المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة الفجر مكية وآياتها 30 نزلت بعد الليل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ - تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل - جـ ٢

[ابن جزي الكلبي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة غافر

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة الزخرف

- ‌سورة الدخان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سورة الأحقاف

- ‌سورة محمد

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقون

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة المدثر

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة النبأ

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الانفطار

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البروج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشية

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البلد

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة الليل

- ‌سورة الضحى

- ‌سورة الشرح

- ‌سورة التين

- ‌سورة العلق

- ‌سورة القدر

- ‌سورة البيّنة

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سورة العاديات

- ‌سورة القارعة

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة العصر

- ‌سورة الهمزة

- ‌سورة الفيل

- ‌سورة قريش

- ‌سورة الماعون

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النصر

- ‌سورة المسد

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌ ‌سورة الفجر مكية وآياتها 30 نزلت بعد الليل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ

‌سورة الفجر

مكية وآياتها 30 نزلت بعد الليل بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(سورة الفجر) وَالْفَجْرِ أقسم الله تعالى بالفجر وهو الطالع كل يوم كما أقسم بالصبح، وقيل:

أراد صلاة الفجر وقيل: أراد النهار كله، وقيل: فجر يوم الجمعة وقيل: فجر يوم النحر، وقيل: فجر ذي الحجة ولا دليل على هذه التخصيصات وقيل: أراد انفجار العيون من الحجارة وهذا هذا بعيد والأول أظهر وأشهر وَلَيالٍ عَشْرٍ هي عشر ذي الحجة عند الجمهور وقيل العشر الأول من المحرم وفيها عاشوراء وقيل: العشر الأواخر من رمضان، وقيل العشر الأول منه وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة، وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنها الصلوات منها شفع ووتر «1» وقيل: الشفع التنفل بالصلاة مثنى مثنى والوتر الركعة الواحدة المعروفة وقيل: الشفع العالم والوتر الله لأنه واحد وقيل: الشفع آدم وحواء والوتر الله تعالى، وقيل الشفع الصفا والمروة والوتر البيت الحرام، وقيل: الشفع أبواب الجنة لأنها ثمانية والوتر أبواب النار لأنها سبعة، وقيل الشفع قران الحج والوتر إفراده، وقيل المراد الأعداد منها شفع ووتر فهذه عشرة أقوال، وقرئ الوتر بفتح الواو وكسرها وهما لغتان «2» وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ «3» أي إذا يذهب فهو كقوله: وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ [المدثر: 33] وقيل أراد يسري فيه فهو على هذا كقولهم: ليله قائم والمراد على هذا ليلة جمع لأنها التي يسري فيها والأول أشهر وأظهر هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ هذا توقيف [سؤال] يراد به تعظيم الأشياء التي أقسم بها. والحجر هنا هو: العقل. كأنه يقول: إن هذا لقسم عظيم عند ذوي العقول. وجواب القسم محذوف وهو ليأخذنّ الله

(1) . الحديث رواه الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية بسنده إلى عمران بن الحصين.

(2)

. قرأ حمزة والكسائي: والوتر: بكسر الواو والباقون بفتحها.

(3)

. يسر: قرأها أهل الكوفة والشام بدون ياء وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بالياء في الوصل وابن كثير في الوقف والوصل.

ص: 478

الكفار ويدل على ذلك ما ذكره بعده من أخذ عاد وثمود وفرعون

إِرَمَ هي قبيلة عاد سميت باسم أحد أجدادها، كما يقال: هاشم لبني هاشم، وإعرابه بدل من عاد أو عطف بيان وفائدته أن المراد عادا الأولى، فإن عادا الثانية لا يسمون بهذا الإسم. وقيل: إرم اسم مدينتهم فهو على حذف مضاف تقديره: بعاد عاد إرم، ويدل على هذا قراءة ابن الزبير بعاد إرم على الإضافة من تنوين عاد وامتنع إرم من الصرف على القولين للتعريف والتأنيث ذاتِ الْعِمادِ من قال إرم قبيلة قال: العماد أعمدة بنيانهم أو أعمدة بيوتهم من الشعر لأنهم كانوا أهل عمود وقال ابن عباس: ذلك كناية عن طول أبدانهم ومن قال إرم مدينة فالعماد الحجارة التي بنيت بها وقيل القصور والأبراج الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ صفة للقبيلة لأنهم كانوا أعظم الناس أجساما يقال: كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع [كذا] أو صفة للمدينة وهذا أظهر لقوله في البلاد ولأنها كانت أحسن مدائن الدنيا، وروي أنها بناها شداد بن عاد في ثلاثمائة عام، وكان عمره تسعمائة عام وجعل قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت وفيها أنواع الشجر والأنهار الجارية، وروي أنه سمع ذكر الجنة فأراد أن يعمل مثلها فلما أتمها وسار إليها بأهل مملكته أهلكهم الله بصيحة، وكانت هذه المدينة باليمن.

وروي أن بعض المسلمين مر بها في خلافة معاوية، وقيل: هي دمشق وقيل:

الإسكندرية وهذا ضعيف جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ «1» أي نقبوه ونحتوا فيه بيوتا والوادي ما بين الجبلين، وإن لم يكن فيها ماء، وقيل: أراد وادي القرى وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ ذكر في سورة داود (ص) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ صفة لعاد وثمود وفرعون ويجوز أن يكون منصوبا على الذم أو خبر ابتداء مضمر فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ استعارة السوط للعذاب لأنه يقتضي من التكرار ما لا يقتضيه السيف وغيره. قاله ابن عطية، وقال الزمخشري: ذكر السوط إشارة إلى عذاب الدنيا، إذ هو أهون من عذاب الآخرة، كما أن السوط أهون من القتل إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ عبارة عن أنه تعالى حاضر بعلمه في كل مكان، وكل زمان ورقيب على كل إنسان، وأنه لا يفوته أحد من الجبابرة والكفار، وفي ذلك تهديد لكفار قريش وغيرهم، والمرصاد المكان الذي يترقب فيه الرصد فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ الابتلاء هو الاختبار واختبار الله لعبده لتقوم الحجة على العبد بما يبدو منه، وقد كان الله عالما بذلك قبل كونه، والإنسان هنا جنس وقيل: نزلت في عتبة بن ربيعة وهي مع ذلك على

(1) . الواد: قرأ ابن كثير وورش: بالوادي بإثبات الياء في الوصل وابن كثير في الوقف أيضا والباقون بدون ياء مطلقا.

ص: 479

العموم، فيمن كان على هذه الصفة وذكر الله في هذه الآية ابتلاءه للإنسان بالخير، ثم ذكر بعده ابتلاءه بالشر كما قال في [الأنبياء: 35] وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ وأنكر عليه قوله حين الخير: ربي أكرمني وقوله حين الشر: ربي أهانني ويتعلق بالآية سؤالان:

السؤال الأول: لم أنكر الله على الإنسان قوله ربي أكرمني وربي أهانني «1» والجواب من وجهين: أحدهما: أن الإنسان يقول: ربي أكرمني على وجه الفخر بذلك والكبر، لا على وجه الشكر ويقول: ربي أهانني على وجه التشكي من الله وقلة الصبر والتسليم لقضاء الله، فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك، فإن الواجب عليه أن يشكر على الخير ويصبر على الشر.

والآخر: أن الإنسان اعتبر الدنيا فجعل بسط الرزق فيها كرامة، وتضييقه إهانة وليس الأمر كذلك فإن الله قد يبسط الرزق لأعدائه، ويضيقه على أوليائه فأنكر الله عليه اعتبار الدنيا والغفلة عن الآخرة، وهذا الإنكار من هذا الوجه على المؤمن. وأما الكافر فإنما اعتبر الدنيا لأنه لا يصدق بالآخرة، ويرى أن الدنيا هي الغاية فأنكر عليه ما يقتضيه كلامه من ذلك.

السؤال الثاني: إن قيل: قد قال الله فأكرمه فأثبت إكرامه، فكيف أنكر عليه قوله ربي أكرمني؟ فالجواب من ثلاثة أوجه: الأول أنه لم ينكر عليه ذكره للإكرام، وإنما أنكر عليه ما يدل عليه كلامه من الفخر وقلة الشكر، أو من اعتبار الدنيا دون الآخرة حسبما ذكرنا في معنى الإنكار. الثاني أنه أنكر عليه قوله: ربي أكرمني إذا اعتقد أن إكرام الله له باستحقاقه الإكرام، على وجه التفضل والإنعام كقول قارون: إنما أوتيته على علم عندي [القصص:

78] الثالث أن الإنكار إنما هو لقوله: ربي أهانني لا لقوله ربي أكرمني فإن قوله ربي أكرمني اعتراف بنعمة الله، وقوله: ربي أهانني شكاية من فعل الله

فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أي ضيقه وقرئ بتشديد الدال «2» وتخفيفها بمعنى واحد وفي التشديد مبالغة وقيل معنى التشديد جعله على قدر معلوم.

كَلَّا زجر عما أنكر من قول الإنسان بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ «3» هذا ذمّ لما ذكر من الأعمال القبيحة ومعنى هذا الإضراب ببل، كأنه أنكر على الإنسان ما تقدم ثم قال بل تفعلون ما هو شر من ذلك وهو ألا تكرموا اليتيم وما ذكر بعده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم «4»

ولا تحضون على طعام المسكين»

الحض على

(1) . قوله: أكرمن، وأهانن: قرأ نافع والبزي عن ابن كثير بإثبات الياء وصلا: أكرمني وأهانني وابن كثير في الوقف أيضا.

(2)

. قرأ ابن عامر وحده بالتشديد: فقدّر.

(3)

. قرأ ابن عامر وحده بالتشديد: فقدّر.

(4)

. الحديث: أورده في التيسير بلفظ: خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه. وعزاه للبخاري في الأدب المفرد عن عمر بسند ضعيف. [.....]

(5)

. الكلمات: تكرمون، تحاضون، تأكلون، تحبون: قرأها أبو عمرو: يكرمون يحضّون، يأكلون، يحبون وقوله: تحاضّون قرأها عاصم وحمزة والكسائي: تحاضّون بالألف. وقرأ الباقون: تحضّون.

ص: 480

الأمر هو الترغيب فيه، ومن لا يحض غيره على أمر فلا يفعله هو، كأنه ذم لترك طعام المسكين، والطعام هنا بمعنى الإطعام، وقيل: هو على حذف مضاف تقديره: لا تحضون على بذل طعام المسكين، وقرئ تحاضون بفتح الحاء وألف بعدها بمعنى لا يحض بعضكم بعضا وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا «1» التراث هو ما يورث عن الميت من المال، والتاء فيه بدل من الواو، واللم: الجمع واللف، والتقدير: أكلا ذا لمّ وهو أن يأخذ في الميراث نصيبه ونصيب غيره، لأن العرب كانوا لا يعطون من الميراث أنثى ولا صغيرا بل ينفرد به الرجال وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا «2» أي شديدا كثيرا وهذا ذم للحرص على المال وشدة الرغبة فيه.

دُكَّتِ الْأَرْضُ أي سوّيت جبالها دَكًّا دَكًّا أي دكا بعد دكّ كما تقول: تعلمت العلم بابا بابا وَجاءَ رَبُّكَ تأويله عند المتأولين: جاء أمره وسلطانه وقال المنذر بن سعيد: معناه ظهوره للخلق هنالك. وهذه الآية وأمثالها من المشكلات التي يجب الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل وَالْمَلَكُ هو اسم فإنه روي أن الملائكة كلهم يكونون صفوفا حول الأرض صَفًّا صَفًّا أي صفا بعد صف قد أحدقوا بالجن والإنس وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: يؤتي يومئذ بجهنم معها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها «3» يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ يومئذ بدل من إذا دكت ويتذكر هو العامل وهو جواب إذا دكت، والمعنى: أن الإنسان يتذكر يوم القيامة أعماله في الدنيا، ويندم على تفريطه وعصيانه، والإنسان هنا جنس، وقيل: يعني عتبة بن ربيعة، وقيل: أمية بن خلف وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى هذا على حذف تقديره أنى له الانتفاع بالذكرى كما تقول ندم حين لم تنفعه الندامة يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي فيه وجهان: أحدهما أنه يريد الحياة في الآخرة فالمعنى: يا ليتني قدّمت عملا صالحا للآخرة، والآخر أنه يريد الحياة الدنيا فالمعنى: يا ليتني قدمت عملا صالحا وقت حياتي، فاللام على هذا كقوله كتبت لعشر من الشهر فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ من قرأ بكسر الذال من يعذب، والثاء من يوثق فالضمير في عذابه ووثاقه لله تعالى والمعنى: أن الله

(1) . الكلمات: تكرمون، تحاضون، تأكلون، تحبون: قرأها أبو عمرو: يكرمون يحضّون، يأكلون، يحبون وقوله: تحاضّون قرأها عاصم وحمزة والكسائي: تحاضّون بالألف. وقرأ الباقون: تحضّون.

(2)

. الكلمات: تكرمون، تحاضون، تأكلون، تحبون: قرأها أبو عمرو: يكرمون يحضّون، يأكلون، يحبون وقوله: تحاضّون قرأها عاصم وحمزة والكسائي: تحاضّون بالألف. وقرأ الباقون: تحضّون.

(3)

. هذا الحديث رواه المنذري موقوفا على ابن عباس وعزاه لتفسير آدم بن أبي إياس ورواه مسلم والترمذي عن ابن مسعود بلفظ قريب.

ص: 481

يتولى عذاب الكفار ولا يكله إلى أحد، ومن قرأ بالفتح فالضمير للإنسان أي لا يعذّب أحد مثل عذابه، ولا يوثق أحد مثل وثاقه، وهذه قراءة الكسائي وروي أن أبا عمرو رجع إليها وهي قراءة حسنة، وقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ أي الموقنة يقينا قد اطمأنت به بحيث لا يتطرق إليها شك في الإيمان، وقيل: المطمئنة التي لا تخاف حينئذ. ويؤيد هذا قراءة أبيّ بن كعب يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ هذا الخطاب والنداء يكون عند الموت، وقيل: عند البعث وقيل: عند انصراف الناس إلى الجنة أو النار، والأول أرجح، لما روي أن أبا بكر سأل عن ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال له: يا أبا بكر إن الملك سيقولها لك عند موتك راضِيَةً معناه راضية بما أعطاها، أو راضية عن الله، ومعنى المرضية مرضية عند الله، أو أرضاها الله بما أعطاها فَادْخُلِي فِي عِبادِي أي أدخلي في جملة عبادي الصالحين. وقرئ فادخلي في عبدي بالتوحيد [الإفراد] معناه ادخلي في جسده وهو خطاب للنفس، ونزلت هذه الآية في حمزة. وقيل: في خبيب بن عدي الذي صلبه الكفار بمكة، ولفظها يعم كل نفس مطمئنة.

ص: 482