المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معنى قوله تعالى: (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ١٦٨

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ الممتحنة [8 - 11]

- ‌تفسير قوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين فأولئك هم الظالمون)

- ‌أهمية الولاء والبراء في هذا الدين

- ‌الفرق بين التعصب والتسامح

- ‌أحوال اليهود وأذنابهم في حرب الإسلام والمسلمين

- ‌أثر مقاطعة المسلمين لمنتجات من حارب الإسلام والمسلمين

- ‌بعض صور معاملة الإسلام الحسنة للمشركين وأهل الذمة

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات)

- ‌معاملة الناس على الظاهر والله يتولى السرائر

- ‌ما يوجب الفرقة بين المسلمة المهاجرة وزوجها المشرك

- ‌سبب امتحان النساء المهاجرات دون الرجال المهاجرين

- ‌كيفية امتحان النساء المهاجرات

- ‌تخصيص السنة بالقرآن

- ‌معنى قوله تعالى: (وآتوهم ما أنفقوا)

- ‌معنى قوله تعالى: (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن)

- ‌معنى قوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر)

- ‌جواز استمتاع المسلم بالمشركة بملك اليمين

- ‌الحكمة من حلّ نكاح المسلم الكتابية وحرمة المسلمة على الكتابي

- ‌حرمة أذية الأنبياء

- ‌تفسير قوله تعالى: (واسألوا ما أنفقتم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار)

الفصل: ‌معنى قوله تعالى: (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن)

‌معنى قوله تعالى: (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن)

يقول الله تبارك وتعالى: ((وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)).

(أجورهن) هنا بمعنى: صداقهن، فهذا المنطوق، ويدل بمفهومه على أن النكاح بدون الأجور فيه جناح، أي أن من نكح بدون صداق، أو أسقط المهر، فعليه جناح وإثم في ذلك، أي: فلابد في الزواج من مهر.

فالمهم في عقد الزواج ألا يتم الاتفاق فيه على إسقاط المهر، فذلك خطأ كبير فادح، لكن لو لم يتحدث عن المهر أصلاً، وحصل الزواج، ثم حصل طلاق، أو وفاة للزوج، أو طالبت المرأة بحقها في الطلاق، فإنها تعطى صداق المثل، ولذلك إشارة في قوله تعالى:{مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة:236].

والمهر قد يكون مسمى أو غير مسمى، والمسمى قد يكون مقدماً كله أو مؤخراً كله، أو بعضه مقدماً وبعضه مؤخراً، وذلك حسب تفاوت الأحوال، فأهم شيء ألا يكون هناك اتفاق على إسقاط المهر.

ويؤخذ وجوب الصداق أيضاً من قوله تبارك وتعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50]، فهذه المرأة وهبت نفسها للنبي عليه الصلاة والسلام، وَهِبَةُ المرأة نفسها بدون صداق حكم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب:50]، ولا يحل لغيره على أي حال.

وقوله: ((إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)) ظاهر في أن النكاح لا يصح إلا بإتيان الأجور، وقد جاء ما يدل على صحة العقد بدون إتيان الصداق؛ وذلك في قوله تعالى:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة:236].

وقد ذكر الفقهاء حكم المفوضة: أنه إن دخل بها فلها صداق المثل، يعني: إذا تزوجها ولم يحدد لها مهراً فالزواج صحيح، لكن المهم ألا يكون هناك اتفاق على إسقاط المهر، ويجوز تأخير الكلام في المهر لسبب أو لآخر، ففي هذه الحالة تسمى هذه المرأة بالمفوضة، قال تعالى:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة:236].

ويدل على إطلاق الأجور على الصداق آيات عدة في القرآن الكريم، فإن الصداق من أسمائه الأجر، وهذه الملاحظة مهمة جداً حتى نحذر من تلبيس الشيعة الرافضة في تحليلهم نكاح المتعة، واستدلالهم بلفظ:(الأجر) فنقول: قد أُطلق الأجر في القرآن مراداً به الصداق، مثل قول الله تبارك وتعالى في نكاح الإماء لمن لم يستطع طولاً للحرائر:{فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء:25] إلى أن قال تعالى: {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء:25] يعني: مهورهن.

وفي نكاح أهل الكتاب قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [المائدة:5] وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب:50] فبهذا كله يرد على من استدل بلفظ الأجور على نكاح المتعة.

ثم قال الله عز وجل: ((وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ)) يعني: أن تنكحوا هؤلاء المهاجرات اللاتي لحقن بكم من دار الحرب مفارقات لأزاجهن، وإن كان لهن أزواج ((إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)) أي: مهورهن.

قال ابن زيد: لأنه فرق بينهما الإسلام إذا استبرئت أرحامهن.

ص: 15