المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اللذة الحقيقية في طاعة الله - دروس الشيخ سعد البريك - جـ ١٧

[سعد البريك]

فهرس الكتاب

- ‌ما يطلبه المستمعون

- ‌الدنيا دار ممر إلى الآخرة

- ‌آيات من كتاب الله

- ‌من أحاديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌نصيحة إلى كل شاب غافل

- ‌لا تساوي بين الأعمى والبصير

- ‌قل: سمعنا وأطعنا

- ‌والذين اهتدوا زادهم هدى

- ‌اللذة الحقيقية في طاعة الله

- ‌احفظ الله يحفظك

- ‌موقف محرج

- ‌أبيات نبطية في الجهاد

- ‌مواقف محرجة أخرى

- ‌أبيات في وصف الجنة وحورها من النونية

- ‌دعوة إلى طالب الجنة

- ‌ما أعد الله لساكني الجنة فيها

- ‌رؤية الله عز وجل

- ‌ريح الجنة وأرضها

- ‌الغناء والطرب واللذة في الجنة

- ‌أنهار الجنة ومأكل أهلها ومشربهم

- ‌لباس أهل الجنة

- ‌وصف الحور العين

- ‌مقابلة المسلم زوجته في الجنة

- ‌تنبيه إلى كل ناعس بأن يتيقظ

- ‌الأسئلة

- ‌مراجع لحياة ابن القيم ونونيته

- ‌نصيحة للمبتدئ بطلب العلم

- ‌التوبة من عقوق الوالدين

- ‌نصيحة لمن يعارض والده ذهابه للمحاضرات

- ‌علاج العادة السرية

- ‌الوسيلة الناجحة في حفظ القرآن والسنة

- ‌ما يكون للنساء في الجنة

- ‌وجوب إزالة الريبة عن النفس

الفصل: ‌اللذة الحقيقية في طاعة الله

‌اللذة الحقيقية في طاعة الله

أيها الشاب: والله إن عملت صالحاً فإنا نبشرك ونهنئك ونقربك إلى حياة طيبة هي من عند الله بشارة صادقة ليست من عندي ولا من عند شيخٍ قريب ولا بعيد، يقول ربك الغني عنك:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97].

أيها الأحبة: إن الذين ذاقوا لذة الهداية يتحدون أعظم الناس في لذاتهم، يقول واحدٌ ممن أدركوا حلاوة الإيمان: والله لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا بالسيوف.

ويقول آخر: إنه ليمر بالقلب أوقاتٌ يرقص فيها طرباً.

ويقول ثالث: إنه لتمر بي أوقات من لذة الهداية والخشوع والمناجاة أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيشٍ طيب.

انظر إلى الذين ذاقوا لذة الهداية سموا، وارتفعوا، وتجاوزوا حدود الملذات القريبة، بل أصبحوا يجدون اللذة حتى لو كانوا في المحنة وفي بلاء عظيم.

هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما سجن في دمشق في سجن القلعة، قال: ما يصنع أعدائي بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، أينما كنت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.

وكان يقول رحمه الله في مجلسه وهو في سجن القلعة: لو بذلت مثل هذه القلعة ذهباً ما عدل عندي شكر هذه النعمة، وما جزيتهم -الذين تسببوا في حبسه- على ما تسببوا إلي فيه من الخير.

ويقول ابن تيمية: المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه.

واعجبوا إلى هذا العالم الجهبذ شيخ الإسلام ابن تيمية، يقول وقد سجن في الإسكندرية فكتب رسالة يقول فيها:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11] يحدث عن نعمة وهو في السجن، يحدث عن نعمة وهو في القيد، يحدث عن نعمة وهو في الأغلال، لو أن أحداً قرأ رسالته ولم يعلم أنه في سجن لقال: إنّ هذا قد زوج أجمل النساء، وأسكن أفضل القصور، وأركب أفخر المراكب، وقدمت له خيار وكرائم الأموال، لكنه يقول وهو في سجن الإسكندرية:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11].

يقول: والذي أعرف به الجماعة أحسن الله إليهم في الدنيا والآخرة وأتم عليهم نعمته الباطنة والظاهرة، ويقول ابن تيمية أيضاً: والله الذي لا إله إلا هو إني في نعمة من الله ما رأيت مثلها في عمري كله، فقد فتح الله عليَّ سبحانه وتعالى من أبواب فضله ونعمته وخزائن جوده ورحمته ما لم يكن في البال، ولم يدر في الخيال، هذا ويعرف بعضها بالذوق من له نصيبٌ من معرفة الله جل وعلا وتوحيده وحقائق الإيمان، وما هو مطلوب الأولين والآخرين من العلم والإيمان.

ثم يقول شيخ الإسلام: فإن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى، وفي توحيده والإيمان به، وانفتاح الحقائق الإيمانية والمعارف القرآنية.

أيها الأحبة في الله: هكذا ذاقوا الهداية فأصبحت السعادة لا تفارقهم في قصرٍ أو سجن، في سعةٍ أو ضيق، ركبوا أطيب المراكب أو مشوا حفاةً، لبسوا الخز والحرير والثياب أو مشوا بأقل من ذلك أو أدنى منه.

ص: 9