الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحداث سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ:
فِيهَا: تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ. وَبُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَلَى الأَصَحِّ. وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلٍ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ. وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَنَدِيُّ. وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ الْمَدَنِيُّ. وَعَمْرُو بن عبد الله أبو إسحق السبيعي، وعمير بن هانيء الْعَنْسِيِّ، وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ الزَّاهِدُ فِي قَوْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ فِي قَوْلِ خَلِيفَةَ. وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ الْمُؤَدَّبُ.
وَفِيهَا: كَانَتْ فِتَنٌ عَظِيمَةٌ وَبَلاءٌ: فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ مُتَوَلِّي أَذْرَبَيْجَانَ، وَأَرْمِينِيَّةَ وَتِلْكَ الْمَمَالِكِ، لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ النَّاقِصِ، أَنْفَقَ الأَمْوَالَ وَجَمَعَ الأَبْطَالَ وسار بالعساكر فدخل الشام، فجهز ابرهيم بْنُ الْوَليِدِ لِحَرْبِهِ أَخَوَيْهِ بِشْرًا وَمَسْرُورًا، فَالْتَقَوْا، فَانْتَصَرَ مَرْوَانُ وَأَسَرَهُمَا وَسَجَنَهُمَا، ثُمَّ زَحَفَ حَتَّى نَزَلَ بِعَذْرَاءَ فَالْتَقَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ مَشْهُودَةٌ، ثُمَّ انهزم سليمان وبلغ ذلك ابرهيم بْنَ الْوَليِدِ فَعَسْكَرَ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ وَأَنْفَقَ الأَمْوَالَ فِي الْعَسْكَرِ فَخَذَلُوهُ وَتَفَلَّلُوا عَنْهُ، وَوَثَبَ الْكِبَارُ بِدِمَشْقَ فَقَتَلُوا عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الَّذِي كَانَ نَائِبَ الْعِرَاقِ فِي الْحَبْسِ.
وَقُتِلَ الْحَكَمُ وَعُثْمَانُ ابْنَا الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَا يُلَقَّبَانِ بِالْجَمَلَيْنِ وَكَانَا شَابَّيْنِ أَمْرَدَيْنِ قَتَلُوهُمَا بِالدَّبَابِيسِ وَثَبَ عَلَيْهِمَا غِلْمَانُ يَزِيدَ بْنِ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ لِأَنَّ أُمَرَاءَ دِمَشْقَ خَافُوا مِنْ أَنْ يُخْرِجَهُمَا مَرْوَانُ الْحِمَارُ فَيُبَايِعُ أَحَدَهُمَا أَوْ يَجْعَلُهُ وَلِيَّ عَهْدٍ فَلا يَسْتَبْقِي أَحَدًا قَامَ عَلَى أَبِيهِ.
ثُمَّ هَرَبَ الْخَلِيفَةُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ فَسَارَ يزيد بن خالد بن يزيد بن معاوية وَبَنُو عَمِّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ إِلَى عَذْرَاءَ إِلَى مَرْوَانَ الْحِمَارِ وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَهِ وَدَخَلَ الْبَلَدَ فَأمَرَ بِنَبْشِ يَزِيدَ بْنِ الْوَليِدِ رحمه الله وَصَلَبَهُ لِأَجْلِ قِيَامِهِ عَلَى الْوَلِيدِ الْفَاسِقِ، ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِبْرَاهِيمَ ذَلَّ وَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ مَرْوَانَ ابْنَ مُحَمَّدٍ وَخَلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَسَلَّمَهُ إِلَى مَرْوَانَ وَبَايَعَ طَائِعًا.
وَجَرَتْ هَوَشَاتٌ وَفِتَنٌ، وَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بِالْغُوطَةِ فَقَتَلَ يَزِيدَ بْنَ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقِسْرِيَّ وَتَمَّ الأَمْرُ لِمَرْوَانَ، ثُمَّ سَارَ عَنْ دِمَشْقَ فَخَلَعَهُ أَهْلُهَا وَأَهْلُ حِمْصٍ فَنَزَلَ عَلَى حِمْصٍ بِجَيْشِهِ، وَحَاصَرَهَا وَأَخَذَهَا وَقَتَلَ عِدَّةُ أُمَرَاءَ وَهَدَمَ نَاحِيَةً مِنْ سُورِهَا. وَخَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ طَبَرِيَّةَ ثَابِتُ بْنُ نَعِيمٍ الْجُذَامِيُّ فَجَهَّزَ لِحَرْبِهِ عَسْكَرًا، فَانْهَزَمَ ثَابِتٌ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ جُنْدِهِ ثُمَّ أُسِرَ وَأُتِيَ بِهِ مَرْوَانُ فَقَطَعَ أَرْبَعَتَهُ بِدِمَشْقَ وَكَانَ سَيِّدَ الْيَمَانِيَّةِ فِي زَمَانِهِ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَبَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيَّ، وَكَانَ معه أخوه الْحَسَنُ وَيَزِيدُ وَكَانُوا قَدْ وَفَدُوا عَلَى نَائِبِ الْكُوفَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَكْرَمَهُمْ وَبَالَغَ فِي الإِحْسَانِ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ النَّاقِصُ هَاجَتْ شِيعَةُ الْكُوفَةِ وَجَيَّشُوا وَغَلَبُوا عَلَى الْقَصْرِ، وَبَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا، فَحَشَدَ مَعَهُ خَلائِقَ فَالْتَقَاهُمْ عَسْكَرُ
الْكُوفَةِ وَتَمَّتْ لَهُمْ وَقْعَةٌ انْهَزَمَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ الْقَصْرَ وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْ شِيعَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أُخْرِجَ مِنَ الْقَصْرِ وَأَمَّنُوهُ وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْكُوفَةِ، فَتَلاحَقَ بِهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَرَجَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى قَصْرِ الإِمَارَةِ.
وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَ ظُهُورُ سَعِيدِ بْنِ بَحْدَلٍ الْخَارِجِيِّ بِنَوَاحِي الْمَوْصِلِ وَتَبِعَهُ خَلْقٌ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ وَاسْتُخْلِفَ عَلَى أَصْحَابِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْمَحْكَمِيُّ فَغَلَبَ عَلَى تِكْرِيتَ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ فَعَسْكَرَ بِدِيرِ الثَّعَالِبِ فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلاثَةِ آلافٍ فَالْتَقَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَكَانَ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ ثُمَّ انْكَسَرَ عَبْدُ اللَّهِ، وَتَحَيَّزَ إِلَى وَاسِطَ، وَمَلَكَ الضَّحَّاكُ الْكُوفَةَ وَقَوِيَ أَمْرُهُ ثُمَّ عَبَّأَ جُيُوشَهُ فِي رَمَضَانَ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى وَاسِطَ فَحَارَبَهُ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ أَحَدَ الأَبْطَالِ الْمَذْكُورِينَ وَالشُّجْعَانِ الْمَعْدُودِينَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَدَامَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَقُتِلَ خَلْقٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ الضَّحَّاكُ الْمَحْكَمِيُّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلاطَفَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَتِهِ وَيُقِرَّهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَأَعْطَاهُ عَبْدُ اللَّهِ ذلك ولابنه، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ الضُّبَعِيِّ وَكَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ
…
وَصَلَّتْ قُرَيْشٌ خَلْفَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ
ثُمَّ سَارَ الضَّحَّاكُ إِلَى الْمَوْصِلِ فَخَرَجَ لِحَرْبِهِ مُتَوَلِّيهَا فَقُتِلَ، ثُمَّ اسْتَوْلَى الضَّحَّاكُ عَلَى الْمَوْصِلِ وَاتَّسَعَ سُلْطَانُهُ وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الْخَوَارِجِ، فَكَتَبَ مروان ابن مُحَمَّدٍ الْخَلِيفَةُ - إِلَى وَلَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ وَالِي الْجَزِيرَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَسْكِرَ بِنَصِيبِينَ فَسَارَ إِلَيْهِ الضحاك فحصره نَحْوًا مِنْ شَهْرَيْنِ وَبَثَّ خَيْلَهُ يُغِيرُونَ عَلَى بِلادِ الْجِزِيرَةِ وَكَثُرَتْ جُمُوعُ الضَّحَّاكِ وَانْضَافَ إِلَيْهِ مَنْ هَرِبَ مِنْ مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَظُمَ الْخَطْبُ فَسَارَ مَرْوَانُ بِنَفْسِهِ لِيَكْشِفَ عَنِ ابْنِهِ، فَالْتَقَاهُ الضَّحَّاكُ فَأَشَارَ عَلَى الضَّحَّاكِ أُمَرَاؤُهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ فُرْسَانَهُ فَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَالِي فِي دُنْيَاكُمْ هَذِهِ مِنْ حَاجَةٍ وَإِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا الطَّاغِيَةَ وَقَدْ جَعَلْتُ لِلَّهِ عَلَيَّ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَعَلَيَّ دَيْنٌ سَبْعَةُ دَرَاهِمَ فِي كُمِّي مِنْهَا ثَلاثَةٌ؛ وَالْتَحَمَ الْقِتَالُ إِلَى الْمَسَاءِ فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَلَمْ يَدْرِ بِهِ أَحَدٌ وَدَخَلَ اللَّيْلُ وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ نَحْوٌ مِنْ سِتَّةِ آلافٍ ثُمَّ أَصْبَحُوا عَلَى الْقِتَالِ، وَرَكَبَ النَّاس يَوْمَئِذٍ ضَبَابٌ بِحَيْثُ أَنَّ الْفَارِسَ لا يَرَى عَرْفَ فَرَسِهِ، وَمَضَى مَرْوَانُ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَثَبَتَ جُنْدُهُ وَجَاءَ الْخَيْبَرِيُّ أَحَدُ رؤوس الْخَوَارِجِ فَدَخَلَ فِي مُعَسْكَرِ مَرْوَانَ وَقَطَعَ أَطْنَابَ خِيَامِهِ وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِهِ فَكَرَّ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثَةِ آلافٍ عَلَى الْخَيْبَرِيِّ فَقَتَلُوهُ، فَقَامَ بِأَمْرِ الخوارج