المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرابع: التخذيل في صفوف الذين آمنوا - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٧٠

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌من عوامل النصر والهزيمة

- ‌موجز في عوامل النصر والهزيمة في الأمة

- ‌عوامل النصر في الأمة

- ‌الأول: طلب الشهادة

- ‌الثاني: رفع راية الجهاد

- ‌الثالث: القتال لتكون راية الله هي العليا

- ‌الرابع: الشجاعة الإيمانية

- ‌الخامس: الدعاء والاتصال بالواحد الأحد

- ‌السادس: التوكل على الله

- ‌السابع: الإعداد

- ‌الثامن: التوبة النصوح والعودة إلى الله

- ‌التاسع: تسخير وسائل الإعلام لخدمة الدين

- ‌العاشر: إصلاح المناهج الدراسية

- ‌الحادي عشر: إقامة القسط وتوخي العدل

- ‌الثاني عشر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌عوامل الهزيمة

- ‌الأول: عدم الثقة بوعد الله الواحد الأحد

- ‌الثاني: الاغترار بالكثرة والقوة

- ‌الثالث: الإرجاف وتصديق الشائعات

- ‌الرابع: التخذيل في صفوف الذين آمنوا

- ‌الخامس: الترف والترهل

- ‌السادس: اشتغال الأمة بالتوافه في حياتها

- ‌السابع: ضياع الهوية الإيمانية

- ‌الثامن: الإسراف في المباحات الملهية

- ‌التاسع: اهتمام الأمة بصغار المسائل على حساب كبارها

- ‌العاشر: عدم ربط الأمة بعلمائها

- ‌الحادي عشر: التنازع والاختلاف

- ‌الثاني عشر: النفاق في الأمة

الفصل: ‌الرابع: التخذيل في صفوف الذين آمنوا

‌الرابع: التخذيل في صفوف الذين آمنوا

في الناس مخذلون، يقول سبحانه وتعالى عن المخذلين:{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} [التوبة:47]

التخذيل: كأن يقول: ما أكثر جيش العدو! سمعنا أن دباباته كذا وكذا، وأن عنده مزدوجاً يطلقه من مدينته فيقع في الحرم مباشرة، وبعضهم وصف لنا بعض الصواريخ لم تحدث ولا صنعت في العالم، حتى سمعت أحد الشباب يحدث في مجموعة من الشباب قال: عندهم أجهزة صغار كالراديو يحملها بيده، يأتي الجندي فإذا رأى الدبابة أطلق عليها إشعاعاً، فيقسم الدبابة نصفين، وهذا لم يصنع إلى الآن، ولا توجد عند أي قوة، لا أمريكا ولا روسيا أبداً.

فإذا سمع الناس هذه يموتون، يقولون: مادام أنهم يقسمون الدبابات بالشعاع كيف نحن ونحن بشر.

وهؤلاء المخذلون دائماً في صفوف المسلمين، حتى إنهم كانوا في صفوف الرسول صلى الله عليه وسلم وفي صفوف أصحابه، يتحدثون بهذه الأخبار، والله أنذر منهم وحذر وقال:{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَاّ خَبَالاً} [التوبة:47].

ولما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بألف مقاتل إلى أحد، كان عبد الله بن أبي يتبعه ثلاثمائة، فانخذل وسط الطريق، وليته اكتفى، ولكن قال:{لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران:168] يقول لأصحابه: عودوا، وأنتم تعرفون أني مع الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن لا نريد أن نفزع العدو، نريد أن نقاتل من المدينة، وأن نعرف ما سبب هذا القتال.

يا عدو الله! لا تعرف ما سبب هذا القتال، يا مجرم! لا تعرف أنها بين لا إله إلا الله وبين لا إله والحياة مادة، لا تعرف أنها بين النور والظلام، لا تعرف أنها بين التوحيد والإلحاد؟ فهو يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم مخطئ، يقاتل من أجل أرض أو وطن أو بحيرة أو مستعمرة.

لا.

الرسول يريد أن تسلم الكرة الأرضية لله رب العالمين، فيقول: لا ندري ماذا يريد الرسول صلى الله عليه وسلم، فبعض الصحابة كادوا أن يصدقوه، بل إن طائفتين اثنتين هما بنو حارثة وبنو سلمة كادتا أن تفشلا، قال جابر وهو من بني سلمة:[[والله ما وددت أنا لم نفشل يوم أحد، لأن الله قال: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران:122]]] {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [آل عمران:122] انظر التعبير المحكم، فردهم الله بعد المعركة وقد قتل بعض الصحابة، فقال عبد الله بن أبي عليه غضب الله وقد فعل: يا ليتهم أطاعوني! نصحتهم ألا يخرجوا إلى المعركة ولكنهم لم يطيعوني فقتلوا، قال سبحانه:{قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران:168] يقول: تموت أنت مثل الحمار، ومات بعد شهرين ولف بأكفانه ودس في التراب.

أيهما أشرف هذا أم أنس بن النضر الذي قتل في المعركة، والذي ارتفعت روحه إلى الله، ويقول:[[يا سعد إليك عني والذي نفسي بيده، إني لأجد ريح الجنة من دون أحد]] وعبد الله بن عمرو الأنصاري الذي يقول عنه صلى الله عليه وسلم لابنه جابر بعدما قتل عبد الله: {يا جابر ابكِ أو لا تبكِ، والذي نفسي بيده ما زالت الملائكة تظلل أباك بأجنحتها حتى رفعته، والذي نفسي بيده يا جابر! لقد كلم الله أباك كفاحاً بلا ترجمان، فقال: تمن، قال: أتمنى أن تعيدني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية، قال: إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون، فتمنّ، قال: أتمنى أن ترضى عني فإني قد رضيت عنك، قال: فإني قد أحللت عليك رضواني لا أسخط عليك أبداً} .

والتخذيل في الصفوف موجود في كل مكان، حتى في أفغانستان، فقد وجد أن بعض الناس من الذين ذهبوا إلى هناك كان يخذل المجاهدين، وقد أخبرنا بعض القادة يقول: أتانا أناس هنا، وقال: نرى أنكم أخطأتم في قتال روسيا، هذه دولة عظمى، وكان أحدهم يهز بعض القادة ويقول: أنت تضرب روسيا بثيابك هذه! لكنهم لما ثبتوا غلبوهم بإذن الله.

ص: 20