المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الصوم إنما يجب على المكلفين كسائر العبادات، يجب على المكلفين - دروس الشيخ عبد الكريم الخضير - جـ ٢٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الصوم إنما يجب على المكلفين كسائر العبادات، يجب على المكلفين

الصوم إنما يجب على المكلفين كسائر العبادات، يجب على المكلفين المسلم البالغ العاقل، مسلم بالغ عاقل قادر -يعني على الصيام– لم يمنعه منه أمر لا حسي ولا معنوي، وقبل ذلك، قبل التكليف، قبل البلوغ، يندب الصيام، ويتأكد في حق من يناهز البلوغ ويطيقه، ويؤمر به كما يؤمر بالصلاة لسبع، وأما الضرب عليه لعشر، فقد قال به بعض أهل العلم، يضرب عليه من باب الأدب، ضرب غير مبرح، يعني إذا قيل لابن عشر سنين مثلاً: صم، وتبينت في النهاية أنه ما صام، لو ضرب عليه فالأصل موجود، وهو الضرب على الصلاة، لكن لا يكون ضرباً مؤثراً بالغاً.

فيجب الصيام على المكلف، وهو المسلم البالغ العاقل، ويضاف إلى ذلك القادر على الصيام، أما الذي لا يستطيع الصيام لكبر أو مرض أو يمنع منه مانع شرعي، كالحيض والنفاس فإن الوجوب مستقر، لكنه لا يجوز للحائض والنفساء أن تصوم، ولا يصح منها لو صامت، بل يحرم عليها الصيام.

الإسلام شرط لصحة الصوم، فلا يصح من كافر لفقد شرطه، وهو الإيمان والإسلام، وكذلك المجنون لا يلزمه الصيام، ولا يكلف به، لأن القلم قد رفع عنه، ومثل هذا الصبي إلا أن الصبي يؤمر به على سبيل الاستحباب، قبل التكليف والتمرين على العبادة كما في الصلاة.

‌الإفطار والقضاء:

ص: 16

وعرفنا أن الحائض والنفساء يحرم عليهما الصوم، ولا يصح منهما لو صامتا، المرضع الحامل والمرضع إذا خشيتا على نفسيهما فإنهما يفطران، وفي ذلك الحديث:((إن الله -جل وعلا- وضع عن المسافر شطر الصلاة، ووضع عن الحامل والمرضع الصوم)) لكن هذا الوضع في الشطرين في السفر، وفي الحمل مع الرضاعة، الحمل والرضاعة، المسافر يسقط عنه شطر الصلاة، والحامل والمرضع وضع عنهما الله -جل وعلا- الصيام، ففيها وجه شبه، أو فيهما وجه شبه للمسافر في الصيام لا في الصلاة، أيش معنى هذا الكلام؟ قد يفهم -وقد فهم بعض الناس- أن الحامل والمرضع، تفطران لا إلى بدل، ولا يلزمهما القضاء، يعني كشطر الصلاة الذي وضع عن المسافر، يعني هل المسافر إذا رجع إلى بلده يقضي الركعتين اللتين وضعتا عنه؟ لا، يقول: الحامل والمرضع مثل ما وضع للمسافر شطر الصلاة، إذن لا قضاء، وقد قيل بهذا، ولكن عامة أهل العلم على خلافه، وأن الحامل والمرضع كالمسافر فيما يخص الصيام، المسافر يفطر، ما دام الوصف قائماً بشروطه عند أهل العلم يفطر، لكن {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(184) سورة البقرة] يعني يلزمه عدة من أيام أخر، وكذلك الحامل والمرضع، فتشبيهها بالمسافر من هذه الحيثية بوجوب القضاء، وأنه لا يلزمها في الوقت {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(185) سورة البقرة] وجد مانع يمنع من هذا الوجوب، وهو الحمل والرضاعة، فعليهما أن تقضيا، من أفطر لعذر شرعي من سفر أو كبر أو مرض أو حمل أو رضاع، المسافر عليه عدة من أيام أخر، يلزمه أن يقضي العدد، وكذلك المريض الذي يرجى برؤه عليه أن يقضي، وأما المريض الذي لا يرجى برؤه فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من طعام، من بر أو رز أو ما أشبه ذلك، من غالب قوت البلد، إذا كان لا يرجى برؤه، وقل مثل هذا في الحامل تقضي، والحائض والنفساء تقضيان.

ووقت القضاء متسع إلى رمضان الآخر الذي يليه، وعائشة -رضي الله تعالى عنها- تقول:"كان يكون علي القضاء من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" لمكانه عليه الصلاة والسلام منها، فلا تقضي إلا في شعبان، فوقته متسع، ولا يجوز لمن أفطر بعذر أن يؤخر القضاء إلى رمضان الآخر.

ص: 17