المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أهمية الشعر الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٣٨١

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌من أعذب الشعر

- ‌أهمية الشعر

- ‌قصيدة حسان في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام

- ‌دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن رواحة

- ‌الرسول صلى الله عليه وسلم والنابغة الجعدي

- ‌حديث عمرو بن الشريد

- ‌الشعر وأثره

- ‌أبو بكر ينشد شعراً في سقيفة بني ساعدة

- ‌المتنبي مع سيف الدولة

- ‌قصيدة لتحريض اليمنيين على قتال بريطانيا

- ‌في مدح علي بن موسى

- ‌الحياة الذميمة عند المعري

- ‌نموذج على محبة الخلفاء للشعر

- ‌نماذج مختارة من شعر العصر

- ‌أثر الشعر في نفس الحجاج

- ‌نونية ابن زيدون

- ‌كلام الخالق وكلام المخلوق

- ‌من روائع المراثي

- ‌رثاء التهامي لابنه

- ‌رثاء زوجة لجرير

- ‌متمم بن نويرة

- ‌رثاء أبي تمام لمحمد بن حميد الطوسي

- ‌جرير يرثي بشر بن مروان

- ‌قصيدة البردة لكعب بن زهير

- ‌وصف الحب للشيرازي

- ‌أبيات الحكمة

- ‌الشيب في الشعر العربي

- ‌وصف الزهرة لأبي نواس

- ‌الأسئلة

- ‌شعر الخنساء في رثاء صخر

- ‌بردة البوصيري

- ‌صحة حديث لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً

- ‌من أشعار المتنبي

- ‌شعر للأعشى في المديح

الفصل: ‌ ‌أهمية الشعر الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله

‌أهمية الشعر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

هذه المحاضرة بعنوان "من أعذب الشعر" في (10/ 3/1411هـ) مساء السبت في مدينة أبها.

أرجو من أصحاب التسجيلات، أن يراعوا أرقام المحاضرات، لأن معرفة التسلسل ينفع السامع، فهذه المحاضرة تأخذ رقم (301) في المحاضرات.

إن الله سبحانه وتعالى ذكر الشعراء في القرآن، فقال سبحانه وتعالى:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ * {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:224 - 227].

لما أنزل الله عز وجل هذه الآيات، أتى حسان بن ثابت وابن رواحة وأمثالهم من الصحابة الشعراء يبكون عند الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: مالكم؟ قالوا: يا رسول الله! ربنا يقول: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء:224] ونحن شعراء، فأنزل الله عز وجل قوله:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:227].

وأسباب هذه المحاضرة ثلاثة:

الأمر الأول: ينبغي للواعظ والخطيب وطالب العلم أن يكون عنده أبيات يتمثل بها، والشعر فيه كمال وارتياح، وفيه حكمة، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:{إن من البيان لسحراً، وإن من الشعر لحكمة} .

الأمر الثاني: الشعر ترويح عن النفوس، فإن المحاضرات إذا كانت كلها جدية وكلها صارمة؛ ملت النفوس، فلا بد من التنويع خوف الملل والسأم.

الأمر الثالث: حتى يكون هذا الشريط لمن أراد أن يحفظ بعض الأبيات، فإنكم سوف تسمعون أكثر من مائة بيت في هذه الليلة إن شاء الله، تكون للخطيب والواعظ والمعلم والمربي على طرف لسانه، فقد كان عليه الصلاة والسلام يستشهد أحياناً بالأبيات.

نعم.

لم يكن صلى الله عليه وسلم شاعراً، والله يقول:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس:69] ولماذا؟

لأنه لو كان ينظم الشعر لقالت سادات قريش: إنه نظم القرآن شعراً، لقد قالوا: هو الذي افترى القرآن، جل كتاب الله عن الافتراء، كما حكى عنهم ربنا في كتابه فقال:{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان:5] فكيف لو كان ينظم الشعر؟!

وكذلك كان إذا استشهد بالأبيات أحياناً يكسرها، ولا يأتي بها مستقيمة صلى الله عليه وسلم، مع أنه أفصح الناس، فقد ذكر أنه صلى الله عليه وسلم قسم بعض الغنائم بين شيوخ ورؤساء العرب، فأعطى عيينة بن حصن سيد غطفان مائة ناقة، وأعطى سيد بني تميم مائة ناقة، وأعطى عباس بن مرداس خمسين ناقة، وهو شيخ مثل المشايخ، ولكن لماذا أنقصه خمسين ناقة، لأنه انتهى العدد عند النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد هذا الرجل في نفسه، فعمل أبياتاً وقال:

أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع

العبيد: يقصد فرسه لأن فرسه اسمه العبيد.

وما كان حصن ولا حابس يفوقان مرداس في مجمع.

يقول: لماذا أعطيتني أقل منهم وأبوهم ما كان يفوق أبي في المجامع العامة؟ فتبسم عليه الصلاة والسلام وجعل يردد الأبيات ويقول: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة، والبيت: بين عيينة والأقرع حتى يستقيم، فتبسم أبو بكر وكان رجلاً أديباً فصيحاً، وقال: صدق الله حيث قال: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس:69].

وما كان يحفظ الأبيات، إذ هو لا يكتب ولا يقرأ ولا يخط حرفاً، وكان في صدره مع ذلك كل القرآن، يقول سبحانه وتعالى:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة:2]

ما كان يعرف أن يكتب حتى محمد بن عبد الله، وإذا قلت له: اكتب (باسم الله) لا يعرف، وقد أتى بهذه الحكمة وهذه الشريعة وهذا الدستور وهذا الحديث كله صلى الله عليه وسلم، ولم يسقط حرفاً من القرآن، ومع ذلك ما كان يحفظ الشعر.

ص: 2