المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بلاد القبائل والطريقة الحلوليةجواب عن كتاب ((إلى أهالي زواوة)) - جريدة «الشريعة» النبوية المحمدية - جـ ٤

[ابن باديس، عبد الحميد]

الفصل: ‌بلاد القبائل والطريقة الحلوليةجواب عن كتاب ((إلى أهالي زواوة))

_________

الصفحة 7

ــ

ـ[عمود:1]ـ

طول جلستهم قال الله أو قال رسول الله، لا بل تسمعهم يقولون الشيخ قال لي كذا وكذا وقال لفلان كذا، وقد قالوا ليس من اللازم على الإنسان أن يتعلم العلوم الدينية بل إذا أراد الفوز فعليه بقراءة الأوراد والاجتماع مع الفقراء في حال رقصهم وأن يبقى في حال ((النحبة)) وهي قولهم آه، آه يشخص صوره شيخه على قلبه حتى يعرج به إلى سدرة المنتهى فهناك يشاهد مالا عين تراه ولا عقل يقبله ولا منصف يقره، وهناك يرجع إلى الخلق ويكلمهم في كلام تمجه الأسماع وتأباه العقول السليمة وإذا قلت لأحدهم لا ترتكبوا هذه البدع وتنسبوها للدين قال لك بكل وقاحة إن طريقتنا هذه قائمة على الكتاب والسنة فإذا قلت فلماذا لم تذكر هذه الأفعال في الكتاب والسنة. ضرب لك مثلا بأن صلاة التراويح كانت بعد رسول الله وأن وأن إلخ. وسرد لك حكايات واهيات فإذا قلت له فلماذا صوفية الزمان هذا غير الصوفية في الزمان الأول في كلامهم وعبادتهم وسيرتهم وجميع علماء الشرع ينكرون هذا جيلا بعد جيل. قال لك إن علماء الشرع لا يفهمون بواطن القرآن وأن الحق عند الصوفية لأنهم أهل كشف وأنهم وأنهم.

أيها القارئ .... لا يغرنك زخارف أقاويلهم فعليك بالكتاب والسنة الذي كان عليها محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا اختلفتم في شيء من دينكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)). أما صوفية الزمان فلا يتبعهم إلا من كان جاهلا أمر دينه فيكون مقلدا فقط والمقلد لا يكون إلا جاهلا وأكثر من تبعهم على هذه الحالة، فانظر إلى هذه البدع المحدثات في الدين تجد أنها خرجت من عندهم. فرقوا أمة محمد وهجروا بيوت الله واستحلوا أعراض المسلمين ويزعمون أنهم مصلحون وهم في الحقيقة مفسدون، نسأل الله أن يفقهنا في ديننا ولا نكون متكلين على غيرنا لكي لا نقول بين يدي الله:(((ربنا هؤلاء أضلونا السبيلا)))، كما ندعوه تعالى أن يلهمنا الصواب وأن يرزقنا حسن المآب.

قارع نعمان الرياصي اليمني

ـ[عمود2]ـ

‌بلاد القبائل والطريقة الحلولية

جواب عن كتاب ((إلى أهالي زواوة))

قرأنا في عدد أخير من جريدة ((السنة النبوية الغراء)) ما كتبه الأستاذ الزاهري ووجهه إلى بلاد القبائل تحت عنوان ((إلى أهالي زواوة)) كسؤال لنا معاشر أهالي هذه البلاد عن صحة ما زعمته الطريقة الحلولية المخذولة ونشرته للناس في بعض الأعداد الأخيرة من ورقتها الضالة المزورة وهو كله افتراء للكذب على المسلمين وزور وبهتان كما سيأتي في البيان والجواب.

وقبل أن نجيب عن هذا الزعم الباطل وهذا الادعاء الفارغ نقول: إن ورقة أو طائفة تدعي في أهالي ((اليمن)) حيث ذلك الإمام المصلح العظيم ما ادعته وزعمته من ذلك النفوذ الموهم لا يعسر عليها أن تأتي بما هو أشنع منه في بلادنا.

ثم الذي نقوله هذا باختصار كجواب عن أسئلة الأخ الشيخ السعيد الزاهري الذي نشكره دائما على اهتمامه بشؤون الإسلام في سائر البلاد الإسلامية والذي يغار على الحقائق أن تشوه وتداس بالأقدام تحت ستار تلك المزاعم الباطلة هو أن أهالي ((زواوة)) ما كانوا يعرفون عن هذا الشيخ الحلولي الذي يقود هذه الطائفة الشريرة إلى التعدي على الأشخاص والأعراض وهتك الحرمات إلا أنه واحد من هؤلاء الذين زعم أنه أنقذ مئات الآلاف من أيديهم وأسلم على يده الكثير.

فلا يكادون يجدون أدنى فرق بين أخطار تبشيرهم وتبشيره الحلولي فذاك يلتقط الصغار من اليتامى فيشملهم بعطفه وحنانه وهذا يلتقط الكبار فيشملهم بعفوه وإنقاذه ويغدق عليهم من نعمه ودراهمه وكلاهما مضمر للشر على قاعدة تسمين الكبش، ولله در الشاعر إذ يقول:

لو يعلم الكبش أن القائمين على

تسمينه يضمرون الشر ما أكلا

وعند الشيخ الصدقاوي الذي درس أحواله واطلع على ما دق وجل من أمره الخبر اليقين.

يسألنا الشيخ السعيد الزاهري حول زعم هذا

ـ[عمود3]ـ

المخلوق، هل تعلمون أن زواويا واحدا قد أسلم على يد شيخ الحلول، وما رأيكم فيما ينشره عنكم في ورقته الضالة من المفتريات، إلى أن قال حضرته: هل تجدون أدنى فرق بين أخطار التبشير المسيحي وأخطار التبشير الحلولي الخ.

فهذه أسئلة ثلاثة نجيب عنها جوابا مختصرا وإن كان في كلام الأستاذ السائل ما يغني عن إجابتنا، فنقول في الأول أننا لم نعلم أن مسلما يحمل بين جنبيه إيمانا صحيحا ويغار على الإسلام والمسلمين يقول: بإسلام شيخ من شيوخ الحلول فضلا عن أن نعلم ونحن هنا ببلاد يعرفها الإسلام وتعرفه قبل ظهور الحلول والحلوليين بما شاء الله من الدهور والعصور إن زواويا أو قبائليا أسلم على يد هذا الشيخ الحلولي صاحب هذه الطريقة المعدومة، إن هذا لمنكر من القول وزور، ونجيب عن الثاني أن الافتراء والكذب على الله والناس أجمعين هو رأس مال كل سامري وهيكل يحتال للدنيا بالدين ومهنة كل دجال قديما وحديثا كما حدثنا التاريخ.

أما الجواب عن الثالث فقد أشرنا إليه في صدر المقال وفي ذلك كفاية ولنبين فضيحته بهذه البلاد وبغيرها من بلاد الله على هذه الأجوبة المختصرة وإليك البيان.

يقول هذا الشيخ أو يقول عنه جهلة كتابه المأجورين لتشويه الحقائق وتزييفها أنه منقذ الأمة وناصر السنة وحامل لواء الإرشاد إلى غير ذلك من الأسماء والألقاب التي يلبسون لها لباسا ليلبسوا على الناس أمرهم في دينهم ودنياهم وفاتهم أن هذا السلاح لم يعد يصلح في عصر كهذا العصر وأن حياة المغالطات لا تدوم طويلا أكثر المغالطون منها أو أقلوا ثم هم يختلقون لهذه الأسماء وتلك الألقاب كلها آثارا في مناكب الأرض وأطرافها القاصية حيث يعسر على الناس أن يقفوا على

ص: 7

_________

الصفحة 8

ــ

ـ[عمود:1]ـ

أكاذيبهم ومفترياتهم لو كان أمرهم يهمهم.

فقد قالوا أخيرا في ورقتهم الضالة أنهم أسسوا مدرسة في مجاهل فلسطين وزارها اثنان منهم فكان ما سمعاه من تلاميذ هذه المدرسة التي لا وجود لها إلا في سطرين من ورقتهم هذه

أناشيد حلولية لا يبعد أن تكون من أحسن وأبلغ ما لم يقل وأفصح ما ضمه ديوان شيخ الحلول المشهور الذي تحسده دواوين غير الشعر على رواجه حتى أنه لو طبع ألف مرة لما بقيت منه نسخة مادام حلولي يمشي فوق الثرى ومادامت بلاد ((ناطحات السحاب)) تهيئ مدارسها من يفهمه ويغوص في بحر لآليه لاستخراج أسراره وأحجاره.

على أن هذا الديوان قد سد فراغا عظيما من الأدب الحلولي وولد كتبا كثيرة كلها تبحث في محاسن الحلول ولا يفهمها إلا علامة المعقول والمنقول! ((وأنا لو كنت أضرب بسهم في علم الحلول وكان لي بعض إلمام بتطبيق قواعده المقررة لاقتنيت البعض منها للإحراق)).

وهكذا كانوا يطيرون بمفترياتهم وأضاليلهم من مركزهم فينزلون بها مرة ((بنيويورك)) ومرة ((بلندن)) أو ((باريس)) ثم يعلنون على رواجها فوق ورقتهم الحلولية حيثما وقعوا وطاروا وإن كان الواقع يكذبهم حثيما حلوا وارتحلوا وقد راموا هذه المرة أن يطيروا ويسقطوا ببلاد القبائل كما يسقط الذباب على الطعام وينصبوا ظل أخبيتهم هناك فسقطوا ووقعوا في بعض الأودية التي لم يجدوا فيها إلا مخلوقا أو مخلوقين من أمثالهم ((والطيور على أمثالها تقع)). وكان هذا بعد ما عادوا من أطراف العالم مزودين بالخيبة والخسران.

وقد اختار شيخهم هذا لما أراد أن يغزو هذه البلاد أن ينزل ببلدة من

ـ[عمود2]ـ

البلاد الحديثة ولعلها بلدة (آقبو) فنزل فيها بجمع من خدمه وحشمه وكان ذلك منذ عشر سنوات. ولم يكد يلقي عصا التسيار بهذه البلدة حتى انتشر خبر أمره الغريب وقصده بعض شيوخ الزوايا بتلك الناحية وأفهمه بعد محاورة أن المهمة التي أنزلته وأسقطته عندهم وجعلته يقتحم الأخطار ويقطع الفيافي والسباسب راضيا من الغنيمة بالإياب هي نشر هذه الطريقة العصرية التي تغني عن الطرق كلها ولا تغني الطرق عنها وهو يريد أن طريقته هذه ناسخة لجميع ما تقدمها من الطرق إذ لم يكن في سابق أمره قط يعترف لأحد بالسلوك من الطرقيين، فما تنشره ورقته هذه الأيام وتزعم أنه من محاسن الطرق الصوفية ومزاياها إنما هو من قبيل التمويه والتضليل وإلا هذا الشيخ القبائلي من أتباع الشيخ ابن عبد الرحمن فلماذا يعرض عليه الدخول في طريقته ذات الاصطلاحات والقوانين الجديدة والانسلاخ من طريقة شيخه الأول بحجة أنها قديمة لا تصلح في هذا العصر عصر التجديد والاختراع ولا توصل إلى المراد إلى غير هذا من إسرافه وإسراف أذنابه المغرورين في مدح أنفسهم وتفضيل طريقتهم على كل طريق.

إلا أن الشيخ القبائلي في ذلك المكان وذلك الزمان وتلك المناسبة لم يجبه إلا بما يليق بجناب الضيف الكريم والمرشد العظيم كشيخ ينشر طريقة الحلول إذ قال له في أدب وتواضع: إن شيوخ هذه البلاد القبائلية ما نجحوا في دعوتهم إلا لسبقهم في نشر العلم والعمل به وهذه معاهدهم ومدارسهم فيها أكبر شاهد على ما نقول وأنهم ما التفتوا إلى العامة إلا ليكونوا الخاصة وما طلبوا الأموال إلا لينشئوا الرجال وهل في مستطاعكم يا حضرة الشيخ أن تشاركوهم في بعض ما قاموا

ـ[عمود3]ـ

به من نشر العلم وتهذيب العقول فنفسح لكم في المجال حتى يكون نجاحكم مثل نجاحهم أو أكثر.

وهنا أظلمت الدنيا في وجه المرشد العظيم وانطمست أمامه سبل النجاح وبهت ولم يدر كيف يجيب هذا الشيخ القبائلي ولكن ما أضمره في نفسه من تشجيع الآباء ..... وتنشيطهم إياه والاعتماد على اتخاذ وسائل نجاحهم في مهمتهم كل هذا جعله يمضي في سبيله بدون اكتراث معتمدا على تنفيد برنامجه السري لإنفاذ مئات الآلاف من أيدي إخوانه الذين مهدوا له الطريق وشجعوه سرا، فكان يدخل قرية ولا يخرج منها إلا مذموما مدحورا.

وقد انخدع به بعض الطلبة فظنوه عالما بتلك الكتب المزورة التي قنع فيها بوضع اسمه وأخرجها للناس كسم في دسم فتلقوه بأسئلة علمية فكان يجيب عنها بالمغالطة إذ يقول لهم سأراجعها في مظانها ومحالها ويختلق لهم ما يستر به جهله المبين فلم ينفعه ذلك شيئا أمام الحقيقة الناصعة والخيبة المجسمة بل زادوه قائلين أتعجز عن الجواب وأنت القائل: (الكون في قبضتي فاسألوا عني الألوهية) ففضحوه شر فضيحة. ومتى حجبت الشمس أصابع اليد المرتجفة، وسيمر بك أيها القارئ الكريم ما يجعلك على بصيرة بحقيقة أمر هذا الرجل الغريب الأطوار الذي لا يفتأ يكذب على البلاد الإسلامية التي منها بلاد القبائل الزاهرة بمعاهدها الدينية وتراث علمائها العاملين منذ عهد قديم.

يتبع الفتى الزواوي

•...•

•...•

•...•

•...•

•...•

المطبعة الجزائرية الإسلامية - بقسنطينة.

•...•

•...•

•...•

•...•

•...•

ص: 8