الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ربحوا السيئات .. وخسروا الصالحات!
مضت أيامهم في زراعة الخطايا .. ويا لبئس ما زرعوا! حصدوا المرارات
…
وخسروا الجنات!
قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إنكم في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيرًا؛ فيوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شرًا؛ فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع ما زرع» .
أيها المذنب! احذر بضاعة السوء .. (الهوى! ) كحذرك من الصفقة الخاسرة .. واحزن على قوات الربح من الحسنات .. كحزنك على فوات الربح من الدريهمات! وإيَّاك وغبن يوم الدين! يوم يأتي أهل الطاعات بالحسنات .. ويأتي المذنبون بالسيئات!
أيها المذنب! لا تمحق عمرك بمتابعة الهوى
!
إن أقبح ما ضيع فيه العمر؛ ركوب المعاصي .. ومتابعة الهوى! فترى الساعات والأيام تمضي .. وصاحبها مشغول بملذات النفس .. ومطالب هواه!
بل والأقبح أن تنقضي أيام الشبيبة والقوة في مطاردة الهوى .. حتى يجف العود .. وتذبل زهرة الشباب!
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ أخبرنا عن ذلك بأوضح عبارة .. فقال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ» .
[رواه البخاري]
قال ابن الجوزي: «ومن تمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله؛ فهو المغبوط، ومن استعملها في معصية الله؛ فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم، كما قيل:
يسرُّ الفتى طولُ السلامة والبقا
…
فكيف ترى طولَ السلامة يَفْعَلُ
يرد الفتى بعدَ اعتدال وصحة
…
ينوءُ إذا رامَ القيامَ ويُحمَلُ
أيها المذنب! فتأمل في حالك .. كم من الساعات والأيام .. بل والشهور .. بل والأعوام! تذهب سُدىً في غير طاعة الله تعالى؟ !
أتُرى عمرك الذي تضيعه في إجابة هواك .. أتُراه لا يُحسب من عمرك؟ !
فأفق أيها الغافل! واعلم أنك تضيع كنزًا ثمينًا .. (عمرك)!
قال محمد بن حاتم الترمذي: «رأس مالك؛ قلبك، ووقتك، وقد شغلت قلبك بهواجس الظنون، وضيعت أوقاتك بارتكاب ما لا يعنيك، فمتى يربح من خسر رأس ماله» ؟ !
فيا من ضيعت العمر في لذاذات النفس .. وأفنيت أيامك في السعي خلف الشهوات .. أما سمعت بخبر أقوام لا تمضي أيامهم في غير التسبيح .. والذكر .. وفعل الصالحات؟ !
نعم .. إنهم أقوام تلذذوا بالطاعات .. وشتَّان ما بين اللذتين: لذة أهل الطاعات .. ولذة أهل الذنوب والشهوات!
فالأولى: هي اللذة الحقيقية .. ينعم أصحابها بلذاتها في الدنيا والآخرة .. وأما الأخرى: فهي اللذة الكاذبة .. التي عميت بصائر أصحابها عن السعادة الحقيقية!
ومن أخبار الصالحين في هذا: جاء رجل إلى عامر بن عبد قيس، فقال له: كلمني؟ فقال له: أمسك الشمس!
وأعجب من هذا، دخلوا على بعض السلف عند موته، وهو يصلي، فقيل له؟ ! فقال: الآن تُطوى صحيفتي!
فيا من لهوت باللهو .. وهويت مع الهوى .. تأمل في أخبار الصالحين .. فإن فيها جلاء للقلوب .. وحافزًا على فعل الطاعات ..
فاعمر – أيها المذنب – أيامك بالطاعات .. وبادر ساعات العمر .. فما أسرع أن يبغتك الأجل .. وتزورك المنون .. فتتحسر على ساعات الغفلة .. وتندم على أيام اللهو!
النَّاس في غفلةٍ والموتُ يوقِظُهُمْ
…
وما يفيقون حتَّى يَنْفَدَ العُمُرُ
يشيِّعونَ أهاليهم بجمعهمُ
…
وينظرونَ إلَى مَا فيه قد قُبرُوا
ويرجعونَ إلَى أحلامِ غفلتهم
…
كأنهمْ ما رأوْا شيئًا ولا نَظَرُوا