يَحْيَى الْكُوفِيُّ2 هُوَ حَكِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْحَنَفِيُّ.

عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي مُوسَى.

وَعَنْهُ: عِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ به بأس.

286-

أبو يحيى الأعرج المُعَرْقَب مَوْلَى3 مُعَاذ بْن عَفْراء الأَنْصَارِيّ. اسمه مِصْدع، قاله عَمْرو بْن دينار.

وقَالَ ابْن معين: أَبُو يحيى الأعرج اسمه زِيَاد.

رَوَى عَنْ: عَلِيّ، وعائشة، وابْن عَبَّاس.

وعنه: سعيد بن أبي الحسن، وسعد بن أوس العدوي.

287-

أبو مسلم الجليلي4 من أهل جبل الجليل، أدرك النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وكَانَ معلِّمَ كَعْبِ الأحبار، أسلم فِي عهد عُمَر، وقيل: فِي عهد مُعَاوِيَة.

حكى عَنْهُ: أَبُو مسلم الخَوْلانيّ، وأَبُو قلابة، وحزام بْن حكيم، وجُبَير بْن نُفَير، ومسلم بْن مشْكم، وشُرَيْح بْن عقيل، ولُقمان بْن عامر، وغيرهم.

رَوَى قاسم الرحّال، عَنْ أَبِي قلابة أنّ أَبَا مسلم الجليليّ أسلم عَلَى عهد مُعَاوِيَة، فأتاه أَبُو مسلم الخَوْلاني فقَالَ: ما منعك أن تُسْلم عَلَى عهد أَبِي بَكْرٍ وعُمَر؟! فقَالَ: إني وجدت فِي التَّوراة أنّ هذه الأمة ثلاث أصناف، صنف يدخل الجنة بغير حساب،

1 حديث صحيح لغيره: أخرجه البخاري "8/ 160" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

2 انظر: التهذيب "2/ 453"، تهذيب الكمال "3/ 1590".

3 انظر: الطبقات الكبرى "5/ 477"، والتهذيب "10/ 157".

4 انظر: الجرح والتعديل "9/ 436"، وتهذيب الكمال "3/ 1648".

ص: 330

وصنْف يحاسبون حسابًا يسيرًا، وصنْف يصيبهم شيءً ثم يدخلون الجنة، فأردت أن أكون من الأوّلين، فإنْ لَمْ أكن مِنْهُمْ كنت ممن يُحاسَب حسابًا يسيرًا، فإنْ لَمْ أكن مِنْهُمْ كنت من الآخرين.

صالح المُرّيّ، عَنْ أَبِي عَبْد اللَّهِ الشامي، عَنْ مكحول، عَنْ أَبِي مسلم الخَوْلانيّ أنّه لقي أَبَا مسلم الْجَلُوليّ، وكَانَ مترهَّبا، نزل من صَوْمَعَته أيّام عُمَر وأسلم، فقَالَ: تركت الإسلام عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعهد أَبِي بَكْرٍ، وذكر الْحَدِيث.

الجريريّ، عَنْ عُقْبة بْن وسّاج: كَانَ لأَبِي مسلم الخَوْلانيّ جارّ يهوديّ يُكَنّى أَبَا مسلم كَانَ يمرّ به فيَقُول: يا أَبَا مسلم أسْلمْ تَسْلَم، فمرّ به يومًأ وهُوَ يصلّي، وذكر شِبْهَ حديث أَبِي قلابة.

قَالَ ابْن مَعين: أَبُو مسلم الجليلّيّ، ويقال: الجلولي، شامي.

288-

الأغر بن سليك1 –ن- ويقال: ابن حنظلة الكوفي.

عَنْ: عَلِيّ، وأَبِي هريرة.

وَعَنْهُ: سِمَاك بْن حرب، وعَلِيّ بْن الأقمر، وأَبُو إِسْحَاق السَّبيعيّ.

رَوَى لَهُ النَّسَائِيّ.

آخر الطبقة الثامنة والحمد لله أولًا وآخرًا.

1 انظر: الطبقات الكبرى "6/ 243"، التهذيب "1/ 365".

ص: 331