الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أهل العلم من المغاربة في القرن السابع يرى أن الخلاف في كفره إنما هو مجرد تنظير، لا حقيقة له، لأنه لا يتصور مسلم يترك الصلاة، تنظير، يعني مثلما يقول العلماء في الفرائض: توفي زيد عن ألف جدة، وإلا فلا حقيقة لمثل هذا الخلاف، لأنهم لا يتصورون مسلماً يترك الصلاة، اللهم إلا أن يكون قرب قيام الساعة، هذا قاله بعض العلماء، لأن الصلاة أمرها عظيم ما كان معهوداً في عهد السلف، ولا في القرون المفضلة، وإنما تسامح الناس وتساهلوا فيما بعد، وكنا إلى وقت قريب لا نسمع بتارك الصلاة في بلادنا، يعني إذا فاته شيء منها مع الجماعة نظر إليه نظرة خاصة، ونقص قدره عند الناس، وصار على خوف ووجل، بل قد يعزر، ثم يستفتى أهل العلم، يستفتيه أب أن ولده قد لا يصلي صلاة الصبح مع الجماعة، فيقال: هذا ولد لا خير فيه، هذا يطرد من البيت، يهجر ويطرد من البيت، ثم بعد ذلك تساهل الناس، وتسامحوا حتى وصل الأمر أنه يوجد في بيوت كثير من المسلمين من يترك الصلاة بالكلية، فإذا أفتي بالفتوى السابقة أنه يطرد من البيت ويهجر في مثل ظروفنا التي نعيشها يتلقفه ألف شيطان، فيزداد مع ترك الصلاة إلى أمور تضره وتضر غيره، بحيث يتعدى خطره إلى غيره، فتسامح الناس حتى في الفتيا في مثل هذا، فيقول: عليك أن تبذل له النصيحة وتشدد عليه حتى يصلي.
أما مسألة الطرد فلا يسمع بها في هذه الأيام، مع أن الأمر جد خطير، الأمر خطير جداً، فإذا حكم بكفره كفراً مخرجاً عن الملة، فلا خير في مجالسته، ولا مساكنته، ثم بعد ذلك صار الناس ينظرون في الأقوال الأخرى لأنهم ابتلوا فيمن يترك الصلاة أو يترك الصيام.
على كل حال كفر تارك الصلاة هو المفتى به، وهو المرجح عند شيوخنا، وأما بقية الأركان الزكاة، الصيام، الحج، فجماهير أهل على عدم كفر تاركها إذا اعترف بوجوبها، وإن كان القول بكفره كالصلاة قول معروف في مذهب أحمد، وعند أصحاب مالك رحمه الله.
التساهل بالفرائض:
وجد التسامح في الثوابت، في الأركان الخمسة، تجد طالب منتسب إلى العلم الشرعي في كلية الشريعة مثلاً بلغ وكلف وهو ذو جدة مستطيع للحج ولا يحج، بعذر والله عندنا تسليم البحث مباشرة، ولا في وقت بأن أبحث، أخي هذا ركن من أركان الإسلام، والله -جل وعلا- يقول:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ} [(97) سورة آل عمران] هذه يستدل بها من يقول بكفر تارك الحج {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} يقول: أن البحث يسلم بعد الحج مباشرة، ولا في وقت لأبحث، ويترك ركن من أركان الإسلام من أجل البحث، وهذا يجعل الإنسان يعيد النظر في نيته في طلبه للعلم، بل سمعنا من يقول: أن الحج في موسم ربيع وأمطار، نحن أصحاب رحلات ونزهات، هذه أعذار وعلل يتعلل بها بعض شباب المسلمين في التساهل في الأركان.
الصوم تجد الولد يبلغ مبلغ الرجال بل في بعض الفتاوى لأهل العلم، امرأة تقول: بلغت السادسة والعشرين وأمي تقول: أنت صغيرة، لا تحتملين الصوم، يعني كلفت ضعف السن الذي يكلف به في العادة، الثالثة عشرة، فإذا تساهل الناس بالأركان فما الذي يحافظون عليه؟.
في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام بعث يوم عاشوراء: أن من أكل فليصم بقية يومه، ومن صام فليمسك، وكنا نصوم صبياننا، ونلهيهم باللعب من العهن –يعني من الصوف– إذا بكى الواحد منهم أعطي هذه اللعبة، صيام.
المصيبة أننا نرى التساهل في صفوف المسلمين يزداد، مع أن العلم ينتشر ويكثر ووسائل التبليغ بحيث يصل هذا العلم إلى كل شبر من أقطار المعمورة ومع ذلك يتساهلون، الجهل غير موجود إلا في بعض الجهات التي لا عناية لهم بالعلم أصلاً، أو من لم يرفع به رأساً، وإلا -الحمد لله- الآن وجد من في السبعينات من الأميين الذين لا يقرؤون ولا يكتبون، ومع ذلك حفظوا القرآن بعد السبعين، ووجد من يحفظ الأحكام بأدلتها من خلال إذاعة القرآن، من برنامج نور على الدرب، البرنامج المبارك الذي انتفع به القاصي والداني، ومع ذلك نجد التساهل، نعم قد يقول قائل: إن سبب هذا التساهل انتشار الأقوال واطلاع الناس عليها، لكن العبرة بما يسنده الدليل، الذي يدل عليه الدليل هو القول الصحيح، وما عداه لا عبرة به، ولا قول لأحد مع قول الله -جل وعلا- وقول نبيه عليه الصلاة والسلام.