الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أفطر في رمضان لعذر إما سفر أو مرض أو حمل أو رضاعة أو حيض أو نفاس، أما بالنسبة للمرض فذكرنا أنه إذا كان يرجى برؤه فإن عليه القضاء، وإذا كان لا يرجى برؤه فإنه يطعم.
وأما من عداه فإن عليه القضاء، ووقت القضاء متسع إلى رمضان الذي يليه، فإذا دخل رمضان فعليه أن يشتغل بصيام رمضان الحاضر، ويؤجل القضاء، إلى ما بعد رمضان، وأكثر العلماء، أو كثير من أهل العلم يرون أن عليهم مع القضاء كفارة، واختيار الإمام البخاري أنه لا كفارة عليه؛ لأن الله -جل وعلا- إنما ذكر العدة {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] ولم يذكر سواها، ولا شك أن الأحوط أن يدفع هذه الكفارة، وقال بها كثير من أهل العلم، وأفتى بها جمع الصحابة، وإلا من حيث الاستدلال الدليل المرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام فلا دليل عليها.
من أفطر عمداً في رمضان:
أما من تعمد الفطر في رمضان، فإنه جاء فيه الحديث:((لم يقضه، وإن صام الدهر)) لكن هذا لا شك أنه زجر، وتشديد في هذا الباب، لئلا يتساهل الناس في الفطر، وإلا فالقضاء عند الجمهور لازم، بل من باب أولى، وقل مثل هذا في الصلاة، إذا تعمد تأخيرها عن وقتها فقد نقل ابن حزم الاتفاق على أنه لا يقضيها، لأن المسألة أعظم من أن تقضى، بل بتعمده إخراجها عن وقتها يكفر بذلك عند جمع من أهل العلم، وقد أفتي به، وهو قول ابن حزم وجمع من أهل العلم، لكن الجمهور على خلافه، بل نقل الاتفاق على أنه يلزمه القضاء، إذا تعمد تأخير الصلاة عن وقتها، فإذا كان من نام عنها أو نسيها فليصلها إذا ذكرها وهو معذور، فإن غير المعذور من باب أولى، وهذا قول الأكثر.
الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما قضتا فقط، وإذا خافت على ولديهما فعليهما مع القضاء الكفارة، هذا بالنسبة لصيام رمضان.
صيام النفل:
وأما بالنسبة للنوافل فجاء الحث على الصيام ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) كثير من أهل العلم يحمل الحديث على أن المراد في سبيل الله، ابتغاء وجه الله -جل وعلا-، ولا يخصه بالجهاد، وإن كان الإمام البخاري أورد في الحديث في أبواب الجهاد، المراد في سبيل الله: الجهاد، كما أنه هو المراد في مصرف الزكاة، يراد به الجهاد، وبعضهم يعمم في البابين، وعلى كل حال هذا يدل على عظيم فضل الصيام.
وجاء الحث على صوم يوم عرفة، وأنه يكفر سنتين، ويوم عاشوراء يكفر سنة، والاثنين والخميس، وأفضلهما الاثنين، وثلاثة أيام من كل شهر، حيث أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء وأبا ذر، وكذلك جاء في بيان الثلاثة الأيام، وأنها البيض في السنن، فمن كان صائماً من كل شهر، فليصم ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، ومن يصوم الاثنين تدخل فيه الثلاثة، لأن الأقل يدخل في الأكثر، لأنه حينئذ يصوم أربعة، صوم الاثنين والخميس يدخل فيها الثلاثة، ويدخل فيها الست بالنسبة لشوال.
وجاء الحث على الست شوال، ((من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كمن صام الدهر)) يعني: كمن عمره كله صائم، ولا يقال: إن صيام الدهر غير مشروع، إذن صيام الست غير مشروعة، لأن المشبه يلحق بالمشبه به، والعملية الحسابية واضحة، لأن الشهر بعشرة أشهر، والست عن ستين يوماً، فكأنه صام الدهر.
والتشبيه لا يقتضي المطابقة من كل وجه، إنما التشبيه في العدد، لا في المنع والحث، فصيام الدهر ممنوع، وصيام الست مع رمضان جاء الحث عليه، جاءت نصوص كثيرة صحيحة، تدل على عدم المطابقة من كل وجه، بين المشبه والمشبه به، فشبه الوحي بصلصلة الجرس، والجرس ممنوع، كما في صحيح مسلم، والوحي محمود، الجرس مذموم، لكن في تداركه وتتابعه يشبه صلصلة الجرس، قل مثل هذا في رؤية القمر مع رؤية الرب -جل وعلا-، كما جاء التشبيه في الحديث الصحيح، المشبه ليس كالمشبه به، وإنما تشبيه للرؤية بالرؤية، ونظائر ذلك كثيرة.
الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى أن صيام الست ليس بمشروع؛ لأنه على حد قوله في الموطأ ما رأى أحداً من أهل العلم والفضل والفقه يصومه، ولكن إذا ثبت الخبر عن النبي عليه الصلاة والسلام فلا قول لأحد معه، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، كما قال الإمام مالك رحمه الله، فصيام الست مشروع، وإذا صامها بعد إتمام صيام رمضان أدرك السنة ولو فرقها، ولا يلزم التتابع، وكونها في أول شوال أولى، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((
…
ثم أتبعه ستاً)) وكونه يكون عليه القضاء من رمضان ثم يقدم الست لأن وقتها مضيق في الشهر، ووقت القضاء يمتد إلى شعبان، لا يترتب عليه الثواب المرتب على صيام الست بعد رمضان؛ لأنه لا يكون متبعاً لرمضان بالست؛ لأن المفهوم من رمضان الشهر كامل ((من صام رمضان –يعني كاملاً– وأتبعه ستاً من شوال)) وعلى هذا فالقضاء لا بد أن يكون قبل النفل، لا بد أن يكون قبل التنفل.
قد يقول قائل: هل يتصور أن عائشة رضي الله عنها لا تتنفل بشيء من الصيام؛ لأنها تؤخر القضاء إلى شعبان، إذاً فمتى تصوم الست؟ ومتى تصوم عرفة وعاشوراء؟ تصور أن عائشة تفرط بهذه الأيام التي تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام الحث عليها، وبعضها من طريقها؟ هل نقول: أن عائشة تفرط في الصيام المندوب، أو نقول: أنها تصوم النفل قبل قضاء رمضان؟.
هو لا شك أن قضاءها رمضان في شعبان في عهده عليه الصلاة والسلام وبحضرته لأنه هو سبب التأخير، لأنه حقه عليه الصلاة والسلام عليها هو سبب التأخير، فلا يتصور أن هذا من اجتهادها، بل بعلمه عليه الصلاة والسلام، لأنها في بيته، يعرف متى تصوم؟ ويعرف متى تفطر؟ كان يصوم الصبيان في عاشوراء وعائشة -رضي الله تعالى عنها- لا تصوم يوم عاشوراء؟ هذا يستدل به من يقول: أنه يجوز التنفل قبل قضاء الفرض.
ونظير ذلك: الراتبة القبلية في الوقت المتسع تقدم، من جاء بعد أذان الظهر يصلي أربع ركعات قبل الفريضة لأن الوقت متسع، جاء وقد قدمت جنازة يصلي على الجنازة، ثم بعد ذلك يصلي الفريضة، إذا تصور أنها فاتته، وهما قولان لأهل العلم، لكن الأكثر على أنه لا يتنفل قبل أداء الفرض، وجاء ما يدل على ذلك أنه لا تقبل نافلة ما لم تؤد فريضة، وجاء أن ذلك أحب إلى الله -جل وعلا- ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه)) فدل على أنه أحب، وعلى كل حال هما قولان، لكل قول أدلته، وعلى الإنسان أن يُعنى بالفرض، ليبرأ من عهدته قبل أن يفجأه ما يفجأه من الأجل.
بقي مسائل كثيرة، والأسئلة أيضاً فيها تنبيه على أمور، علينا أن نتكلم فيها، ولعلنا نسيناها.
سؤال: يقول: إذا أكمل عدة شعبان ثلاثين مع أن هناك رجل في دولة أخرى، رأى الهلال وصامت تلك الدولة، فهل يصوم من هو في دولة أخرى؟
الجواب: إذا رأى الهلال ثم ردت شهادته مثلاً فيصدق عليه أنه رأى الهلال، ويدخل في قوله عليه الصلاة والسلام:((صوموا لرؤيته)) وبهذا قال جمع من أهل العلم أنه يصوم، وكذا لو رأى هلال شوال يفطر، ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) ولكن المرجح أنه لا يصوم ولا يفطر إلا مع الناس ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون)) فيصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، هذا الذي رأى الهلال في دولة أخرى، وصامت تلك الدولة، ومن في البلد الآخر، هذه المسألة يسميها أو يتكلم عنها أهل العلم على اختلاف المطالع، وأن لكل بلد مطلع، ويكون الهلال قد طلع في الشام، ولا يكون طلع في المدينة، ويطلع في بلد ولا يطلع في بلد، فإذا رؤي الهلال في بلد يعتمد الرؤية الشرعية، فهل يلزم جميع المسلمين الصوم أو يلزم من في بلده، وتبقى البلدان الأخرى على مطلعها ورؤيتها؟ قوله عليه الصلاة والسلام:((صوموا لرؤيته)) هذا ليس خاص بأهل المدينة، كما في قوله:((ولكن شرقوا أو غربوا)) ليس بخاص بأهل المدينة، وإنما يتجه لكل من يتصور منه الإجابة، ((صوموا لرؤيته)) الأصل أن الخطاب للأمة كلها، وعلى هذا إذا رؤي الهلال في أي بلد من بلدان المسلمين فإنه يلزم جميع المسلمين في شرق الأرض وغربها الصوم، لأن الخطاب موجه إليهم، ولا يوجد ما يخرج بعضهم عن عموم هذا الخطاب، وبهذا يقول جمع أهل العلم، وهو المعروف عند الحنابلة، وكثير من أهل العلم.
ومن أهل العلم من يرى اختلاف المطالع وأنه إذا رؤي الهلال في بلد أو إقليم لا يلزم غيرهم الصيام، إلا من كان على سمتها واتحد مطلعه معها، ويستدلون على ذلك بحديث ابن عباس المخرج في مسلم، وهو أن كريباً قدم المدينة من الشام، فرأى أهل الشام الهلال في الجمعة، وأهل المدينة ما رأوه إلا يوم السبت فقال كريب: إن معاوية والناس صاموا يوم الجمعة، وعلى هذا أكملنا عدة رمضان ثلاثين، ولا يمكن أن يزيد الشهر على ثلاثين، فابن عباس قال: لكنا لا نفطر حتى نراه، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل الخبر على أن أهل الشام لهم رؤيتهم، وأن أهل المدينة لهم رؤيتهم، ولم يفطر أهل المدينة بفطر أهل الشام المبني على رؤيتهم، وإنما أكملوا رمضان ثلاثين يوماً، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني الحديث الخبر صحيح، ومرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وتجد من أهل العلم أهل الأثر أهل الإتباع أهل الإقتداء يفتي بعضهم بأن المطالع متحدة، وأن هذا أضبط للناس، وأصون لصيامهم، فلا يترك الأمر لاجتهادات البلدان، بمعنى أن هؤلاء يصومون يوم الخميس، وهؤلاء يصومون يوم الجمعة، وهؤلاء يصومون يوم السبت، ويفطرون قبلهم بيوم أو يومين، هل يمكن لمجتهد أن يجتهد مع نص ابن عباس فيقول: باتحاد المطالع؟ يمكن أو ما يمكن؟
طالب: يمكن
الشيخ: كيف يمكن؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيخ: يعني: لو نظرنا في كلام الشيخ ابن باز ويعرف هذا الحديث أو حتى المذهب عند الحنابلة، على كل حال الهيئة افتت باختلاف المطالع، لكن الكلام مع من يقول باتحاد المطالع، مع صحة خبر ابن عباس، وقوله: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم، هل المسألة اجتهادية أو نصية ليسوغ فيها الخلاف؟ قوله: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوع قطعاً، لكن ما حقيقة هذا الأمر؟ هل أمر الرسول عليه الصلاة والسلام الذي نقله ابن عباس أمر في هذه المسألة بخصوصها، واتحاد المطالع، أو أمره عليه الصلاة والسلام بقول:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) لأن بعض الناس حينما يسمع كلام بعض العلماء أهل الأثر أهل الاقتداء يقولون بلزوم الصوم لجميع الأمة إذا رؤي الهلال ولو اختلفت المطالع، يقول: كيف يسوغ لمثل هذا وقد عرف بعلمه وفضله وإتباعه مع صحة حديث ابن عباس؟ نقول: ابن عباس هكذا قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ما حقيقة هذا الأمر؟ هل أمره في هذه المسألة بخصوصها؟ هل أمرهم بهذه المسألة التي تدل على اختلاف المطالع، أو أمرهم بقوله:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) والنص كما يفهمه ابن عباس في دلالته على اختلاف المطالع يفهمه غيره في الدلالة على اتحاد المطالع، وعلى كل حال للاجتهاد في مثل هذا مجال، ومن اجتهد وقال: باتحاد المطالع فله سلف، ودلالة الحديث واضحة، ومن اجتهد وقال: باختلاف المطالع فله سلف، ودلالة خبر ابن عباس عليه أوضح، لأنه ابن عباس فهم من حديث:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) أنه خاص بكل إقليم يختلف مطلعه عن غيره، أو أن لديه أمراً خاصاً بهذه المسألة.
قد يقول قائل: أن فهم الصحابي مقدم على فهم غيره، مقدم على فهم غيره نقول: هذا هو الأصل، لكن لا يعني أن فهم الصحابي أو فهم الراوي ملزم لغيره، وحديث:((رب مبلغ أوعى من سامع)) يدل على ذلك، فهذه المسألة لا شك أنها من الدقائق، في قصة ابن عباس -ولو كررنا الكلام- لأن مثل هذا يشكل على بعض طلاب العلم يقول: كيف الشيخ ابن باز يعارض حديث ابن عباس، وهو في صحيح مسلم؟ ابن عباس استدل بالحديث على اختلاف المطالع، وعمل به على هذا الأساس، لكنه استدل بأمر النبي عليه الصلاة والسلام، فهل عند ابن عباس أمر خاص في هذه المسألة، أو لعله استند في قوله هذا على حديث:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته))؟ وحينئذ يبقى المجال في فهم النص واسع.
سؤال: يقول: أنا شاب مبتلى بالعادة السرية، ولا أستطيع أن أتركها، حتى أني أفعلها في ليالي رمضان، وفي الحج، ولكني أندم بعدها فما هو الحل؟
الجواب: أولاً: عليك أن تعلم أنها مفطرة، إذا خرج المني دفقاً بلذة، هذه العادة مفطرة، وهذا يخفى على كثير من الشباب.
الأمر الثاني: أنها موجبة للغسل، ولا يجوز فعلها في نهار رمضان اتفاقاً، لأنها مفطرة، وأما فعلها في غير نهار رمضان من غير الصائم، فالمرجح عند أهل العلم أنها محرمة، وقال أهل العلم بإطلاق الكراهة، وهذا مأثور عن الإمام أحمد، وإن كان نص الزاد قال:"ومن استمنى بيده لغير حاجة عزر" على كل حال هي محرمة، والأدلة عند أهل العلم في آيتين، المؤمنون، وأيضاً في سأل سائل {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [(5 - 6) سورة المؤمنون] [(29 - 30) سورة المعارج] وأيضاً حديث:((ومن لم يستطع فعليه بالصوم)) فلو كانت جائزة لأرشد إليها.
وعلى هذا على الشاب وعلى كل من تثور شهوته، ألا يعرض نفسه للفتن، فلا يجوز له أن يغشى الأماكن التي فيها ما يثيره، ولا يشاهد ما يثيره من خلال القنوات أو المجلات أو الجرائد، أو ما أشبه ذلك، يحرم عليه ذلك، إذا كان يؤدي به إلى هذه الفتنة.
سؤال: يقول: هل يحق لي أن آخذ إجازة من عملي، وذلك للاعتكاف في الليالي العشر، مع العلم أن عملي يحتاج إلي حاجة بسيطة؟ ولا يترتب على ذلك ضياع أو خسارة، بل روتين عادي مع العلم بأن في العمل أنا معرض للفتنة من النساء، والله المستعان؟.
الجواب: على كل إذا كنت معرض للفتنة في هذا العمل يلزمك أن تترك هذا العمل، وتبحث عن عمل غيره، لا يعرضك للفتنة، سواء كان ذلك في رمضان أو في غير رمضان، والأمر في رمضان أشد، وأما أخذ الإجازة من العمل، وترك العمل الذي تعاقدت عليه، وأخذت عليه أجراً من أجل الاعتكاف فلا، إلا إذا كان في النظام ما يجيز لك أن تأخذ مثل هذه الإجازة من غير اشتراط ضرورة، فلا مانع -إن شاء الله تعالى-.
سؤال: يقول: ما الفرق بين أن يكون الحج قبل الصيام، أو يكون الصيام قبل الحج؟ وماذا نستفيد من هذا التقديم والتأخير؟
الجواب: إن كان الأخ السائل سمع الحديث وظن أن الحج يمكن أن يكون قبل الصيام أو العكس، هذا فهم ما يخطر على بال أحد، لكن إذا كان يظن أو سؤاله عن تقديم الحج في حديث ابن عمر أو تقديم الصيام فهذا هو الواقع، جاء في المتفق عليه تقديم الحج، وجاء في صحيح مسلم تقديم الصيام، وهذا التقديم لا شك كما يقول أهل العلم أن الأولية لها نصيب في الأولوية، فإذا قدم الصيام كان أهم من الحج، يعني أمره آكد من الحج، والعكس إذا قدم الحج على الصيام.
سؤال: يقول: بعض الناس يتسحرون فإذا أذن المؤذن يكمل سحوره إلى أن ينتهي، هل يجوز فعل هؤلاء الناس أم لا يجوز؟ أفيدونا؟
الجواب: هذا ينبني على معرفة دقة المؤذن وتحريه، فإن كان المؤذن ممن يؤذن قبل طلوع الفجر، فلا مانع، حتى يطلع الفجر، وإن كان المؤذن يؤذن بعد طلوع الفجر، أو مع طلوع الفجر، فإنه حينئذ لا يجوز الأكل، ويفطر به إذا أكل بعد تحقق طلوع الفجر.
سؤال: يقول: هل المبالغة في الاستنشاق أثناء الوضوء والغسل يفسد الصوم؟
الجواب: جاء في الحديث: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) فلا يجوز تجويز المبالغة في الاستنشاق حال الصيام، وإذا تعمد ذلك وذهب إلى حلقه شيء من الماء أفطر به، وأما بالنسبة للمبالغة في المضمضة، المبالغة في المضمضة فلم يرد فيها شيء، إلا أنها باعتبار الفم هو المنفذ الأصلي، فقد يقال: أن النهي عن المبالغة في المضمضة من باب أولى، من المبالغة في الاستنشاق، وقد يقول قائل: أن الفم يمكن التحكم فيه، بخلاف الأنف، وإذا جاء التنصيص على عدم المبالغة في الاستنشاق ولم ينص على عدم المبالغة في المضمضة، وحينئذ إذا كان يمكن التحكم بالفم بحيث لا ينساب شيء من الماء إلى الجوف فالمبالغة لا بأس بها حينئذ، ولكلٍ وجه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.