الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإحسان إلى الناس وتبني قضاياهم
المجال الثالث من مجالات الدعوة الصامتة: الإحسان إلى الناس وتقديم الخير لهم وتبني قضاياهم، لقد كان صلى الله عليه وسلم -كما حكت عنه زوجه خديجة رضي الله عنها يقري الضيف، ويعين على نوائب الحق، وكان صلى الله عليه وسلم يكسب المعدوم، ويشفع للناس ويحسن لهم.
أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى بريرة يسألها أن تعود إلى زوجها، فتسأله صلى الله عليه وسلم: أهو آمر صلى الله عليه وسلم أم شافع؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: إنه شافع، فتقول: لا حاجة لي فيه.
لقد اتسع هذا القلب الرحيم صلى الله عليه وسلم ليشفع في هذه القضية الزوجية وليشفع لهذا الرجل الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله الشفاعة فيشفع صلى الله عليه وسلم لدى امرأة كانت أمة من الإماء أن تعود إلى زوجها.
بل يتجاوز صلى الله عليه وسلم ذلك كله إلى الحيوان فيدخل صلى الله عليه وسلم حائطاً من حوائط الأنصار فيرى جملاً قد احدودب ظهره، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، وكأنه رأى في قلب النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة والإحسان، فيأتي إليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل فيقول:(أين صاحب هذا الجمل؟ فيقول رجل: أنا، فيقول صلى الله عليه وسلم: اتق الله، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه).
إن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة الحسنة للناس من بعده يرسم لنا هذه القدوة والأسوة أن نحسن إلى الناس وأن نسعى في تبني قضايا الناس أياً كانت هذه القضايا، وهذا الهدي لم يكن خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل كان هدياً للأنبياء من قبله، فها هو يوسف عليه السلام يقول له صاحباه في السجن:{نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:36]، فقد رأيا فيه صلى الله عليه وسلم الإحسان إليهما.
إن تبني الصالحين والدعاة إلى الله عز وجل الإحسان إلى الناس، وتقديم الخير لهم هو تأسٍ بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو أيضاً باب من أعظم أبواب الخير، وهو أيضاً تعرف إلى الناس، فيعرف الناس أن هؤلاء جادون صادقون مخلصون، وأن هؤلاء خير لهم من أولئك الذين يتاجرون بقضاياهم، وحين نعرف هذا نعرف سر ذلك الحرص الشديد من أعداء هذه الدعوة على إغلاق منافذ الخير لهؤلاء حتى لا يحسنوا إلى الناس، ولو كانت نتيجة ذلك أن تشرد الأسر، وأن يموت الجائعون، وأن يهلك الأيتام، لو كانت نتيجة ذلك ما كانت، المهم ألا يعرف الناس عن هؤلاء أنهم صادقون، وألا يعرف الناس عن هؤلاء أنهم يحسنون للناس.