المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌خطبة عام 1404 الهجري

‌خطبة عام 1404 الهجري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، فمن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (1)

أما بعد:

[الوصية بتقوى الله عز وجل وبيان آثارها وفوائدها]

أيها المسلمون، اتقوا الله حق التقوى. اتقوا معشر المسلمين ربكم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، اتقوه تعالى فهو أهل أن يتقى وأهل أن يغفر، بتقوى الله تنالون عز الدنيا والآخرة، بالتقوى يا عباد الله يجعل لكم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية، قال تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (2){وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (3)

بالتقوى يا عباد الله تكفر السيئات وتضاعف الأجور، يقول الله عز وجل:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} (4) .

بالتقوى يا عباد الله ييسر الله لكم كل أمر عسير، يقول سبحانه:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (5) .

(1) سبق تخريج خطبة الحاجة في خطبة عام (1402 هـ) ، الهامش (1)

(2)

سورة الطلاق الآية 2

(3)

سورة الطلاق الآية 3

(4)

سورة الطلاق الآية 5

(5)

سورة الطلاق الآية 4

ص: 61

بالتقوى يا عباد الله ينال العبد ولاية الله؛ فإن ولاية الله لا تنال إلا بطاعته، لا ينالها إلا المتقون الذين اتقوه في السر والعلانية، يقول الله عز وجل:{الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (1){لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (2) .

بالتقوى يا عباد الله تحصل المحبة الدائمة الصادقة التي لا انفصام لعراها، يقول الله عز وجل:{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (3) .

[تنوع مفهوم السعادة لدى الناس]

أمة الإسلام، ما من فرد من الناس إلا وهو يتمنى أن يكون سعيدا في حياته، فغاية أمنيته أن يحقق لنفسه السعادة في هذه الدنيا، هذه غاية كل فرد من الناس، ولكن كيف ينال الإنسان هذه السعادة؟ إن ذلك مما تنوعت مفاهيم الناس فيه، فمن عباد الله من يعد سعادته في الدنيا أن يكون ذا مال كثير، وأن ينال من حطام هذه الدنيا ما يريد، فإذا توفر له ذلك عد نفسه سعيدا، فهو متعب قلبه وبدنه في البحث عن هذه الدنيا، وهو وراءها في كل آن وحين، بأي طريق كان من حلال أو من حرام، المهم الحصول على هذه المادة؛ لأنه يراها غاية سعادته.

ومن عباد الله من يرى سعادته في الدنيا أن يعطي نفسه مناها، وأن يحقق لها مرادها ويوفر لها متع الحياة، ولو كان في ذلك فساد دينه، فإذا حقق ذلك عد نفسه سعيدا.

(1) سورة يونس الآية 63

(2)

سورة يونس الآية 64

(3)

سورة الزخرف الآية 67

ص: 62

ومن عباد الله من يتصور السعادة في الحياة أن يكون ذا قول مسموع وأمر مطاع، وأن يكون ذا شأن في الدنيا، فيرى بذلك نفسه سعيدا.

ومن عباد الله من يراها في طول العمر وكثرة الولد، ولعمر الله وإن كان لأولئك قسط من السعادة فإنها سعادة وقتية، وسعادة منقضية تعقبها الندامة والحسرة إن لم يقارنها الإيمان.

[السعادة الحقيقية إنما هي في الإيمان والعمل الصالح]

والله -تعالى وتقدس- بين السبب الذي ينال به العبد سعادة الدنيا والآخرة، قال تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) .

أجل أيها المسلمون، هذا هو السبب الذي ينال به العبد السعادة الحقيقية، السعادة في الدنيا مرتبطة بسعادة الآخرة، ليست سعادة في الدنيا وحدها ولكنها سعادة في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (2) .

أيها المسلمون، إن الحياة الطيبة التي تنال بالإيمان والعمل الصالح هي الحياة التي يطمئن فيها القلب وينشرح فيها الصدر وتقر بها العين، وليس ذلك إلا للمؤمن، لماذا؟ لأن المؤمن سعيد بإيمانه، فهو سعيد في الدنيا بإيمانه وعمله الصالح مهما كانت الظروف والأحوال، إن المؤمن سعيد بإيمان وعمله الصالح سواء كان في غناه أو في فقره، في شدته أو في رخائه، في سرائه أو في ضرائه، فهو

(1) سورة النحل الآية 97

(2)

سورة هود الآية 108

ص: 63

على حالة واحدة، إن نزلت به الضراء تلقاها بالصبر والاحتساب، يرجو بذلك ثواب الله، وإذا أقبلت عليه الدنيا تلقاها بالشكر وصرفها فيما يرضي الله، فلم تكن الضراء لتسخطه ولم يكن الرخاء ليطغيه.

إن نال في الدنيا ما نال تذكر قول النبي الصالح سليمان عليه السلام: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} (1)، ولم يكن ممن قال الله ذاما له:{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (2) .

فهو صابر في ضرائه، شاكر في رخائه، ثابت على إيمانه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له (3) » إن غير المؤمن لا يرجو ثواب الله ولا يخاف عقاب الله، إن أصابته ضراء سخط واعترض على الله في قضائه وقدره، وإن حصل له رخاء ازداد طغيانا وشرا، قال تعالى:{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (4) .

إن المؤمن سعيد بإيمانه فهو طيب القلب لأنه يؤدي للناس ما يحب أن يؤدوه إليه، فليس في قلبه غل ولا غش ولا حقد على أحد، بل مؤمن مثالي بأخلاقه الكريمة وسيرته النبيلة وأعماله الفاضلة، فمكارم أخلاقه وفضائل أعماله اطمأن بها قلبه وانشرح بها صدره، قال تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} (5)

(1) سورة النمل الآية 40

(2)

سورة القصص الآية 78

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه 4 \ 2295، كتاب: الزهد والرقائق، باب: المؤمن أمره كله خير، ح (2999)

(4)

سورة العلق الآية 6

(5)

سورة الزمر الآية 22

ص: 64

وقال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (1) .

المسلم ذو خير ومنفعة وإصلاح وهداية، فهو بتوفيق الله له دائم الخير والبركة على نفسه وعلى بيته وعلى مجتمعه.

[سعادة المجتمع في تطبيق شرع الله وتنفيذ أحكامه]

أمة الإسلام، وكما يسعد الفرد بهذا الدين فإن المجتمع أيضا الذي طبق شرع الله، وحكم فيه شرع الله يسعد بذلك، المجتمع المسلم الذي حكم فيه شرع الله وأمر فيه بالمعروف ونهي فيه عن المنكر، وربي جيله التربية الصالحة النافعة، هو المجتمع السعيد المترابط المتماسك الذي هو كالبنيان يشد بعضه بعضا مجتمع يرحم غنيه فقيره، ويحسن قويه إلى ضعيفه، فهو مجتمع متماسك تسوده المحبة والوئام، مجتمع مسلم فيه التراحم والمحبة والمودة، مجتمع تحترم فيه الدماء، وتصان الأعراض، وتحفظ الأموال، مجتمع بين أهله التعاون على الخير والتقوى، فهذا المجتمع السعيد الذي يدعو الإسلام أبناء المسلمين ليكونوا كذلك، فيسعدوا بهذا الدين وتطمئن به نفوسهم قال {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (2){وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (3) .

أيها المسلمون، إن أعداء الإسلام على اختلاف ضلالاتهم وتباين كفرهم وإلحادهم حاولوا عبثا أن يوجدوا مجتمعا سعيدا بمبادئهم الهدامة وأفكارهم المنحرفة، فعجزوا عن ذلك، ولم يستطيعوا أن يحققوا لمجتمعاتهم السعادة

(1) سورة الرعد الآية 28

(2)

سورة طه الآية 123

(3)

سورة طه الآية 124

ص: 65

التي حققها الإسلام لأبنائه.

[عجز غير المسلمين من تحقيق السعادة في مجتمعاتهم، وذلك لفساد مبادئهم وأفكارهم]

الرأسماليون غلوا في حرية المال وأعطوا الإنسان الحرية المطلقة في المال يتصرف فيه كيف يشاء، أرادوا أن يحققوا بذلك سعادة لمجتمعهم فعجزوا؛ لأن هذا المجتمع الرأسمالي مجتمع تسود فيه الفوضى، مجتمع متفكك، مجتمع لا تلاحم بين أبنائه، لا يعرف الرجل أباه، ولا يعرف الأب ابنه، يرى الفقير المال الذي بيد الغني فيزداد حقدا على الغني؛ لأنه لا زكاة بينهم، ولا إحسان بينهم، ولا يعطف بعضهم على بعض، إن هي إلا المادة، يركضون وراءها، فنشأت فيهم البطالة، ونشأت بينهم عصابات الإجرام والنهب والسلب؛ لأن هذا المجتمع مجتمع شقي مهما بلغ أهله من رقي الدنيا ما بلغوا.

وبضد ذلك المجتمعات الشيوعية التي أرهقت الإنسان وجعلته كالآلة تسخره كيف تشاء، لا رأي ولا حرية عنده، مجتمعهم شقي وإن زعموا أنهم يحققون السعادة، فذلك المجتمع مجتمع متفكك ومجتمع يتمنى في كل آن وحين أن يتخلص من تلك الأغلال والقيود التي أثقلته، فلم يبق سوى الإسلام، دين العدل، ودين الرحمة، ودين المحبة، ودين المواساة، والدين الذي يرعى للإنسانية حقها.

[على المسلمين شعوبا وحكاما التمسك بالإسلام وتطبيق أحكامه]

أيها المسلمون، تمسكوا بدينكم واعملوا به وطبقوه على مجتمعكم، لتعمكم السعادة ويحصل لكم الخير والهناء.

قادة المسلمين، هذا دين الإسلام وتعاليمه السامية فطبقوها بين شعوبكم؛ لتعيشوا أنتم وإياهم في غاية من الأمن والرخاء والاطمئنان.

ص: 66

[ما من الله على أهل هذه البلاد من رغد العيش وأمن السبل إنما كان بسبب تمسكهم بالإسلام وتطبيق حدوده]

حجاج بيت الله الحرام، اليوم التقى جمعكم في هذا المكان المبارك، وحللتم في هذه البلاد العزيزة، وشاهدتم ما من الله على أهلها من الخير والبركة، من رغد العيش وأمن السبيل، وما يعيشه أهلها في نعمة الله العظيمة التي منحهم الله إياها فضلا منه ورحمة وكرما وجودا، تنظرون إلى هذه النعم العظيمة التي يعيش فيها أبناء هذه البلاد، إنما نالوها بتوفيق الله لهم، ثم بتحكيم شرع الله وتطبيق حدوده، وكون هذا المجتمع المسلم مجتمعا مترابطا، بين قادته ومواطنيه من المحبة والمودة ما الله به أعلم، ارتباطا قائما على تحكيم هذه الشريعة والعمل بها وتطبيقها، فالعدالة سائدة، فهذه البلاد في نعمة عظيمة وبحبوحة من العيش، نعمة الإسلام قبل كل شيء، ثم هذا الأمن والاستقرار الذي عم أرجاءها، ذلك بفضل الله وكرمه.

[حرص بلاد الحرمين على تطبيق الشريعة، ووحدة الصف بين أبنائها، والبعد عن الحزبية والطائفية]

ذلكم يا عباد الله، أن هذه البلاد عقيدتها عقيدة التوحيد الخالص، ومنهجها تحكيم شرع الله، فليس بينهم حزبية ولا طائفية، ولكن أمة متحدة، تعمل بشرع الله.

إن هذه البلاد لم يقتصر خيرها على أبنائها ومن هم داخل بلادها، بل تعدى خيرها لأبناء المسلمين عامة، فهي دائما ترعى مصالح المسلمين، وتسد خلتهم وتعينهم على ما أصابهم من النوائب؛ لأنها ترى ذلك واجبا عليها يفرضه عليها دينها الذي تؤمن به، وتحكمه وتدين الله به، وهذه البلاد الكريمة تحمي مقدسات الإسلام فترى واجبا عليها إسعاف المسلمين ومساعدتهم ومد يد

ص: 67

العون لهم في كل أرجاء المعمورة، فهذه البلاد -ولله الحمد- تسعى دائما في رأب الصدع بين المجتمعات المسلمة، والتوفيق بينهم وحل كل مشاكلهم على ما تقتضيه الحكمة، فالحمد لله على فضله وكرمه.

[على الحجاج أن يشكروا الله على نعمة الهداية للإسلام، وتوفيقهم للوصول إلى هذه البلاد المقدسة]

حجاج بيت الله الحرام، اشكروا الله على نعمته عليكم أن هداكم للإسلام، ومكنكم للوصول إلى هذه البلاد المقدسة، لتؤدوا حجكم في أمن واستقرار وطمأنينة، اشكروا الله على هذه النعمة، وادعوا لولاة المسلمين بالتوفيق أن يوفقهم الله ويعينهم ويجزيهم على ما قدموا للإسلام والمسلمين من هذه الخدمات العظيمة، حيث سهلوا للحجاج الوصول إلى بيت الله، وذللوا أمامهم الصعاب، وهونوا عليهم المشاق ليؤدوا مناسك حجهم آمنين مطمئنين.

[خطأ كثير من المسلمين في فهمهم الإسلام، وزعمهم أنه يكفي فيه مجرد الانتساب إليه]

أيها المسلمون الكرام، إن الكثير من المسلمين -وللأسف الشديد- قد ساء فهمهم لإسلامهم، وتصوروا الإسلام تصورا خاطئا، فمن المسلمين من يظن أن الإسلام يكفي فيه مجرد الانتساب إليه، وأنه متى انتسب إلى الإسلام كان مسلما، حتى وإن أتى بما يناقض أصل الإسلام ويتنافى معه، وهذا من الجهل والخطأ العظيم، أي إسلام لمن عبد غير الله وأشرك مع الله في عبادته؟ أي إسلام لمن طاف بضرائح الأموات يرجوهم تفريج الكربات، يرجوهم جلب النفع ودفع الضر، أي إسلام لذلك؟! والإسلام جاء بمحاربة الشرك والتحذير منه؛ لأن الله إنما بعث نبيه ليدعو الناس إلى عبادة الله ويحذرهم عن الإشراك به سبحانه، ويأمرهم بأن يتوجهوا بقلوبهم إلى الله حبا وخوفا ورجاء، فعبادة غير الله تنافي أصل الإسلام، فلا يقبل الله ممن عبد غيره صلاة ولا زكاة ولا صياما ولا حجا، بل أعماله كلها مردودة عليه {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1){بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (2) .

(1) سورة الزمر الآية 65

(2)

سورة الزمر الآية 66

ص: 68

أيها المسلمون، احذروا أن تأتوا بما يتنافى مع إسلامكم، البعض من الناس يتصور أن مجرد حجه يسقط عنه الواجبات ويبيح له المحرمات، فتراه إذا حج بيت الله لا يحافظ على هذه الصلوات ولا يؤديها مطلقا، مع أنها الركن الثاني من أركان الإسلام، فأي حج لمن لا يصلي؟ وأي عمل لمن لا يصلي؟! فحافظوا على صلاتكم يا عباد الله، حافظوا على إسلامكم، حافظوا على دينكم، الزموا دين الإسلام، حافظوا على أركانه وواجباته ليكون إسلامكم إسلاما صحيحا.

حجاج بيت الله الحرام، ليكن حجكم لبيت الله مفتاح خير لكم وسببا لسعادتكم فيما بقي من أعماركم، ليكن حجكم لبيت الله سببا لصلاح قلوبكم، واستقامة حالكم ومحافظتكم على دين الله، حتى يكون حجكم حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا.

[بيان صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم]

أمة الإسلام، حجاج بيت الله الحرام، فرض الله الحج على محمد صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، فحج المصطفى صلى الله عليه وسلم حجة واحدة هي حجة الوداع التي ودع فيها الناس، وأخبرهم أنه لا يلقاهم بعد عامه هذا حج بالناس في العام العاشر من الهجرة، وحج المسلمون معه، وكانوا جميعا يتتبعون أقواله صلى الله عليه وسلم وأعماله، يقتدون بكل ما يقول ويعمل، وهو صلى الله عليه وسلم يقول لهم عقب كل عمل يعمله:«خذوا عني مناسككم (1) » ؛ ليعلمهم الاقتداء به والتأسي به، فإنه صلى الله عليه وسلم قدوة لكل مسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (2) .

(1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى وأصله عند مسلم في صحيحه، وسبق تخريجه في خطبة عام (1402 هـ) ، الهامش (10)

(2)

سورة الأحزاب الآية 21

ص: 69

[ذكر بعض فوائد خطبة حجة الوداع]

وقف صلى الله عليه وسلم بعرفة، وصلى بعرفة الظهر والعصر جمعا وقصرا في وقت الظهر، وقبل الصلاة خطب خطبة عظيمة أعلمهم فيها واجبات الإسلام، وقرر فيها قواعد الدين، فقال في خطبته:«إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا (1) » وأخبرهم أن الله قد ألغى به أمور الجاهلية فقال: «ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضعه دماؤنا، دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف (2) » وألغى دماء الجاهلية، وأوصاهم بالنساء خيرا، وبين ما للنساء من الحقوق، وما عليهن من الواجبات، واستشهد الله عليهم أنه بلغهم رسالة الله، فقالوا له جميعا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فرفع إصبعه إلى السماء ثم نكتها إلى الناس وقال:«اللهم اشهد (3) »

أيها المسلمون، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألغى أمور الجاهلية، ألغى مآثر الجاهلية: من فخرها بالأحساب، وطعنها في الأنساب، وتعصبها التعصب المخالف للشرع، أهل الجاهلية قبل الإسلام كانوا يتخذون الحج منبرا للتفاخر

(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: العلم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: '' رب مبلغ أوعى من سامع '' (فتح الباري 1 \209، ح 67) ، ومسلم في صحيحه 2 \889، كتاب: الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ح (1218)

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه 2 \889، كتاب: الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ح (1218)

(3)

انظر التخريج السابق

ص: 70

بأحسابهم، والتفاخر بأنسابهم، فألغى الإسلام ذلك فقال:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} (1) ، ليس في الحج فخر، وليس فيه تنقص لشخص ما من الأشخاص، وإنما الحج إخلاص لله، وعبادة لله، والحجاج إنما قدموا ليتوجهوا إلى الله عز وجل ويسألوه من فضله وكرمه، لم يقدموا ليفاخروا، ولا ليهتفوا دعاية لغيرهم، وإنما قدموا إخلاصا لله عز وجل وطاعة لله عز وجل، هكذا ينبغي أن يكون الحاج المسلم {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (2) .

[نصائح وتوجيهات للحجاج]

حجاج بيت الله الحرام.. قدمتم من بلادكم طاعة لربكم سبحانه وإخلاصا له وابتغاء فضله وكرمه، فتخلقوا بكل خلق كريم، تخلقوا بالحلم والأناة والصبر، كونوا قدوة صالحة؛ فإن الإسلام يدعوكم بأن تكونوا قدوة صالحة يقتدي بكم غيركم، واحذروا من الدعاية المضللة والأفكار المغرضة، الذين لا يبالون بالمسلمين، ولا يحترمون حرمات المسلمين، ولا يحترمون مقدسات المسلمين، يعدون الوصول إلى هذا البيت فخرا وخيلاء، ورفعا لشعارات، وتمجيدا لأشخاص، كل ذلك رفضه الإسلام، فنحن هنا جئنا لندعو الله ونتقرب إليه، ونخلص الدين له سبحانه، لم نأت لغرض ما من الأغراض المشبوهة، فمن حول الحج عن وجهته وصرفه عن مراد الله له، فذلك من الضالين الذين يقول الله فيهم وفي أمثالهم:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (3){وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (4) .

(1) سورة البقرة الآية 198

(2)

سورة البقرة الآية 197

(3)

سورة البقرة الآية 204

(4)

سورة البقرة الآية 205

ص: 71

[وجوب احترام قدسية هذه البلاد، وتعظيم مكانتها]

إن هذه البلاد المقدسة أشرف بقعة على وجه الأرض، يجب على كل مسلم أن يحترم قدسيتها ومكانتها وفضلها، لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم فاتحا مكة عليه الصلاة والسلام خاف أن يظن بعض العرب أن هذه البلاد قد فقدت كرامتها وقدسيتها، فخطبهم في ذلك اليوم قائلا لهم:«إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، ولم يحرمه الناس، وإنه حرام بتحريم الله إلى يوم القيامة، لا يسفك به دم، ولا ينفر صيده، ولا يختلى خلاه، ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف لها (1) » كل ذلك يقرر في نفوس المسلمين حرمة هذا البيت العظيم وشأنه ومكانته، فمن لم يكن في قلبه احتراما لهذا البيت وتقديرا له، فلينظر في إيمانه، فإن في إيمانه شكا.

أيها المسلمون، احذروا من دعاة السوء ودعاة الضلال الذين تسموا بالإسلام، والله يعلم أنهم برآء منه، وأنهم بعيدون عن الإسلام كل البعد، فإسلامنا -ولله الحمد- دين واضح، مبني على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نرضى به بديلا، ولا نقيم غيره مقامه، إلى أن نلقى الله عليه بتوفيق الله ورحمته، لقد أكمل الله لنا الدين وأتم لنا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2) .

أيها المسلمون، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألغى ربا الجاهلية، وحرمها، إن الربا من كبائر الذنوب، أنزل الله في تحريمه آيات محكمات هن من

(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الجزية، باب: اسم الغادر للبر والفاجر، (فتح الباري 6 \348، ح 3189) ، ومسلم في صحيحه 2 \986، كتاب: الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمن لمنشدها على الدوام، ح (1353)، ولفظهما:(إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها)

(2)

سورة آل عمران الآية 85

ص: 72

آخر القرآن نزولا، لم يأت ما ينسخها ولا ما يخصصها، فمن استحل هذا الربا بعد قيام الدليل عليه ومعرفته بحكم الله فيه، فإنه مرتد خارج عن الإسلام، فواجب المسلمين جميعا أن يتقوا الله في معاملاتهم، وأن يحرروا اقتصادهم من الربا، فإن فيما أباح الله غنية عما حرم الله.

[فضل يوم عرفة]

أيها المسلمون، إنكم اليوم في يوم عظيم من أيام الله، يوم مبارك، خير أيام الله وأفضلها على الإطلاق، يوم عرفة ذلكم اليوم العظيم الذي عظم الله شأنه وأقسم به في كتابه العزيز، ذلكم اليوم الذي نالت به الأمة المحمدية غاية عزها ومجدها عندما أكمل الله لها الدين وأتم عليها النعمة ورضي لها الإسلام دينا.

أيها الحجاج الكرام، توجهوا بقلوبكم إلى ربكم، اسألوه من فضله وكرمه، فإنه قريب مجيب، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (1) ، في هذا اليوم المبارك يتجلى الله لعباده، ينزل إلى سمائه الدنيا نزولا يليق بجلاله، يباهي بكم ملائكته، يقول:«انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا ضاحين، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، أشهدكم أني قد غفرت لهم (2) »

أفيضوا مغفورا لكم ولمن شفعتم فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ (3) » فأروا الله من أنفسكم خيرا.

[على الحجاج أن يكثروا من ذكر الله ودعائه والالتجاء إليه في هذا اليوم]

أكثروا في هذا اليوم من ذكر الله وتعظيمه والثناء عليه، أكثروا من لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير احفظوا جوارحكم مما حرم الله، يقول –صلى الله عليه وسلم: «هذا يوم من ملك

(4)

(1) سورة البقرة الآية 186

(2)

أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 4\ 263، كتاب: الحج، باب: تباهي الله أهل السماء بأهل عرفات، ح (2840) ، وابن حبان في صحيحه 9 \164، كتاب: الحج، باب: ذكر رجاء العتق من النار لمن شهد عرفات يوم عرفة، ح (3853)

(3)

أخرجه مسلم في صحيحه 2 \982، كتاب: الحج، باب: في فضل الحج والعمرة ويم عرفة، ح (1348)

(4)

أخرجه أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه، وسبق تخريجه في خطبة عام (1402 هـ) ، الهامش (19)

ص: 73

فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له» إن عدو الله إبليس لم ير في يوم هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام (1)

فعدو الله إبليس يغيظه اجتماعكم، يغيظه دعاؤكم، أروا الله من أنفسكم خيرا وأغيظوا عدو الله، وأخلصوا لله نياتكم، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يقبل الدعاء من قلب ساه لاه.

مدوا أكف الضراعة إلى ذي الجلال والإكرام اسألوه لأنفسكم الهداية والثبات على دين الإسلام، ولوالديكم المغفرة والتجاوز، ولذرياتكم الصلاح والهداية، وللمسلمين جميعا التوفيق والاستقامة على الطريق المستقيم، اغتنموا بقاءكم في هذا المكان واسألوا الله من فضله وكرمه؛ فإن الله قريب مجيب لمن دعاه بيقين وإخلاص، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين (2) »

[بيان أعمال يوم عرفة وبقية أعمال الحج]

أيها المسلمون، قفوا بعرفة حتى تغرب الشمس، اقتدوا بنبيكم، فإن نبيكم لم يزل واقفا حتى غربت الشمس وغابت الصفرة قليلا وغاب القرص، قفوا بعرفة وتأكدوا من حدودها، واسألوا إن أشكل عليكم، ولا تنصرفوا إلا بعد أن تغرب الشمس، وصلوا الظهر والعصر جمعا وقصرا كما سنفعله إن شاء الله بعد قليل.

أيها الحجاج الكرام، لا تنصرفوا إلا بعد غروب الشمس، ثم انصرفوا إلى

(1) أخرجه مالك في الموطأ وعبد الرزاق في مصنفه، وسبق تخريجه في خطبة عام (1402 هـ) ، الهامش (16)

(2)

أخرجه الترمذي في سننه 5 \556، كتاب الدعوات، باب:(بدون)، ح:(3556) ، وأبو داود في سننه 2 \78، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء ح (1488) ، واللفظ للترمذي

ص: 74

مزدلفة، والزموا السكينة والوقار في كل حركاتكم وليكن بينكم التعاون والتسامح في كل أحوالكم.

وصلوا المغرب والعشاء جمعا وقصرا بمزدلفة، وبيتوا بها إلى بعد نصف الليل، أو إلى أن تصلوا بها الفجر، وذلك أكمل، ثم انصرفوا إلى منى وارموا جمرة العقبة، ثم احلقوا أو قصروا رؤوسكم، وإن كنتم متمتعين أو قارنين، فارموا ثم انحروا ثم احلقوا أو قصروا، وقد حل لكم كل شيء حرم عليكم بالإحرام إلا النساء، ثم طوفوا طواف الإفاضة، واسعوا بين الصفا والمروة إن كنتم متمتعين، وإن كنتم قارنين أو مفردين ولم تسعوا مع طواف القدوم، فاسعوا بعد طواف الإفاضة، ثم حل لكم كل شيء حرم عليكم بالإحرام، وارموا الجمار في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، تبتدئون بالأولى ثم الوسطى ثم العقبة، ترمون سبع حصيات لكل واحدة، وهكذا في اليوم الثاني عشر إن تعجلتم، وإلا في اليوم الثالث عشر إن تأخرتم.

ويوم النحر يبدأ من منتصف ليلته إلى غروب شمس يومه، كل هذا وقت للرمي، وأيام التشريق بعد الزوال، ومن عجز عن الرمي في يوم النحر أو في يوم الحادي عشر وأخره إلى الثاني عشر فلا مانع من ذلك، على أن يرتب رمي الجمار كل يوم مستقل وحده.

[نصائح للقائمين على أمور الحجاج]

أيها المطوفون، أيها القائمون على الحجاج، اتقوا الله في أمانتكم فإنكم مسئولون عما خولتم من أمور الحجاج، لا تخلوا بمناسكهم، قفوا بهم المواقف المشروعة، والتزموا الشرع في كل أحوالكم لعلكم تفلحون.

ص: 75

أسأل الله أن يجعل حجنا مبرورا، وسعينا مشكورا، وذنبنا مغفورا، اللهم وفق المسلمين لما تحبه وترضاه، اللهم ألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، اللهم وفق إمام المسلمين وولي عهده والنائب الثاني لما تحبه وترضاه، اللهم أمدهم بعونك وتوفيقك، واجزهم عما قدموا الحجاج والمسلمين جمعيا خير الجزاء والثواب، ومتع المسلمين بحياتهم، فإن على المسلمين لهم حقا أن يدعوا لهم بما قدموا لهم من التسهيلات العظيمة.

أعاده الله علي وعليكم وعلى جميع المسلمين باليمن والبركة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 76