المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبهة حول صعوبة الالتزام والتوبة - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ١٣٦

[سعد البريك]

فهرس الكتاب

- ‌بادروا بالأعمال

- ‌مدلولات المسارعة والمسابقة

- ‌مدلولات المسارعة في حياة الأنبياء

- ‌أهمية الرغبة والرهبة في الدعاء

- ‌حتمية عذاب العصاة بقدر ذنوبهم

- ‌دواعي المسارعة والمسابقة

- ‌أهمية المبادرة بالأعمال قبل حلول الفتن

- ‌علامات انتهاء فرصة المبادرة

- ‌استغلال النعم المعاصرة لزيادة الطاعات

- ‌المبادرة قبل حلول الأجل

- ‌تذكر الموت غايته الاستعداد والمبادرة

- ‌وسائل وفضائل محو الخطايا ورفعة الدرجات

- ‌فضل دعاء الملائكة وقراءة القرآن

- ‌الفضائل العظيمة للذكر

- ‌نعمة التوبة والمبادرة إليها

- ‌شبهة حول صعوبة الالتزام والتوبة

- ‌تدليل على يسر التوبة من قصة صحابي

- ‌قسوة القلوب سبب الإصرار

- ‌لا داعي لاعتراف التائب أمام الناس

- ‌لا داعي للواسطة بين التائب وبين ربه

- ‌أمور ضرورية للمبادرة

- ‌ضرورة المجاهدة

- ‌ضرورة احترام الأوقات

- ‌ضرورة التفكر في حقارة الدنيا وعظمة الآخرة

- ‌الأسئلة

- ‌رجاء

- ‌نصائح في دعوة الجار

- ‌مخاطر القنوات الفضائية

- ‌نصائح في مواجهة بعض الفتن

الفصل: ‌شبهة حول صعوبة الالتزام والتوبة

‌شبهة حول صعوبة الالتزام والتوبة

بعض الناس يقولون: مساكين هؤلاء المطاوعة كيف يعيشون؟ بالله أنا أريد أن أفكر أفهم كيف المطوع قادر يعيش؟ زعموا المطوع ديناصوراً انقرض وانتهى ولا يمكن أن يعيش في زمن الأزمات، وكلمة مطوع هذه لها قصة، يقول الشيخ ابن حميد الله يدخله في جنات النعيم، يقول: كلمة مطوع عند أهل نجد هي أصلاً كما يذكر محمد رشيد رضا صاحب المنار: هي كلمة بين العالم والعامي، هي كلمة تعني: أن الرجل في منزلة بين العالم والعامي؛ لكن كثير من الشباب يتوقع أن هذا المطوع لا يمكن أن يعيش حياة طبيعية، ولا يمكن أن يعيش حياة سعادة، ولا يمكن أن يعيش حياة فيها أنس وبهجة، وضحك وسرور وطرافة، ودعابة ومزاح، وانبساط واندماجية، واجتماعية وتفاعل أبداً، يتوقع هذا المطوع حالته حالة، مثلما يخبرني أحد الشباب يقول: والله كنت أتصور أن المطاوعة خلقٌ غريبٌ عجيب، قلت: كيف؟ قال: مرة من المرات مجموعة من الشباب دعوني أن أخرج معهم إلى رحلة البر، فيقول: وخرجت معهم بعد العصر، يقول: فلما خرجنا، فرشوا بساطاً وطلعوا الشاهي، وجاءوا بكتاب رياض الصالحين وقاموا يقرءون أحاديث، قلت: حتى الآن معقول، وبعد قليل ختموا هذا الكتاب، وكل واحد فتح شنطة سيارته وجاب (التكميلة) ولبس (تكميلته) ويفرشون ويلعبون، يقول: جن جنوني! مطاوعة ويفرشون ويعلبون كرة! المسألة غريبة جداً، قلت له: ماذا تتوقع يعني؟ قال: والله أتوقع أن كل واحد يقعد عند إطار ويصيح.

فيا أحبابنا! كثيرٌ من الناس لا يكره الخير، لكنه يتصور أن الاستقامة أمر صعب المنال، ويتصور أن التوبة قضية تحتاج إلى بروتوكول وإلى طقوس وإلى قرارات، وإلى مراسيم وإلى إصدارات، ويعظم أمر التوبة، وما المسألة إلا شيءٌ سهل قليل، وهو تتوضأ وتصلي ركعتين تقول: يا رب تبت إليك، انبذ أشياء تذكرك بالمعصية، صور، مجلات، أفلام، ارمها إلى الشارع، ثم انظر إلى صحبة أخيار:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف:28].

وماذا بعد ذلك؟ يكون التزام على علم، لا على عواطف؛ لأن العاطفة ارتفاع في منحنى معين ثم فجأة يسقط الأمر، ارتفاع في حالة معينة، ثم فجأة تزول تلك العاطفة، فمن الطبيعي أن تجد رجلاً بجوارك في صلاة التراويح أو في ختمة رمضان، ثم إذا جاء العيد حجز على دولة من الدول المجاورة وذهب يزني فيها، العاطفة ليست بمقياس، العاطفة هي فرصة للإنسان أن يدفع نفسه إلى الأمام وأن يتخلص من ذنوبه ومعاصيه، لكن لابد أن تبني استقامتك والتزامك على علم، وعلى صحبة صالحة وعلى رفقة أخيار، يشدون عضدك ويأخذون بيدك، ويذكرونك إذا نسيت، ويعينونك إذا ذكرت.

ص: 16