المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌آداب الإنفاق أيها الأحبة! عندما نتحدث عن النفقة والإنفاق لا بد - دروس للشيخ إبراهيم الفارس - جـ ٢٤

[إبراهيم بن عثمان الفارس]

فهرس الكتاب

- ‌عطاؤنا لمن

- ‌وقفات حول الإنفاق والعطاء والبذل في وجوه الخير

- ‌من الصور السلبية للعطاء والبذل: عدم اليقظة عند توزيع المساعدات

- ‌من الصور الإيجابية للعطاء والبذل همة داعية وثمراتها

- ‌من الصور الإيجابية للعطاء والبذل همة أخرس في الدعوة إلى الله

- ‌فضل الصدقة وثمارها في الدنيا والآخرة

- ‌وقفتان مع حديث (اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً)

- ‌القليل الدائم من الإنفاق خير من الكثير المنقطع

- ‌آداب الإنفاق

- ‌من الصور الإيجابية للعطاء والبذل: قيام شخص واحد بتوزيع مائة ألف مظروف على الحجاج

- ‌وقفات مع بعض سلبيات العطاء والبذل

- ‌من الصور السلبية للعطاء والبذل وقوع المراكز الإسلامية في الغرب في أيدي أهل البدع باسم الانتخابات

- ‌من الصور السلبية للعطاء والبذل الاغترار بالظاهر وعدم التبين والتفحص

- ‌من الصور السلبية للعطاء والبذل عدم اقتران العطاء بالدعوة

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الإنفاق للمال بنية أن الله يضاعفه ويزيده

- ‌نموذج من البرامج العملية في الإنفاق على الدعوة إلى الله عز وجل

الفصل: ‌ ‌آداب الإنفاق أيها الأحبة! عندما نتحدث عن النفقة والإنفاق لا بد

‌آداب الإنفاق

أيها الأحبة! عندما نتحدث عن النفقة والإنفاق لا بد لنا من وقفات موجزة ومختصرة عن بعض آداب الإنفاق.

هناك عدد كثير من الآداب، لكن لعلي أشير إلى أربعة منها أو ثلاثة بحسب ما يسمح به الوقت، فأقول: للإنفاق آداب كثيرة ومتعددة، ومن أبرزها وعلى رأسها: الإخلاص في النفقة، والابتعاد عن الرياء والسمعة ونحوها، فإذا أنفق على الفقراء أو المساكين، أو ساهم في مشاريع الخير وأعمال البر وسنابل العطاء، يريد بذلك الأجر والثواب من الله عز وجل لا الرياء والسمعة، فله ذلك، ومن أنفق رياءً وسمعة أخذ حظه من ثناء الناس في الدنيا، وليس له في الآخرة من نصيب، ولقد صح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم في أول من يقضى عليه من الناس يوم القيامة، ومنهم:(رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد فقد قيل) فقد قيل ونشر في الصحف والمجلات والمنتديات والجرائد وفي كل مكان: فلان فعل كذا، وفلان أنفق، وفلان أعطى للشهرة، للبروز، للظهور.

(فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار).

الأدب الثاني: عدم المن والأذى، وهذا يتفق مع ما فطر الله تعالى النفس الإنسانية عليه من الكرامة والعزة؛ لأن المان بنفقته يخدش كرامة النفوس الكريمة، ويجرح مشاعرها، ويستغلها بمنته، بل ويشعرها بالصغار والهوان، ومن هنا جعل الله تعالى الصدقات المقرونة بالمن والأذى غير مقبولة، وما أكثر ما تقترن صدقاتنا بالمن والأذى، إما من بعيد أو من قريب، يقول الباري سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة:264].

الأدب الثالث: الإنفاق من المال الطيب؛ لأن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، فقد أمر سبحانه بالإنفاق من الطيب المحبوب للنفس، يقول الباري سبحانه آمراً عباده بالإنفاق من الطيبات:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة:267].

والبر والأجر إنما ينال بالإنفاق من الطيب المحبوب، يقول الباري سبحانه:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران:92].

الأدب الرابع: الاعتدال في الإنفاق، فلا يتعالى المنفق فيه فيبذر ويسرف، ولا يقصر فيشح ويمسك، والاعتدال في النفقة صفة من صفات عباد الرحمن، حيث قال فيهم جل شأنه:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان:67].

أخي الكريم! ما أجمل أن تسمو مشاعر المتصدق، فيحس أن حاجته للفقير ليتصدق عليه أشد من حاجة الفقير إليه؛ وذلك أنه أشد حاجة إلى الحسنات والثواب في الآخرة من حاجة الفقير إلى المال الفاني والعرض الزائل، ولهذا فعليه أن يسعى هو إلى الفقير ولا ينتظر منه شكراً وثناءً، بل عليه أن يشكر الفقير الذي أتاح له فرصة تحصيل زاد ينفعه في الآخرة، وما أجمل شعور المتصدق عندما يكون سبباً في مسح دمعة يتيم، أو تخفيف لوعة مكروب، أو سد جوعة فقير معدم أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان أحسن إذا كان إمكاناً ومقدرة فلن يدوم على الإحسان إمكان

ص: 9