الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَمِير جَوْهَر سحرتي لبرهان نظام شاه الْمُوفق سُلْطَان الْهِنْد أحد أُمَرَاء الديار الْهِنْدِيَّة الْمَشْهُورين بِحسن السِّيرَة جلب إِلَى الْهِنْد وَهُوَ صَغِير هُوَ وَأَخ لَهُ فاشتراهما السُّلْطَان الْعَادِل برهَان نظام شاه وَسلم جوهرا لمن يُعلمهُ الْقُرْآن فتعلمه وَحفظه وَحفظ غَيره ثمَّ تعلم الفروسية واللعب بِالسَّيْفِ وَالرمْح والسهام إِلَى أَن مهر فِي ذَلِك ثمَّ ترقى إِلَى أَن صَار أَمِيرا على مِائَتي فَارس وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب سمع من جمَاعَة وَقَرَأَ كتبا كَثِيرَة وَصَحب الْمَشَايِخ وَلزِمَ الشَّيْخ الإِمَام شيخ بن عبد الله العيدروس وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة ذكره الشلي وَقَالَ اجْتمعت بِهِ فِي رحلتي إِلَى الْهِنْد وَعرفت فَضله ودرجته فِي الْعلم وَقَرَأَ عَليّ فِي الْفِقْه والنحو والْحَدِيث فأقمت بُرْهَة أرتع فِي رياض فَضله وَكَانَ لَهُ من الْعِبَادَة شَيْء كثير لَا يفتر سَاعَة عَن تِلَاوَة أَو ذكر أَو صَلَاة على النَّبِي
وَكَانَ لَهُ مطالعة فِي كتب الدقائق وسير الْمُلُوك وَالْخُلَفَاء وَكَانَ كثير الِاعْتِقَاد فِيمَن يثبت عِنْده صَلَاحه وَكَانَت لَهُ بشاشة وَجه وَكَانَ شجاعاً شهماً ذَا سياسة للرعايا كثير الْغَزْو وَالْجهَاد لقِتَال أهل الْكفْر ثمَّ رَمَاه الدَّهْر بسهمه فَفَارَقَ مَحل مَمْلَكَته وَتوجه إِلَى بيجافور فَمَاتَ بهَا وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سِتّ وَخمسين وَألف وَدفن بمقبرة السَّادة وَالْعرب تَحت مَدِينَة بيجافور من أَرض الْهِنْد واعتنى السَّادة بتجهيزه وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم وَخلف وَلدين صغيرين فأقيما مقَامه رَحمَه الله تَعَالَى
(حرف الْحَاء الْمُهْملَة)
السَّيِّد حَاتِم بن أَحْمد بن مُوسَى بن أبي الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن عمر الأهدل اليمني الْحُسَيْنِي ذكره الشلي فِي تَارِيخه وَالسَّيِّد عَليّ بن مَعْصُوم فِي سلافته وتلميذه الشَّيْخ شيخ بن عبد الله العيدروس وصنف وَلَده الشَّيْخ عبد الْقَادِر ابْن شيخ تَرْجَمته فِي الدّرّ الباسم من روض السَّيِّد حَاتِم وأثنوا عَلَيْهِ ثَنَاء لَيْسَ وَرَاءه غَايَة وَهُوَ وَاحِد الدَّهْر فِي جَمِيع أَنْوَاع الْعُلُوم والمعارف وَالنّظم والنثر رَحل إِلَى كثير من الْبلدَانِ وَأقَام بالحرمين ثمَّ توطن المخا وَحصل لَهُ بهَا شَأْن عَظِيم وَعم نَفعه بهَا وَفِيه يَقُول بَعضهم
(تاهت بكم أَرض المخا وتجملت
…
فالبندر المحروس زهواً يرفل)
(لما طلعت بأفقه متهللاً
…
أَمْسَى وظل بنوره يَتَهَلَّل)
وَكَانَ يدْخل المخا فِي أَيَّامه مراكب عديدة وكل من حل عَلَيْهِ نظره تبدلت أَحْوَاله
السَّيئَة بِصِفَات محمودة وَحكى أَنه قَالَ ولاّني النَّبِي
هَذِه الْبَلدة أَو هَذَا الْقطر ثمَّ قَصده النَّاس فَتخرج بِهِ جمع كثير وَكَانَ لَهُ يَد طولى فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والفنون الْعَرَبيَّة لَكِن غلب عَلَيْهِ التصوف وَكَانَ الشَّيْخ عمر بن عبد الله العيدروس إِذا جَاءَتْهُ مسئلة فِي التصوف أرسلها إِلَيْهِ ليجيب عَنْهَا فيجيب بِأَحْسَن جَوَاب وَكَانَت الْعُلُوم نصب عَيْنَيْهِ وَكَانَ متقناً لعلم الْأَسْمَاء والحروف ودوائر الْأَوْلِيَاء ومقامات الموقنين وَعلم الْأَسْرَار ومدد الْأَذْكَار حَتَّى قيل إِنَّه يعرف الِاسْم الْأَعْظَم وَالْحجر المكرم وَكَانَ زاهداً فِي الدُّنْيَا وَكَانَت الوزراء والأمراء يطْلبُونَ الِاجْتِمَاع بِهِ فَيمْتَنع من زهده أَنه لم يتَعَلَّق فِي الدُّنْيَا بِسَبَب من أَسبَابهَا وَمَات وَلم يخلف شَيْئا وَبلغ من جَمِيع الصِّفَات الْكَامِلَة مَا لم يبلغهُ أحد وَكَانَ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد أَبُو بكر الْمَعْرُوف بصائم الدَّهْر يعظمه ويزوره إِلَى بَيته وَكَانَ يرى النَّبِي
وَقَالَ رَأَيْت النَّبِي
كَأَنِّي أَنا وَالسَّيِّد عَليّ بِأَسْعَد بَين يَدَيْهِ فألبس النَّبِي
بِيَدِهِ الْمُبَارَكَة الشَّرِيفَة السَّيِّد عَليّ بِأَسْعَد طاقية وَأمره أَن يلبسني فألبسني إِيَّاهَا بِأَمْر النَّبِي
وَكَانَ لَهُ تصرف فِي الموجودات وَظَهَرت لَهُ كرامات مِنْهَا أَنه أخبر بعض أَصْحَابه بكائنة تحدث فِي سنة أَربع فَوَقع الْأَمر بعد أَن أخبر كَمَا ذكر وَأخْبر بواقعة الشَّيْخ الصّديق الْخَاص وَأَنه يقتل فَقتل الشَّيْخ الصّديق بعد انْتِقَال السَّيِّد حَاتِم بأعوام وصادر بعض الوزراء الظلمَة بعض السَّادة الْأَشْرَاف وَطلب مِنْهُ مَالا فَذكر ذَلِك للسَّيِّد حَاتِم فَقَالَ لَهُ أعْطه فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَخذه فَلَمَّا أعطَاهُ وتناوله ذَلِك الظَّالِم آلمه ألماً شَدِيدا فصاح وَتَركه وَذهب وَحكى أَنه كَانَ جَالِسا فِي الْحرم الْمَكِّيّ وَعِنْده بعض مريديه فَجرى على خاطره أَن القطب يكون بِمَكَّة وَأَن يكون الْآن فَالْتَفت إِلَيْهِ السَّيِّد حَاتِم وَقَالَ لَهُ هُوَ الْآن على الْمِنْبَر فَقَامَ المريد إِلَى الْمِنْبَر فَوجدَ عَلَيْهِ تركياً طَوِيل الشَّوَارِب على هَيْئَة الجندي فَرجع إِلَى شَيْخه وَأخْبرهُ فَقَالَ أَتُرِيدُ أَن يَأْتِيك على صورته وَيَقُول لَك أَنا القطب فَرجع إِلَى الْمِنْبَر فَلم يجد أحدا وَمِنْهَا أَنه أَرَادَ السمر فَأمر بإحضار البخور والماورد فَقيل لَهُ فرغ الْعود فَأخْرج من تَحت الْبسَاط عوداً فاخر فَقَالَ تِلْمِيذه عَليّ الجازاني هَذَا الْعود من معدنه وَمِنْهَا أَن خادمه قَالَ لَهُ يَوْمًا لَيْسَ عندنَا مَا نشتري بِهِ الْقُوت فَأخْرج لَهُ دَرَاهِم من المنديل فَقَالَ لَهُ عهدي بالمنديل فَارغًا فَقَالَ لنا رخصَة فِي التَّصَرُّف بِقدر الْحَاجة مِمَّا يُبَاح لنا أَخذه وَحكى
أَن السُّلْطَان فِي بعض السنين جدد السِّكَّة وَكَانَ بعض السَّادة من أهل زبيد رَأس مَاله كُله من الدَّرَاهِم الْقَدِيمَة فتضرر لذَلِك وَحكى حَاله للسَّيِّد حَاتِم فدله على بعض الْأَوْلِيَاء فِي زبيد فَذهب إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ السَّيِّد حَاتِم أقدر مني على قَضَاء حَاجَتك وَلَكِن اذْهَبْ إِلَى الْمَسْجِد الْفُلَانِيّ تَجِد فِيهِ شخصا يدلك فَذهب فَوجدَ الشَّخْص فَقَالَ لَهُ ادخل مَحل كَذَا حَيْثُ تَجِد رجلا يخرز النِّعَال الْقَدِيمَة فَدخل فَوَجَدَهُ كَذَلِك وَعِنْده إِنَاء فِيهِ مَاء متغير الرَّائِحَة من النِّعَال الَّتِي يخرزها فَجعل يدْخل النِّعَال فِي المَاء بِقُوَّة ليصيبه الرشاش فينفر عَنهُ فَأدْخل الرجل يَده فِي المَاء ورش على بدنه فَعرف الخراز أَنه لَا بُد لَهُ مِنْهُ فَأخذ الجراب الَّذِي فِيهِ الدَّرَاهِم وَجلسَ عَلَيْهِ سَاعَة ثمَّ أعطَاهُ إِيَّاه فَإِذا الدَّرَاهِم على السِّكَّة الجديدة ثمَّ قَالَ لَهُ الرجل الَّذِي لَقيته فِي الْمَسْجِد هُوَ الْخضر عليه السلام وَجعل يَقُول فضحوني وَمَات بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَمن كراماته اللطيفة أَنه وشى بِهِ إِلَى من يُحِبهُ بعض الوشاة فَلَمَّا علم بذلك قَالَ فِي موشح لَهُ على طَريقَة أهل الْيمن ياورنيسان يَا بهجة الدن والدان من علمك نقض العهود يبْلى بثعبان يلْدغ لِسَانه يَا فتان حَتَّى يصير فِي اللحود فسعت تِلْكَ اللَّيْلَة حَيَّة إِلَى لِسَان ذَلِك الواشي ولذعته ونفثت فِي فِيهِ سمها فَمَاتَ وَله كَلَام عَال فِي الْحَقَائِق والتصوف قَالَ بعض العارفين مَا رَأَيْت فِي شُيُوخنَا من اجْتمع لَهُ علم وَحَال غير حَاتِم إِذا رَأَيْت علمه رجحته على عمله وَإِذا رَأَيْت عمله رجحته على علمه وَله كتابات على أَبْيَات الْعَفِيف التلمساني الَّتِي أَولهَا قَوْله
(إِذا كنت بعد الصحو فِي المحو سيدا
…
أما مَا مثنى النَّعْت بِالذَّاتِ مُفردا)
وَله كتابات على أَبْيَات الْعَفِيف الَّتِي أَولهَا
(منعتها الصِّفَات والأسماء
…
أَن ترى دون برقع أَسمَاء)
وعَلى الأبيات الَّتِي أَولهَا
(إِذا كنت فِي توحيدك الْمُطلق الْوَصْف
…
على ثِقَة من عَالم الذَّوْق والكشف)
وَمن نثره الْبَهِي قَوْله فِي بعض رسائله يقصر عَن جسم معاليك قَمِيص الثَّنَاء فَيفوت الرصاف وترفل زهواً إِذا فصلت لمعانيك حلل الْأَوْصَاف ويعترف بِالْعَجزِ سحبان إِذا سحبت ذيول الْبَيَان ويقر المعري بالتعري عَن لفظك الحريري الْمُشْتَمل على الْجَوَاهِر الحسان وَيلْحق القَاضِي الْفَاضِل النَّقْص فِي هَذَا الْمِيزَان ويزوي الْبَيَانِي عِنْد طُلُوع شمس معانيك البديعة التِّبْيَان وَمن شعره قَوْله مشطراً
فائية ابْن الفارض
(قلبِي يحدثني بأنك متلفي
…
عجل بِهِ وَلَك البقا وَتصرف)
(قد قلت حِين جهلتني وعرفتني
…
روحي فدَاك عرفت أم لم تعرف)
(أَنْت الْقَتِيل بِأَيّ من أحببته
…
فلك السَّعَادَة فِي الشَّهَادَة يَا وَفِي)
(وَلَقَد وصفت لَك الغرام وَأَهله
…
فاختر لنَفسك فِي الْهوى من تصطفي)
وَقَوله مخمساً لقصيدة ابْن النبيه
(رقم العذول زخارفاً وتصنعاً
…
وأشاع نقض الْعَهْد عَنْك وشنعا)
(فأجبته وَالنَّفس تقطر أدمعاً
…
أفديه إِن حفظ الْهوى أَو ضيعا)
(ملك الْفُؤَاد فَمَا عَسى أَن أصنعا
…
)
(حكم الغرام فلذبه وبحكمه
…
واثبت على مَفْرُوض وَاجِب رسمه)
(واخضع لعدل الْحبّ فِيهِ وظلمه
…
من لم يذقْ ظلم الحبيب وظلمه)
(حلواً فقد جهل الْمحبَّة وَادّعى
…
)
(يَا من بلطف جماله قلبِي اقتنص
…
صبري على الأعقاب من جلدي نكص)
(وثبات حملي حِين زمزمتم رقص
…
يَا صَاحب الْوَجْه الْجَمِيل تدارك الصَّبْر)
(الْجَمِيل فقد عَفا وتضعضعا
…
)
(وفرت من نبل اللواحظ أسهمي
…
وَكلمت أحشائي وَلم أَتكَلّم)
(وهجرتني ظلما وَلم أتظلم
…
مَا فِي فُؤَادك رَحْمَة لمتيم)
(ضمت جوانحه فؤاداً موجعا
…
)
(قلبِي إِلَيْك مسائر لَك سَائِر
…
كلي عَلَيْك مسامع ومناظر)
(وَإِذا شَككت بِأَصْل مَا أَنا ذَاكر
…
فتش حشاي فَأَنت فِيهِ حَاضر)
(تَجِد الحسود بضد مَا فِيهِ سعى
…
)
(إِنِّي اعْترفت بزلتي وجنايتي
…
ورضاك مقصودي وَغَايَة غايتي)
(يَا من ضلالي فِيهِ عين هدايتي
…
هَل من سَبِيل أَن أبث شكايتي)
(أَو أشتكي بلواي أَو أتضرعا
…
)
(لي فِي حماك مسارح ومطامح
…
كم بت للغزلان فِيهِ أطارح)
(يَا قلب أما الْيَوْم طيبك نازح
…
يَا عين عذرك فِي حَبِيبك وَاضح)
(سحى لفرقته دَمًا أَو أدمعا
…
)
وَله نظم كثير جمع مِنْهُ بعض أَصْحَابه ديواناً حافلاً وَهُوَ متداول بني النَّاس وَكَانَ يَقُول وَقت الْوَارِد كتبُوا عني مَا أَقُول فيملى عَلَيْهِم وهم يَكْتُبُونَ وَكَانَت وَفَاته نَهَار الْأَحَد سَابِع عشر الْمحرم سنة ثَلَاث عشرَة وَألف ببندر المخا وَدفن ببيته وَكَانَت مُدَّة إِقَامَته بالمخا سبعا وَثَلَاثِينَ سنة رَحمَه الله تَعَالَى
حَافظ الدّين بن مُحَمَّد الْمَقْدِسِي الْمَعْرُوف بالسروري من ولد غَانِم الْعَالم الْعلم الْأَفْضَل الأمجد كَانَ ذَا فضل باهر وشيم مرضية وَكَانَ عَلامَة فِي المنقولات خُصُوصا الْأُصُول فَإِنَّهُ كَانَ فِيهِ غَايَة لَا تدْرك وَكَانَ كَأَنَّهُ امتزج بِلَحْمِهِ وَدَمه قَرَأَ بِبَلَدِهِ وَضبط ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وَأخذ عَن الشَّيْخ الإِمَام مُحَمَّد المحبي والشهاب أَحْمد أبي الْمَوَاهِب الشناوي وَأَجَازَهُ فِي الحَدِيث وَرجع إِلَى الْقُدس وَاسْتقر بهَا وانتفع بِهِ وَلَده مُحَمَّد الْآتِي ذكره وَغَيره من عُلَمَاء الْقُدس الْمُتَأَخِّرين وَغلب عَلَيْهِ فِي آخر أمره التصوف وَلزِمَ الِانْفِرَاد مَعَ الإفادة فِي بعض الْأَحَايِين لبَعض تلامذته وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَألف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة ظَاهر الْقُدس رَحمَه الله تَعَالَى
حبيب بن مَحْمُود النخجواني الأَصْل نزيل صالحية دمشق أحد الْكتاب الْمَشْهُورين بجودة الْخط وَكَانَ كل مَا يَكْتُبهُ قد استوفى أَقسَام الْحسن وَجمع أدوات الإجادة وَكَانَ يعرف اللُّغَات الثَّلَاث الْعَرَبيَّة والفارسية والتركية وأصل وَالِده من نخجوان ورد دمشق فِي فتْنَة قزلباش لما استولى على بِلَاد الْعَجم وَنزل صالحية دمشق عِنْد جسرها الْأَبْيَض وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان سُلَيْمَان زعامة والزعامة عبارَة عَن قرى يقطعهَا من أَعْطَاهَا وتخمن على الْأَقَل بِعشْرين ألف عثماني فِي كل سنة وَتزَوج بالصالحية وَولد لَهُ ولدان أَحدهمَا حبيب هَذَا وَالثَّانِي فروخ فَأَما حبيب هَذَا فَإِنَّهُ وصل مَعَ الزعامة إِلَى أَن صَار جاويش السُّلْطَان وَعلا أمره وَلما جَاءَ الْوَزير الْأَعْظَم مُرَاد باشا بعساكر الرّوم إِلَى حلب لإِزَالَة عَليّ بن جانبولاذ سَافر حبيب فِي ضمن العساكر الشامية فَمَاتَ بأنطاكية وَدفن عِنْد حَضْرَة حبيب النجار فَقَالَ النَّاس مَاتَ حبيب وَدفن عِنْد حبيب وَكَانَ ذَلِك فِي شهر رَجَب الْفَرد من سنة سِتّ عشرَة بعد الْألف رَحمَه الله تَعَالَى
حبيب الله الشِّيرَازِيّ ثمَّ الْبَغْدَادِيّ ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي القادري قَالَ العرضي الْكَبِير فِي تَرْجَمته خرج من شيراز فَارًّا بِدِينِهِ مِمَّا كَانَ يطْرق سَمعه من سبّ أكَابِر
الصَّحَابَة على رُؤُوس الأشهاد فحج ثمَّ قطن بِمصْر بِجَامِع الْأَزْهَر ملازماً درس شيخ الْإِسْلَام الشَّمْس الرَّمْلِيّ وتلميذه النُّور الزيَادي ففهم الْفِقْه مَعَ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كالنحو وَالْكَلَام والمعاني والمنطق ثمَّ لزم الطَّرِيقَة القادرية وجاور فِي مشْهد الشَّيْخ عبد الْقَادِر بِبَغْدَاد بعد مُفَارقَة مصر وَمر بحلب فَأَقَامَ بهَا أَيَّامًا قَليلَة ثمَّ ارتحل إِلَى الْبَصْرَة لعدم رَاحَته فِي بَغْدَاد لِكَثْرَة الروافض فِيهَا وَقُوَّة شوكتهم فقطنها وَأعْطى بهَا جَزِيرَة كثر مِنْهَا رزقه وَأقَام ملازماً لِلْعِبَادَةِ وَالتَّقوى وَقِرَاءَة الدُّعَاء السيفي الْمُسَمّى بالحرز الْيَمَانِيّ وإكرام الضيفان وجبر خاطر القادمين عَلَيْهِ من الْفُقَرَاء والغرباء وَإِقَامَة حَلقَة الذّكر وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وملازمة الْجَمَاعَة وصيانة اللِّسَان والانتماء إِلَى الشَّيْخ عبد الْقَادِر رضي الله عنه إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة أَربع عشرَة وَألف بِالْبَصْرَةِ رَحمَه الله تَعَالَى حبيب الدرويش الرُّومِي الْحَنَفِيّ المجاور بالخانقاه السميساطية بجوار الْجَامِع الموي الأقطع ذكره الْغَزِّي وَقَالَ فِي تَرْجَمته كَانَ طَوِيل الصمت لطيف الذَّات نظيف الأثواب متواضعاً صوفياً لَهُ ذوق فِي المعارف والحقائق وَله آدَاب وَكَانَ يمتهن نَفسه فِي الْخدمَة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم وَكَانَ عَلَيْهِ نورانية ظَاهِرَة قَالَ وَأَخْبرنِي بعض أَصْحَابه أَنه كَانَ قلندري المشرب وَلم أر مِنْهُ ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ ملازماً لِلْمَسْجِدِ الْجَامِع فِي أَوْقَات الصَّلَاة وَكَانَ إِذا فتح عَلَيْهِ بنفيس الطَّعَام أكل وَإِذا تيَسّر لَهُ خشن الْخبز وَقَلِيل الْأدم قنع وَأقَام بِدِمَشْق أَكثر من عشْرين سنة وَلم أر شَيْئا انتقده عَلَيْهِ لِأَنِّي كنت أخالطه كثيرا مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة عَاشر شعْبَان سنة أَربع وَعشْرين وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى حسام الدّين المنتشي الْحَنَفِيّ أحد عُلَمَاء الرّوم ذكره ابْن نَوْعي فِي طبقَة عُلَمَاء دولة السُّلْطَان مُحَمَّد الثَّالِث وَقَالَ فِي تَرْجَمته أَصله من بَلْدَة منتشى وَهِي بَلْدَة من نواحي قرمان وإليها ينْسب من الْعلمَاء الشاهدي صَاحب الْكتاب الْمَشْهُور ولازم ودرس فِي مَدِينَة أدرنة بمدرسة طاشلق بالجامع الْعَتِيق وَكَانَ فَاضلا صَاحب تحريرات مَقْبُولَة ألّف حَاشِيَة على صدر الشَّرِيعَة وَلما توجه السُّلْطَان مُحَمَّد إِلَى سفر أكرى عرضهَا على الْمولى سعد الدّين معلم السُّلْطَان الْمَذْكُور فقبلها وَأَجَازَهُ عَلَيْهَا وَكَانَت وَفَاته فِي ربيع الآخر سنة عشر بعد الْألف
حسام الدّين الرُّومِي مدرس السليمانية ومفتي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق كَانَ فَقِيها عَالما
حسن الاستحضار وَكَانَ لَهُ بالطب إِلْمَام تَامّ وَكَانَ متكيفا إِلَّا أَنه حسن الْأَخْلَاق لطيف الذَّات يعرف قدر الْعلمَاء ويودهم وَتُوفِّي بِدِمَشْق يَوْم السبت سادس عشرى رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس رحمه الله
الْحسن بن أبي بكر بن سَالم بن عبد الله بن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن السقاف اليمني الْحَضَر موتِي الْوَلِيّ الصَّالح المربي المرشد كَانَ فَرد زَمَانه وَوَاحِد قطره ولد بعينات وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وَأخذ عَن إخوانه الْكِبَار وَأدْركَ أَبَاهُ وَهُوَ صَغِير واشتغل بالعلوم والمعارف وعني بالفقه والتصوف وَولي قَضَاء بَلَده وحمدت سيرته وانتفع بِهِ جمَاعَة كَثِيرُونَ وَكَانَ شَدِيد المجاهدة متواضعا قانعا باليسير كريم النَّفس كلما ملكه أنفقهُ محبوبا عِنْد النَّاس وَكَانَ عَظِيم المكاشفات والكرامات وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بركَة من بَرَكَات عصره وَكَانَت وَفَاته بِمَدِينَة عينات فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تمّ الْجُزْء الأول من خُلَاصَة الْأَثر ويليه الْجُزْء الثَّانِي أَوله الشريف حسن بن أبي نمى