المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التفسير الشائع عند العوام لقوله تعالى: (عليكم أنفسكم) - تفسير القرآن الكريم - المقدم - جـ ٤٧

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌ المائدة [104 - 108]

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)

- ‌كلام القاسمي وغيره في معنى قوله: (عليكم أنفسكم)

- ‌التفسير الشائع عند العوام لقوله تعالى: (عليكم أنفسكم)

- ‌الآية ودلالتها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌فهم الصحابة والسلف لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فإن عثر على أنهما استحقا إثماً فآخران يقومان مقامهما)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها)

- ‌الأحكام المستفادة من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت)

- ‌لزوم الوصية حال الخوف من الموت وحضور قرائنه

- ‌شهادة الشاهدين عامة في كل الحقوق الإلهية والآدمية

- ‌صحة شهادة الذمي إذا لم يوجد مسلم

- ‌استحباب التغليظ في الأيمان

- ‌تحريم كتمان الشهادة

الفصل: ‌التفسير الشائع عند العوام لقوله تعالى: (عليكم أنفسكم)

‌التفسير الشائع عند العوام لقوله تعالى: (عليكم أنفسكم)

ولا يستدل بالآية على سقوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الظاهر من الآية أن ضلال الغير لا يضر، وأن المطيع لربه لا يكون مؤاخذاً بذنوب العاصي، وإلا فمن تركهما مع القدرة عليهما فليس بمهتد، وإنما هو بعض الضلال الذي فصلت الآية بينهم وبينه.

وبعض الناس قد يستدل بالآية على إبطال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخذاً بظاهرها، فيقول في هذه الآية:(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) إذا رأيت من قد ضل عن طريق الله يرتكب المعاصي أو البدع أو المخالفات فهذا لن يضرك وأنت على دينك.

وهذا في الحقيقة ليس على إطلاقه، ولا يصح فهم الآية بهذه الطريقة.

ولماذا نقول: إن هذا التفسير لا يصح؟ لأن الإنسان إذا كان قادراً على تغيير المنكر بأي درجة من درجات الإنكار ثم قصر في إنكاره فإن ضلال غيره يضره في حالة القدرة على إزالة المنكر؛ لأن لله حقاً عليك في إنكار هذا المنكر.

والحقيقة أن ضلال الغير يضر القادر على تغيير ضلاله أو منكره، ولذلك يجب أن نحسن فهم الآية (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)، فلا ينبغي أبداً ولا يصح إنزالها على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند القدرة على إنكار هذا المنكر؛ لأن المطيع يؤاخذ بذنب العاصي ويضره ضلاله إذا قدر على تغيير المنكر ولم يغيره.

وليس هذا فحسب، بل هذه الآية نفسها يستدل بها على التكليف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) فمن قدر على إنكار المنكر ولم ينكره فهو من الضالين الذين يحذرنا الله أن نسلك مسلكهم، فكأن الآية ترشدنا إلى أن ننكر المنكر على أهله ما دمنا قادرين على ذلك، ولا يضرنا من ضل بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو قادر إذا اهتدينا نحن بفعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروط، فالالتزام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من جملة الاهتداء إذا اهتدينا، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة هو من جملة الضلال الذي أمرنا ألا نتبع من يقع فيه.

ص: 5