الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِصَّةُ ذَنْبِ دَاوُدَ عليه الصلاة والسلام
19 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: إِلَهِي مَا شَأْنُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَأَحَبُّوا نُجْحَهَا سَأَلُوكَ بِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ؟ قَالَ: أَيْ دَاوُدُ، إِنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ فَصَبَرُوا، فَقَالَ: وَأَنَا أَيْ رَبِّ لَوِ ابْتَلَيْتَنِي لَصَبَرْتُ، قَالَ: فَإِنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ وَلَمْ أُخْبِرْهُمْ بِأَنِّي ابْتَلَيْتُهُمْ فِي أَيِّ سَنَةٍ، وَلَا فِي أَيِّ شَهْرٍ، وَلَا فِي أَيِّ يَوْمٍ، وَإِنِّي مُبْتَلِيكَ فَمُخْبِرُكَ، ثُمَّ فِي سَنَتِكَ، ثُمَّ فِي شَهْرِكَ، ثُمَّ فِي غَدِكَ، ثُمَّ هِيَ امْرَأَةٌ فَاحْذَرْ نَفْسَكَ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ قَالَ: لَا يَأْتِينِي الْيَوْمَ أَحَدٌ، فَدَخَلَ الْمِحْرَابَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيُصَلِّي، فَلَمَّا ذَهَبَ مِنَ النَّهَارِ مَا ذَهَبَ قَالَ: لَوْ أَنِّي نَظَرْتُ مَاذَا ذَهَبَ مِنَ النَّهَارِ، فَنَظَرَ فَوَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَائِرٌ أَحْسَنُ طَائِرٍ فِي الْأَرْضِ، جِنَاحَاهُ مِنْ ذَهَبٍ
⦗ص: 104⦘
، فَأَمَّا أَوَّلُ مَا وَقَعَ فَلَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا، ثُمَّ أَقْبَلَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيُصَلِّي، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنِّي أَخَذْتُ هَذَا عَجَبْتُ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَتَنَاوَلَهُ لِيَأْخُذَهُ فَقَفَزَ غَيْرَ بَعِيدٍ وَهُوَ يُطْمِعُهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى كُوَّةِ الْمِحْرَابِ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَةٍ تَغْتَسِلُ، فَوَقَعَتِ الْمَرْأَةُ فِي نَفْسِهِ وَذَهَبَ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُفْتَنْ فِيهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ إِنَّهُ بَعَثَ بَعْثًا وَأَمَرَ صَاحِبَ الْبَعْثِ أَنْ يُقَدِّمَ زَوْجَ الْمَرْأَةِ، وَكَانَ اسْمُهُ أُورَيَا، فَجَاءَهُ الْكِتَابُ بِأَنَّهُ قُتِلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ حَمَلَةُ التَّابُوتِ، فَلَمَّا لَمْ يَرَ فِيهَا اسْمَهُ أَلْقَى الصَّحِيفَةَ وَكَانَ اسْمُهُ فِي آخِرِ الصَّحِيفَةِ، ثُمَّ نَظَرَ فَوَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ خَطَبَهَا فَتَزَوَّجَهَا، وَلَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُبَصِّرَهُ خَطِيئَتَهُ حَتَّى يَتُوبَ مِنْهَا، فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَلَكَيْنِ فَتَسَوَّرَا الْمِحْرَابَ، فَفَزِعَ دَاوُدُ فَقَالَا:{لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 23] فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ مِنِّي
⦗ص: 105⦘
، إِنَّهَا كَانَتْ لِي نَعْجَةٌ آكُلُ إِلَيْهَا، وَأَسْكُنُ إِلَيْهَا، وَأَشْرَبُ إِلَيْهَا، فَغَلَبَنِي وَنَزَعَهَا مِنِّي، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ظَنَّ دَاوُدُ أَيْ أَيْقَنَ دَاوُدُ قَالَ: أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ أَنْتِ هَذِهِ النَّعْجَةُ، وَخَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَيَوْمٍ، لَا يَقُومُ إِلَّا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، أَوْ لِحَاجَةٍ لَا بُدُّ مِنْهَا، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، رَقَأَ الدَّمْعُ، وَقَرَحَ الْجَبِينُ، وَتَنَاثَرَ الدُّودُ مِنْ رُكْبَتِي، وَخَطِيئَتِي أَلْزَمُ بِي مِنْ جِلْدِي، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا دَاوُدُ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: فَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، أَنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: أَيْ رَبِّ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَمُرِ الْخَلَائِقَ أَنْ يُنْصِتُوا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا دَاوُدُ إِنَّهُ لَا يَسُدُّ سَمْعِي شَيْءٌ، قَالَ إِنِّي أَحَبُّ ذَلِكَ، فَمُرِ الْخَلَائِقَ أَنْ يَنْصِتُوا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِيهَا أَنْ يُنْصِتُوا، وَإِلَى الْأَرَضِينَ وَمَنْ فِيهَا أَنْ يَنْصُتْنَ، فَقَالَ دَاوُدُ: أَيْ رَبِّ، أُورَيَا يَطْلُبُ مِنِّي دَمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ بِي وَهُوَ يَطْلُبُ مِنِّي دَمَهُ؟ قَالَ أَجْمَعُ بَيْنَكُمَا فَأَقْضِي بَيْنَكُمَا، ثُمَّ أَسْتَوْهِبُهُ دَمَكَ وَأَنَا أَغْفِرُ لَكَ، فَقَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدْ غَفَرْتَ لِي "
20 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثنا عَمِّي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ " كَانَ لِدَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مِحْرَابٌ يَتَوَحَّدُ فِيهِ لِتِلَاوَةِ الزَّبُورِ وَلِصَلَاتِهِ إِذَا صَلَّى، وَلَمْ يَكُنْ يُعْطِي اللَّهُ فِيمَا يَذْكُرُونَ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا مِثْلَ صَوْتِهِ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ الزَّبُورَ فِيمَا يَذْكُرُونَ تَرَايَا لَهُ الْوَحْشُ حَتَّى يُؤْخَذَ بِأَعْنَاقِهَا، وَأَنَّهَا لَمُصْغِيَةٌ تَسْتَمِعُ صَوْتَهُ، وَمَا صَنَعَتِ الشَّيَاطِينُ الْمَزَامِيرَ وَالْبَرَابِطَ وَالصُّنُوجَ إِلَّا عَلَى أَصْنَافِ صَوْتِهِ، وَكَانَ أَسْفَلَ مِنْهُ جُنَيْنَةٌ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَصَابَ دَاوُدُ فِيهَا مَا أَصَابَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ دَاوُدَ حِينَ دَخَلَ مِحْرَابَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ: لَا يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدٌ حَتَّى اللَّيْلِ، فَلَا يَشْغَلُنِي شَيْءٌ خَلَوْتُ لَهُ حَتَّى أُمْسِيَ، فَدَخَلَ مِحْرَابَهُ وَنَشَرَ زَبُورَهُ
⦗ص: 107⦘
يَقْرَأُ وَفِي الْمِحْرَابِ كُوَّةٌ تُطْلِعُهُ عَلَى تِلْكَ الْجُنَيْنَةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ زَبُورَهُ إِذْ أَقْبَلَتْ حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ حَتَّى وَقَعَتْ فِي الْكُوَّةِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَآهَا، فَأَعْجَبَتْهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَالَ: لَا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَمَّا دَخَلَ لَهُ فَنَكَّسَ رَأْسَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى زَبُورِهِ، فَتَصَوَّبَتِ الْحَمَامَةُ لِلْبَلَاءِ وَالِاخْتِبَارِ مِنَ الْكُوَّةِ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَتْبَعَهَا بِبَصَرِهِ أَيْنَ تَقَعُ، فَنَهَضَ إِلَى الْكُوَّةِ لِتَنَاوُلِهَا مِنَ الْكُوَّةِ، فَتَصَوَّبَتْ إِلَى الْجُنَيْنَةِ فَأَتْبَعَهَا بَصَرَهُ أَيْنَ يَقَعُ، فإِذَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ تَغْتَسِلُ بِهَيْئَةٍ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا فِي الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ وَالْخَلْقِ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا لَمَّا رَأَتْهُ نَقَضَتْ رَأْسَهَا فَوَارَتْ بِهِ جَسَدَهَا مِنْهُ فَاخْتَطَفَتْ قَلْبَهُ، فَرَجَعَ إِلَى زَبُورِهِ وَمَجْلِسِهِ وَهِيَ مِنْ شَأْنِهِ لَا يُفَارِقُ قَلْبَهُ ذِكْرُهَا، وَتَمَادَى بِهِ الْبَلَاءُ حَتَّى أَغْزَى زَوْجَهَا أُورَيَا ثُمَّ أَمَرَ صَاحِبَ جَيْشِهِ أَنْ يُقَدِّمَهُ إِلَى الْمَهَالِكِ حَتَّى أَصَابَهُ مَا أَرَادَ بِهِ مِنَ الْهَلَاكِ، وَلِدَاوُدَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً، فَلَمَّا أُصِيبَ صَاحِبُهَا خَطَبَهَا دَاوُدُ فَنَكَحَهَا، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي مِحْرَابِهِ مَلَكَيْنِ يَخْتَصِمَانِ إِلَيْهِ، مِثْلًا ضَرَبَهُ اللَّهُ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ، فَلَمْ يُرَعْ بِهِمَا إِلَّا وَاقِفَيْنِ عَلَى رَأْسِهِ فِي مِحْرَابِهِ، فَقَالَ: مَا أَدْخَلَكُمَا عَلَيَّ؟ فَقَالَا: {لَا تَخَفْ} [الذاريات: 28] لَمْ نَدْخُلْ لِبَأْسٍ وَلَا لِرِيبَةٍ {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 22] فَجِئْنَاكَ لِتَقْضِيَ بَيْنَنَا {فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} [ص: 22]
⦗ص: 108⦘
فَقَالَ: تَكَلَّمَا، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي يُكَلِّمُ عَنْ أُورَيَا زَوْجِ الْمَرْأَةِ:{إِنَّ هَذَا أَخِي} [ص: 23] عَلَى دِينِي {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} [ص: 23] أَيِ احْمِلْنِي عَلَيْهَا ثُمَّ {عَزَّنِي فِي الْخَطَّابِ} [ص: 23] أَيْ قَهَرَنِي فِي الْخَطَّابِ، وَكَانَ أَقْوَى مِنِّي وَأَعَزَّ، فَحَازَ نَعْجَتِي إِلَى نِعَاجِهِ، وَتَرَكَنِي لَا شَيْءَ لِي، فَنَظَرَ دَاوُدُ إِلَى خَصْمِهِ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ صَدَقَنِي لَأَفْعَلَنَّ بِكَ، ثُمَّ ارْعَوَى دَاوُدُ فَعَرَفَ أَنَّهُ الَّذِي يُرَادُ بِمَا صَنَعَ فِي امْرَأَةِ أُورَيَا، فَوَقَعَ سَاجِدًا تَائِبًا مُنِيبًا بَاكِيًا، فَسَجَدَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، مَا يَأْكُلُ وَمَا يَشْرَبُ، حَتَّى أَنْبَتَتْ دَمْعُهُ الْخُضَرَ تَحْتَ وَجْهِهِ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَقَبِلَ مِنْهُ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَبِّ، هَذَا غَفَرْتَ لِي مَا جَنَيْتُ فِي شَأْنِ الْمَرْأَةِ، فَكَيْفَ بِدَمِ الْقَتِيلِ الْمَظْلُومِ؟ فَقِيلَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: يَا دَاوُدُ أَمَا إِنَّ رَبَّكَ لَنْ يَظْلِمَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ سَيَسْأَلَهُ إِيَّاهُ فَيُعْطِيَهُ، فَيَضَعَهُ عَنْكَ، فَلَمَّا فُرِّجَ عَنْ دَاوُدَ مَا كَانَ فِيهِ وَشَمَ خَطِيئَتَهُ فِي كَفِّهِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ رَاحَتِهِ، فَمَا رَفَعَ إِلَى فِيهِ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا بَكَى إِذَا رَآهَا، وَمَا قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاسِ قَطُّ إِلَّا نَشَرَ كَفَّهُ فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ لِيَرَوْا وَشْمَ خَطِيئَتِهِ فِي يَدِهِ "
21 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ
⦗ص: 109⦘
الْحَسَنِ، " أَنَّ دَاوُدَ، قَالَ يَوْمًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِرَبِّهِ يَوْمًا لَا يُصِيبُ الشَّيْطَانُ مِنْهُ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا أَيُّنَا وَاللَّهِ، فَحَدَّثَ دَاوُدُ نَفْسَهُ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَدَخَلَ مِحْرَابَهُ وَغَلَّقَ أَبْوَابَهُ، وَقَامَ يُصَلِّي، فَجَاءَ طَائِرٌ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: فَبَيْنَمَا دَاوُدُ فِي الْمِحْرَابِ إِذْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ مَلَكَانِ فَأَفْزَعَاهُ، فَقَالَا: {لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 22] حَتَّى بَلَغَ {وَلَا تُشْطِطْ} [ص: 22] أَيْ وَلَا تَحَرَّجْ، حَتَّى بَلَغَ {أَكْفِلْنِيهَا} [ص: 23] يَقُولُ: أَعْطِنِيهَا {وَعَزَّنِي فِي الْخَطَّابِ} [ص: 23] يَقُولُ: قَهَرَنِي فِي الْخُصُومَةِ، {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} [ص: 24] حَتَّى بَلَغَ {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} قَالَ: عَلِمَ دَاوُدُ أَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ فَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ، قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ تَابَ، قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الْحَسَنُ: عَلِمَ أَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ فَسَجَدَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَّا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، وَلَمْ يَذُقْ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ "
22 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ
⦗ص: 110⦘
، وَيَنَامُ سُدُسَهُ»
23 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ أَخِي دَاوُدَ كَانَ أَعْبُدَ الْبَشَرِ، كَانَ يَقُومُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَصُومُ نِصْفَ الدَّهْرِ»
24 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ دَاوُدَ، النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، جَزَّأَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَكُنْ يَأْتِي سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا إِنْسَانٌ
⦗ص: 111⦘
مِنِ آلِ دَاوُدَ قَائِمٌ يُصَلِّي "