الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينبغي أن يستغل هذا الموسم العظيم يفرط فيه كثير من الناس، فتجده في النهار نائم، وفي الليل في القيل والقال، ولا يستفيد من هذا الموسم العظيم، مواسم الدنيا يستغلها الناس استغلال قد يخل بالعقل أحياناً، تجد الإنسان يتصرف تصرفات من أجل استغلال مواسم الدنيا بحيث يقرب من أعمال المجانين، تجده يحرص على كل شيء، ويستفيد من كل شيء في أمور دنياه، لكن إذا جاءت مثل هذه المواسم انظر ترى، نوم في النهار، وقد ينام عن الفرائض عن الصلوات، هذه كارثة بالنسبة للصائم أن ينام عن الصلوات المفروضة، وقد يؤخر صلاة الظهر وصلاة العصر إلى أن ينتبه مع غروب الشمس، هذا يوجد في بيوت المسلمين من يفعل هذا من الذكور والإناث، لكن هل تتحقق آثار الصيام على مثل هذا الصيام؟ لا –والله- ما تتحقق، بل قد لا تتحقق ممن فعل دون ذلك، يعني من فوت صلاة الجماعة، لا شك أن في صومه خللاً، وإن كان صومه هو فاتته الجماعة صومه صحيح، ولا يؤمر بإعادتها، لكن مع ذلك صومه فيه خلل، فضلاً عن كونه يزاول أعمال تخل بعقيدته، كترك الصلاة مثلاً، أو تعمد تأخير الصلاة عن وقتها، أو يزاول أعمال فيها شرك ولو أصغر، فلا شك أن أثر هذه الأمور على القبول واضح، وإذا كان الفساق جاء فيهم يعني في مفهوم قوله -جل وعلا-:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] مفهومه أن الفساق لا يتقبل منهم، وأي فسق أعظم من تأخير الصلوات عن وقتها {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ومعروف أن المراد بالقبول هنا نفي للثواب المرتب على العبادة، لا أن العبادة باطلة ويؤمر بإعادتها، ما قال بها أحد من أهل العلم، ولكن الثواب المرتب عليها لا يتحقق، لأن نفي القبول في النصوص، يأتي ويراد به نفي الصحة ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) و ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) ويأتي ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة كما هنا.
بم يثبت دخول الشهر
؟
الصيام صيام شهر رمضان يثبت برؤية الهلال، لقوله عليه الصلاة والسلام:((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) ومعلوم أن هذا لا يتحقق بالنسبة لجميع الناس، إنما يتحقق لبعض الناس أن يرى الهلال ثم بشهادته إذا قبلت يلزم الناس الصوم ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) فإذا رآه لزمه الصوم، وإذا شهد به وقبلت شهادته لزم الناس الصوم، ويثبت دخول الشهر بشهادة عدل واحد، إذا رآه بالعين، لأن الرؤيا حقيقتها النظر بالبصر، وشهد في ذلك عند الجهات، وقبلوا شهادته فإنه يلزم الناس الصوم، ولا يطالب كل إنسان أن يرى بنفسه، لأن هذا مستحيل، لأن من المكلفين من يستحيل رؤية الهلال بالنسبة له، إما لضعف في بصره، أو لفقده –فقد البصر– فعلم بذلك أن الرؤية ولو من واحد، كما جاء في حديث ابن عمر أنه رأى الهلال فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بصيامه، وكذلك ما يشهد له من حديث ابن عباس في قصة الأعرابي الذي شهد بأنه رأى الهلال، وقرره النبي عليه الصلاة والسلام فقال:((أتشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ )) فأثبت شهادته، وأمر الناس بالصيام، ويكفي في دخول الشهر شاهد واحد ثقة، وهل الرؤية من باب الشهادة أو من باب الإخبار؟ بمعنى أنه يقبل فيه من يقبل خبره، أو أنه شهادة لا يقبل فيه إلا من يقبل في الشهادة؟ فرق بين البابين، لأن دائرة الإخبار أوسع من دائرة الشهادة، لأن الإخبار يقبل فيه الواحد، يقبل فيه المرأة، ويقبل فيه العبد، المقصود أنه يقبل لأنه دين، وأما إذا قلنا: شهادة، ويتعلق بها حقوق الخلق، فلا بد من شاهدين، ولذا خرج دخول الشهر بالنص، بحديث ابن عمر وحديث ابن عباس، وبقيت بقية الأشهر على الأصل، وأنها شهادة تترتب عليها حقوق مالية فلا بد من شاهدين، وفيها الحديث:((وإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا)) خرج الصوم بشهادة ابن عمر وبشهادة الأعرابي.
قد يقول قائل: أن حديث ابن عمر وحديث ابن عباس في قصة الأعرابي لا تدل على أن الشاهد واحد، بل هما اثنان ابن عمر والأعرابي، نقول: لا، هذه قصة وهذه قصة، هذه في سنة وهذه في سنة أخرى.