المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تقديمبقلم فضيلة الدكتور مصطفي سعيد الخن رحمه الله تعالى - تيسير البيان لأحكام القرآن - مقدمة

[ابن نور الدين]

الفصل: ‌تقديمبقلم فضيلة الدكتور مصطفي سعيد الخن رحمه الله تعالى

‌تَقْدِيم

بِقَلَمِ فَضِيلَةِ الدّكتور مُصْطَفَي سَعِيد الخَن رَحِمَهُ الله تَعَالى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب الذي نوَّر به القلوب، وأحكمه بأوجز لفظ وأعجز أسلوب {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28].

والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الله جلَّ ذكره قد أودع في القرآن الكريم علمَ كلِّ شيء {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وجعله العصمة من الزلل، والمخرج من الفتن والمحن، لا يضل من اهتدى بهديه، ورشف من مَعينه، ويكفي في وصفه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يَخْلَق على كثرة الرد

" (1).

(1) أخرجه الترمذي: في فضائل القرآن، باب: ما جاء في فضل القرآن: (2906) عن علي رضي الله عنه، وقال: غريب.

ص: 5

فلا عجب بعد ذلك أن نرى المسلمين -بل وغيرهم- على تعدد طبقاتهم، وتنوع ثقافاتهم يهتمون بهذا الكتاب المبين، حفظًا وتدريسًا، وقراءةً وتجويدًا، وكتابة وإتقانًا، وتعلمًا وتعليمًا، منهم من يهتم بلغته وبيان وجوه إعجازه، ومنهم من يقف على أخباره وقصصه، ومنهم من يَلِجُ إلى فهم أسراره واستنباط أحكامه وتفسيره.

وقد ظهر في حياة المسلمين منذ فجر الإسلام إلى يوم الناس هذا الكثير الكثير من التفاسير، تعددت أساليبها وكيفياتها، وبذل فيها أصحابها جهدَهم في الوصول إلى مراد الله تعالى من آياته ليحولوها إلى واقع حياتهم عملًا، فيتأدبوا بآداب القرآن، ويتخلقوا بأخلاقه أسوةً بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وقد أشار الإمام الزمخشري -صاحب تفسير "الكشاف"- إلى كثرة التفاسير بقوله:

إنَّ التَّفَاسيْرَ في الدُّنْيَا بلا عَدَدٍ

وَلَيْسَ فيْهَا لَعَمْريْ مثْلَ كَشَّافِيْ

إنْ كُنْتَ تَبْغِي الهُدَى فَالْزَمْ قِرَاءَتَهُ

الجَهْلُ كَالْدَّاءِ وَالكَشَّافُ كَالشَّافِى

ولعمري إن هذا الكلام ليصدق أيضًا على هذا الكتاب الذي بين أيدينا (تيسير البيان لأحكام القرآن) للعلامة الموزَعي اليمني، وذلك لِمَا امتاز به هذا الكتاب من مزايا تجعله مقدَّمًا على كتب تفسير آيات الأحكام.

ولعل أهم مزايا الكتاب تلك المقدمة الرائعة التي استهلَّ فيها الموزَعي كتابه؛ حيث ذكر فيها القواعد والمسائل الأصولية واللغوية التي يرتكز عليها عملُ المفسِّر لكتاب الله تعالى، وخصوصًا آيات الأحكام الفقهية والفروع العملية.

والكتاب اسم على مسمَّى فهو مُيَسَّر بيِّن، وذلك لسلاسة أسلوبه،

ص: 6

وروعة منهجه، ودقة بيانه، حيث نجده يلج مع القارئ مباشرة إلى مضمون الآية، وبيان ما يستنبط منها من أحكام، عارضًا لوجوه الاستنباط، موضحًا لمذاهب الفقهاء في كل مسألة من المسائل وفق ترتيب منطقي، وبعبارة ناصعة مشرقة، تدل على وضوح المعنى، وجلاء الفكرة.

ثم لا يقف المؤلف عند عرض الأقوال والآراء، وذِكْر المذاهب والاختلاف، بل نجد عنده وقفات موفَّقة عند الكثير من ذلك مناقشًا ومستدلًا، مصوِّبًا ومصححًا ومختارًا، مما يثري مادة الكتاب العلمية، ويساعد القارئ على تلمُّس وجه الحق في حال الخلاف.

هذا، ولقد وفَّق الله عز وجل الأخ الكريم الفاضل عبد المعين الحرش (أبا بكر) للقيام بعبء إخراج هذا الكتاب المانع بهذه الحلة القشيبة، التي تليق بالكتاب ومؤلفه، بعد أن بقي حبيسَ الخزائن والمكتبات دهرًا من الزمن، فجزاه الله عن العلم وطلابه، والتفسيرِ وأهله خيرَ الجزاء، ولقد قام بالتحقيق وفق القواعد الموضوعية، فجاء تحقيقه وتعليقه حسب المطلوب، فجزاه الله خير الجزاء.

والله الموفق

مصطفي سعيد الخن

دمشق

14/ 7/ 2004 م

27/ 5/ 1425 هـ

ص: 7