المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌غياب منهج التفكير الموضوعي - دروس الشيخ محمد الدويش - جـ ٤١

[محمد الدويش]

فهرس الكتاب

- ‌غياب الاعتدال

- ‌الاعتدال سنة الله في خلقه

- ‌الوسطية والاعتدال سمة التشريع الإسلامي

- ‌مجالات يغيب فيها الاعتدال في حياة بعض الناس

- ‌الاعتقاد والتوحيد

- ‌العبادة

- ‌السلوك الشخصي

- ‌تقويم الأشخاص والمشروعات والهيئات والجماعات

- ‌الأفكار والمشروعات

- ‌الآراء الشخصية

- ‌الاختيارات الفقهية

- ‌الظواهر الاجتماعية

- ‌الظواهر والأحداث السياسية

- ‌التعامل مع المخالف

- ‌عوامل وأسباب نشأة الغلو وفقد الاعتدال

- ‌الإيغال في التخصص

- ‌التكوين الشخصي

- ‌البيئة الاجتماعية

- ‌غياب منهج التفكير الموضوعي

- ‌الرؤية الجزئية

- ‌التربية

- ‌طغيان العاطفة

- ‌غياب الرأي الآخر

- ‌غياب الحوار

- ‌ردة الفعل

- ‌غياب النسبية

- ‌الأسئلة

- ‌الموقف من خطأ كثير الخير

- ‌مكانة العلماء والموقف من زلاتهم

- ‌غاية التحذير لا تبرر وسيلة المبالغة

- ‌الوسطية المطلوبة في العلاقات الأخوية

- ‌كيفية الاعتدال في جلب ما يحمل الخير والشر

- ‌ضرر الحديث في مسائل الدين بغير علم

- ‌حكم الإسراع بالصلاة في المسجد خشية الرياء

- ‌الوسطية في تقويم آراء الأشخاص

- ‌المراد بالاعتدال في المسائل الاجتهادية

- ‌ميزان الاعتدال

- ‌الموقف من اشتغال الدعاة بإخوانهم وترك ما هو أهم

- ‌الفرق بين الغلو والتطرف

- ‌صلة الاعتدال بالبحث عن النوايا حال تحليل المواقف

- ‌منزلة الجهاد

الفصل: ‌غياب منهج التفكير الموضوعي

‌غياب منهج التفكير الموضوعي

الأمر الخامس: غياب منهج التفكير: غياب التفكير الموضوعي، التفكير الذي يسعى إلى إعادة الظواهر إلى أسباب وعوامل موضوعية، فنحن يصعب علينا أن نفرق في موقفنا من الشيء بين حبنا له وبين تفسيرنا له، ودعوني أضرب على ذلك مثالاً سبق أن أشرت إليه في حديث سابق: في أحداث أمريكا التي حصلت قبل أحداث سبتمبر كان كثير من الناس يكره أن يكون وراء هذا الحدث المسلمون؛ لأنه يعلم ما سيترتب عليه، فيسعى في نظرته للحدث وفهم الحدث إلى أن يعلق الحدث بأشخاص آخرين، يتعلق بأي طرف في القضية، بأي دليل، بأي موقف يفسر فيه هذا الحدث تفسيراً يختلف عن رؤيته ويلغي هذه الرؤية، ولهذا تجد الإنسان في نظرته للأحداث أياً كانت يفرح دائماً إذا وجد أي دليل يؤيد الشيء الذي يحبه.

وفرق -أيها الإخوة- بين أن يحب الشيء وبين ما حدث، فرق بين موقفنا من الشيء وبين الواقع، إن من مصلحتنا أن نعرف الواقع كما هو، بغض النظر عن موقفنا منه، مثل الأب الذي يذهب إلى المدرسة، استدعته المدرسة لضعف تحصيل ابنه الدراسي، فجاء وقابل مجموعة من المعلمين، أحد المعلمين أثنى على ولده، تجده يتمسك بهذا الموقف ويفرح به؛ لأنه يؤيد الخلفية التي في ذهنه، نفتقد نحن منهج التفكير العلمي، نفتقد التفسير الموضوعي الذي يفصل بين الآراء الذاتية والموضوعية، يفصل بين ما نحب وبين موقفنا، وبين حقيقة الأشياء، من مصلحتنا أن نرى الأشياء كما هي، أن نراها على حقيقتها، بغض النظر عن موقفنا منها، أن نفصل بين عاطفتنا الشخصية وبين رؤيتنا لها.

ومن ذلك الغلو في الأخبار، الأخبار التي تتفق مع ما نحب نصدقها ولو كانت غير منطقية، والأخبار التي لا تتفق مع ما نحب نضع عليها علامة استفهام دائماً دون دليل علمي، فالصراع الذي دار في أفغانستان كلنا لا شك نتمنى أن يزيد فيه الضحايا من الصليبيين ونستبشر ونفرح بذلك، ولكنا نتضايق ونتألم حين يصاب إخواننا المسلمون، وأياً كانوا -حتى من يقع منهم في خطأ- فهم أحب إلينا وأقرب إلينا من أولئك الكفار المعتدين، لكن هذا شيء، وتصديقنا للأخبار شيء آخر، هذه العاطفة تؤثر علينا، كان بعض الناس يأتي بأخبار غير منطقية أصلاً، وإذا ناقشته في ذلك قال: أنت ضد الجهاد، أنت تشكك في قدرة الله! يا أخي! فرق بين القضيتين، هذا الخبر ليس فيه ما يدعونا إلى تصدقيه، فرق بين أن أحب ذلك وأتمنى ذلك، وبين أن يكون هذا الخبر صدقاً وحقيقة، نحن نعاني -أيها الإخوة- من غياب التفكير الموضوعي، التفكير العلمي، التفكير المنطقي، فنخلط بين عواطفنا وبين آرائنا، وتسهم عواطفنا ومواقفنا في صناعة آرائنا بدرجة كبيرة، ولهذا نجنح إلى الغلو، إذا كنا نملك منهج تفكير سليم، تفكير موضوعي؛ سننظر إلى الأمور نظرة شمولية، سننظر إليها من كافة جوانبها، سنعطي كل اعتبار قدره الطبيعي، سنصل إلى مواقف معتدلة، نقطع في مواقف القطع، ونضع احتمالاً في مواقف الاحتمال، وتزداد نسبة الاحتمال وتضعف حسب قوة وضعف الأدلة التي نستند إليها في موقفنا هذا.

ص: 19