المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

[627] أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول كُنَّا نخرج زَكَاة - تنوير الحوالك شرح موطأ مالك - جـ ١

[الجلال السيوطي]

الفصل: [627] أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول كُنَّا نخرج زَكَاة

[627]

أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول كُنَّا نخرج زَكَاة الْفطر زَاد فِي رِوَايَة على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

(كتاب الصّيام)

[630]

فَإِن غم عَلَيْكُم أَي حَال بَيْنكُم وَبَينه غيم فاقدروا لَهُ قَالَ النَّوَوِيّ اخْتلف فِي مَعْنَاهُ فَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهُ ضيقوا لَهُ وقدروه تَحت السَّحَاب وَبِهَذَا قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره مِمَّن يجوز صَوْم لَيْلَة الْغَيْم عَن رَمَضَان وَقَالَ بن سُرَيج وَجَمَاعَة مَعْنَاهُ قدروه بِحِسَاب الْمنَازل وَذهب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَالْجُمْهُور إِلَى أَن مَعْنَاهُ قدرُوا لَهُ تَمام الْعدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَمَا فِي الرِّوَايَة الآخرى قَالَ الْمَازرِيّ حمل جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله فاقدروا لَهُ عَليّ أَن المُرَاد إِكْمَال الْعدَد ثَلَاثِينَ كَمَا فسره فِي حَدِيث آخر قَالُوا وَلَا يجوز أَن يكون المُرَاد حِسَاب المنجمين لِأَن النَّاس لَو كلفوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِم لِأَنَّهُ لَا يعرفهُ إِلَّا أَفْرَاد وَالشَّرْع إِنَّمَا يعرف النَّاس بِمَا يعرفهُ جماهيرهم انْتهى وَنقل بن الْعَرَبِيّ عَن بن سُرَيج أَن قَوْله فاقدروا لَهُ خطاب لمن خصّه الله بِهَذَا الْعلم وَإِن قَوْله فأكملوا الْعدة خطاب للعامة وَقَالَ بن الصّلاح معرفَة منَازِل الْقَمَر هُوَ معرفَة سير الْأَهِلّة وَأما معرفَة الْحساب فَأمر دَقِيق يخْتَص بمعرفته الْآحَاد قَالَ فمعرفة منَازِل الْقَمَر تدْرك بِأَمْر محسوس يُدْرِكهُ من يراقب النُّجُوم وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ بن سُرَيج وَقَالَ بِهِ فِي حق الْعَارِف بهَا فِي خَاصَّة نَفسه

[631]

الشَّهْر تِسْعَة وَعِشْرُونَ قَالَ النَّوَوِيّ مَعْنَاهُ أَن الشَّهْر قد يكون تِسْعَة وَعشْرين قَالَ بن حجر وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة البُخَارِيّ إِن الشَّهْر يكون تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ مَعْنَاهُ حصره من جِهَة أحد طَرفَيْهِ أَي إِنَّه يكون تسعا وَعشْرين وَهُوَ أَقَله وَيكون ثَلَاثِينَ وَهُوَ أَكْثَره فَلَا تَأْخُذُوا أَنفسكُم بِصَوْم الْأَكْثَر احْتِيَاطًا وَلَا تقتصروا على الْأَقَل تَخْفِيفًا وَلَكِن عبادتكم مرتبطة ابْتِدَاء وانتهاء باستهلاله حَتَّى تروا الْهلَال المُرَاد رُؤْيَة بعض الْمُسلمين لَا كل النَّاس

ص: 211

[632]

عَن ثَوْر بن زيد الديلِي عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رَمَضَان الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا مُنْقَطع فانما رَوَاهُ ثَوْر عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس وَكَذَا رَوَاهُ روح بن عبَادَة عَن مَالك عَن ثَوْر عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس قلت وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاس

[633]

عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ يَقُول لَا يَصُوم إِلَّا من أجمع الصّيام قبل الْفجْر عَن بن شهَاب عَن عَائِشَة وَحَفْصَة زَوجي النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمثل ذَلِك قَالَ فِي الاستذكار رَوَاهُ يحيى بن أَيُّوب عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن بن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عَن حَفْصَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من لم يجمع الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ وَهُوَ أحسن مَا رُوِيَ مَرْفُوعا فِي هَذَا الْبَاب قلت أخرجه من هَذَا الطَّرِيق أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَقد رُوِيَ عَن نَافِع عَن بن عمر قَوْله وَهُوَ أصح وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن حَفْصَة أَنَّهَا كَانَت تَقول مَوْقُوف وَأخرجه أَيْضا من طَرِيق يُونُس وسُفْيَان وَابْن عُيَيْنَة وَمعمر ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عَن حَفْصَة بِهِ مَوْقُوف وَمن طَرِيق مَالك وَعبيد الله بن عمر كلَاما عَن نَافِع عَن بن عمر قَوْله وَقَالَ الصَّوَاب عندنَا فِي هَذَا الحَدِيث أَنه مَوْقُوف وَلم يَصح رَفعه لِأَن يحيى بن أَيُّوب لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ الْبَاجِيّ الْإِجْمَاع للصيام هُوَ الْعَزْم عَلَيْهِ وَالْقَصْد لَهُ

ص: 212

[634]

لَا يزَال النَّاس بِخَير لأبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَا يزَال الدّين ظَاهرا مَا عجلوا الْفطر زَاد أَحْمد من حَدِيث أبي ذَر وأخروا السّحُور وَمَا ظرفية أَي مُدَّة فعلهم ذَلِك امتثالا للسّنة واقفين عِنْد حَدهَا وَبَين فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِلّة ذَلِك فَقَالَ لِأَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى يؤخرون وَلابْن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث سهل لَا تزَال أمتِي على سنتي مَا لم تنْتَظر بفطرها النُّجُوم

[637]

عَن أبي يُونُس مولى عَائِشَة زَاد بن وضاح فِي رِوَايَته عَن يحيى عَن عَائِشَة وَكَذَا لسَائِر رُوَاة الْمُوَطَّأ وأرسله عبد الله بن يحيى عَن أَبِيه فَلم يذكر عَن عَائِشَة

ص: 213

[638]

عَن عبد ربه بن سعيد هُوَ أَخُو يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي بكر عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَخَالفهُ عَمْرو بن الْحَارِث فَرَوَاهُ عَن عبد ربه بن سعيد عَن عبد الله بن كَعْب عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن من جماع غير احْتِلَام قصدت بذلك الْمُبَالغَة فِي الرَّد والمنفي على إِطْلَاقه لَا مَفْهُوم لَهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَحْتَلِم إِذْ الِاحْتِلَام من الشَّيْطَان وَهُوَ مَعْصُوم مِنْهُ إِنَّمَا أخبرنيه مخبر سَمَّاهُ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ الْفضل بن الْعَبَّاس

[642]

عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أَزوَاجه وَهُوَ صَائِم ثمَّ ضحِكت زَاد بن أبي شيبَة من طَرِيق شريك عَن هِشَام فِي هَذَا الحَدِيث فظننا أَنَّهَا هِيَ وَبِذَلِك عرفنَا حِكْمَة ضحكها إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا صَاحِبَة الْقِصَّة ليَكُون أبلغ فِي الثِّقَة بهَا

[646]

مَالك أَنه بلغه أَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَت إِذا ذكرت الحَدِيث وَصله مُسلم من طَرِيق عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة وَمن طَرِيق الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود وعلقمة عَن عَائِشَة

ص: 215

[650]

عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج إِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح قَالَ الْقَابِسِيّ هَذَا الحَدِيث من مرسلات الصَّحَابَة لِأَن بن عَبَّاس كَانَ فِي هَذَا السّفر مُقيما مَعَ أَبَوَيْهِ بِمَكَّة فَلم هَذِه الْقِصَّة وَكَأَنَّهُ سَمعهَا من غَيره من الصَّحَابَة الكديد بتفح الْكَاف وَكسر الدَّال الْمُهْملَة مَكَان بَين عسفان وقديد وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بالأحدث فالأحدث هُوَ قَول بن شهَاب كَمَا بَين فِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَظَاهره انه ذهب إِلَى أَن الصَّوْم فِي السّفر مَنْسُوخ وَلم يُوَافق على ذَلِك

[651]

بالعرج قَالَ فِي النِّهَايَة هُوَ بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء قَرْيَة جَامِعَة من عمل الْفَرْع على أَيَّام من الْمَدِينَة

[652]

عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ سافرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلم يعب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم قَالَ بن عبد الْبر بَلغنِي عَن بن وضاح أَنه كَانَ يَقُول إِن مَالِكًا لم يُتَابع عَلَيْهِ فِي لَفظه وَإِن غَيره يرويهِ عَن حميد عَن أنس قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون فيصوم بضعهم وَيفْطر بَعضهم فَلَا يعيب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم لَيْسَ فِيهِ ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا أَنه كَانَ يشاهدهم فِي حَالهم هَذِه قَالَ بن عبد الْبر وَهَذَا عِنْدِي قلَّة اتساع فِي علم الْأَثر وَقد تَابع مَالِكًا على ذَلِك جمَاعَة من الْحفاظ مِنْهُم أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَأَبُو حَمْزَة أنس بن عِيَاض وَمُحَمّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ كلهم عَن حميد قَالَ وَمَا أعلم أحدا روى هَذَا الحَدِيث كَمَا قَالَ بن وضاح إِلَّا شَيْخه مُحَمَّد بن مَسْعُود عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن حميد انْتهى

ص: 216

[653]

عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ قَالَ قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا قَالَ يحيى وَقَالَ بِسَائِر أَصْحَاب مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن حَمْزَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة عَن هِشَام مِنْهُم بن عُيَيْنَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَاللَّيْث بن سعد ووكيع وَيحيى الْقطَّان وَمُحَمّد بن عجلَان وَعبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان وَيحيى بن هَاشم وَيحيى بن عبد الله بن سَالم وَعَمْرو بن هَاشم وَابْن نمير وَأَبُو أُمَامَة وَأَبُو مُعَاوِيَة وَأَبُو حَمْزَة وَأَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَرَوَاهُ أَبُو معشر الْمدنِي وَجَرِير بن عبد الحميد والمفضل بن فضَالة ثَلَاثَتهمْ عَن هِشَام عَن أَبِيه أَن حَمْزَة لما رَوَاهُ يحيى عَن مَالك وَرَوَاهُ بن وهب فِي موطئِهِ عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة بن الزبير عَن أبي مراوح عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ أَنه قَالَ فَهَذَا أَبُو الْأسود وَهُوَ ثَبت فِي عُرْوَة وَغَيره قد خَالف هشاما فَجعل الحَدِيث عَن عُرْوَة عَن أبي مراوح عَن حَمْزَة وَذَلِكَ يدل على أَن رِوَايَة يحيى لَيست بالْخَطَأ وَيجوز أَن يكون عُرْوَة سَمعه من عَائِشَة وَمن أبي مراوح جَمِيعًا عَن حَمْزَة فَحدث بِهِ عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وأرسله أَحْيَانًا وَقد روى سليم بن يسَار هَذَا الحَدِيث عَن حَمْزَة وسنه قريب من سنّ عُرْوَة انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر رَوَاهُ الْحفاظ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن حَمْزَة بن عَمْرو قَالَ وَرَوَاهُ عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن النَّسَائِيّ والداروردي عِنْد الطَّبَرَانِيّ وَيحيى بن عبد الله بن سَالم عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ ثَلَاثَتهمْ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن حَمْزَة بن عَمْرو وجعلوه من مُسْند حَمْزَة وَالْمَحْفُوظ أَنه من مُسْند عَائِشَة وَيحْتَمل أَن هَؤُلَاءِ لم يقصدوا بقَوْلهمْ عَن حَمْزَة الرِّوَايَة عَنهُ وَإِنَّمَا أَرَادوا الاخبار عَن حكايته فالتقدير عَن عَائِشَة عَن قصَّة حَمْزَة أَنه قَالَ لَكِن صَحَّ مَجِيء الحَدِيث من رِوَايَة حَمْزَة فَأخْرجهُ مُسلم من طَرِيق أبي الْأسود عَن عُرْوَة عَن أبي مراوح عَن حَمْزَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عُرْوَة وَلكنه أسقط أَبَا مراوح وَالصَّوَاب إثْبَاته وَهُوَ مَحْمُول على أَن لعروة فِيهِ طَرِيقين سَمعه من عَائِشَة وسَمعه من أبي مراوح عَن حَمْزَة انْتهى

ص: 217

[657]

عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَكَذَا توارد عَلَيْهِ أَصْحَاب الزُّهْرِيّ وهم أَكثر من أَرْبَعِينَ نفسا جمعتهم فِي جُزْء مُفْرد مِنْهُم بن عُيَيْنَة وَاللَّيْث بن سعد وَمَنْصُور وَمعمر عِنْد الشَّيْخَيْنِ وَالْأَوْزَاعِيّ وَشُعَيْب وَإِبْرَاهِيم بن سعد عِنْد البُخَارِيّ وَابْن جريج عِنْد مُسلم وَيحيى بن سعيد وعراك بن مَالك عِنْد النَّسَائِيّ وَعبد الْجَبَّار بن عمر عِنْد أبي عوَانَة وَعبد الرَّحْمَن بن مُسَافر عِنْد الطَّحَاوِيّ وَعقيل عِنْد بن خُزَيْمَة وَابْن أبي حَفْصَة عِنْد أَحْمد وَيُونُس وحجاج بن أَرْطَاة وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَمُحَمّد بن إِسْحَاق عِنْد الْبَزَّار وَخَالفهُم هِشَام بن سعد فَرَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أخرجه أَبُو دَاوُد وَغَيره قَالَ الْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عوَانَة أَخطَأ فِيهِ هِشَام بن سعد قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَقد تَابعه عبد الْوَهَّاب نب عَطاء عَن مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة عِنْد أَحْمد فَيحْتَمل أَن يكون الحَدِيث عِنْد الزُّهْرِيّ عَنْهُمَا فقد جَمعهمَا عَن صَالح بن أبي الْأَخْضَر أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل أَن رجلا جزم عبد الْغَنِيّ وَابْن بشكوال فِي المبهمات بِأَنَّهُ سلمَان أَو سَلمَة بن صَخْر البياضي وروى بن عبد الْبر من طَرِيق سعيد بن بشير عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب أَن الرجل اذي وَقع على امْرَأَته فِي رَمَضَان فِي عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم هُوَ سلمَان بن صَخْر وَقَالَ أَظُنهُ وهما لِأَن الْمَحْفُوظ أَنه ظَاهر وَقَالَ بن حجر يحْتَمل وُقُوع الْأَمريْنِ لَهُ أفطر فِي رَمَضَان قَالَ الْبَاجِيّ اخْتلفت رُوَاة هَذَا الحَدِيث فِي لَفظه فَقَالَ أَصْحَاب الْمُوَطَّأ وَأكْثر الروَاة عَن مَالك أفطر وَقَالَ جمَاعَة جَامع بعرق بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالرَّاء وقاف وَرُوِيَ بِإِسْكَان الرَّاء وَالْفَتْح أشهر رِوَايَة ولغة وَقد فسره الزُّهْرِيّ فِي رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ بِأَنَّهُ المكتل قَالَ الْأَخْفَش سمي المكتل عرقا لِأَنَّهُ يضفر عرقه والعرق جمع عرقة كعلق وعلقة والعرقة الضفيرة من الخوص

ص: 218

[658]

يضْرب نَحره وينتف شعره زَاد الدَّارَقُطْنِيّ ويحثى على رَأسه التُّرَاب قَالَ فَهَل تَسْتَطِيع أَن تهدى بَدَنَة قَالَ بن عبد الْبر جَمِيع مَا ذكر فِي هَذَا الحَدِيث مَحْفُوظ من رِوَايَة الثِّقَات الاثبات إِلَّا هَذِه الْجُمْلَة فانها غير مَحْفُوظَة

[662]

كَانَ يَوْم عَاشُورَاء هُوَ بِالْمدِّ على الْمَشْهُور وَحكى فِيهِ الْقصر وَزعم بن دُرَيْد أَنه اسْم إسلامي لَا يعرف فِي الْجَاهِلِيَّة ورد على بن دحْيَة وَاخْتلف أهل الشَّرْع فِي تَعْيِينه فَقَالَ الْأَكْثَر هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر من الْمحرم قَالَ بن الْمُنِير وَهُوَ مُقْتَضى الِاشْتِقَاق وَالتَّسْمِيَة وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ عَاشُورَاء مصدر معدول عَن عاشرة للْمُبَالَغَة والتعظيم وَهُوَ فِي الأَصْل صفة لليلة الْعَاشِرَة لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْعشْر الَّذِي هُوَ اسْم العقد وَالْيَوْم مُضَاف إِلَيْهَا فَإِذا قيل يَوْم عَاشُورَاء فَكَأَنَّهُ قيل يَوْم اللَّيْلَة الْعَاشِرَة إِلَّا أَنَّهُمَا لما عدلوا بِهِ عَن الصّفة غلبت عَلَيْهِ الاسمية فاستغنوا عَن الْمَوْصُوف فحذفوا اللَّيْلَة فَصَارَ هَذَا اللَّفْظ علما على الْيَوْم الْعَاشِر وَذكر أَبُو مَنْصُور الجواليقي أَنه لم يسمع فاعولاء إِلَّا هَذَا وضاروراء وساروراء ودالولاء من الضار والسار وَالدَّال وَزَاد بن دحْيَة عَن بن الْأَعرَابِي خابوراء وَقيل هُوَ الْيَوْم التَّاسِع قَالَ بن الْمُنِير فعلى الأول الْيَوْم مُضَاف لليلة الْمَاضِيَة وعَلى الثَّانِي هُوَ مُضَاف لليلة الْآتِيَة يَوْمًا تصومه قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْمجْلس الثَّالِث من مجَالِس الباغندي الْكَبِير عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن صَوْم قُرَيْش عَاشُورَاء فَقَالَ أذنبت قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة فَعظم فِي صُدُورهمْ فَقيل لَهُم صُومُوا عَاشُورَاء يكفره

ص: 219

[663]

عَن بن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه سمع مُعَاوِيَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر هَكَذَا رَوَاهُ مَالك وَتَابعه يُونُس وَصَالح بن كيسَان وَابْن عُيَيْنَة وَغَيرهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَقَالَ النُّعْمَان بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد كِلَاهُمَا عَن مُعَاوِيَة وَالْمَحْفُوظ رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن قَالَه النَّسَائِيّ وَغَيره وَلم يكْتب عَلَيْكُم صِيَامه إِلَى آخِره قَالَ الْحَافِظ بن حجر هُوَ كُله من كَلَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَمَا بَينه النَّسَائِيّ فِي رِوَايَته

[667]

نهى عَن الْوِصَال هُوَ إمْسَاك اللَّيْل مَعَ النَّهَار

ص: 220

[668]

إيَّاكُمْ والوصال إيَّاكُمْ والوصال عِنْد بن أبي شيبَة من رِوَايَة أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة ثَلَاث مَرَّات إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني لِأَحْمَد وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة إِنِّي أظل عِنْد رَبِّي فيطعمني ويسقيني وللإسماعيلي من حَدِيث عَائِشَة أظل عِنْد الله يطعمني ويسقيني وَلابْن أبي شيبَة من مُرْسل الْحسن إِنِّي أَبيت عِنْد رَبِّي وَاخْتلف فِي ذَلِك فَقيل هُوَ على حَقِيقَته وَأَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتى بِطَعَام وشراب من عِنْد الله كَرَامَة لَهُ فِي ليَالِي صِيَامه وَطَعَام الْجنَّة وشرابها لَا يجْرِي عَلَيْهِ احكام التَّكْلِيف قَالَ بن الْمُنِير الَّذِي يفْطر شرعا انما هُوَ الطَّعَام الْمُعْتَاد وَأما الخارق للْعَادَة كالمحضر من الْجنَّة فعلى غير هَذَا الْمَعْنى وَلَيْسَ تعاطيه من جنس الْأَعْمَال وَإِنَّمَا هُوَ من جنس الثَّوَاب كَأَكْل أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة والكرامة لَا تبطل الْعِبَادَة فَلَا يبطل بذلك صَوْمه وَلَا يَنْقَطِع وصاله وَلَا ينقص أجره وَقَالَ جمَاعَة هُوَ مجَاز عَن لَازم الطَّعَام وَالشرَاب وَهُوَ الْقُوَّة فَكَأَنَّهُ قَالَ قُوَّة الْآكِل الشَّارِب وَيفِيض على مَا يسد مسد الطَّعَام وَالشرَاب وَيُقَوِّي على أَنْوَاع الطَّاعَة من غير ضعف فِي الْقُوَّة ولاب كلال فِي الاحساس وَالْمعْنَى أَن الله يخلق فِيهِ من الشِّبَع والري مَا يُغْنِيه عَن الطَّعَام وَالشرَاب فَلَا يحس بجوع وَلَا عَطش وجنح بن الْغَيْم إِلَى ان المُرَاد أَنه يشْغلهُ بالتفكر فِي عَظمته والتملي بمشاهدته والتغذي بمعارفه وقرة الْعين بمحبته والاستغراق فِي مناجاته والاقبال عَلَيْهِ عَن الطَّعَام وَالشرَاب قَالَ وَقد يكون هَذَا الْغذَاء أعظم من غذَاء الأجساد وَمن لَهُ أدنى ذوق وتجربة يعلم اسْتغْنَاء الْجِسْم بغذاء الْقلب وَالروح عَن كثير من الْغذَاء الجسماني انْتهى

ص: 223

[676]

عَن بن شهَاب أَن عَائِشَة وَحَفْصَة زَوجي النَّبِي صلى الله عليه وسلم أصبحتا صائمتين وَصله بن عبد الْبر من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن يحيى عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ لَا يَصح عَن مَالك إِلَّا الْمُرْسل وَوَصله النَّسَائِيّ من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبَة وَصَالح بن كيسَان وَيحيى بن سعيد ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ هَذَا خطأ وَالصَّوَاب عَن الزُّهْرِيّ مُرْسل وَوَصله التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق جَعْفَر بن برْقَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ روى صَالح بن أبي الْأَخْضَر وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة هَذَا عَن الزُّهْرِيّ هَكَذَا وروى مَالك وَمعمر وَعبيد الله بن عمر وَزِيَاد بن سعيد وَغير وَاحِد من الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة مُرْسلا وَهَذَا أصح وَعَن عَليّ بن عِيسَى بن يزِيد الْبَغْدَادِيّ عَن روح بن عبَادَة عَن بن جريج قَالَ سَأَلت الزُّهْرِيّ فَقلت لَهُ أحَدثك عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ لم اسْمَع من عُرْوَة فِي هَذَا شَيْئا وَلَكِن سَمِعت فِي خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك من نَاس عَن بعض من سَأَلَ عَائِشَة عَن هَذَا الحَدِيث وَوَصله النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق سُفْيَان بن حُسَيْن وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ هَذَا خطأ وسُفْيَان بن حُسَيْن وجعفر بن برْقَان ليسَا بالقويين فِي الزُّهْرِيّ وَلَا بَأْس بهما فِي غير الزُّهْرِيّ وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر ضَعِيف فِي الزُّهْرِيّ وَفِي غَيره قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة سَأَلُوا الزُّهْرِيّ وَأَنا شَاهد أهوَ عَن عُرْوَة فَقَالَ لَا وَوَصله أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق وهيب عَن حَيْوَة بن شُرَيْح زَاد النَّسَائِيّ وَعمر بن مَالك كِلَاهُمَا عَن يزِيد بن الْهَاد عَن زميل مولى عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَقَالَ النَّسَائِيّ زميل لَيْسَ بالمشهور وَقَالَ البُخَارِيّ لَا يعرف لزميل سَماع من عُرْوَة وَلَا ليزِيد من زميل وَلَا تقوم بِهِ الْحجَّة وَوَصله النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق بن وهب عَن جرير بن حَازِم عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة وَقَالَ هَذَا خطأ

ص: 225

[680]

عَن يحيى بن سعيد قَالَ الْحَافِظ بن حجر هُوَ الْأنْصَارِيّ قَالَ وَذهل من قَالَ إِنَّه الْقطَّان لِأَنَّهُ لم يدْرك أَبَا سَلمَة عَن أبي سَلمَة فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ سَمِعت أَبَا سَلمَة أَنه سمع عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَقول إِن كَانَ ليَكُون على الصّيام من رَمَضَان فَمَا أَسْتَطِيع أصومه حَتَّى يَأْتِي شعْبَان زَاد البُخَارِيّ قَالَ يحيى للشغل بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وللترمذي وَابْن خُزَيْمَة من طَرِيق عبد الله الْبَهِي عَن عَائِشَة قَالَت مَا قضيت شَيْئا مِمَّا يكون عَليّ من رَمَضَان إِلَّا فِي شعْبَان حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

[682]

الصّيام جنَّة زَاد سعيد بن مَنْصُور عَن مُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد من النَّار وَلأَحْمَد من طَرِيق أبي يُونُس عَن أبي هُرَيْرَة جنَّة وحصن حُصَيْن من النَّار وللنسائي من حَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ جنَّة كجنة أحدكُم من الْقِتَال وَلأَحْمَد من حَدِيث أبي عبيد بن الْجراح جنَّة مَا لم يخرقها زَاد الدَّارمِيّ بالغيبة وَالْجنَّة بِضَم الْجِيم الْوِقَايَة والستر قَالَ بن الْعَرَبِيّ انما كَانَ الصَّوْم جنَّة من النَّار لِأَنَّهُ إمْسَاك عَن الشَّهَوَات وَالنَّار محفوفة الشَّهَوَات فَإِذا كَانَ أحدكُم صَائِما فَلَا يرْفث بِضَم الْفَاء وَكسرهَا والرفث الْكَلَام الْفَاحِش وَلَا يجهل أَي لَا يفعل شَيْئا من أَفعَال أهل الْجَهْل كالصياح والسفه وَنَحْو ذَلِك ولسعيد بن مَنْصُور من طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه وَلَا يُجَادِل قَالَ الْقُرْطُبِيّ لَا يفهم من هَذَا أَن ذَلِك يُبَاح فِي غير الصَّوْم وَإِنَّمَا المُرَاد ان الْمَنْع من ذَلِك يتَأَكَّد بِالصَّوْمِ فَلْيقل إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم اخْتلف هَل يُخَاطب بهَا الشاتم أَو يَقُولهَا فِي نَفسه وَبِالثَّانِي جزم المتولى وَنَقله الرَّافِعِيّ عَن الْأَئِمَّة وَرجح النَّوَوِيّ الأول فِي الْأَذْكَار وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب كل مِنْهُمَا حسن وَالْقَوْل بِاللِّسَانِ أقوى وَلَو جَمعهمَا كَانَ حسنا وَنقل الزَّرْكَشِيّ أَن ذكرهَا فِي الحَدِيث مرَّتَيْنِ إِشَارَة لذَلِك فيقولها بِقَلْبِه بكف نَفسه وبلسانه لكف خَصمه وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ إِن كَانَ رَمَضَان فبلسانه وَإِلَّا فَفِي نَفسه وَادّعى بن الْعَرَبِيّ أَن مَوضِع الْخلاف فِي النَّفْل وَأما فِي الْفَرْض فيقوله بِلِسَانِهِ قطعا

ص: 226

[683]

لخلوف فَم الصَّائِم بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَاللَّام وَسُكُون الْوَاو وَفَاء وَقَالَهُ بَعضهم بِفَتْح الْخَاء فَقيل هُوَ خطأ وَقيل لُغَة قَليلَة وَهُوَ تغير رَائِحَة الْفَم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك اخْتلف فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى منزه عَن استطابة الروائح فَقَالَ الْمَازرِيّ هُوَ مجَاز لِأَنَّهُ جرت الْعَادة بتقريب الروائح الطّيبَة منا فاستعير ذَلِك لتقريب الصَّوْم من الله فَالْمَعْنى انه أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك عنْدكُمْ أَي يقرب إِلَيْهِ أَكثر من تقريب الْمسك إِلَيْكُم وَقيل إِن ذَلِك فِي حق الْمَلَائِكَة وانهم يستطيبون ريح الخلوف أَكثر مِمَّا يستطيبون ريح الْمسك وَقيل الْمَعْنى أَن الله يجْزِيه فِي الْآخِرَة فَتكون نكهته أطيب من ريح الْمسك كَمَا يَأْتِي المكلوم وريح جرحه يفوح مسكا وَقيل الْمَعْنى ان الخلوف أَكثر ثَوابًا من الْمسك الْمَنْدُوب إِلَيْهِ فِي الْجمع والأعياد ومجالس الذّكر وَالْخَيْر وَصَححهُ النَّوَوِيّ وَنقل القَاضِي حُسَيْن فِي تَعْلِيقه أَن للطاعات يَوْم الْقِيَامَة ريحًا يفوح قَالَ فرائحة الصّيام فِيهَا بَين الْعِبَادَات كالمسك فَائِدَة قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب كَانَ وَقع نزاع بَين الشَّيْخ أبي عَمْرو بن الصّلاح وَالشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن عبد السَّلَام فِي أَن هَذَا الطّيب فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أم فِي الْآخِرَة خَاصَّة فَقَالَ بن عبد السَّلَام فِي الْآخِرَة خَاصَّة لِأَن فِي رِوَايَة لمُسلم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ بن الصّلاح هُوَ عَام فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَاسْتدلَّ بأَشْيَاء كَثِيرَة مِنْهَا مَا فِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان لخلوف فَم الصَّائِم حِين يخلف أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وروى الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده من حَدِيث جَابر أَعْطَيْت أمتِي فِي شهر رَمَضَان خمْسا قَالَ وَأما الثَّانِيَة فانهم يمسون وخلوف أَفْوَاههم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك حسنه أَبُو بكر السَّمْعَانِيّ فِي أَمَالِيهِ وكل وَاحِد من الْحَدِيثين صَرِيح بِأَنَّهُ فِي وَقت وجود الخلوف فِي الدُّنْيَا مُتَحَقق وَصفه بِكَوْنِهِ أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك قَالَ وَقد قَالَ الْعلمَاء شرقا وغربا معنى مَا ذكرته فِي تَفْسِيره قَالَ الْخطابِيّ طيبه عِنْد الله رِضَاهُ بِهِ وثناؤه وَقَالَ بن عبد الْبر مَعْنَاهُ أزكى عِنْد الله وَأقرب إِلَيْهِ وَأَرْفَع عِنْده من ريح الْمسك وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي شرح السّنة مَعْنَاهُ الثَّنَاء على الصَّائِم وَالرِّضَا بِفِعْلِهِ وَكَذَا قَالَه الْقَدُورِيّ إِمَام الْحَنَفِيَّة فِي كِتَابه فِي الْخلاف مَعْنَاهُ أفضل عِنْد الله من الرَّائِحَة الطّيبَة وَمثله قَالَ الْبونِي من قدماء الْمَالِكِيَّة وَكَذَا قَالَه أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي وَأَبُو بكر السَّمْعَانِيّ وَأَبُو حَفْص بن الصفار الشافعيون فِي أماليهم وَأَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْمُسلمين شرقا وغربا لم يذكرُوا سوى مَا ذكرته وَلم يذكر أحد مِنْهُم وَجها بتخصيصه بِالآخِرَة مَعَ أَن كتبهمْ جَامِعَة للوجوه الْمَشْهُورَة والغريبة وَمَعَ أَن الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا ذكر يَوْم الْقِيَامَة مَشْهُورَة فِي الصَّحِيح بل جزموا بِأَنَّهُ عبارَة عَن الرَّجَاء وَالْقَبُول وَنَحْوهمَا مِمَّا هُوَ ثَابت فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأما ذكر يَوْم الْقِيَامَة فِي تِلْكَ الرِّوَايَة فُلَانُهُ يَوْم الْجَزَاء وَفِيه يظْهر رُجْحَان الخلوف فِي الْمِيزَان على الْمسك الْمُسْتَعْمل لدفع الرَّائِحَة الكريهة طلبا لرضا الله حَيْثُ يُؤمر باجتنابها واجتلاب الرَّائِحَة الطّيبَة كَمَا فِي الْمَسَاجِد والصلوات وَغَيرهَا من الْعِبَادَات فَخص يَوْم الْقِيَامَة بِالذكر فِي رِوَايَة لذَلِك كَمَا خص فِي قَوْله تَعَالَى إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ وَأطلق فِي بَاقِي الرِّوَايَات نظرا إِلَى أَن أصل أفضليته ثَابت فِي الدَّاريْنِ انْتهى إِنَّمَا يذر شَهْوَته وَطَعَامه وَشَرَابه من أَجلي لِأَحْمَد من طَرِيق إِسْحَاق بن الطباع عَن مَالك قبله يَقُول الله عز وجل وَفِي فَوَائِد سمويه يتْرك شَهْوَته من الطَّعَام وَالشرَاب من أَجلي فالصيام لي وَأَنا أجزي بِهِ الْفَاء وَاخْتلف الْعلمَاء فِي معنى هَذَا الْكَلَام مَعَ أَن الْأَعْمَال كلهَا لَهُ وَهُوَ الَّذِي يَجْزِي بهَا على أَقْوَال أظهرها قَولَانِ أَحدهمَا أَن الصَّوْم لَا يَقع فِيهِ الرِّيَاء كَمَا يَقع فِي غَيره وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث الصّيام لَا رِيَاء فِيهِ قَالَ الله عز وجل هُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَسَنَده ضَعِيف وَالثَّانِي أَن جَمِيع الْعِبَادَات يُوفى مِنْهَا مظالم للعباد إِلَّا الصّيام روى الْبَيْهَقِيّ عَن بن عُيَيْنَة قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسب الله عَبده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الْمَظَالِم من عمله حَتَّى لَا يبْقى لَهُ إِلَّا الصَّوْم فيتحمل الله مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْمَظَالِم ويدخله بِالصَّوْمِ الْجنَّة وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث كل الْعَمَل كَفَّارَة إِلَّا الصَّوْم الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ رَوَاهُ أَحْمد وَقيل سَبَب اضافته إِلَى الله تَعَالَى أَنه لم يعبد بِهِ أحد غير الله بِخِلَاف السُّجُود وَالصَّدَََقَة وَالذكر وَغير ذَلِك فَإِن الْكفَّار عظموا بِهِ أصنامهم وَلم يعظموها بِالصَّوْمِ فِي عصر من الْأَعْصَار وَقيل لِأَنَّهُ لَيْسَ للصَّائِم وَنَفسه فِيهِ حَظّ وَقيل لِأَن الِاسْتِغْنَاء عَن الطَّعَام من صِفَات الله تَعَالَى فتقرب الصَّائِم بِمَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الصّفة وَإِن كَانَت صِفَات الله تَعَالَى لَا يشبهها شَيْء وَقيل مَعْنَاهُ أَنا الْمُنْفَرد بِعلم مِقْدَار ثَوَابه وتضعيف حَسَنَاته وَغَيره من الْعِبَادَات أظهر سُبْحَانَهُ بعض مخلوقاته على مِقْدَار ثَوَابه وَقيل هِيَ إِضَافَة تشريف كَقَوْلِه تَعَالَى نَاقَةَ اللَّهِ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ مَعَ أَن الْعَالم كُله لله تَعَالَى وَقيل مَعْنَاهُ أَنه أحب الْعِبَادَات إِلَيّ والمقدم عِنْدِي

ص: 227

[684]

عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ إِذا دخل رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة وغلقت أَبْوَاب النَّار وصفدت الشَّيَاطِين قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يكون رَأيا إِلَّا توقيفا وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا عَن حَدِيث أبي سُهَيْل قلت أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ وَغَيره عَن أبي سُهَيْل بِهِ مَرْفُوعا قَالَ القَاضِي عِيَاض يحْتَمل أَنه على ظَاهره وَحَقِيقَته وَإِن تفتيح أَبْوَاب الْجنَّة وتغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عَلامَة للْمَلَائكَة لدُخُول الشَّهْر وتعظيم لِحُرْمَتِهِ وَيكون التصفيد ليمنعوا من إِيذَاء الْمُؤمنِينَ والتهويش عَلَيْهِم وَيحْتَمل أَنه على الْمجَاز وَيكون إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الثَّوَاب والعظم وَإِن الشَّيَاطِين يقل اغواؤهم وإيذاؤهم فيصيرون كالمصفدين وَيكون تصفيدهم عَن أَشْيَاء دون أَشْيَاء لناس دون نَاس وَيحْتَمل أَن يكون فتح أَبْوَاب الْجنَّة عبارَة عَمَّا يَفْتَحهُ الله لِعِبَادِهِ من الطَّاعَات فِي هَذَا الشَّهْر الَّتِي لَا تقع فِي غَيره عُمُوما كالصيام وَالْقِيَام وَفعل الْخيرَات والانكفاف عَن كثير من المخالفات وَهَذِه أَسبَاب لدُخُول الْجنَّة وأبواب لَهَا وَكَذَلِكَ تغليق أَبْوَاب النَّار وتصفيد الشَّيَاطِين عبارَة عَمَّا ينكفون عَنهُ من المخالفات وَمعنى صفدت عَنْك والصفد بِفَتْح الْفَاء الغل انْتهى وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ وَلم يرد عَنهُ وَرجح بن الْمُنِير الأول وَقَالَ لَا ضَرُورَة تَدْعُو إِلَى صرف اللَّفْظ عَن ظَاهره وَكَذَا رَجحه الْقُرْطُبِيّ وَقَالَ فَإِن قيل فَكيف نرى الشرور والمعاصي وَاقعَة فِي رَمَضَان كثيرا فَلَو صفدت الشَّيَاطِين لم يَقع ذَلِك فَالْجَوَاب أَنَّهَا تغل عَن الصائمين الصَّوْم الَّذِي حوفظ على شُرُوطه وروعيت آدابه والمصفد بعض الشَّيَاطِين وهم المردة لَا كلهم كَمَا روج فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَغَيره صفد الشَّيَاطِين مَرَدَة الْجِنّ وَالْمَقْصُود تقليل الشرور فِيهِ وَهَذَا أَمر محسوس فَإِن وُقُوع ذَلِك فِيهِ أقل من غَيره أَو لَا يلْزم من تصفيد جَمِيعهم إِلَّا يَقع شَرّ وَلَا مَعْصِيّة لأ لذَلِك أسبابا غير الشَّيَاطِين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة وَالشَّيَاطِين الانسية وَقَالَ الْحَلِيمِيّ يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالشياطين مسترقي السّمع مِنْهُم لأَنهم كَانُوا منعُوا فِي زمن نزُول الْقُرْآن من استراق السّمع فزيدوا التسلسل فِي رَمَضَان مُبَالغَة فِي الْحِفْظ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فَائِدَة تفتيح أَبْوَاب الْجنَّة تَوْقِيف الْمَلَائِكَة على استحماد فعل الصائمين وَأَنه من الله بِمَنْزِلَة عَظِيمَة وَفِيه إِذا علم الْمُكَلف بأخبار الصَّادِق مَا يزِيد فِي نشاطه ويتلقاه باريحية

ص: 228

[685]

عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ جُمْهُور رُوَاة الْمُوَطَّأ وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَجَمَاعَة عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة فَلم يذكر عمْرَة فِي هَذَا الحَدِيث وَكَذَا لم يذكر عمْرَة أَكثر أَصْحَاب بن شهَاب مِنْهُم معمر وسُفْيَان بن حُسَيْن وَزِيَاد بن سعد وَالْأَوْزَاعِيّ انْتهى قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك بِهِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن أبي مُصعب عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة وَقَالَ هَكَذَا رُوِيَ غيرواحد عَن مَالك وروى بَعضهم عَن مَالك عَن بن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عمْرَة عَن عَائِشَة وَالصَّحِيح عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة وَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَبَقِيَّة السِّتَّة من طَرِيق اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة قَالَ الْحَافِظ جمال الدّين الْمزي فِي الْأَطْرَاف قَالَ البُخَارِيّ هُوَ صَحِيح معن عُرْوَة وَعمرَة وَلَا أعلم أحدا قَالَ عَن عُرْوَة عَن عمْرَة غير مَالك وَعبيد الله بن عمر وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر رَوَاهُ اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ فَجمع بَين عُرْوَة وَعَمْرو وَرَوَاهُ يُونُس وَالْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وجده وَرَوَاهُ مَالك عَنهُ عَن عُرْوَة عَن عمْرَة قَالَ أَبُو دَاوُد وَغَيره لم يُتَابع عَلَيْهِ وَذكر البُخَارِيّ أَن عبيد الله بن عمر تَابع مَالِكًا وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ انا أَبَا أويس رَوَاهُ كَذَلِك عَن الزُّهْرِيّ وَاتَّفَقُوا على أَن الصَّوَاب قَول اللَّيْث وَإِن البَاقِينَ اختصروا مِنْهُ ذكر عمْرَة أَن ذكر عمْرَة فِي رِوَايَة مَالك من الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد وَقد رَوَاهُ بَعضهم عَن مَالك فَوَافَقَ اللَّيْث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا وَله أصل من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة من طَرِيق هِشَام عَن أَبِيه فِي الصَّحِيح وَهُوَ عِنْد النَّسَائِيّ من طَرِيق تَمِيم بن سَلمَة عَن عُرْوَة انْتهى كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا اعْتكف يدني إِلَيّ رَأسه قَالَ الشَّيْخ بهاء الدّين السُّبْكِيّ هَذَا وأشباهه من الْمَوَاضِع الَّتِي يَجِيء خبر كَانَ فِيهَا جملَة شَرْطِيَّة لَا يدل على وجود الشَّرْط وَلَا الْجَزَاء لِأَن اعْتكف فعل مُسْتَقْبل الْمَعْنى لوُقُوعه بعد أَدَاة الشَّرْط وَكَانَ وَإِن دلّت على مُضِيّ مَضْمُون جبرها فمضمون الْخَبَر ترَتّب الْجَزَاء على الشَّرْط وَهُوَ كَونه إِذا وَقع مِنْهُ الِاعْتِكَاف يدني رَأسه وَهَذَا الْمَعْنى لَا يلْزم مِنْهُ وُقُوع الِاعْتِكَاف كَمَا لَو قلت كَانَ زيد إِن جَاءَ أكرمته لَا يلْزم وُقُوع الْمَجِيء مِنْهُ بل الْمَاضِي مَضْمُون الْجُمْلَة الخبرية بجملتها ومضمونها حُصُول الْجَزَاء عِنْد الشّرك وَفعل الشَّرْط قيد فِيهَا لَا بعض مِنْهَا وَلَا من مدلولها وَإِذا وَإِن دلّت على تَحْقِيق مَا دلّت عَلَيْهِ أَو رجحانه فَلَا يلْزم التحقق فِي الْخَارِج بل فِي الذِّهْن فَإِذا قلت زيد أكرمته فَمَعْنَى التحقق أَن الْمُتَكَلّم تحقق أَنه سيقع هَذَا الشَّرْط ول يلْزم مُطَابقَة هَذَا التحقق للْخَارِج لجَوَاز عدم الْمُطَابقَة وَقَول عَائِشَة كَانَ إِذا اعْتكف عَائِشَة تحقق أَن الِاعْتِكَاف سيقع فِي الْمُسْتَقْبل فَلَيْسَ دَالا على أَنه وَقع وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا دلَالَة عه على وُقُوع الْفِعْل مِنْهُ صلى الله عليه وسلم حَال وُرُود هَذَا الحَدِيث وَلَا قبله من هَذَا اللَّفْظ فَإِن قيل تحقق عَائِشَة أَنه سيقع يغلب على الظَّن وُقُوعه فَحِينَئِذٍ تصير الدّلَالَة خَارِجَة عَن اللَّفْظ هَذَا كَلَام الشَّيْخ بهاء الدّين وَألف وَالِده الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي الْجَواب عَن ذَلِك مؤلفا سَمَّاهُ قدر الْإِمْكَان المختطف فِي دلَالَة كَانَ إِذا اعْتكف قَالَ فِيهِ قَول عَائِشَة كَانَ إِذا اعْتكف ادّعى بعض الْفُضَلَاء أَنه لَا يدل على وُقُوع الِاعْتِكَاف وَادّعى آخَرُونَ أَنه يدل وَإِن دلَالَته على ذَلِك ضَرُورِيَّة وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فِي المأخذ فَمنهمْ من أَخذه من إِذا وَأَنَّهَا لَا تدخل إِلَّا على الْمَعْلُوم وَمِنْهُم من أَخذه من كَانَ وَالَّذِي أَقُول بعون الله انه يدل على وُقُوع الْجَزَاء مُطَابقَة وَأما الشَّرْط قيل لَهُ التزاما لَا مُطَابقَة وَإِن دلَالَته على ذَلِك من كَانَ لَا من إِذا وحها قطعا وَلَا من إِذا مَعَ كَانَ على الظَّاهِر وَأما منع الدّلَالَة على ذَلِك رَأْسا فتنكره الطباع وَلَا يتَرَدَّد أحد فِي فهم ذَلِك من الحَدِيث الْمَذْكُور وَمن مثل قَوْله كَانَ إِذا قَامَ من اللَّيْل يشوص فَاه بِالسِّوَاكِ وَكَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة بَدَأَ بشق رَأسه الْأَيْمن وَكَانَ إِذا تعار من اللَّيْل يَقُول وَكَانَ إِذا نَام نفخ وَكَانَ إِذا سجد جحا وَأَشْبَاه ذَلِك قَالَ فَإِن قلت مَا سَبَب فهم ذَلِك قلت بحثت فِيهِ مَعَ جمَاعَة من الْفُضَلَاء فَلم يفصحوا فِيهِ بِشَيْء ويكتفون بِمُجَرَّد الْفَهم وَمِنْهُم من يَكْتَفِي بالفهم وَلَا يزِيد عَلَيْهِ وَمِنْهُم من يَقُول هُوَ من تسويغ الْأَخْبَار إِذْ لَو تعلم بذلك لما كَانَ لَهَا أَن تخبر وَمِنْهُم من يَقُول قد يكون هَذَا من الْمعَانِي الَّتِي تفهم من المركبات من غير أَن يكون للمفردات دلَالَة عَلَيْهَا حِين الافراد وَمِنْهُم من لَا يصل ذهنه إِلَى شَيْء من ذَلِك ولعمري أَن مَانع الدّلَالَة أقرب إِلَى الْعذر من المنر عَلَيْهِ فِي الْعلم لِأَن الْمَانِع متمسك بقواعد الْعلم فِي مدلولات الْأَلْفَاظ غافل عَن نُكْتَة خُفْيَة وَالْمُنكر عَلَيْهِ إِنَّمَا مَعَه من التَّمَسُّك فهم يُشَارِكهُ فِيهِ الْعَوام فَلَا حمد لَهُ فِي ذَلِك وَإِنَّمَا يحمد على أَخذ الْمعَانِي من الْقَوَاعِد العلمية وَحقّ على طَالب الْعلم أَن يسْتَعْمل الْقَوَاعِد ويعرض المبحوث فِيهِ عَلَيْهَا ثمَّ يُرَاجع نَفسه وفهمه بِحَسب طبعه الْأَصْلِيّ وَمَا يفهمهُ عُمُوم النَّاس ثمَّ يوازن بَينهمَا مرّة بعد أُخْرَى حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ الْحق فِيهِ كَمَا يعرض الذَّهَب على المحك ويعلقه ثمَّ يعرضه حَتَّى يتَخَلَّص وَالَّذِي أقوله أَن الْجُمْلَة الاستقبالية إِذا وَقعت خَبرا لَكَانَ انقلبت مَاضِيَة الْمَعْنى لدلَالَة كَانَ على اقتران مَضْمُون الْخَبَر بِالزَّمَانِ الْمَاضِي فَكَانَ تدل على وُقُوع جَزَاء الشَّرْط وَهُوَ ادناء رَأسه صلى الله عليه وسلم فِي الزَّمَان الْمَاضِي عَن قَول عَائِشَة وَإِن كَانَ مُسْتَقْبلا عَن ابْتِدَاء كَونه صلى الله عليه وسلم الَّذِي دلّت عَلَيْهِ كَانَ ودلالته على ذَلِك مُطَابقَة أَن جعلنَا الْمَحْكُوم بِهِ فِي الْجُمْلَة الشّرطِيَّة مُقَيّدا بِالشّرطِ وَإِن جعلنَا الْمَحْكُوم بِهِ النِّسْبَة لزم أَيْضا لِأَن النِّسْبَة بَين الشَّيْئَيْنِ مُتَأَخِّرَة عَنْهُمَا فتستلزم وجودهما فَتكون الدّلَالَة على الْجَزَاء بالاستلزام وَأما الدّلَالَة على الشَّرْط فبالاستلزام على كل تَقْدِير ثمَّ بسط الْكَلَام على ذَلِك ورد عَلَيْهِ وَلَده فِي مؤلف ورد هُوَ على وَلَده فِي مؤلف آخر وَقد سبقت جَمِيع مَا قَالَاه فِي كتابي الْفَتْح الْقَرِيب فِي حَوَاشِي مُغنِي اللبيب قَالَ بن عبد الْبر أَن يبل الشّعْر ثمَّ يمشط إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان فَسرهَا الزُّهْرِيّ بالبول وَالْغَائِط

[686]

عَن بن شهَاب عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَن يعْتَكف قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا هَذَا الحَدِيث ليحيى عَن مَالك عَن بن شهَاب وَهُوَ غلط وَخطأ مفرط لم يُتَابِعه أحد من رُوَاة الْمُوَطَّأ على قَوْله فِيهِ عَن بن شهَاب وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَالك عَن يحيى بن سعيد إِلَّا أَن رُوَاة الْمُوَطَّأ اخْتلفُوا فِي قطعه وَإِسْنَاده فَمنهمْ من يرويهِ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد أَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يذكر عمْرَة وَمِنْهُم من يرويهِ عَن مَالك عَن يحيى عَن عمْرَة لَا يذكر عَائِشَة وَمِنْهُم من يرويهِ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة فيصله ويسنده والْحَدِيث مَعْرُوف ليحيى بن سعيد من رُوَاته مَالك وَغَيره عَنهُ وَلَا يعرف لِابْنِ شهَاب لَا من حَدِيث مَالك وَلَا من حَدِيث غَيره وَهَذَا الحَدِيث فِيمَا فَاتَ يحيى سَمَاعه عَن مَالك فِي الْمُوَطَّأ فَرَوَاهُ عَن زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بشبطفر وَكَانَ ثِقَة عَن مَالك وَكَانَ يحيى بن يحيى قد سمع الْمُوَطَّأ مِنْهُ بالأندلس وَمَالك يَوْمئِذٍ حَيّ ثمَّ رَحل فَسَمعهُ من مَالك سوى ورقة فِي الِاعْتِكَاف لم يسْمعهَا أوشك فِي سماعهَا من مَالك فرواها عَن زِيَاد عَن مَالك وفيهَا هَذَا الحَدِيث فَلَا أَدْرِي مِمَّن جَاءَ الْغَلَط فِي هَذَا الحَدِيث أَمن يحيى أم من زِيَاد

ص: 232

[690]

آلبر بِهَمْزَة اسْتِفْهَام ممدودة وَبِغير مد وَالْبر بِالنّصب تَقولُونَ بِهن أَي تظنون وَإِطْلَاق القَوْل على الظَّن مَعْرُوف فِي الْعَرَبيَّة ثمَّ انْصَرف إِلَى آخِره قَالَ الْعلمَاء كَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خشِي أَن يكون الْحَامِل لَهُنَّ على ذَلِك المباهاة أَو التنافس النَّاشِئ عَن الْغيرَة فَيخرج الِاعْتِكَاف عَن مَوْضُوعه لعدم الْإِخْلَاص

[692]

عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعْتَكف الْعشْر قَالَ بن عبد الْبر هَذَا أصح حَدِيث يرْوى فِي هَذَا الْبَاب الْوسط قَالَ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ بِضَم الْوَاو وَالسِّين جمع وسطى ويروى بِفَتْح السِّين مثل كبر وكبرى وَرَوَاهُ الْبَاجِيّ بإسكانها على أَنه جمع وَاسِط كباذل وبذل انْتهى وَالَّذِي فِي المتقي للباجي مَا نَصه وَقع فِي كتابي مُقَيّدا بِضَم الْوَاو والشين وَيحْتَمل عِنْدِي أَن يكون جمع وَاسِط قَالَ صَاحب الْعين وَاسِط الرجل مَا بَين قادمته وآخرته وَقَالَ أَبُو عبيد وسط الْبيُوت يسطها إِذا نزل وَسطهَا وَاسم الْفَاعِل من ذَلِك وَاسِط وَيُقَال فِي جمعه وسط كباذل وبذل وَأما الْوسط بِفَتْح الْوَاو وَالسِّين فَيحْتَمل أَن يكون جمع أوسطا وَهُوَ جمع وسيط كَمَا يُقَال كَبِير وأكبرا وأكبر وَيحْتَمل أَن يكون اسْما لجمع الْوَقْت على التَّوْحِيد كَمَا يُقَال وسط الدَّار ووسط الْوَقْت والشهر فَإِن كَانَ قرئَ بِفَتْح الْوَاو وَالسِّين فَهَذَا عِنْدِي مَعْنَاهُ انْتهى حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج فِيهَا من صبحها من اعْتِكَافه قَالَ بن عبد الْبر هَذِه رِوَايَة يحيى وَأبي كرّ وَالشَّافِعِيّ وَفِي رِوَايَة القعْنبِي وَابْن وهب وَابْن الْقَاسِم الَّتِي يخرج فهيا من اعْتِكَافه وَلم يَقُولُوا من صبحها وَقَالَ بن حزم هَذِه الرِّوَايَة مشكلة فَإِن ظَاهرهَا أَن خطبَته وَقعت فِي أول الْيَوْم الْحَادِي والعشري وعَلى هَذَا يكون أول ليَالِي اعْتِكَافه الآخر لَيْلَة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَهُوَ مُغَاير لقَوْله فِي آخر الحَدِيث فَأَبْصَرت عَيْنَايَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعَلى جَبهته أثر المَاء والطين من صبح إِحْدَى وَعشْرين فَإِنَّهُ ظَاهر فِي أَن الْخطْبَة كَانَت فِي صبح الْيَوْم العشري وَوُقُوع الْمَطَر كَانَ فِي لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهُوَ الْمُوَافق لبَقيَّة الطّرق فَكَأَن فِي هَذِه الرِّوَايَة تجوزا أَي من الصُّبْح الَّذِي قبلهَا وَوجه الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ ذَلِك بِأَن معنى قَوْله حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين أَي حَتَّى إِذا كَانَ الْمُسْتَقْبل من اللَّيَالِي لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَوله وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج الضَّمِير يعود على اللَّيْلَة الْمَاضِيَة وَيُؤَيّد هَذَا قَوْله من كَانَ اعْتكف معي فليعتكف الْعشْر الأوار لِأَنَّهُ لَا يتم ذَلِك إِلَّا بِإِدْخَال اللَّيْلَة الأولى أريت هَذِه اللَّيْلَة بِضَم أَوله على الْبناء للْمَفْعُول أَي أعلمتها ثمَّ أنسيتها قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب قَالَ النفال لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه رأى الْمَلَائِكَة والأنوار عيَانًا ثمَّ نسي فِي أول لَيْلَة أَنه رأى ذَلِك لِأَن مثل هَذَا قل أَن ينسى وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه قيل لَهُ لَيْلَة الْقدر لَيْلَة كَذَا وَكَذَا ثمَّ نسي كَيفَ قيل لَهُ وَكَانَ الْمَسْجِد على عَرِيش أَي على مثل الْعَريش أنهه كَانَ مظللا بِالْجَرِيدِ والخوص وَلم يكن مُحكم الْبناء بِحَيْثُ يكن من الْمَطَر فوكف الْمَسْجِد أَي قطر المَاء من سقفه

ص: 234

[693]

عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان قَالَ بن عبد الْبر رَوَاهُ أنس بن عِيَاض أَبُو ضَمرَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَوْصُولا

[694]

تحروا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر قَالَ بن عبد الْبر كَذَا رَوَاهُ مَالك وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن عبد الله بن دِينَار بِلَفْظ تحروها لَيْلَة سبع وَعشْرين

[695]

عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله أَن عبد الله بن أنيس قَالَ بن عبد الْبر هَذَا مُنْقَطع فان أَبَا النَّضر لم يلق عبد الله بن أنيس وَلَا رَآهُ وَقد مُسلم من طَرِيق الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن أبي النَّضر عَن بسر بن سعيد عَن عبد الله بن أنيس بِلَفْظ حَدِيث أبي سعيد وَوَصله أَبُو دَاوُد من طَرِيق بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن ضَمرَة بن عبد الله بن أنيس عَن أَبِيه بِنَحْوِ حَدِيثه فِي الْمُوَطَّأ شاسع الدَّار فِي رِوَايَة أبي دَاوُد أَنه كَانَ بالبادية

[696]

عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بن عبد الْبر لَا خلاف عَن مَالك فِي سَنَده وَمَتنه وَإِنَّمَا الحَدِيث لأنس عَن عبَادَة بن الصَّامِت وَقَالَ الْحَافِظ بن حجر خَالف مَالِكًا أَكثر أَصْحَاب حميد فَرَوَوْه عَنهُ عَن أنس عَن عبَادَة قَالَ وَصوب بن عبد الْبر إِثْبَات عبَادَة وَإِن الحَدِيث من مُسْنده أريت هَذِه اللَّيْلَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر يحْتَمل أَن يكون من رَأْي العلمية أَو من رَأْي البصرية تلاحى بِالْمُهْمَلَةِ أَي وَقعت بَينهمَا ملاحاة وَهِي الْمُخَاصمَة والمنازعة والمشاتمة وَالِاسْم اللحاء بِالْكَسْرِ وَالْمدّ رجلَانِ قيل هما عبد الله بن أبي حَدْرَد وَكَعب بن مَالك قَالَ بن حدر ذكره بن دحْيَة وَلم يذكر لَهُ مُسْتَندا فَرفعت أَي رفع علم تَعْيِينهَا من قلبِي فَنسيته للاشتغال بالمتخاصمين وَهَذَا صَرِيح فِي أَنه صلى الله عليه وسلم تقدم لَهُ علمهَا وَهل أعلم بهَا بعد هَذَا النسْيَان قَالَ بن حجر فِيهِ احْتِمَال فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قَالَ بن عبد الْبر اخْتلف فِي ذَلِك فَقيل المُرَاد تاسعة تبقى فَتكون لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقيل تاسعة تمْضِي فَتكون لَيْلَة تسع وعشري وَكَذَا مَا بعْدهَا وبالأول جزم الْبَاجِيّ وَرجح بن حجر الثَّانِي

ص: 235

[697]

مَالك أَنه ظَنّه أَن رجَالًا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَكَذَا رَوَاهُ يحيى وَقوم وَرَوَاهُ القعْنبِي وَالشَّافِعِيّ وَابْن وهب وَابْن الْقَاسِم وَابْن بكير وَأكْثر الروَاة عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عمر أروا لَيْلَة الْقدر بِضَم أَوله على الْبناء للْمَفْعُول أَي قيل لَهُم فِي الْمَنَام انها فِي السَّبع الْأَوَاخِر والأرجح أَنَّهَا الَّتِي أَولهَا لَيْلَة أَربع وَعشْرين فَلَا يدْخل فِيهَا لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَلَا ثَلَاث وَعشْرين قَالَه بن حجر أرِي رؤياكم بِفتْحَتَيْنِ أَي أعلم أَو المُرَاد أبْصر مجَازًا تواطأت بِالْهَمْز أَي توافقت

[698]

مَالك أَنه سمع من يَثِق بِهِ من أهل الْعلم يَقُول أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرى أَعمار النَّاس قبله الحَدِيث قَالَ بن عبد الْبر هَذَا لَا يعرف فِي غير الْمُوَطَّأ لَا مُسْندًا وَلَا مُرْسلا وَهُوَ أحد الْأَحَادِيث الَّتِي انْفَرد بهَا مَالك قلت لَكِن لَهُ شَوَاهِد من حَيْثُ الْمَعْنى مُرْسلَة فَأخْرج بن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره من طَرِيق بن وهب عَن مسلمة بن عَليّ عَن عَليّ بن عُرْوَة قَالَ ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا أَرْبَعَة من بني إِسْرَائِيل عبدُوا الله ثَمَانِينَ عَاما لم يعصوه طرفَة عين فَعجب الصَّحَابَة من ذَلِك فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ قد أنزل الله عَلَيْك خيرا من ذَلِك لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر هَذَا أفضل من ذَاك فسر بذلك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالنَّاس مَعَه وَأخرج بن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن مُجَاهِد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إِسْرَائِيل كَانَ يقوم اللَّيْل حَتَّى يصبح ثمَّ يُجَاهد الْعَدو بِالنَّهَارِ حَتَّى يُمْسِي فعل ذَلِك ألف شهر فَعجب الْمُسلمُونَ من ذَلِك فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة لَيْلَةُ الْقَدْرِ خير من ألف شَهْرٍ قيام تِلْكَ اللَّيْلَة خير من عمل ذَلِك الرجل ألف شهر

ص: 236