المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ السيد اسماعيل ابن السيد سعد الموسوي الحويزي - تذييل سلافة العصر

[الجزائري، عبد الله]

الفصل: ‌ السيد اسماعيل ابن السيد سعد الموسوي الحويزي

1 -

‌ السيد اسماعيل ابن السيد سعد الموسوي الحويزي

(1) : نسب يضاهي البدر وحَسَب ينشرح به الصدر، وزهد وإخبات وورع، وفضل بلباس التقوى ادّرع، ومجد وشرف ومنقبة، وفطنة عن أسرار اللاّهوت منقّبة، وكرم حاتمي وشمم هاشمي، وطباع ما زاحمه فيها أحد ولا شاركه، وأخلاق تشهد أنّه فرع تلك الشجرة المباركة، وجدّ لا يشوبه هزل، وجود ما جاراه جواد إلاّ وزلّ، ذو نفس أبيّة، لا يداهن في الاُمور الحسبيّة، وله في القلوب وقع ومهابة، ما رأى من أحدٍ منكراً إلاّ مزّق اهابه.

(1) ذكره في أمل الآمل (2 / 34) فقال: عالم فاضل، شاعر محقق معاصر. (انتهى) : وأغلب الظن انه من السادة المشعشعيين والأقرب من آل أبي لاوي عمومة السيد شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي الذي سيأتي ذكره في الرقم الثاني من التذييل.

ص: 19

وكان رحمه الله منذ حلّ الشباب تميمته، قد عقد على اقتناء المعارف عزيمته، ففارق سكنه وهجر إلى بلاد العجم وطنه، واشتغل على مَن هناك من الجهابذة الطائر ذكرهم في الآفاق، كالملاّ رجب علي والملاّ شمسا الجيلاني وأمثالهما من حكماء الإشراق، إلى أن نبغ بين الأقران والأتراب، والتقط من فرائد فوائدهم ملء الكمّ والجيب والجراب. ثُمَّ رجع إلى أهله وجيرته محموداً في سريرته وسيرته، وكان في عنفوان أمره وريعان عمره قاصر الطرف على الفلسفة والمنطق، لا يلهج بغيرهما ولا ينطق، ولم يتفرّغ للعلوم السّمعية، إلاّ بعد ان أخلق البُردَ القشيب، وخرج من وراء الشباب إلى ذيول المشيب، فأسف حينئذٍ وندم، على تأخير ما أخّر وتقديم ما قدّم.

وقد بلغني من زهده وكرامته قدّس الله روحه، انّه كان في أوقات مجاورته بالحرمين الشريفين قد قلّ ماله، ورثّ حاله، وكان أحد عظماء العرب قد نذر لله مالاً جزيلاً يصرفه في وجوه القرب، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله في الطيف وقال: ائتِ مسجد الخيف، وابغ رجلاً من أولادنا من حليته كذا وكذا فإذا اصبته بالوصف المذكور، فادفع إليه المال المنذور، فانتبه الرجل قرير العين، متأهّباً لقضاء الدين، وتوصّل إلى الموسم، يتخلّل الناس، ويتطلّعهم في الهيئة واللّباس، حتى وقع نظره عليه، فألقى سرّه وصرته إليه، فأنف السيد عن القبول، وقال دعني من هذا الفضول، لعلّك تجد في هذا الجمّ الغفير، أخصّ بهاتيك الصفات، وأحوج إلى هذا المال منّي بكثير، على أنّ

ص: 20

الرؤيا ليست بحاجّة ولا لي إلى مالك حاجة.

تُوفّي طاب ثراه في عشر المائة بعد الألف الهجرية بالحويزة، وقبره هناك معروف يُتبرّك به ويُزار، ويخفّف عن زائريه الأوزار، ولا يحضرني من شعره النفيس إلاّ قطعتان من التخميس وهما قوله:

وِصالُ سكّان نجدٍ مُنتهى غرضي

وحبُّهم والهوى نفلي ومُفتَرضي

إِن كان قربُهُمُ وقفاً على حرضي

يا ممرضي بربى نجدٍ أعد مَرضي

عسى يعودون عُوّداي وزوّاري

وقوله:

خلا الرّبعُ من أهل المودّة والوفا

وقد كان قِدماً للكواعبِ مألفا

أيا جارتي ما بالُهُ ربعُهُ عفا

كأنّ لم يَكُنْ بين الحُجُون إِلى الصَّفا

أنيسٌ ولم يسمُرْ بمكّةَ سامرُ

(1)

* * *

(1) البيت لمضاض بن عمرو الجرهمي يقال أنه كان أبا زوجة النبي إسماعيل الذبيح بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وان جميع أولاد النبي إسماعيل عليه السلام من بنت مضاض بن عمرو وكان مقيما في الحجاز تابعا لليمن.

ص: 21