المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير قوله تعالى: (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٦

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ البقرة [203 - 217]

- ‌تفسير قوله تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات)

- ‌معنى التشريق

- ‌معنى قوله تعالى: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا والله لا يحب الفساد)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات)

- ‌تفسير قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله)

- ‌بيان خطأ السيوطي في تفسير قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله)

- ‌تفسير قوله تعالى: (سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (زين للذين كفروا الحياة الدنيا)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم)

- ‌وقفة عند قوله تعالى: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه)

الفصل: ‌تفسير قوله تعالى: (زين للذين كفروا الحياة الدنيا)

‌تفسير قوله تعالى: (زين للذين كفروا الحياة الدنيا)

قال عز وجل: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [البقرة:212]، الذين كفروا: سواء من أهل مكة أو غيرها (الحياة الدنيا) أي: لزخارفها الظاهرة بالتمويه، فأحبوها لهذه الزينة الظاهرة.

(ويسخرون من الذين آمنوا) أي: وهم يسخرون من الذين آمنوا لفقرهم كـ بلال وعمار وصهيب، فيستهزئون بهم ويتعالون عليهم بالمال.

يقول الحرابي: ففي ضمنه إشعار بأن استحسان بهجة الدنيا كفر بالله، واستحباب زينة الدنيا نوع من أنواع الكفر؛ لقوله قبل ذلك قال:(ومن يبدل نعمة الله) يعني: كفراً (من بعد ما جاءته)، ثم قال هنا:(زين للذين كفروا) فالافتتان بزينة الدنيا من خصال الكفار، حيث أن نظر العقل والإيمان يبصر غايتها، ويشهد جيفتها، فلا يغتر بزينتها، وهي آفة الخلق في انقطاعهم عن الحق.

(ويسخرون من الذين آمنوا) يهزءون منهم كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين:29 - 30]، إلى آخر الآيات.

ثم يقول تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة:212](الذين اتقوا): وهم المؤمنون، وإنما ذكروا بعنوان التقوى؛ لحضهم عليها، وإيذاناً بترقب الحكم عليه، فلم يقل: والذين آمنوا، لكن قال:(الذين اتقوا) حتى يلفت نظر المؤمنين إلى أنهم إنما نالوا ذلك بصفة التقوى.

(والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) يقول: (والذين اتقوا) الشرك، وهم هؤلاء الفقراء.

(فوقهم يوم القيامة) أي: أنهم في عليين وهؤلاء في أسفل سافلين، أو: لأنهم يتطاولون عليهم في الآخرة فيسخرون منهم كما سخروا منهم في الدنيا، كما في قوله تعالى:{إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود:38]، وقال تعالى:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ} [المطففين:22 - 23]، فالمهم أن المؤمنين يضحكون أخيراً، ولذلك قال بعض العلماء: يحتمل قوله تعالى: {فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة:212] وجهين: الأول: أن حال المؤمنين في الآخرة أعلى من حال الكفار في الدنيا.

الثاني: أن المؤمنين في الآخرة هم في الغرفات، والكفار في الدرك الأسفل من النار.

ثم قال تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة:212]، والمقصود: رزقاً واسعاً رغداً لا فناء له ولا انقطاع كقوله تعالى: {فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر:40]، فإن كل ما دخل تحت الحساب والحق والتقدير فهو مُتناهٍ، وما لا يكون متناهياً كان لا محالة خارجاً عن الحساب، فهو ثواب إلى ما لا نهاية؛ لأنه إذا دخل في الحساب صار محصوراً معدوداً، أما إذا كان بغير حساب فلا نهاية له ولا حصر.

ص: 14