المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العفو والتنازل عن حظ النفس - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ٢٧

[محمد الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌الدعاة الصامتون

- ‌من هم الدعاة الصامتون

- ‌ذكر القدوة والأسوة في كتاب الله

- ‌السنة النبوية زاخرة بالنماذج والقدوات

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الأولى والإمام الأوحد

- ‌اقتداء الصحابة بالنبي جعلهم قدوات لمن بعدهم

- ‌مزايا الدعوة الصامتة

- ‌أحوال الداعية أبلغ من أقواله

- ‌أحوال الداعية يستوعبها سائر طبقات الناس

- ‌المواقف الحية تبقى في الأذهان أكثر من الكلمات

- ‌المواقف الحية تثبت للمدعو إمكانية تحقيق ما يدعى إليه

- ‌مواقف الدعاة وأفعالهم تدل المدعوين على صدق ما يدعون إليه

- ‌مجالات الدعوة الصامتة

- ‌القدوة الحسنة

- ‌التفوق في مناحي الحياة

- ‌الإحسان إلى الناس وتبني قضاياهم

- ‌العفو والتنازل عن حظ النفس

- ‌الصدق ورفع راية الخير والصلاح

- ‌صدق العاطفة من قبل الداعي

- ‌المواقف المتميزة التي يقفها الداعية

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية التوفيق بين القدوة العملية وكون العمل خالصاً لله سليماً من الرياء

- ‌وجود الداعية الصامت مقترن بكون الدعوة محور حياة الإنسان

- ‌حكم الساكت عن الحق عند خوف الضرر على نفسه

- ‌التعامل السيئ من قبل الداعية مع الآخرين يمثل نقضاً لمفهوم القدوة الحسنة

- ‌حسن الخلق من أهم مجالات الدعوة الصامتة

- ‌الدعوة الصامتة سلاح بيد الدعاة إلى الضلال

- ‌وجود جوانب سيئة في الرجل القدوة لا يلزم منه ترك الاقتداء به في جوانبه الحسنة

الفصل: ‌العفو والتنازل عن حظ النفس

‌العفو والتنازل عن حظ النفس

رابعاً: من مجالات الدعوة الصامتة كظم الغيظ، والتنازل عن الحظوظ والحقوق الشخصية، يقول تبارك وتعالى:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34]، ويقول تبارك وتعالى:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} [المؤمنون:96]، ويقول تبارك وتعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:39 - 40]، ثم يقول تبارك وتعالى بعد ذلك:{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى:43]، ويقول تبارك وتعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133]، ثم يقول تبارك وتعالى في أوصافهم:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران:134].

حين يعرف الناس عنا أنا نتنازل عن حقوقنا الشخصية، حين يعرف الناس عنا أنا نعفو عمن ظلمنا، بل ونحسن إليه، فلا شك أن الناس سيعرفون منا حسن الخلق، وسيعرفون منا أخلاق الأنبياء، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم أخاً كريماً حين فتح صلى الله عليه وسلم مكة وتمكن من أعدائه الذين فعلوا ما فعلوا معه صلى الله عليه وسلم، وآذوه وأخرجوه، وفي الوقت الذي ظنوا أن هذا الموقف سيكون فيه حتفهم أطلقهم صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم، فكان ذلك من أعظم الأسباب في دخول أولئك في دين الله أفواجاً؛ لأنهم عرفوا منه صلى الله عليه وسلم الصدق والأمانة والعفو والإحسان قبل أن ينبأ، وعرفوا منه ذلك بعد أن نبئ وأرسل، وعرفوا منه ذلك بعد أن عادوه وآذوه وفعلوا ما فعلوا معه صلى الله عليه وسلم، وها هو أحد أصحابه صلى الله عليه وسلم يقول:(كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء آذاه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون).

ص: 17