الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وفي هذا الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه، ذهب عنه أي من كان، لأن علمهم كان ذلك الوقت القرآن لا غير، وإذا كان القرآن الميسر للذكر يذهب إن لم يتعاهد، فما ظنك بغيره من العلوم المعهودة؟!
وخير العلوم ما ضبط أصله، واستذكر فرعه، وقاد إلى الله تعالى، ودل على ما يرضاه" أهـ.
وقال بعضهم (1) : كل عز لم يؤكد بعلم، فإلى ذلك مصيره أهـ.
التفقه بتخريج الفروع على الأصول:
من وراء الفقه: التفقه، ومعتمله هو الذي يعلق الأحكام بمداركها الشرعية.
وفي حديث ابن مسعود (2) رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها، ووعاها، فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
قال ابن خير (3) رحمه الله تعالى في فقه الحديث:
"وفيه بيان أن الفقه هو الاستنباط والاستدراك في معاني الكلام من طريق التفهم وفي ضمنه بيان وجوب التفقه، والبحث على معاني الحديث واستخراج المكنون من سره" أهـ.
وللشيخين، شيخ الإسلام ابن تيمية وتليمذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى، في ذلك القدح المعلى، ومن نظر في كتب هذين الإمامين، سلك به النظر فيها إلى التفقه طريقاً مستقيماً.
(1) - شرح الإحياء (1/93) .
(2)
- رواه أحمد (4157) والترمذي (10/124) وابن ماجه (1/85) بسند صحيح وهو حديث متواتر.
(3)
- (1) في فهرسته" (ص9) .
ومن مليح كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى قوله في مجلس للتفقه (1) :
"أما بعد، فقد كنا في مجلس التفقه في الدين والنظر في مدارك الأحكام المشروعة، تصويراً، وتقريراً وتأصيلا، وتفصيلاً، فوقع الكلام في .... فأقول لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا مبنى على أصل وفصلين
…
"
واعلم أرشدك الله أن بين يدي التفقه: (التفكر)(2) ، فإن الله سبحانه وتعالى دعا عباده في غير آية من كتابه إلى التحرك بإحالة النظر العميق في (التفكر) في ملكوت السماوات والأرض وإلى أن يمعن المرء النظر في نفسه، وما حوله، فتحاً للقوى العقلية على مصراعيها، وحتى يصل إلى تقوية الإيمان وتعميق الأحكام، والانتصار العلمي:"كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون"، "قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون".
وعليه فإن "التفقه" أبعد مدى من (التفكر) إذ هو حصيلته وإنتاجه، وإلا "فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً".
لكن هذا التفقه محجوز بالرهان محجور عن التشهي والهوى:
"ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير".
فيا أيها الطالب! تحل بالنظر والتفكر، والفقه والتفقه، لعلك أن تتجاوز من مرحلة الفقيه إلى فقيه النفس كما يقول الفقهاء، وهو الذي يعلق الأحكام بمداركها الشرعية، أو فقيه البدن كما في اصطلاح المحدثين (3) .
(1) - مجموع الفتاوى" (21/534) .
(2)
-"مفتاح دار السعادة"(ص196-324) و"مدارج السالكين"(1/146) ، والتفسير الإسلامي للتاريخ "لعماد الدين خليل (ص210-215) .
(3)
- وانظر عن قولهم: "فقيه البدن"، "معالم الإيمان"(2/336، 340) والثقات "لابن حبان (9/242) .