المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الجواب عن الأسئلة ‌ ‌مدخل … الجواب عن الأسئلة أقول وبالله أستعين: إني قبل الشروع في - الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌ ‌الجواب عن الأسئلة ‌ ‌مدخل … الجواب عن الأسئلة أقول وبالله أستعين: إني قبل الشروع في

‌الجواب عن الأسئلة

‌مدخل

الجواب عن الأسئلة

أقول وبالله أستعين:

إني قبل الشروع في الإجابة أرى من المفيد بل الضروري أن أسوق هنا الحديث الوارد في أذان عثمان الأول لأنه سيكون محور الكلام في المسائل الآتية كما سترى ثم إنه لما كان الحديث المذكور فيه زيادات قد لا توجد عند بعض المخرجين للحديث رأيت تتميما للفائدة أن أضيف كل زيادة وقف عليها بجعلها بين حاصرتين معكوفتين [] ثم أبين من أخرج الحديث والزيادات والأئمة في التعليق على الحديث وهاك نصه:

حديث أذان عثمان:

قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى: أخبرني

ص: 17

السائب بن يزيد: أن الأذان [الذي ذكره الله في القرآن] كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر [وإذا قامت الصلاة] يوم الجمعة [على باب المسجد] في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما كان خلافة عثمان وكثر الناس [وتباعدت المنازل] أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث "وفي رواية: الأول وفي أخرى: بأذان ثالث"[على دار [له] في السوق لها الزوراء] فأذن به على الزوراء [قبل خروجه ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت] فثبت الأمر على ذلك [فلم يعب الناس ذلك عليه وقد عابوا عليه حين أتم الصلاة بمنى]

1 أخرجه البخاري 2/314 و316 و317 وأبو 1/171 والسياق له والنسائي 1/207 والترمذي 2/392 وصححه وابن ماجه 1/228 والشافعي في الأم 1/173 وابن الجارود في المنتقى ص 148 والبيهقي 2/192 و205 وأحمد 3/449 و450 وإسحاق بن راهويه وابن خزيمة في صحيحه 3/136/1773 والطبراني وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

والزيادة الأولى: لابن راهويه وابن خزيمة وغيرهما.....................=

ص: 18

إذا علمت ما تقدم فلنشرع الآن في الجواب فنقول:

= والثانية: لابن الجارود والبيهقي.

والثالثة: لأبي داود والطبراني.

والرابعة: لابن حميد وابن المنذر وابن مردويه وذكرها العيني في العمدة 3/233 دون عزو.

والخامسة: لابن ماجه وابن خزيمة والزيادة فيها للطبراني.

والسادسة: له.

والسابعة: وهي الأخيرة لابن حميد وابن المنذر وابن مردويه.

وأما الرواية الثانية: بالأذان الأول فهي لأحمد وابن خزيمة.

والثالثة: للبخاري والشافعي.

وانظر فتح الباري والتلخيص الحبير ونصب الراية والدرر المنثور.

ص: 19

الجواب عن الفقرة الأولى

1 -

لا نرى الاقتداء بما فعله عثمان رضي الله عنه على الإطلاق ودون قيد فقد علمنا مما تقدم أنه إنما زاد الأذان الأول لعلة معقولة وهي كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد النبوي فمن صرف النظر عن هذه العلة وتمسك بأذان عثمان مطلقا لا يكون مقتديا به رضي الله عنه بل هو مخالف لعثمان أن يزيد على سنته عليه الصلاة والسلام وسنة الخليفتين من بعده

متى يشرع الأذان العثماني

فإذن إنما يكون الاقتداء به رضي الله عنه حقا عندما يتحقق السبب الذي من أجله زاد عثمان الأذان الأول وهو "كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد" كما تقدم

وأما ما جاء في السؤال من إضافة علة أخرى إلى الكثرة وهي ما أفاده بقوله: "وانغمسوا في طلب

ص: 20

المعاش" فهذه الزيادة لا أصل لها فلا يجوز أن يبني عليها أي حكم إلا بعد إثباتها ودون ذلك خرط القتاد

وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادرا وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص بالناس على رحبها كما كان الحال في المدينة المنورة ليس فيها إلا مسجد واحد يجمع الناس فيه وقد بعدت لكثرة منازلهم عنه فلا يبلغهم صوت المؤذن الذي يؤذن على باب المسجد وأما بلدة فيها جوامع كثيرة كمدينة دمشق مثلا لا يكاد المرء يمشي فيها إلا خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات وقد وضع على بعضها أو كثير منها الآلات المكبرة للأصوات فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان ألا وهو إعلام الناس: أن صلاة الجمعة قد حضرت كما نص عليه في الحديث المتقدم: وهو ما نقله القرطبي في تفسيره "18/100" عن الماوردي:

فأما الأذان الأول فمحدث فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها

ص: 21

وإذا كان الأمر كذلك فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل حاصل وهذا لا يجوز لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيد على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سبب مبرر وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالكوفة يقتصر على السنة ولا يأخذ بزيادة عثمان كما في "القرطبي "

وقال ابن عمر:

"إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر أذن بلال فإذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته أقام الصلاة والأذان الول بدعة".

رواه أبو طاهر المخلص في "فوائده""ورقة 229/1 - 2"

والخلاصة: أننا نرى أن يكتفى بالأذان المحمدي وأن يكون عند خروج الإمام وصعوده على المنبر لزوال السبب المبرر لزيادة عثمان واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائل:

ص: 22

"فمن رغب عن سنتي فليس مني 1" متفق عليه

وبنحو ما ذكرنا قال الإمام الشافعي ففي كتابه "الأم""1/172 - 173" ما نصه:

وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على المنبر فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه

ثم ذكر حديث السائب المتقدم ثم قال:

1 ونقل الشيخ عبد الحي الكتاني في التراتيب الإدارية 1/80 – 81 عن كتاب إنارة البصائر في مناقب الشيخ ابن ناصر وحزبه الهداة الأكابر ما نصه:

كان – يعني الشيخ سيدي محمد بن ناصر – يقتصر يوم الجمعة على مؤذن واحد وأذان واحد غير الإقامة أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن في زمنه ولا في زمن أبي بكر رضي الله عنه على ما هو الأشهر وصدر من خلافة عثمان وكان لا يؤذن في زمنه عليه الصلاة والسلام إلا مؤذن واحد هذا هو الصحيح والمعتمد كما في فتح الباري والأبي اهـ.

ولقد ذكر الحافظ 2/327 أن العمل بهذه السنة استمر في المغرب حتى زمنه أعني ابن حجر أي القرن الثامن.

ص: 23

"وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول: أحدثه معاوية1 وأيهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته".

وكذلك نقول في المسجد الوارد ذكره في السؤال: إنه ينبغي أن يجري فيه على سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا على سنة عثمان وذلك لأمرين:

الأمر الول: أن الأذان فيه لا يسمع من سكان البيوت لبعدها كما جاء في السؤال بل ولا يسمع حتى من المارة في الطريق الذي يلي الثكنة من الناحية الشرقية والجنوبية فالأخذ حينئذ بأذان عثمان لا يحصل الغاية

1 قلت: لا وجه لهذا الإنكار فقد تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده فهو المعتمد كما قال الحافظ 2/3238 ولو لم يكن فيه إلا حديث السائب لكفى وأما إحداث معاوية إياه فمما لا أعرف له إسنادا.

ص: 24

التي أراها به عثمان في الشرع ينزه عنه المسلم

الأمر الثاني: أن الذين يأتون إلى هذا المسجد إنما يقصدونه قصدا ولو من مسافات شاسعة فهؤلاء ولو فرض أنهم سمعوا الأذان - فليس هو الذي يجلبهم ويجعلهم يدركون الخطبة والصلاة فإنه - لبعد المسافة بينهم وبين المسجد - لا بد لهم من أن يخرجوا قبل الأذان بمدة تختلف باختلاف المسافة طولا وقصرا حتى يدركوا الصلاة شأنهم في ذلك شأنهم في صلاة العيدين في المصلى أو المسجد التي لا يشرع لها أذان ولا إعلام بدخول الوقت

نعم لا نرى مانعا من هذا الأذان العثماني إذا جعل عند باب الثكنة الخارجي لأنه يسمع المارة على الجادة ويعلمهم أن في الثكنة مسجدا تقام فيه الصلاة فيؤمونه ويصلون فيه كما قد يسمع من يكون في البيوت القريبة من الجادة1 ولكن ينبغي أن لا يفصل

1 ونحو هذا ما جاء في تاريخ مكة للفاكهي قال..................=

ص: 25

بين الأذانين إلا بوقت قليل لأن السنة الشروع في الخطبة أول الزوال بعد الأذان كما يشير إلى ذلك قوله في الحديث السابق: "أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر وإذا قامت الصلاة" أي قام سببها وهو الزوال وفي أحاديث أخرى أصرح من هذا سيأتي ذكرها عند الجواب عن الفقرة الرابعة إن شاء الله تعالى

ولا يفوتني أن أقول: إن هذا الذي ذهبنا إليه إنما هو إذا لم يذع الأذان عند باب المسجد بالمذياع أو مكبر الصوت وإلا نرى جوازه لأنه حينئذ تحصيل حاصل كما سبق بيانه

ص 11

وكان أهل مكة فيما مضى من الزمان لا يؤذنون على رؤوس الجبال وإنما كان الأذان في المسجد الحرام وحده فكان الناس تفوتهم الصلاة من كان منهم في فجاج مكة وغائبا عن المسجد حتى كان في زمن أمير المؤمنين هارون فقدم عبد الله بن مالك وغيره من نظرائه مكة ففاتته الصلاة ولم يسمع الأذان فأمر أن تتخذ على رؤوس الجال منارات تشرف على فجاج مكة وشعابها يؤذن فيها

= للصلاة وأجرى على المؤذنين في ذلك أرزاقا................ ثم قطع ذلك عنهم فترك ذلك بعدهم.

ص: 26