المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[مكانة المسجد] مكانة المسجد: لقد نوه الله تعالى في كتابه الكريم - إمام المسجد مقوماته العلمية والخلقية

[سعود بن محمد البشر]

الفصل: ‌ ‌[مكانة المسجد] مكانة المسجد: لقد نوه الله تعالى في كتابه الكريم

[مكانة المسجد]

مكانة المسجد: لقد نوه الله تعالى في كتابه الكريم بالمسجد ورفع قدره وأعلى مكانته وعظم شأنه واختاره بيتا له وأضافه إلى نفسه وأمر أن يرفع ويذكر فيه اسمه وجعله أحب البلاد إليه كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه " «أحب البلاد إلى الله مساجدها. . .» إلخ، واعتبر عمارة المساجد من علامات الإيمان وسببا للهداية قال تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة: 18](1) .

وقد أثنى الله على عمار بيوته سواء كانت عمارتهم لها ببنائها وصيانتها ونظافتها أم كانت بإقامة الصلاة وذكر الله فيها، فكلا المعنيين مقصود بالعمارة (2) .

والجهاد شرع لإعلاء كلمة الله والمساجد هي أفضل مكان ترفع فيه كلمة الله وتؤدى فيه أعظم فرائضه بعد الشهادتين، ولهذا كان الدفاع عنها دفاعا مشروعا بل واجبا على المسلمين قال

(1) سورة التوبة الآية 18.

(2)

فتح الباري ج1 ص541، المكتبة السلفية القاهرة.

ص: 4

تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40](1) .

والدفاع عن هذه المقدسات نصر لله بدليل قوله - تعالى- بعد ذلك {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40](2) .

ثم ذكر تعالى صفات حماة العقيدة الذين يدافعون عن المقدسات الإسلامية فقال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41](3) .

ومن أقبح القبائح وأظلم الظلم، المنع من عمارة المساجد وتعطيلها وصد الناس عنها ومحاربة عمارها أو تخريبها أو تحويلها لغير ما بنيت له من العبادة، قال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة: 114] وكتب الخزي الدنيوي، وتوعد بالعذاب الأخروي من يفعل ذلك قال تعالى مخبرا عن ذلك:{أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114](4) .

(1) سورة الحج الآية: 40.

(2)

سورة الحج الآية: 40.

(3)

سورة الحج الآية: 41.

(4)

سورة البقرة 114.

ص: 5

وكما نوه القرآن العظيم بمكانة المسجد أشادت السنة كذلك بما للمسجد من مكانة عظيمة يتجلى ذلك في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسجد، فقد بدأ ببناء مسجده أول ما وصل إلى المدينة، لتنطلق منه الدعوة الإسلامية وليكون مدرسة ومعهدا وجامعه يتلقى فلها أصحابه تعليم القرآن الكريم والسنة المطهرة.

وفي المسجد تأسست الدولة الإسلامية وتكون المجتمع الإسلامي الذي حمل أعباء الرسالة وانطلق بها إلى مشارق الأرض ومغاربها ففتح الله به البلاد وقلوب العباد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي فيه جل وفته إماما ومعلما وداعيا إلى الله وقاضيا وقائدا لمسيرة العمل الإسلامي، وكان صلى الله عليه وسلم حريصا على نظافة المسجد، رأى مرة نخامه في جدار قبلة المسجد فحكها بيده ورؤي كراهيته لذلك وشدته عليه (1) وإظهارا لأهمية نظافة المسجد كرم النبي صلى الله عليه وسلم المرأة السوداء التي كانت تقم مسجده وصلى على قبرها ولام بعض أصحابه حيث لم يخبروه بموتها تقليلا لشأنها.

وحرصا على كرامة المسجد وأهله نهى صلى الله عليه وسلم من أكل ذا رائحة كريهة عن دخول المسجد حتى تزول تلك

(1) انظر صحيح البخاري 1 / 106.

ص: 6