الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطرا لما ذكر المهدي وأنه قد ورد فيه أحاديث كثيرة لم يثبت منها حديث واحد، فاعلم يا أخي أنك ذكرت هذا القول جازما به من غير علة ذكرتها تقدح في هذه الأحاديث عن عالم من علماء أهل الجرح والتعديل الذين يعتد بهم في هذا الباب وقد ذكر هذه الأحاديث أبو عيسى الترمذي في جامعه وهو إمام فاضل من أئمة أهل الجرح والتعديل فقال رحمه الله تعالى:
المهدي أحاديثه وعللها
…
"باب ما جاء في المهدي"
حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي أنبأنا أبي أنبأنا سفيان الثوري عن عاصم بن بهدلة عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي". وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة، هذا حديث حسن صحيح. حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار أنبأنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي". قال عاصم: وأنبأنا أبو صالح عن أبي هريرة قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوما لطول الله ذلك اليوم حتى يلي، هذا حديث حسن. حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر أنبأنا شعبة قال سمعت زيد العمي قال: سمعت أبا الصديق الناجي يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث، فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا" زيد الشاك. قال: قلنا: وما ذاك؟ قال:
"سنين" قال: فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي اعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله" هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو الصديق الناجي اسمه بكر ابن عمر، ويقال بكر بن قيس. فهذا ما ذكره الإمام أبو عيسى الترمذي جازما بصحة هذه الأحاديث، وأنت لم تذكر لأحاديث المهدي علة عن أحد من العلماء على عدم ثبوتها إلا مجرد الدعوى من غير برهان ولا دليل، والمثبت مقدم على النافي، وإذا صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجزم بذلك إمام من أئمة أهل الحديث، وجب علينا التصديق به والإيمان به، وأنه حق كائن لا محالة. وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه أجل في صدورنا من أن نعارضها بما يذكره ابن خلدون وأمثاله ونعارض ما صححه الإمام الترمذي بأمثال ابن خلدون من لا يؤبه له ولا يعد من العلماء الأفاضل، والأئمة الأمائل، بل ذكر لي بعض الإخوان أنه إخباري صاحب تاريخ قد شحن مقدمته بالطلاسم 1 وأخبار المنجمين
1 كذا في الأصل، ولعله يسر الأستاذ المؤلف نفع الله به أن نخبره عن معرفة بأن ابن خلدون ليس مؤرخا نقالا للأخبار على علاتها كأكثر المؤرخين، بل هو محقق في التاريخ، ومحدث، وفقيه، وليست مقدمة تاريخه مشحونة بالطلمسات وأخبار المنجمين كما قال له الثقة عنده بل تذكر فيها الطلمسات في فصل الكلام على السحر، وهو يذمه ويقول فيه ما قال فقهاء أصحابه المالكية وغيرهم. وله فصل آخر في المقدمة عنوانه:"إبطال صناعة النجوم وضعف مداركها وفساد غايتها". وأما كلامه في المهدي فهو يذكر ما ذكر من أحاديث الترمذي مع ما ذكره أئمة الجرح والتعديل في تضعيف رواتها كتضعيفهم لعاصم بن بهدلة في الحديث دون القراءة ولكن من جهة سوء حفظه وكونه تغير في آخر عمره. وأما زيد العمي فكلامهم في ضعفه كثير ويعلم المؤلف حفظه الله أن الترمذي كان يتساهل في الصحيح فلا يعتد بتصحيحه لما خالفه غيره فيه من الأئمة.