المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ - تعظيم قدر الصلاة - محمد بن نصر المروزي - جـ ١

[محمد بن نصر المروزي]

فهرس الكتاب

- ‌أَوَّلُ فَرِيضَةٍ بَعْدَ الْإِخْلَاصِ بِالْعِبَادَةِ لِلَّهِ الصَّلَاةُ فَجَعَلَ أَوَّلَ فَرِيضَةٍ نَصَّهَا بِالتَّسْمِيَةِ بَعْدَ الْإِخْلَاصِ بِالْعِبَادَةِ لِلَّهِ الصَّلَاةَ، وَقَالَ عز وجل: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا

- ‌مَا يَدُلُّ عَلَى افْتِرَاضِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِمَّا دَلَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ وَمُبَايَنَتِهَا لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ إِيجَابُهُ إِيَّاهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَإِخْبَارُهُ عَنْ تَعْظِيمِهِمْ إِيَّاهَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ قَرَّبَ مُوسَى

- ‌مَا يَدُلُّ عَلَى افْتِرَاضِهَا عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ كَانَ مِنْ أَوَّلِ مَا أُمِرَ بِهِ مُوسَى أَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ أَنْ آمَنُوا بِهِ الصَّلَاةُ، فَقَالَ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [

- ‌مَا يَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا عَلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ دَاوُدُ نَبِيُّ اللَّهِ وَصَفِيُّهُ لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ وَأَرَادَ التَّوْبَةَ لَمْ يَجِدْ لِتَوْبَتِهِ مَفْزَعًا إِلَّا إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [

- ‌فَرْضِيَّتُهَا عَلَى سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَرَضَ الْخَيْلَ بِالْعَشِيِّ فَأَشْغَلَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَأَخَّرَ وَقْتُهَا، فَأَسِفَ وَنَدِمَ، فَعَاقَبَ نَفْسَهُ بِأَنْ حَرَمَهَا الْخَيْلَ الَّتِي أَشْغَلَتْهُ حَتَّى جَاوَزَ وَقْتَ صَلَاتِهِ فَاعْتَرَضَهَا يُعَرْقِبُهَا عُقُوبَةً لِنَفْسِهِ لِيَغُمَّ عَلَيْهَا بَدَلًا مِنْ

- ‌قِصَّةُ ذَنْبِ دَاوُدَ عليه الصلاة والسلام

- ‌افْتَرَاضُهَا عَلَى يُونُسَ عليه الصلاة والسلام قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ فِي قِصَّةِ يُونُسَ حِينَ الْتَقَمَهُ الْحُوتُ: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يَبْعَثُونَ} [

- ‌افْتِرَاضُهَا عَلَى نُوحٍ، وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ ذَكَرَ عز وجل الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، فَوَصَفَهُمْ ثُمَّ قَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلَنَا مَعَ نُوحٍ وَمَنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ

- ‌أَحَادِيثُ فِي وِزْرِ تَارِكِهَا

- ‌قَوْلُ دَانْيَالَ عليه الصلاة والسلام فِي الصَّلَاةِ

- ‌الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالصَّلَوَاتُ كَفَّارَاتٌ

- ‌التَّمْثِيلُ بِالْغَائِصِ فِي النَّهَرِ خَمْسَ مَرَّاتٍ

- ‌كُلُّ خُطْوَةٍ إِلَى الصَّلَاةِ حَسَنَةٌ وَكَفَّارَةٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَجَعَلَ اللَّهُ كُلَّ خُطْوَةٍ إِلَيْهَا حَسَنَةً وَكَفَّارَةً وَطَهَارَةً لِلذُّنُوبِ

- ‌كَرَاهِيَةُ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا

- ‌مِنْ أَرْفَعَيَّةِ الصَّلَاةِ اشْتِرَاطُ النَّظَافَةِ وَمِنِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا أَرْفَعُ الْأَعْمَالِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل أَوْجَبَ أَنْ لَا تُؤْتَى إِلَّا بِطَهَارَةِ الْأَطْرَافِ، وَنَظَافَةِ الْجَسَدِ كُلِّهِ وَاللِّبَاسِ مِنْ جَمِيعِ الْأَقْذَارِ، ونَظَافَةِ الْبِقَاعِ الَّتِي يُصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ زَادَ تَعْظِيمًا أَنَّهُ أَمَرَهُمْ إِذَا عَدِمُوا الْمَاءَ عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَنْ

- ‌وَمِنْ أَرْفَعِيَّتِهَا وجُوبُ إِقَامَتُهَا بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى عِظَمِ قَدْرِهَا وَفَضْلِهَا عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ أَنَّ كُلَّ فَرِيضَةٍ افْتَرَضَهَا اللَّهُ فَإِنَّمَا افْتَرَضَهَا عَلَى بَعْضِ الْجَوَارِحِ دُونَ بَعْضٍ، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْ بِإِشْغَالِ الْقَلْبِ بِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُقَامَ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ أَنْ يَنْتَصِبَهُ الْعَبْدُ

- ‌تَحْذِيرٌ مِنَ الِالْتِفَاتِ فِيهَا

- ‌قِصَّةُ زَكَرِيَّا عليه الصلاة والسلام فِي تَرْكِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌كَلَامُ الرَّبِّ تَعَالَى لِمَنْ يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌آيَةٌ فِي تَرْكِ الِالْتِفَاتِ

- ‌ التَّحْذِيرُ مِنَ السَّهْوِ وَالِالْتِفَاتِ فِيهَا

- ‌بَيَانُ مَوْضِعِ النَّظَرِ

- ‌وِزْرُ نَقْصِ الْوضُوءِ

- ‌خَمْسٌ تُنْقِصُ الصَّلَاةَ

- ‌اللَّعِبُ بِاللِّحْيَةِ فِيهَا تَرْكٌ لِلْخُشُوعِ

- ‌ضَرَرُ السَّهْوِ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌أَفْضَلُ الْعَمَلِ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ جَاءَنَا الْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا» وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ عَمَلِكُمُ الصَّلَاةُ»

- ‌مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلَاةُ

- ‌الصَّلَاةُ نُورُ الْمُؤْمِنِ

- ‌إِكْمَالُ الْفَرِيضَةِ بِالنَّوَافِلِ

- ‌أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ فِي الْقَبْرِ الصَّلَاةُ

- ‌عَمُودُ الدِّينِ الصَّلَاةُ

- ‌فَزَعُ آدَمَ عليه الصلاة والسلام إِلَى الصَّلَاةِ

- ‌نَبَاتُ شَجَرَةٍ كُلَّمَا صَلَّى سُلَيْمَانُ عليه الصلاة والسلام

- ‌ضَرَرُ التَّكَبُّرِ

- ‌قِصَّةُ كَذِبَاتِ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام حَاشَاهُ

- ‌وَرَقَةٌ بَاقِيَةٌ مِنْ قَبْلِ الْمَبْعَثِ فِيهَا حِلْيَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ

- ‌فَزَعُهُ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ

- ‌وَفَزَعُهُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ

- ‌فَزَعُهُ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ

- ‌الصَّلَاةُ وَالسُّجُودُ عِنْدَ حَوَادِثِ النِّعَمِ شُكْرًا لِلَّهِ عز وجل قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا الصَّلَاةُ وَالسُّجُودُ عِنْدَ حَوَادِثِ النِّعَمِ شُكْرًا لِلَّهِ عز وجل فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَنْعَمَ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِفَتْحِ مَكَّةَ اغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ شُكْرًا لِلَّهِ عز وجل، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا

- ‌سَجْدَتُهُ عليه الصلاة والسلام شُكْرًا حِينَ أُعْطِيَ لَهُ أُمَّتُهُ

- ‌سَجْدَتُهُ صلى الله عليه وسلم شُكْرًا لِصَلَاتِهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌سَجْدَةُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ قَبُولِ تَوْبَتِهِ

- ‌سَجْدَةُ عُمَرَ رضي الله عنه عِنْدَمَا بُشِّرَ بِالْفَتْحِ

- ‌سَجْدَةُ عُمَرَ رضي الله عنه عِنْدَ نُزُولِ الدَّهَاقِينِ

- ‌سَجْدَةُ عَلِيٍّ رضي الله عنه عِنْدَ وِجْدَانِهِ الْمُخْدَجَ فِي الْقَتْلَى

- ‌سُجُودُ أَهْلِ السَّمَاءِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله: وَيُرْوَى أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى إِذَا نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا نَادَى مُنَادٍ: أَلَا نَزَلَ الْخَالِقُ الْعَلِيمُ فَيَسْجُدُ أَهْلُ السَّمَاءِ، فَلَا يَمُرُّ بِأَهْلِ سَمَاءٍ إِلَّا وَهُمْ سُجُودٌ، وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ

- ‌قِصَّةُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي صَرْعِ أَبِي جَحْشٍ

- ‌جَمِيعُ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ تَوْحِيدٌ لِلَّهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَلَا عَمِلَ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلَاةِ لِلَّهِ، لِأَنَّهُ افْتَتَحَهَا بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّعْظِيمِ لِلَّهِ بِالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَهِيَ حَمْدٌ لِلَّهِ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ، وَتَمْجِيدٌ لَهُ وَدُعَاءٌ، وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحُ فِي

- ‌أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ

- ‌مَوْضِعُ السُّجُودِ لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ أَنَّ مَنَ دَخَلَ النَّارَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَجِدُوا شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَمِلُوهَا بِجَوَارِحِهِمْ تَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ أَجْسَامِهِمْ مِنَ الِاحْتِرَاقِ إِلَّا السُّجُودَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ النَّارَ لَمْ تُصِبْ مَوَاضِعَ السُّجُودِ مِنَ الْمُصَلِّينَ

- ‌عُتَقَاءُ اللَّهِ

- ‌أحَادِيثُ فِي فَضْلِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِمَّا رُوِيَ فِي فَضْلِ السُّجُودِ

- ‌تَسَّاقَطُ الذُّنُوبُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

- ‌إِكْثَارُ الدُّعَاءِ فِي السَّجْدَةِ

- ‌مُبَاهَاةُ الرَّبِّ تبارك وتعالى مَلَائِكَتَهُ بِسُجُودِ عِبَادِهِ

- ‌كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ أَمْ طُولِ الْقِيَامِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدِ اخْتَلَفَتِ النَّاسُ فِي طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ

- ‌السُّؤَالُ عِنْدَ آيَةِ الرَّحْمَةِ وَالتَّعَوُّذُ عِنْدَ آيَةِ الْعَذَابِ

- ‌اعْتِزَالُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ السَّجْدَةِ

- ‌سُجُودُ الشَّمْسِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ذَرٍّ: «أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ»

- ‌الصَّلَاةُ قُرَّةُ عَيْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَوْ لَمْ يَسْتَدِلَّ الْمُؤْمِنُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِلَّا بِمَا أَلْزَمَ قَلْبَ حَبِيبِهِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُبِّ الصَّلَاةِ، وَجَعْلِ قُرَّةِ عَيْنِهِ فِيهَا دُونَ سَائِرِ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَ صلى الله عليه وسلم

- ‌آخِرُ وَصِيَّتِهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ فَصَارَ إِلَى الْحَالِ الَّتِي انْكَسَرَ فِيهَا لِسَانُهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيَّةٌ أَكْثَرُ مِنَ الصَّلَاةِ

- ‌سَاعَاتُ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَفَضَّلَ اللَّهُ سَاعَاتِ الصَّلَوَاتِ عَلَى سَائِرِ السَّاعَاتِ اخْتَارَهَا لِيُنَاجِيَهُ عِبَادُهُ فِيهَا لِصَلَاحِهِمْ

- ‌مُصَلَّى الْمُؤْمِنِ يَبْكِي عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ جَعَلَ الْبُقْعَةَ الَّتِي يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ هِيَ الْبَاكِيَةَ عَلَيْهِ دُونَ سَائِرِ الْبِقَاعِ

- ‌إِبَاءُ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ عَنْ قَتْلِ مُصَلٍّ، أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِقَتْلِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ يَقْتُلُ رَجُلًا، فَرَآهُ مُصَلِّيًا، فَعَلِمَ أَنَّ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً أَعْظَمَ مِنْ سَائِرِ الطَّاعَاتِ فَأَمْسَكَ عَنْهُ

- ‌الْهَدَايَا فِي الْجَنَّةِ بِمَقَادِيرِ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَدْ خَصَّ أَهْلَ جِوَارِهِ بِخَاصَّةِ اللُّطْفِ فِي جَنَّتِهِ مِنَ الْهَدَايَا ثَوَابًا لَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، فَجَعَلَ هَدَايَاهُ إِلَى أَوْلِيَائِهِ فِي جَنَّتِهِ بِمَقَادِيرِ صَلَوَاتِهِمْ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي

- ‌حَشْرُ النَّاسِ عَلَى قَدْرِ صَنِيعِهِمْ فِي الصَّلَاةِ

- ‌ثَوَابُ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ

- ‌شَهَادَةُ اللَّهِ لِمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَشَهِدَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ لِمَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ لِرَبِّهِ فَقَالَ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [

- ‌شَهَادَتُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْمُصَلِّي بِالْإِيمَانِ

- ‌سَمَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ الصَّلَاةَ إِيمَانًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَسَمَّاهَا اللَّهُ إِيمَانًا وَإِسْلَامًا وَدَيْنًا فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [

- ‌آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ كَمَالَ الْإِيمَانِ بِالصَّلَاةِ وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَوَصَفَ اللَّهُ عز وجل الْمُؤْمِنِينَ بِالْأَعْمَالِ ثُمَّ أَلْزَمَهُمْ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ، وَوَصَفَهُمْ بِهَا بَعْدَ قِيَامِهِمْ بِالْأَعْمَالِ، مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا فَقَالَ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُفَسِّرَةِ بِأَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ تَصْدِيقٌ وَخُضُوعٌ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِسَائِرِ الْجَوَارِحِ، وَتَصْدِيقٌ لِمَا فِي الْقَلْبِ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ هَذَا الْخَبَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ وَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَأَسْقَطُوا ذِكْرَ عُمَرَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَزَادُوا وَنَقَصُوا مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ أَنَسٍ

- ‌تَفْسِيرُ حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي الْإِيمَانِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ جِبْرِيلَ عليه السلام هَذَا، فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ» وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ كَلَامٌ جَامِعٌ مُخْتَصَرٌ لَهُ غَوْرٌ، وَقَدْ أَوْهَمَتِ الْمُرْجِئَةُ فِي تَفْسِيرِهِ فَتَأَوَّلُوهُ عَلَى

- ‌الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ فِي الْإِيمَانِ

- ‌وَصْفُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْإِيمَانَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَالْإِسْلَامَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِيمَانَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَقَدْ وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْإِسْلَامَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِيمَانَ، وَوَصَفَ الْإِيمَانَ بِمَا وَصَفَ بِهِ الْإِسْلَامَ، مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا، أَلَا تَرَاهُ وَصَفَهُ

- ‌أَحَادِيثُ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ شُعَبِ الْإِيمَانِ

- ‌فَضَائِلُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ

- ‌الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ

- ‌إِسْبَاغُ الْوضُوءِ شَطْرُ الْإِيمَانِ

- ‌سِتٌّ مَنْ كُنَّ فِيهِ بَلَغَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ

- ‌الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌فَضْلُ الْحَيَاءِ وَالْعِيِّ، وَضَرَرُ الْبَذَاءِ وَالْبَيَانِ

- ‌تَفْسِيرُ: الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ

- ‌الْمُبَايَعَةُ عَلَى الْجِهَادِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌لَا يَجْتَمِعُ الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ فِي مُؤْمِنٍ

- ‌إِفْشَاءُ السَّلَامِ

- ‌حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ

- ‌حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌الْغَيْرَةُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَعَدَمُهَا مِنَ النِّفَاقِ

- ‌الْأَمَانَةُ وَالْعَهْدُ مِنَ الْإِيمَانِ

- ‌تَفْسِيرُ الْأَمَانَةِ

- ‌الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ سَرَائِرُ

- ‌بَابُ لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ

- ‌طُرُقُ حَدِيثِ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ

الفصل: ‌ ‌أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ

‌أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ

ص: 269

261 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ فِي السُّجُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُؤْذَنُ لَهُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ، فَأَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيَّ فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، فَأَنْظُرُ عَنْ يَمِينِي فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، فَأَنْظُرُ عَنْ شِمَالِي فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ؟ قَالَ:«غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَمِ كَذَلِكَ غَيْرُهُمْ، فَأَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، وَأَعْرِفُهُمْ بِنُورِهِمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ»

ص: 269

262 -

حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ وَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْخَلْقِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْهَا، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ اللَّهُ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدًا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَيَأْتُونِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيَأْذَنُ لِي، فَإِذَا أَنَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ

⦗ص: 271⦘

تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ لِي:«ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ رَأْسَكَ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ عَلَّمَنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَمِ الرَّابِعَةِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ، أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ "

263 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

⦗ص: 272⦘

264 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ

ص: 270

265 -

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ إِلَّا لَهُ دَعْوَةٌ يَتَنَجَّزُهَا فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي، وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ

⦗ص: 273⦘

الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَآدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي، فَيَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ فَيَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا، فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي أُخْرِجْتُ مِنَ الْجَنَّةِ بِخَطِيئَتِي، وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا رَأْسَ النَّبِيِّينَ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي دَعَوْتُ دَعْوَةً أَغْرَقَتْ أَهْلَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي كَذَبْتُ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ، وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَإِنْ حَاوَلَ بِهِنَّ إِلَّا عَنْ دِينِ اللَّهِ: قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وَقَوْلُهُ:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] وَقَوْلُهُ لَامْرَأَتِهِ: إِنَّهَا أُخْتِي، وَأَنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكَ، وَإِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ

⦗ص: 274⦘

نَفْسٍ، وَإِنَّهُ لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْتَ رَوْحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَيَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، إِنِّي اتَّخَذْتُ إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا يُهِمُّنِي الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَتَاعٌ فِي وِعَاءٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ، أَكَانَ يُقْدَرُ عَلَى مَا فِي الْوِعَاءِ حَتَّى يُفَضَّ الْخَاتَمُ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَقَدْ حَضَرَ الْيَوْمَ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَيَأْتُونِي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَأَقُولُ: نَعَمْ، أَنَا لَهَا، حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَصْدَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ، فَنَحْنُ الْآخِرُونَ وَالْأَوَّلُونَ، آخِرُ الْأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ، فَيُفْرَجُ لَنَا الْأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا، فَنَمْضِي غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الطُّهُورِ، فَتَقُولُ الْأُمَمُ: كَادَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ كُلَّهَا، فَآتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَأَقْرَعُ الْبَابَ فَيُقَالُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ، فَيُفْتَحُ لِي، فَأَرَى رَبِّي وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ أَوْ كُرْسِيِّهِ فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، فَيُقَالُ لِي:«ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي

⦗ص: 275⦘

، فَيَقُولُ:«أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثَالُ شَعِيرَةٍ» ، فَأُخْرِجُهُمْ ثُمَّ أَعُودُ فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَنْ يَحْمَدَهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، فَيُقَالُ:«ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ:«أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي» ، فَيُقَالُ:«أَخْرِجْ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثَالُ بُرَّةٍ» ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَأَحْمَدُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَيُقَالُ:«ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ:«أَيْ رَبِّ أُمَّتِي» ، فَيُقَالُ: أَخْرِجْ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ "

266 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ كَذَا وَكَذَا» ، وَلَمْ يَحْفَظْ حَمَّادٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ كَذَا وَكَذَا، وَلَمْ يَحْفَظْ حَمَّادٌ

267 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ ثَابِتٍ

ص: 272

268 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ النَّسَوِيُّ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَتِهَا فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَفْتَحُونَ لِي فَأَدْخَلُ فَأَجِدُ الْجَبَّارَ تبارك وتعالى مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ:«ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ أَسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ:«أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ» ، فَيَقُولُ:«اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِنَ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، فَأُقْبِلُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ» ، فَأَرَى الْجَبَّارَ مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ:«ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ أَسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: «اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ ثَابِتٍ

⦗ص: 277⦘

مِنَ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمُ الْجَنَّةَ، فَأَجِدُ الْجَبَّارَ مُسْتَقْبِلِي، فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ:«ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ، وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيَقُولُ:«اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ، فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنَ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمُ الْجَنَّةَ، وَفَرَغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ، وَأُدْخِلُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّتِي النَّارَ مَعَ أَهْلِ النَّارِ، فَيَقُولُ أَهْلُ النَّارِ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ اللَّهَ لَا تُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ:«بِعِزَّتِي لَأُعْتِقَنَّهُمْ مِنَ النَّارِ» ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيَدْخُلُونَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا يَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي غُثَاءِ السَّيْلِ، يُكْتَبُ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ، فَيُذْهَبُ بِهِمْ فَيُدْخَلُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ:«هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الْجَبَّارِ»

ص: 276

269 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَنْفَلِقُ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ الْجَنَّةُ وَلَا فَخْرَ، فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيُفْتَحُ لِي، فَيَسْتَقْبِلُنِي وَجْهُ الْجَبَّارِ تبارك وتعالى، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ:«يَا مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ:«اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ إِيمَانًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَأُدْخِلُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، ثُمَّ أَدْخَلُ الْجَنَّةَ فَيَسْتَقْبِلُنِي الْجَبَّارُ تبارك وتعالى، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ:«يَا مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ:«اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ نِصْفَ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ إِيمَانًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَأُدْخِلُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَ، ثُمَّ أَدْخَلُ فَيَسْتَقْبِلُنِي الْجَبَّارُ تبارك وتعالى، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ:«يَا مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ:«اذْهَبْ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمَانٍ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» ، فَأَذْهَبُ فَأُمَيِّزُ وَأُدْخِلُ

⦗ص: 279⦘

مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُدْخِلَ بِرَحْمَتِهِ، وَآخُذُ مَنْ شَاءَ بِذَنَبِهِ فَأُدْخِلُهُ النَّارَ، فَقَالَ نَاسٌ كَانُوا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ لِنَاسٍ لَمْ يُشْرِكُوا أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلَامُكُمْ، فَيَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى:«بِعِزَّتِي وَجَبَرُوتِي وَعُلُوِّ مَكَانِي لَأُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا» ، فَيَخْرُجُونَ فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْحَبَّةَ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوَلَمْ تَرَوْا مَا يَلِي الشَّمْسَ مِنْهَا أَخْضَرُ، وَمَا يَلِي الظِّلَّ أَصْفَرَ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ كُنْتُ دُعِيتُ فَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ، فَيَقُولُ الرَّحْمَنُ:" لَا تَقُولُوا الْجَهَنَّمِيُّونَ، وَلَكِنْ قُولُوا: هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ "

ص: 278

270 -

حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً فَقَالَ:" أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ لِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: " يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِيَ، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرَ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْغَمِّ مَا لَا يُطِيقُونَ

⦗ص: 280⦘

وَلَا يَحْمِلُونَ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: آدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ نُوحٌ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ

⦗ص: 281⦘

بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلِمَتِهِ عَلَى النَّاسِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ مُوسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُؤْمَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَةٌ مِنْهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَيَأْتُونِي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَقُومُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، فَيُقَالُ:«يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ:«يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنَ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَبْوَابِ» ، وَالَّذِي

⦗ص: 282⦘

نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَمَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ، لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى "

271 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَضَعْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ، فَتَنَاوَلَ الذِّرَاعَ وَكَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَسَ نَهْسَةً فَقَالَ:«أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ نَهَسَ أُخْرَى فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ نَهَسَ أُخْرَى فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَلَمَّا رَأَى أَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يَسْأَلُونَهُ قَالَ: «أَلَا تَقُولُونَ كَيْفَ هُوَ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: " يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَيُسْمِعُهُمُ

⦗ص: 283⦘

الدَّاعِيَ، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرَ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْ رُءُوسِهِمْ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا، وَيَشِقُّ عَلَيْهِمْ دُنُوُّهَا مِنْهُمْ، قَالَ فَيَنْطَلِقُونَ مِنَ الضَّجَرِ وَالْجَزَعِ مِمَّا هُمْ فِيهِ فَيَأْتُونَ آدَمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ.

272 -

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَتَنَاوَلَ الذِّرَاعَ وَكَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَيْهِ، فَنَهَسَ نَهْسَةً، وَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ عُمَارَةَ

ص: 279

273 -

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ خَلَقَ الصُّورَ فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ، شَاخِصٌ بَصَرُهُ إِلَى الْعَرْشِ، يَنْتَظِرُ مَتَى يَأْمُرُهُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الصُّورُ؟ قَالَ

⦗ص: 284⦘

: " الْقَرْنُ يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِ ثَلَاثَ نَفْخَاتٍ، الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ، وَالثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِذَا نَفَخَ نَفْخَةَ الْبَعْثِ خَرَجَتِ الْأَرْوَاحُ كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَتَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهِ» ، فَتَدْخُلُ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَرْضِ عَلَى الْأَجْسَادِ، ثُمَّ تَمْشِي فِي الْخَيَاشِمِ، ثُمَّ تَنْشَقُّ عَنْهُمُ الْأَرْضُ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، فَيَخْرُجُونَ سِرَاعًا إِلَى رَبِّكُمْ، يَنْسِلُونَ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ، يُوقَفُونَ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ مِقْدَارُ سَبْعِينَ عَامًا، حُفَاةً عُرَاةً غُلْفًا غُرْلًا، لَا يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَلَا يَقْضِي بَيْنَكُمْ، ثُمَّ يَضِجُّونَ فَيَقُولُونَ: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا؟ فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ؟ فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَأْبَى، فَيَسْتَقْرِئُونَ الْأَنْبِيَاءَ نَبِيًّا نَبِيًّا، كُلَّمَا جَاءُوا نَبِيًّا أَبَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: حَتَّى يَأْتُونِي، وَإِذَا جَاءُونِي انْطَلَقْتُ حَتَّى آتِيَ الْفَحْصَ، فَأَخِرُّ سَاجِدًا، فَيَبْعَثُ إِلَيَّ وَلِي مَلَكًا فَيَأْخُذُ بِعَضُدَيَّ وَيَرْفَعُنِي " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْفَحْصُ؟ قَالَ: " قُدَّامَ الْعَرْشِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ

⦗ص: 285⦘

، فَشَفِّعْنِي فِي خَلْقِكَ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل:«أَنَا آتِيكُمُ فَأَقْضِي بَيْنَكُمْ» ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَرْجِعُ فَأَقِفُ مَعَ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ وقُوفًا إِذْ سَمِعْنَا حَسًّا مِنَ السَّمَاءِ شَدِيدًا، فَهَالَنَا، فَيَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِمِثْلَيْ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ فَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ لِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، فَقَالُوا: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ قَالُوا لَا: وَهُوَ آتٍ عَلَيْنَا ثُمَّ، يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَبِمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ لِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، فَقَالُوا: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ قَالُوا: لَا، وَهُوَ آتٍ عَلَيْنَا، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ أَهْلُ سَمَاءٍ سَمَاءٍ، عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيفِ، حَتَّى يَنْزِلَ الْجَبَّارُ تبارك وتعالى فِي ظِلٍّ مِنَ الْغَمَامِ، وَالْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُ عَرْشَهُ ثَمَانِيَةٌ وَهُمُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ، أَقْدَامُهُمْ عَلَى تُخُومِ الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَالْأَرْضُونَ وَالسَّمَوَاتُ عَلَى حُجَزِهِمْ، وَالْعَرْشُ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ، لَهُمْ زَجَلٌ مِنَ التَّسْبِيحِ، ثُمَّ يَضَعُ اللَّهُ عَرْشَهُ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْأَرْضِ فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يُجَاوِزُنِي أَحَدٌ الْيَوْمَ بِظُلْمٍ، ثُمَّ يُنَادِي نِدَاءً يُسْمِعُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ فَيَقُولُ: " إِنِّي أَنْصِتْ لَكُمْ مُنْذُ خَلَقْتُكُمْ، أُبْصِرُ أَعْمَالَكُمْ، وَأَسْمَعُ

⦗ص: 286⦘

قَوْلَكُمْ، فَأَنْصِتُوا لِي فَإِنَّمَا هِيَ صُحُفُكُمْ وَأَعْمَالُكُمْ تُقْرَأُ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ خَلْقِهِ غَيْرِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، يُقِيدُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى إِنَّهُ لَتُقِيدُ الْجَمَّاءُ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ تَبَعَةٌ لِوَاحِدَةٍ عِنْدَ أُخْرَى قَالَ اللَّهُ لَهَا: كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا، ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ الثَّقَلَيْنِ، الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُكَلِّفُ شَائِبَ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَبِيعُهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمَاءَ مِنَ اللَّبَنِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ تَبَعَةٌ نَادَى مُنَادٍ أَسْمَعَ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ: أَلَا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِآلِهَتِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ عَبَدَ دُونَ اللَّهُ شَيْئًا إِلَّا مُثِّلَتْ لَهُ الْآلِهَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَقُودُهُمْ آلِهَتِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ:{لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: 99] ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِسَائِرِ النَّاسِ: أَلْحَقُوا بِإِلَهَكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ: مَا لَنَا إِلَهٌ إِلَّا اللَّهُ، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: وَهَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ مِنْ آيَةٍ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَيَتَجَلَّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ مَا يَعْرِفُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، وَيَجْعَلُ اللَّهُ أَصْلَابِ الْمُنَافِقِينَ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، فَيَخِرُّونَ عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ، وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ كَقَدِّ الشَّعَرَةِ، أَوْ كَحَدِّ

⦗ص: 287⦘

السَّيْفِ، لَهُ كَلَالِيبُ وَخَطَاطِيفُ وَحَسَكٌ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ، دُونَهُ جِسْرٌ دَحْضٌ مَزْلَقَةٌ، فَيَمُرُّونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ، وَكَلَمْحِ الْبَرْقِ، وَكَمَرِّ الرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّكَابِ، وَكَأَجَاوِيدِ الرِّجَالِ، فَنَاجٍ سَالِمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ مَكْدُوشٌ عَلَى وَجْهِهِ، فَيَقَعُ فِي جَهَنَّمَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ النَّارُ قَدَمَيْهِ لَا تَجَاوَزُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ إِلَى حِقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ تَأْخُذُ كُلَّ جَسَدِهِ، إِلَّا صُوَرَهُمْ حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى النَّارِ، قَالُوا: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ، خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ

⦗ص: 288⦘

رُوحِهِ، وَكَلَّمَهُ قِبَلًا، فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَأْبَى وَيَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ، ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولًا رَسُولًا، كُلُّهُمْ يَأْبَى، فَيَأْتُونِي وَلِي عِنْدَ رَبِّي ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدَنِي بِهِنَّ، فَآتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيُؤْذَنُ لِي، فَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَإِذَا دَخَلْتُهَا نَظَرْتُ إِلَى رَبِّي عَلَى عَرْشِهِ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، فَأَسْجُدُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَسْجُدَ، فَيَأْذَنُ لِي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدِهِ بِشَيْءٍ مَا أَذِنَ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَيَقُولُ:«ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَهْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ مَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل:«اذْهَبُوا فَمَنْ عَرَفْتُمْ صُورَتَهُ فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ» ، فَيُخْرِجُوا أُولَئِكَ ثُمَّ يَقُولُ:«اذْهَبُوا فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ» ، ثُمَّ يَقُولُ:«ثُلُثَيْ دِينَارٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ:«نِصْفَ دِينَارٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ:«ثُلُثَ دِينَارٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ:«قِيرَاطًا» ، ثُمَّ يَقُولُ:«مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ مِنْ إِيمَانٍ» ، قَالَ: فَيَخْرُجُونَ أُولَئِكَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ "

ص: 283

274 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمْ يُعَلِّمْنَا إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ، وَتَشَفَّعْنَا بِثَابِتٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَ ثَابِتٌ فَأَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَجَلَسَ ثَابِتٌ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ أَوْ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْتُ لِأَصْحَابِنَا: لَا تَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّا خَرَجْنَا لَهُ، قَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ إِخْوَانَكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوا يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّفَاعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صَارَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُقَالُ لَهُ: يَا آدَمُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا

⦗ص: 290⦘

، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَهُوَ خَلِيلُ اللَّهِ، فَيُؤْتَى إِبْرَاهِيمُ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى، فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ، فَيُؤْتَى مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، لَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَهُوَ رَوْحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيُؤْتَى عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ، فَأُوتَى فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَأَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُعَلِّمُنِي مَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا الْآنَ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ لِي:«مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي:«انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ بُرَّةٍ» ، وَإِمَّا قَالَ:«شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا» ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي:«مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي:" انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي: «يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: «انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْ مِثْقَالٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ» ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ "

⦗ص: 291⦘

هَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي أَنْبَأَنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِظَهْرِ الْجَبَانِ قُلْنَا: لَوْ مِلْنَا إِلَى الْحَسَنِ وَهُوَ مُسْتَخْفٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ، فَأَتَيْنَاهُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ، جِئْنَا مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَبِي حَمْزَةَ، فَلَمْ نَسْمَعْ بِمِثْلِ حَدِيثٍ حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: هَاتُوا كَيْفَ حَدَّثَكُمْ، فَحَدَّثْنَاهُ حَتَّى إِذَا فَرَغْنَا قَالَ: هِيهِ، فَقُلْنَا: مَا زَادَنَا عَلَى هَذَا، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ جَمِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَنَسِيَ الشَّيْخُ أَمْ كَرِهَ أَنْ يُحَدِّثَكُمْ فَتَنْكُلُوا؟ فَقُلْنَا: يَا أَبَا سَعِيدٍ، حَدِّثْنَا، فَضَحِكَ وَقَالَ: خُلِقَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا، إِنِّي لَمْ أَذْكُرْ هَذَا إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ، حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَ:" ثُمَّ أَقُومُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ، ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيُقَالُ لِي: " لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ، وَلَكِنْ وَعِزَّتِي

⦗ص: 292⦘

وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ «فَأَشْهَدُ تَحَدَّثْنَا بِهَذَا يَوْمَ سَمِعْنَا أَنَسًا»

ص: 289