المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية الكتاب وقيمته العلمية - تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم - المقدمة

[ابن القيم]

الفصل: ‌أهمية الكتاب وقيمته العلمية

‌أهمية الكتاب وقيمته العلمية

يكفي الكتاب أهمية أنه شرح لأحاديث خير البريّة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وأن الذي قام بشرحها عالم محقِّق متبحِّر في العلوم والفنون. ولمّا كان «مختصر المنذري» تبعًا لأصل «السنن» مشتملًا على أبواب متفرقة من العلم من فقه وعقيدة وسلوك مع الكلام على الأحاديث الدالة عليها تصحيحًا وتعليلًا، فقد كان كتابنا مشتملًا على ذلك كله وإن برز في جانب الفقه والحديث باعتبار الكتاب أصلًا فيهما. ويمكن إبراز بعض جوانب قيمته العلمية في النقاط التالية:

- ما احتواه من ذكر علل الأحاديث والكلام عليها تصحيحًا وتضعيفًا. وفيه مواضع جليلة في الانتصار لطريقة أئمة الحديث في النقد والتعليل والتصحيح مع التنبيه على خطأ طريقة الفقهاء المتأخرين في عدم التفاتهم إلى العلل، كقوله في باب القضاء باليمين مع الشاهد (2/ 568):«والصواب في ذلك طريقة أئمة هذا الشأن العالمين به وبعلله، وهو النظر والتمهُّر في العلل، والنظر في الواقفين والرافعين والمرسلين والواصلين: أيّهم أكثر وأوثق وأخص بالشيخ وأعرف بحديثه، إلى غير ذلك من الأمور التي يجزمون معها بالعلة المؤثرة في موضع، وبانتفائها في موضع» .

- تحرير المسائل المختلف فيها بين الفقهاء وذكر مآخذهم ومناقشة أدلّتهم، وقد نبه المؤلف نفسه إلى ذلك حيث قال في ختام بعض تلك البحوث (2/ 437):«فهذه نُكَت في هذه المسألة المُعْضِلة، لا تكاد توجد مجموعةً في كتاب» .

ص: 23

- ما فيه من البحوث الفقهية والعقدية والحديثية التي أطال المؤلف فيها النفس فأسهب في المناقشة والتقرير والاستدلال والترجيح والتحرير. وهي بضعة وعشرون موضعًا سيأتي ذكرها في منهج المؤلف.

- عناية المؤلف البالغة في مواضع كثيرة بالجمع بين الأحاديث التي ظاهرها قد يوهم التعارض، وذِكر معالم وقواعد في ذلك، كقوله في باب في الرُّقى (2/ 638):«وهذا المسلك في هذه الأحاديث وأمثالها فيما يكون المنهيُّ عنه نوعًا، والمأذون فيه نوعًا آخر، وكلاهما داخل تحت اسم واحد= مَن تفطّن له زال عنه اضطراب كثير. يظنه من لم يُحِط علمًا بحقيقة المنهي عنه من ذلك الجنس والمأذونِ فيه= متعارضًا، ثم يسلك مسلك النسخ، أو تضعيف أحد الأحاديث» .

- ما حفظ لنا من أسانيد الحديث وروايات الإمام أحمد وأقوال شيخ الإسلام التي لم تصلنا مصادُرها.

ولقيمته العلمية أفاد العلماء منه في شروحهم الحديثية، كما سيأتي.

* * * *

ص: 24