المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٣٧

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌من ميراث الرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌مفتاح التغيير في حياة العرب

- ‌ثناء وابتهال

- ‌فضل لا إله إلا الله

- ‌من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌صاحب الخلق العظيم

- ‌تواضع الرسول

- ‌حلم يفوق الخيال

- ‌من أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الصلاة عماد الدين

- ‌المحافظة على صلاة الجماعة

- ‌صلة الرحم

- ‌الصدق مع الله

- ‌سؤال عمر ربه الشهادة

- ‌رؤيا عمر قبل استشهاده

- ‌استشهاد عمر

- ‌عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري تظله الملائكة

- ‌حقوق الجيران

- ‌شكوى أحد الصحابة أذى جاره

- ‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار

- ‌حق المسلم على أخيه

- ‌التوبة والاستغفار

- ‌توبة قاتل المائة

- ‌قصة أصحاب الغار الثلاثة

- ‌قصة صاحب المحرقة

- ‌الاستزادة من النوافل

- ‌النوافل وأنواعها

- ‌فضيلة قيام الليل

- ‌الصدقة

- ‌كثرة الذكر والاستغفار

- ‌منكرات شائعة

- ‌سفور المرأة

- ‌مسألة الغناء

- ‌حفظ الوقت

- ‌وسائل حفظ الوقت

- ‌مكفرات الذنوب والخطايا

- ‌الأسئلة

- ‌الصدقة على السؤال

- ‌كفارة الصلاة بلا خشوع

- ‌حكم اللعن

- ‌ولائم العزاء وحكمها

- ‌التعزية الشرعية

الفصل: ‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار

‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار

يقول عليه الصلاة والسلام: {والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا: من يا رسول الله؟ خاب وخسر، قال: من لا يأمن جاره بوائقه} أي: آذاه.

أين الإيمان؟ أين الصلوات الخمس؟ أين مفهوم لا إله إلا الله؟ أين أثر القرآن في القلوب؟ أين تأثير الإيمان في النفوس؟ لو كان مؤمناً ما آذى جاره، لكن ما دخل الإيمان في قلبه، فتعدى على الجيران، ينتهك المحرمات، ويتعدى بشتى التصرفات، ولا يخاف من رب الأرض والسماوات، سبحان الله! ألا يرتدع العبد كلما ذكر القبر، والله إنها حفرة من أظلم الحفر، وإنها ضيقة وموحشة.

يقول عثمان رضي الله عنه وقد رأى القبر: [[ما أضيقه وما أظلمه وما أوحشه]].

والقبر فاذكره وما وراءه فمنه ما لأحد براءه

وإنه للفيصل الذي به ينكشف الحال فلا يشتبه

والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران

إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده

وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ

العار كل العار على من لم ينجه الله من النار، والندامة كل الندامة لمن دخل القبر بلا زاد، والخسران كل الخسران، والخذلان كل الخذلان، والحرمان كل الحرمان لمن طرح في القبر، ثم تولى عنه الأصحاب والأحباب والأولاد والأحبة، وبقي مرتهناً بعمله.

يقول عمر بن عبد العزيز: [[ويلكم أيها الناس! أتدرون ماذا يقول الموت؟ قالوا: ما ندري، قال يقول: ذهبت بالعينين، وأكلت الحدقتين، وفصلت الكفين من الساعدين، والساعدين من العضدين، والقدمين من الساقين، يا أيها الناس! كم من غادٍ ورائح إلى الموت! قد وسد التراب، وترك الأحباب، وفارق الأصحاب، غنياً عما ترك، فقيراً إلى ما قدم]] يتمنى الميت أن يستطيع أن يقول في القبر: لا إله إلا الله، فما يستطيع أن يقول: لا إله إلا الله؛ يقول سبحانه وتعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} [سبأ:54].

مر أحد الصالحين بالمقبرة في ظلام الليل، والسماء تمطر فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ آنس الله وحشتكم، ونور الله ظلمتكم، ثم تولى، فنام تلك الليلة، فرأى أحد الأموات في المنام، قال: يا فلان، أتدري ماذا فعل الله بنا؟ قال: ما أدري؟ قال: والله لقد نور علينا قبورنا هذه الليلة بسبب قولك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آنس الله وحشتكم ونور الله ظلمتكم، يا فلان! والله لقد حيل بيننا وبين لا إله إلا الله، نريد أن نقول: لا إله إلا الله، فما نستطيع أن نقول لا إله إلا الله، يا فلان! والله لو تدري بعظم لا إله إلا الله لقطعت بها عمرك جميعاً، وإنما يكون ذلك في هذه الدار.

لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت بانيها

فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها

أموالنا لذوي الميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها

أين الملوك التي كانت مسلطة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها

اعمل لدار غداً رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها

قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها

أبيض الوجه من لقي الله بعمل صالح، الفائز يوم القيامة من زحزح عن النار، السعيد من سعد في بطن أمه وسعد في الأرض، وسعد في القبر وسعد على الصراط، فنسأل الله أن يسعدنا وإياكم يوم العرض الأكبر، يوم الحسرات، والندامات، يوم البكاء والصرخات، نسأل الله ألا يعرضنا وإياكم على النار.

ص: 20