المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأحاديث المحذرة من قتل النفس - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٣٢

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ النساء [24 - 30]

- ‌تفسير قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)

- ‌معنى قوله تعالى: (إلا ما ملكت أيمانكم)

- ‌معنى قوله: (كتاب الله عليكم)

- ‌معنى قوله: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) وما يستثنى من ذلك

- ‌معنى قوله: (أن تبتغوا بأموالكم)

- ‌معنى الإحصان والمسافحة

- ‌حكم تعجيل المهر وتأجيله والإسقاط منه قبل فرضه وبعده

- ‌حكم نكاح المتعة ووجه الاستدلال بالآية

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات)

- ‌معنى المحصنات في قوله: (طولاً أن ينكح المحصنات)

- ‌معنى الإدناء من الجلابيب والحكمة منه

- ‌المرأة بين منافقي الأمس ومنافقي اليوم

- ‌وجه تقييد نكاح الإماء بالإيمان

- ‌شروط نكاح الإماء

- ‌حد الأمة بعد إحصانها وتزوجها

- ‌الحكمة من عدم رجم الأمة المحصنة

- ‌الحكمة من التغريب للزاني البكر

- ‌الاعتداد بمفهوم الشرط وعدمه وما يترتب عليه

- ‌حد الأمة قبل الإحصان

- ‌من يقيم الحد على الأمة

- ‌كراهة التزوج بالإماء مع توافر شروط الجواز

- ‌وظيفة المرأة الحقيقية

- ‌تفسير قوله تعالى: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والله يريد أن يتوب عليكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم وكان ذلك على الله يسيراً)

- ‌معنى قوله: (ولا تقتلوا أنفسكم)

- ‌حكم من يستحل قتل النفس

- ‌الأحاديث المحذرة من قتل النفس

- ‌الحكمة من تحريم قتل النفس

الفصل: ‌الأحاديث المحذرة من قتل النفس

‌الأحاديث المحذرة من قتل النفس

وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(كان ممن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده -أي: قطع الشرايين حتى سال الدم بسرعة- فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة)، والعياذ بالله، وهذا الحديث متفق عليه.

قوله: (بادرني عبدي بنفسه) يعني: هو الذي تعجل الموت قبل أن أقبض أنا روحه، وقوله:(حرمت عليه الجنة)، فعقوبة المنتحر -والعياذ بالله- هي أن يحرم الله عز وجل عليه الجنة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم، خالداً مخلداً فيها أبداً)، وهذا متفق عليه.

إذاً: هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية، أي قاعدة: الجزاء من جنس العمل.

وفي الصحيح حديث ذلك الرجل الذي أثقلته الجراح، فاستعجل الموت، فقتل نفسه بذبابة سيفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(هو من أهل النار)، وهذا متفق عليه.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن المؤمن كقتله، ومن قذف مؤمناً بكفر فهو كقتله، ومن قتل نفسه بشيء عذبه الله به يوم القيامة).

وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه)، والمشاقص هي: سهام عريضة، وواحدها: مشقص فلما أتي به النبي صلى الله عليه وسلم على حاله تلك امتنع من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.

إذاً: في هذه الأحاديث أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الاسم، يعني: لا بد أن نعرف هذه النعمة التي نحن نتمتع بها، هذا البدن، وهذه الحواس التي أعطانا الله عز وجل وهذه الروح، ليست ملكاً لنا، يعني: أنت لا تملك نفسك، وليس من حقك أن تقتل نفسك في أي وقت وتعطل هذه الحياة أو تكفر بنعمة الحياة، الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق ابن آدم:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28]، فتعجل إنهاء الأجل بالانتحار هذا من العدوان على حرمات الله تبارك وتعالى.

عندما كنا نتكلم على موضوع التبرع بالأعضاء، وذكرنا كلام العلماء الذين منعوا ذلك وقلنا: إنهم بنو المنع على أنك لا تملك هذه الأعضاء، بل هي وديعة الله سبحانه وتعالى عندك، فأنت لا تملكها كقطع غيار السيارات والآلات وغير ذلك.

فيؤخذ من هذه الأحاديث أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره، فهل بعد ذلك لا نستطيع أن نفهم قوله تعالى:((إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)

ص: 30