المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مذهب المفوضين في الصفات - تنبيه ذوي الألباب السليمة عن والوقوع في الألفاظ المبتدعة الوخيمة

[سليمان بن سحمان]

فهرس الكتاب

- ‌الغرض من تأليف الكتاب

- ‌معنى صلاة الله على رسوله وصلاة الناس والملائكة عليه ومذهب السلف في الإيمان بالإستواء وترك التعمق بنفي المماسة والعكس والحلول

- ‌قول ابن الماجشون في الإيمان بالصفات بدون بحث في الكيفية

- ‌سكوت السلف عما عما تكلفه المتكلمون من نفي الجوهر والعرض والجسم عنه تعالى

- ‌كلام ابن القيم في تنزيهه عن الأعراض والأغراض والأبعاض والحدود والحدوث والتشبيه والتركيب والجهات

- ‌كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في ذلك

- ‌كلام الشيخ ابن تيمية في ذلك

- ‌كلام الوفاء بن عقيل في ذلك

- ‌الإيمان بأن القرآن كلام الله من غير وصفه بقدم أو حدوث

- ‌كلام الله بمشيئته

- ‌المهدي أحاديثه وعللها

- ‌ما قيل في مفاخرة علي رضي الله عنه على الصحابة

- ‌معنى الوحدانية عند السلف وعند المتكلمين

- ‌آيات الصفات وأحاديثها والمحكم والمتشابه منها وكلام السلف عليها

- ‌مذهب المفوضين في الصفات

- ‌تفسير أحمد والسلف لآيات الصفات وبيان التأويل المقبول والمردود

- ‌كلام السلف في الحد لله إثباتا ونفيا وكلام المتكلمين فيه

- ‌معنى الظاهر والباطن

- ‌وصفه تعالى بالصورة

- ‌ما يسمى الله به وما يوصف به مما ورد

- ‌قدم صفاته وما ورد في وصفه بالإستواء والنزول والمجيء لفصل القضاء

- ‌ما جاء عن المتقدمين من وصفه بالحركة والإنتقال

- ‌ما نقله حرب عن ائمة عصره فيما يجب إعتقاده

- ‌نزول الله تعالى إلى سماء الدنيا والرد على راديه

- ‌إرادة الله لأعمال العباد من طاعة ومعصية

- ‌تنزيه الله عن تعذيب المطيع

- ‌الإيمان عند السلف قول وعمل وإعتقاد ونية

- ‌صفات الله لا يقال فيها زائدة على الذات ولا عين الذات

الفصل: ‌مذهب المفوضين في الصفات

الأئمة على أنهم يعلمون معنى هذا المتشابه وأن لا يسكت عن بيانه وتفسيره بل يبين ويفسر، فاتفاق الأئمة من غير تحريف له عن مواضعه أو الحاد في أسماء الله وآياته. ثم تأمل ما ذكر الشارح يقوله: فمذهب السلف عدم الخوض في هذا والسكوت عنه فإنه يخالف ما ذكره شيخ الإسلام عن اتفاق الأئمة على أنهم يعلمون معنى هذا المتشابه، وأن لا يسكت عن بيانه في تفسيره، فتبين أن هذا ليس هو مذهب السلف وأنه من القول عليهم بلا علم ولا برهان يدل على ذلك.

ثم قال شيخ الإسلام: ومما يوضح لك ما وقع هنا من الاضطراب أن أهل السنة متفقون على إبطال تأويلات الجهمية ونحوهم من المحرفين الملحدين، والتأويل المردود هو صرف الكلام عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره، فلو قيل: إن هذا هو التأويل المذكور في الآية وأنه لا يعلمه إلا الله وليس هذا مذهب السلف والأئمة وإنما مذهبهم نقي هذه التأويلات وردها لا التوقف عنها، وعندهم قراءة الآية والحديث تفسيرها وتمر كما جاءت دالة على المعاني لا تحرف ولا يلحد فيها. وذكر كلاما طويلا أجاد فيه وأفاد، وبلغ غاية المراد، فمن أراد الوقوف عليه فهو في الرسالة المسماة بالإكليل في المتشابه والتأويل، وإنما لم نذكره خوف الإطالة إذ المقصود التنبيه على هذه الورطات.

ص: 34

‌مذهب المفوضين في الصفات

وأما قول الشارح فمذهب السلف عدم الخوض هذا والسكوت عنه وتفويض علمه إلى الله، فاعلم يا أخي أن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر

ص: 34

في العقل والنقل أقوال أهل التفويض فنذكر من ذلك ما يدل على بطلانه وأنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد. قال شيخ الإسلام قدس الله روحه في صفحة خمسة عشر ومائة في الوجه السادس عشر وأما التفويض فمن المعلوم أن الله تعالى أمرنا أن نتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه فكيف يجوز مع ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله؟ فذكر أقوال الفلاسفة ثم قال: والجهمية والمعتزله وأمثالهم يقولون أنه أراد أن يعتقدوا الحق على ما هو عليه مع علمهم بأنه لم يبين ذلك في الكتاب والسنة بل النصوص تدل على نقيض ذلك فأولئك يقولون أراد منهم اعتقاد الباطل وأمرهم به، وهؤلاء يقولون أراد اعتقاد ما لم يدلهم إلا على نقيضه، والمؤمن يعلم بالاضطرار أن كلا القولين باطلا ولابد للنفاة أهل التأويل من هذا أو هذا، وإذا كان كلاهما باطلا كان تأويل النفاة للنصوص باطلا فيكون نقيضه حقا وهو إقرار الأدلة الشرعية على مدلولاتها ومن خرج عن ذلك لزمه الفساد ما لا يقوله أهل الإلحاد، وما ذكرناه من لوازم قول أهل التفويض هو لازم لقولهم الظاهر المعروف بينهم إذ قالوا إن الرسول كان يعلم معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة ولكن لم يبين للناس مراده بها ولا أوضحه إيضاحا يقطع به النزاع. وأما على قول أكابرهم إن معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة لا يعلمه إلا الله، وأن معناها الذي أراده الله بها هو ما يوجب صرفها عن ظواهر – فعلى قول هؤلاء يكون الأنبياء والمرسلون لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص ولا

ص: 35

الملائكة ولا السابقون الأولون وحينئذ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم

الأنبياء معناه بل بقولون كلاما لا يعقلون معناه، وذلك نصوص المثبتين للقدر عند طائفة والنصوص المثبتة للأمر والنهي والوعد والوعيد عند طائفة، والنصوص المثبتة للمعاد عند طائفة، ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدى وبيانا للناس، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين وأن يبين للناس ما نزل إليهم، وأمر بتبدبر القرآن وعقله ومع هذا فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته أو عن كونه خالقا لكل شيء وهو بكل شيء عليم أو عن كونه أمر ونهى ووعد وتوعد أو عما أخبر به عن اليوم الآخر لا يعلم أحد معناه فلا يعقل ولا يتدبر ولا يكون الرسول بين للنا س ما نزل إليهم ولا بلغ البلاغ المبين، وعلى هذا التقدير فيقول كل ملحد ومبتدع: الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي وليس في النصوص ما ينافي ذلك، لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة ولا يعلم أحد معناها وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يستدل به فيبقي هذا الكلام سداً لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء وفتحا لباب من يعارضهم ويقول أن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء لأنا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية والأنبياء لم يعلموا ما يقولون فضلا عن أن يبينوا مرادهم. فتبين أن قول أهل التقويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد آخر إلى كلامه رحمه الله

ص: 36