المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السيادة في المنهج الإسلامي - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ١٠٦

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌سلسلة حول دخول البرلمان [2] نظرية السيادة

- ‌زيف الديمقراطية الموجودة عند الغرب

- ‌نظرية السيادة

- ‌أصل نظرية السيادة ونشأتها

- ‌تعريف السيادة عند القانونيين

- ‌مفهوم خصائص السيادة

- ‌السيادة في المجتمعات الغربية

- ‌جوانب نظرية السيادة

- ‌النتائج والانتقادات التي ترتبت على انتقال السيادة للأمة

- ‌نتائج نظرية السيادة في الفكر الغربي

- ‌انتقال نظرية السيادة إلى العالم الإسلامي

- ‌السيادة في المنهج الإسلامي

- ‌السيادة العليا والتشريع المطلق حق الله وحده

- ‌الأدلة على تفرد الله سبحانه وتعالى بالسيادة والتشريع المطلق

- ‌حقيقة الإسلام الذي لا يقبل الله غيره

- ‌تضمن عقيدة التوحيد لإفراد الحكم لله

- ‌إجماع العلماء على أن العقل ليس مصدراً من مصادر التشريع

- ‌إجماع الصحابة على أن الشورى لا تكون إلا في دائرة المباح

- ‌إجماع الصحابة وتابعيهم على أن الحجة في الكتاب والسنة

- ‌اتفاق العلماء على أنه لا اعتبار لمصلحة شهد لها الشرع بالبطلان

- ‌إجماع الأمة على أن كل ما أحدث على خلاف الدين فهو رد

- ‌عدم مشروعية التقليد للعلماء إلا في أوضاع خاصة

- ‌نفي وجود أي خلاف في سيادة الشرع للمنهج الإسلامي

- ‌أوجه المقارنة بين السيادة في المنهج الغربي والسيادة في المنهج الإسلامي

الفصل: ‌السيادة في المنهج الإسلامي

‌السيادة في المنهج الإسلامي

ما تقدم كان يتناول نظرية السيادة في نشأتها الأولى وتطورها في المجتمعات الغربية، من حيث المضمون أو الخصائص أو الآثار، ثم انتقالها إلى المنطقة الإسلامية، وتبين من خلال هذا الكلام حقيقة هذه النظريات، وكيف أنها تعني الإقرار بالحق في السلطان المطلق، والتشريع المطلق، والإرادة العليا الماضية لممثلي الشعب أو الأمة، وما يقتضيه ذلك من فصل الدين عن الدولة، وخلع ربقة الإسلام، بل سائر الأديان في مجالات الحياة العامة؛ لتكون السيادة للأمة، وليكون القانون هو التعبير عن إرادتها الحرة، فماذا عن السيادة في الفقه الإسلامي أو الشريعة الإسلامية؟ لقد تقرر في قواطع الشريعة وبدهياتها الأولى أن الحجة القاطعة والحكم الأعلى هو الشرع لا غير، بل إن هذه الحقيقة هي الإسلام، فالقبول بها قبول بالإسلام، والكفر بها أو الإعراض عنها مروق من الدين وخروج من الإسلام، والدليل على هذه الحقيقة هو الإسلام نفسه، فمن صح عنده الرضا بالإسلام ديناً فقد صح عنده الرضا بهذه الحقيقة، رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ومن أعرض عن الإسلام، أو تشكك في صحته، أو تردد في قبوله ساغ له أن يعرض عن هذه الحقيقة أو أن يتشكك في صحتها ويتردد في قبولها، يعني: لن يصدر التردد إلا ممن رفض هذا الشعار (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً) فهذا هو الذي سوف يتردد، فما من دليل يشهد بصحة إلا وهو دليل شاهد بصدق هذه الحقيقة، ولكننا نتنزل مع من تلتبس عليه البدهيات ويعشى عن الشمس وقت الظهيرة ليس دونها سحاب فنطرح هذا

‌السؤال

ما هو الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله؟ أليس هو الإسلام؟ وما حقيقة هذا الإسلام الذي جاء به وإليه دعا، وعليه قاتل، ومن أجله فرق بين الولد وأبيه، وبين الأخ وأخيه، وبين المرء وزوجه، أليس هو تصديق الخبر والانقياد للشرع؟ وما حقيقة الانقياد للشرع أليس هو الرضا بالشرع حاكماً وآمراً وناهياً، ومصدراً للحلال والحرام، وقبول سائر ما يصدر عنه من شرائع وأحكام؟ أرأيت لو أن رجلاً قال -سواء بلسان الحال أو بلسان المقال-: لا أقبل شرعاً يأتيني من عند الله، أو لا أقبل الإسلام حكماً في شئون الحياة، ولا أرضى بسلطان إلا سلطان الإرادة الإنسانية الحرة التي تحدد نفسها بنفسها، ولا تتقيد بقانون؛ لأن التعبير عنها هو القانون، وهي -أي: هذه السيادة والإرادة- لا تخضع لأي جهة سماوية كانت أو أرضية؛ لأن إرادتها عالية، وسلطانها مطلق، أفرأيت رجلاً يقول هذا القول هل يبقى له تعلق بالإسلام أو بقية انتماء إليه؟ ثم يذكر الإجماع على أن السيادة العليا، والتشريع المطلق حق لله تعالى وحده، يقول: إن الإرادة التي تعلو على جميع الإرادات، والسلطة التي تهيمن على جميع السلطات هي إرادة وسلطة الله، ومن خلال تعريف السيادة: فالسيادة هذه بالمعنى هذا هي أننا حين نرى أن من صفاتها العلو والفوقية نتذكر مباشرة الآيات التي فيها وصف الله سبحانه وتعالى بالعلو والقهر قال تعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23] وغير ذلك من الأشياء التي فيها منازعة واضحة للتوحيد، فالإرادة التي تعلو على جميع الإرادات، والسلطة التي تهيمن على جميع السلطات، والتي لا تعرف فيما تنظمه أو تقضي فيه سلطة أخرى تساويها أو تساميها، إنما هي إرادة الله عز وجل وحده لا شريك له، ولقد انعقد إجماع الأمة كلها في مختلف الأعصار والأمصار إجماعاً لم يشذ عنه كبير ولا صغير، ولا ذكر ولا أنثى، ولا حر ولا عبد، ولا طائع ولا عاص، أنه لا دين إلا ما أوجبه الله، ولا شرع إلا ما شرعه الله، ولا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، وإن من جادل في هذه البدهية فأحل ما حرمه الله، أو حرم ما أحله، أو رد شيئاً من حكمه، أو أعطى غيره حق التحليل والتحريم والإيجاب والندب، فهو مارق من الدين، كافر بإجماع المسلمين.

ص: 12